أنقرة ترفض طلب واشنطن إلغاء العملية البرية... وروسيا تفاوض «قسد» على الانسحاب

«الأمن القومي» التركي ناقش بحضور إردوغان التفاصيل المحتملة في شمال سوريا

إردوغان مترئساً اجتماع مجلس الأمن القومي التركي (وكالة الأناضول)
إردوغان مترئساً اجتماع مجلس الأمن القومي التركي (وكالة الأناضول)
TT

أنقرة ترفض طلب واشنطن إلغاء العملية البرية... وروسيا تفاوض «قسد» على الانسحاب

إردوغان مترئساً اجتماع مجلس الأمن القومي التركي (وكالة الأناضول)
إردوغان مترئساً اجتماع مجلس الأمن القومي التركي (وكالة الأناضول)

بينما ناقش «مجلس الأمن القومي التركي» في اجتماعه برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان التطورات في شمال سوريا والعملية العسكرية البرية التي تم الإعداد لها ضد مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا... أكدت أنقرة أنها طلبت من الولايات المتحدة «الوفاء بالتزاماتها بموجب التفاهمات» المتعلقة بشمال سوريا؛ رداً على طلب الأخيرة، عدم القيام بالعملية العسكرية المحتملة.
وفي الوقت ذاته، تواصلت المفاوضات بين روسيا و«قسد» من أجل التخلي عن بعض مناطق سيطرتها وإحلال قوات من النظام السوري محلها، في محاولة لإقناع تركيا بالتراجع عن خيار العمل العسكري.
وشهد اجتماع «مجلس الأمن القومي» التركي، الخميس، تناولاً للتطورات الإقليمية والدولية ومكافحة الإرهاب، والعمليات العسكرية في شمالي سوريا والعراق، والعملية البرية المحتمل القيام بها ضد «قسد» في شمال سوريا، والتي أتم الجيش التركي مع فصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة، الاستعدادات الخاصة بها، إلى جانب النتائج التي أسفرت عنها عملية «المخلب – السيف» الجوية، التي أطلقتها القوات التركية في شمالي سوريا والعراق ليل 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على خلفية التفجير الإرهابي الذي وقع في شارع الاستقلال بمنطقة تقسيم في إسطنبول في 13 من الشهر ذاته، وخلّف 6 قتلى و81 مصاباً، والذي نسبته السلطات إلى «حزب العمال الكردستاني» و«وحدات الشعب الكردية».
تباين تركي أميركي
وقبل الاجتماع، أقر وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، بأن واشنطن «طلبت إعادة دراسة العملية العسكرية المحتملة ضد الإرهاب شمال سوريا، وأن تركيا طلبت في المقابل الوفاء بالتعهدات المقدمة لها».
وأكد «أن الجيش التركي يواصل بكل حزم وتصميم، كفاحه ضد الإرهاب بهدف ضمان أمن شعبه وحدود بلاده في إطار المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على الحق المشروع في الدفاع عن النفس، وبما يتوافق مع احترام وحدة تراب وسيادة جيرانها». وأضاف أن «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات «قسد»، زادت من «استفزازاتها وهجماتها بهدف زعزعة السلام والاستقرار» في شمال سوريا.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أعلنت أن وزير الدفاع لويد أوستن، أبلغ نظيره التركي في اتصال هاتفي، ليل الأربعاء-الخميس، «معارضة واشنطن القوية» لعملية عسكرية تركية جديدة في سوريا، معبراً عن قلقه «من تصاعد التوتر في المنطقة».
وقالت الوزارة، في بيان، إن أوستن «عبر أيضاً عن قلقه من تصاعد الوضع في شمال سوريا وتركيا، بما في ذلك الضربات الجوية في الآونة الأخيرة التي هدد بعضها على نحو مباشر سلامة الأفراد الأميركيين العاملين مع شركاء محليين في سوريا لهزيمة داعش، ودعا إلى خفض التصعيد، وعبّر عن معارضة البنتاغون القوية لعملية عسكرية تركية جديدة في سوريا».
من جانبها، قالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن أكار بحث مع أوستن «قضايا الدفاع والأمن الثنائية والإقليمية، وأبلغه بأن تركيا تقوم بعمليات مكافحة الإرهاب من أجل ضمان أمن شعبها وحدودها، في إطار حقوقها في الدفاع عن النفس النابعة من المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. وشدد على أن التعاون والتضامن في مكافحة الإرهاب سيسهمان في إحلال السلام والأمن الإقليميين والعالميين، وأن تركيا مستعدة للتعاون في مكافحة داعش وجميع التنظيمات الإرهابية الأخرى».
وأضاف البيان أن «أكار أبلغ نظيره الأميركي بأن الهدف الوحيد للعمليات العسكرية التركية هو الإرهابيون، وأن إلحاق الأذى بقوات التحالف أو المدنيين أمر غير وارد على الإطلاق».
والتقى أكار المبعوث الأميركي الخاص السابق إلى سوريا، جيمس جيفري، في العاصمة أنقرة الخميس، وجرى بحث التطورات في سوريا.
وسبق أن وقعت تركيا والولايات المتحدة مذكرة تفاهم في أنقرة في 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، لوقف عملية «نبع السلام» العسكرية التي أطلقتها تركيا ضد مواقع «قسد» في التاسع من ذلك الشهر. كما وقعت تفاهماً مماثلاً في سوتشي مع روسيا في 22 من الشهر ذاته. وتضمن التفاهمان تعهدات من جانب الولايات المتحدة وروسيا بإبعاد الوحدات الكردية عن حدود تركيا لمسافة 30 كيلومتراً.
وتتهم أنقرة الولايات المتحدة «بعدم الوفاء بالتزاماتها» بموجب التفاهم المشار إليه، وتفاهم سابق بشأن إخراج الوحدات الكردية من منبج. كما تتهم روسيا «بعدم الوفاء بتعهداتها بموجب تفاهم سوتشي إلا أن موسكو تقول من جانبها إن أنقرة هي التي لم تف أيضاً بتعهداتها، وتطالبها بعدم القيام بعمليات عسكرية من شأنها زعزعة الاستقرار في المنطقة».
روسيا و«قسد»
وخيم الهدوء الحذر في عموم مناطق شمال وشرق سوريا، الخميس، مع استمرار المفاوضات التي تجري في ريف الرقة الغربي بين القوات الروسية و«قسد» بشأن منطقة منبج وعين العرب (كوباني)، التي تعد إلى جانب تل رفعت أهدافاً محتملة للعملية العسكرية التركية المرتقبة.
وبحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، طالبت روسيا بانسحاب القوات القتالية لـ«قسد» من مركز المدينة، مع زيادة انتشار قوى الأمن الداخلي (الأسايش) في المراكز، وإبقاء وجود قوات النظام في محيط المنطقتين مع القوات الروسية.
وقطعت القوات التركية حالة الهدوء بقصفها، ليل الأربعاء-الخميس، العديد من القرى شمال وشرق سوريا، ضمن مناطق وأرياف حلب والحسكة والرقة، حيث استهدف القصف المدفعي قرية ربيعات ومحيط بلدة أبو راسين شمال غربي الحسكة، وقرى بير كيتك وخربة البقر وعريضة وكورحسن وبيرزنار بريف تل أبيض الغربي شمال الرقة، وقرى كوران وخربيسان تحتاني بريف عين العرب (كوباني) الشرقي، بريف حلب الشرقي، إضافة لقرية بينه التابعة لناحية شيراوا في عفرين بريف حلب الشمالي.
ورفض الجانب التركي تسيير دورية مشتركة مع القوات الروسية في ناحية الدرباسية في الحسكة، الخميس، حيث وصلت 4 عربات عسكرية روسية إلى معبر شيريك غرب الدرباسية لتسيير دورية عسكرية مشتركة مع القوات التركية، في إطار تفاهم سوتشي، وانتظر الجنود الروس نحو ساعتين قدوم العناصر التركية، ثم عادوا أدراجهم إلى مطار القامشلي، بعد أن ترجل جنود أتراك إلى موقع انتظار القوات الروسية، وأبلغوهم أنهم لن يسيروا الدورية.
وكانت الدورية المشتركة الأخيرة بين الجانبين جرت في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قبل يومين من إطلاق تركيا عملية «المخلب-السيف».
استمرار التعزيزات
وتواصل في الوقت نفسه، تدفق التعزيزات العسكرية من أطراف مختلفة على مناطق سيطرة «قسد». وأرسلت القوات الروسية تعزيزات عسكرية في محافظة حلب، تعد الأولى في المنطقة، منذ أن شنت تركيا عمليتها الجوية مع التهديد بتنفيذ عملية برية في منبج وتل رفعت وعين العرب (كوباني).
وأفاد سكان في تل رفعت بوصول تعزيزات عسكرية روسية إلى المدينة ومحيطها، وأن القوات الروسية وضعت حاجزاً جديداً عند خط تماس يفصل بين مناطق سيطرة «قسد»، وتلك الواقعة تحت سيطرة تركيا والفصائل السورية الموالية لها.
وبدوره، أفاد «المرصد السوري» عن قيام القوات الروسية بتعزيز وجودها في «مطار منغ» العسكري المجاور، الذي تسيطر عليه قوات النظام الحكومية، مرجحاً أن يكون الهدف من تلك التعزيزات هو وقف أو تأخير العملية التركية المحتملة.
كما أفاد المرصد بوصول تعزيزات روسية أيضاً إلى محيط مدينة عين العربي (كوباني) الحدودية مع تركيا، فيما قال مسؤول أمني في المدينة لـ«الصحافة الفرنسية» إن القوات الروسية سيرت دورية منفردة في المنطقة رفقة مروحية، بعد أن أوقفت الدوريات المشتركة مع القوات التركية وألغت دورية كانت مقررة قبل 3 أيام.
وتنتشر قوات روسية في مناطق سيطرة الأكراد القريبة من الحدود التركية بموجب تفاهم سوتشي في 2019. وكانت «قسد» طالبت، الأسبوع الماضي، روسيا وأميركا بالتدخل لمنع تركيا من تنفيذ تهديداتها بشن هجوم بري جديد ضد مناطق سيطرتها. في الوقت ذاته، استقدمت قوات النظام تعزيزات عسكرية، مؤلفة من 5 باصات محملة بعناصر تابعة لها، اتجهت نحو مواقع عسكرية في عين عيسى بريف الرقة الشمالي، على خلفية التصعيد التركي. وسبق أن استقدمت قوات النظام، في 26 نوفمبر الماضي، تعزيزات عسكرية ضخمة، ضمّت 20 آلية على الأقل من دبابات وناقلات جند ومدافع ومواد لوجستية وسيارات مرفقة برشاشات ثقيلة، دخلت مدينة عين العرب (كوباني) وانتشرت في نقاط غرب المدينة.
في الوقت ذاته، أفاد «المرصد السوري» بدخول قوافل متتالية تابعة للتحالف الدولي للحرب على «داعش» بقيادة الولايات المتحدة، خلال الساعات الثماني والأربعين، إلى شمال وشرق سوريا قادمة من معبر الوليد الحدودي مع إقليم كردستان العراق، تضم أسلحة ومعدات عسكرية ولوجستية. وأحصى المرصد أكثر من 240 شاحنة، تحمل على متنها مدافع وأسلحة رشاشة ثقيلة ومعدات عسكرية وذخائر وصناديق مغلقة، بالإضافة إلى صهاريج وقود، توجهت إلى قواعد التحالف الدولي المنتشرة في محافظة الحسكة.
وفي 29 نوفمبر الماضي، وصلت قافلة تابعة للتحالف الدولي إلى مناطق شمال وشرق سوريا ضمت نحو 40 شاحنة تحمل ذخائر ومواد لوجستية، إضافة إلى صهاريج وقوة حماية ومدرعات برادلي، ودخلت كلها إلى القاعدة الأميركية في تل بيدر بريف الحسكة، وكانت هي القافلة الثالثة خلال أقل من 10 أيام.
عملية ضد داعش
إلى ذلك، أعلنت المخابرات التركية أنها ألقت بالتنسيق مع «الجيش الوطني السوري»، الموالي لأنقرة، القبض على 5 إرهابيين من تنظيم «داعش»، بينهم شخص يعرف بمسؤول منطقة «نبع السلام».
وذكرت وكالة «الأناضول»، الخميس، أن المخابرات قبضت على 5 إرهابيين بينهم محمد خالد علي الملقب بـ«أبو سيف تدمري» مسؤول منطقة نبع السلام، إضافة إلى محمد صالح الملقب بـ«أبو عمر كوراني»، وخالد محمد عيسى الحلو الملقب بـ«أبو إسلام سالو»، وعلي حسين علي الملقب بـ«أبو حسن شامي»، وشادي العلي الملقب بـ«أبو حمزة».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
TT

«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)

حذَّرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الأحد)، من النقص الشديد في الأدوية والمستهلكات الطبية الذي وصفته بأنه عند «مستويات كارثية».

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن 52 في المائة من الأدوية الأساسية و71 في المائة من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً»، كما أن 70 في المائة من المستهلكات اللازمة لتشغيل المختبرات بات رصيدها «صفراً» أيضاً.

وقالت الوزارة التي تديرها حركة «حماس»، في بيان، إن أقسام جراحة العظام، والغسل الكلوي، والعيون، والجراحة العامة، والعمليات، والعناية الفائقة، تواجه تحديات كارثية مع نقص المستهلكات الطبية، كما أن هناك نقصاً شديداً في الأدوية اللازمة للرعاية الأولية والسرطان وأمراض الدم.

وحذَّرت الوزارة من تصاعد الأزمة في ظل زيادة الحاجة إلى مزيد من التدخلات العلاجية للمرضى والجرحى، وطالبت بتعزيز الإمدادات الطبية العاجلة لتمكين الأطقم الطبية من أداء عملها.


الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)

وسط تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية واتساع رقعة الفقر، بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملة تجنيد قسرية في مناطق سيطرتها بمحافظتي الحديدة وذمار، بعد فشل محاولاتها السابقة في استقطاب الفقراء للالتحاق بمعسكرات التدريب مقابل وعود برواتب شهرية.

ولجأت الجماعة المتحالفة مع إيران -حسبما ذكرته مصادر حكومية- إلى اعتقال عدد من وجهاء تلك المناطق بتهمة «التخاذل» في مسعى لإجبار السكان على إرسال أبنائهم للقتال.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين اعتقلوا عدداً من وجهاء مديرية «جبل راس» في الحديدة، بعد رفضهم إجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى معسكرات التدريب، ضمن حملات التعبئة التي تزعم الجماعة أنها مخصصة لـ«تحرير فلسطين».

وقالت المصادر إن سكان المديريات الخاضعة للجماعة يواجهون حملة تضييق وعقوبات غير مسبوقة، بسبب رفضهم الانخراط في القتال، وإن الوجهاء لا يزالون رهن الاعتقال منذ أيام.

الحوثيون يرغمون الدعاة على قيادة حملات التجنيد (إعلام محلي)

وأوضحت السلطات المحلية الموالية للحكومة الشرعية، أن السكان -رغم الفقر المدقع الذي يعيشونه- رفضوا الانضمام لمعسكرات التدريب. وأشارت إلى أن القيادي الحوثي أحمد البشري، مسؤول ما تسمَّى «التعبئة العامة»، وعبد الله عطيف الذي عيَّنته الجماعة محافظاً للحديدة، أجبرا عدداً من الدعاة على مرافقتهم إلى تجمع أقيم في مدينة زبيد ضمن حملة التجنيد هناك. واعتبرت أن لجوء الجماعة إلى مثل هذا السلوك يعكس «حالة الإفلاس والتخبط» بعد فشلها في استقطاب أبناء تهامة.

وقالت السلطات إن مسؤول التعبئة الحوثي أبلغ الدعاة خلال الاجتماع أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أبدى استياءه الشديد من المجتمع التهامي، بسبب رفض أبنائه الالتحاق بالتجنيد، وعدم التجاوب مع دعوات التعبئة، رغم أن الحديدة تعد من أكثر المحافظات معاناة من انعدام الأمن الغذائي والفقر.

ضغوط على الدعاة

وطبقاً لما نقلته السلطات المحلية، وجَّه القيادي الحوثي أحمد البشري تهديداً مباشراً للدعاة، وأمرهم باستخدام نفوذهم ومنابر المساجد للضغط على الأهالي لإرسال أبنائهم إلى معسكرات التجنيد والجبهات، وإصدار فتاوى بوجوب حمل السلاح. كما هدد بإلحاق الدعاة وأُسرهم قسراً بالدورات الطائفية والعسكرية في حال رفضهم تنفيذ التعليمات.

وحذَّرت السلطات المحلية من أن الجماعة الحوثية تعمل على تحويل الدعاة وزعماء القبائل إلى أدوات لشرعنة التجنيد القسري، وتهدد كل من يتأخر أو يرفض بالاتهام بالولاء للحكومة الشرعية.

بينما يعاني اليمنيون من انعدام الغذاء يستمر الحوثيون في الإنفاق على التجنيد (إعلام محلي)

واستغلت الجماعة حالة الفقر الشديد، وانقطاع المرتبات، وانعدام الوظائف، لإغراء الأهالي برواتب شهرية، ووعدت بإدراج أبنائهم في قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية عند استئناف توزيعها. وفق المصادر ذاتها.

إلى ذلك، واصلت الجماعة الحوثية التضييق على سكان محافظة ذمار (مائة كيلومتر جنوب صنعاء) إذ أجبرت الأهالي في عدد من المديريات على الخروج في وقفات تحت شعار «النفير والتعبئة العامة»، وألزمت المشاركين برفع شعاراتها، في حين قام عناصرها بتصوير الحشود لتقديمها كدليل على وجود «حاضنة شعبية».

وقالت مصادر محلية إن مشرفي الحوثيين أبلغوا مسؤولي القرى والعزل بضرورة الحضور الإجباري لهذه الفعاليات، والاستعداد لـ«النفير العام» تحت غطاء دعم فلسطين، رغم توقف الحرب في غزة منذ مدة. كما ألزمت نساءً وفتيات بتسجيل أسمائهن كمتطوعات، ولوَّحت بعقوبات لمن يرفض، في خطوة تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن للفعالية التي دعت إليها الجماعة في صنعاء.

أزمة هي الأشد عالمياً

تأتي هذه الممارسات الحوثية -وفق مراقبين- في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن اليمن لا يزال يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ إذ يحتاج أكثر من 19.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، بسبب النزاع المستمر، والانهيار الاقتصادي، وتداعيات تغير المناخ.

يمنيون نازحون في صنعاء يدفئون أنفسهم تحت أشعة الشمس في مخيم مؤقت وسط طقس بارد (إ.ب.أ)

ووفق مفوضية شؤون اللاجئين، فإن نحو 4.8 مليون يمني ما زالوا نازحين داخلياً، بينما استقبلت البلاد أكثر من 62 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا. وتوضح المفوضية أنها تعمل في معظم محافظات البلاد بالتنسيق مع السلطات والشركاء المحليين، لتوفير الحماية والمساعدات للفئات الأكثر تضرراً.

وعلى الرغم من هذه المعاناة الواسعة، تواصل الجماعة الحوثية إنفاق الموارد على التجنيد وحملات الحشد الطائفي والعسكري، بدلاً من توجيهها لتخفيف الكارثة الإنسانية، حسبما تؤكده مصادر حكومية ومنظمات محلية.


مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
TT

مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)

دعت مصر وقطر، السبت، إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها في قطاع غزة.

وخلال لقاء عقده رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على هامش انعقاد «منتدى الدوحة»، في العاصمة القطرية، السبت، أكد المسئولان أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، إلى جانب التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها.

كما شدد الوزيران على أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

وفي كلمته خلال افتتاح «منتدى الدوحة»، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن اتفاق غزة لم يطبَّق بالكامل، مشيراً إلى استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية.

وقال آل ثاني إن التحديات التي تشهدها المنطقة ليست معزولة عمَّا يشهده العالم من تراجع احترام القانون الدولي.

وأضاف أن «العدالة باتت في كثير من الأحوال غائبة عن مسار القانون الدولي»، مشيراً إلى أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام المستدام في العالم.

ولفت إلى أن «العالم لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل يحتاج إلى عادلة تترجم الأقوال إلى أفعال»، مؤكداً أن «غياب المساءلة أحد أخطر مظاهر الاختلال في النظام الدولي الحالي».

وفي حديثه عن الوساطة، شدد على أنها ليست رفاهية سياسية، بل منهج راسخ لدولة قطر، معرباً عن إيمان الدوحة بأن العدالة ليست غاية سياسية فحسب، بل ركيزة أساسية لصون القانون الدولي.

معبر رفح وتهجير الفلسطينيين

وخلال مشاركته في جلسة بعنوان «محاسبة غزة: إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، التزام بلاده بمواصلة جهودها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار، ودعم مسار يُفضي إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية قائمة على مرجعيات الشرعية الدولية، وبما يحقق الأمن والاستقرار ويحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وقال عبد العاطي إن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظَّم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام». وأوضح أن هذه المرحلة تتطلب إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ودون عوائق، والبدء في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بما يخفف من حدة المعاناة ويعيد الأمل لسكان القطاع.

وشدد الوزير عبد العاطي على أن معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، وأن المشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في خمسة معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها.

ولفت إلى أن خطة الرئيس ترمب تنص على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع.

وبعد لقاء بين وزيري خارجية قطر ومصر على هامش «حوار الدوحة»، ذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية تميم خلاف، في بيان صحافي، أن الوزير عبد العاطي أكد الحرص على مواصلة التنسيق الوثيق مع دولة قطر في مختلف القضايا الإقليمية، والبناء على العلاقات الثنائية المتنامية بما يخدم مصالح الشعبين ويدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وانطلقت في العاصمة القطرية، النسخة الـ23 لـ«منتدى الدوحة 2025» بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين وحضور رفيع المستوى من مختلف أنحاء العالم. وتقام جلسات المنتدى تحت شعار: «ترسيخ العدالة... من الوعود إلى الواقع الملموس».

اتفاق غزة لم يطبَّق

وخلال مشاركته في إحدى جلسات المنتدى، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري إنه لا يمكن اعتبار أن «هناك وقفاً كاملاً لإطلاق النار في غزة إلا بانسحاب إسرائيل من القطاع»، مؤكداً «استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية».

ولفت إلى أن الجهود التي بُذلت للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مطلوبة لمرحلتي الاستقرار وتأسيس دولة فلسطين، قائلاً: «نحن في مرحلة مفصلية ولم يطبَّق الاتفاق بشأن غزة فيها بالكامل».

وأضاف أن بلاده تؤمن بأن لديها دوراً في استقرار المنطقة والعالم، وتطمح لحل النزاعات بالوساطة.

فوارق الوساطة

أوضح رئيس الوزراء القطري أنه لا يمكن مقارنة جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وأفغانستان بالوساطة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مبيناً أن التحدي في جهود الوساطة الأخيرة يتمثل في أن الولايات المتحدة الأميركية بصفتها أحد الوسطاء، كانت تتحدث فقط مع طرف واحد وهو الطرف الإسرائيلي، غير أنها بدأت بعد ذلك الانخراط بالتحدث إلى الجانبين، وهو ما ساعد على إحداث اختراق في المفاوضات والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال: «لكننا لا نعدّه وقفاً كاملاً لإطلاق النار، إلا إذا انسحبت القوات الإسرائيلية بشكل كامل وتحقق الاستقرار في القطاع، وأصبح بإمكان الناس الدخول والخروج دون عوائق على أرض الواقع».

ونبه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى أن الصراع لا ينحصر في قطاع غزة وحده بل يمتد ليشمل الضفة الغربية، وتطلعات الشعب الفلسطيني لبناء دولته، معرباً عن أمله في تعاون الحكومة الإسرائيلية على تحقيق ذلك.

وحذر الوزير القطري من عودة التطرف في غياب المحاسبة، وقال: «ما لمسناه وجرَّبناه على مر العامين الماضيين، هو أنه في حال غياب المحاسبة وفي حال غياب الإنفاذ، فإن الأمور ستبقى على حالها، وسوف نبقى رهائن في أيدي المتطرفين، وهذا ما نريد أن نتفاداه، وقد شهدنا ولاحظنا أن الجهود التي بذلناها جميعاً لكي نتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار كانت ضرورية ومطلوبة أيضاً للمرحلة الثانية، لإرساء الاستقرار، بينما تكون المرحلة الثالثة هي تأسيس الدولة الفلسطينية».

وحذر من أنه «في حال تمكنت هذه الأجندة المتطرفة من أن تكون لها الغلبة على جهودنا الجماعية في المجتمع الدولي فعلى الجميع أن يقر بأن هناك خطأ ما في الهيكلية أو البنية التي نعمل معها»، معرباً عن اعتقاده بأن الدور الأميركي هو دور رئيسي في هذا السياق، لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الإنفاذ لكي تضع هذا الحل على المسار الصحيح.

ودعا في إجابة عن سؤال، إلى البناء على المصالح المشتركة لأطراف النزاع كأساس لأي مفاوضات لإرساء السلام والاستقرار، مع أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في هذا السياق، لإحداث الازدهار والرخاء الاقتصادي أيضاً.