الجزائر: أحكام قاسية بسجن 3 رؤساء حكومات و6 وزراء من عهد بوتفليقة

صدمة شديدة وسط عائلات المسؤولين الحكوميين

TT

الجزائر: أحكام قاسية بسجن 3 رؤساء حكومات و6 وزراء من عهد بوتفليقة

في حين أدانت محكمة بالعاصمة الجزائرية، أمس (الأربعاء)، 3 رؤساء حكومات سابقين بالسجن 10 سنوات مع التنفيذ، و6 وزراء، من عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في «قضايا فساد كبيرة»، التقى وفد دولي لحقوق الإنسان، تابع للأمم المتحدة، قادة أحزاب وتنظيمات في المجتمع المدني، في إطار «مهمة استعلامية» حول ممارسة الحقوق والحريات في البلاد، وذلك بناءً على طلب من سلطات البلاد التي تلعب «ورقة الشفافية» في التعامل مع «الملف الحقوقي» المطروح بحدة حالياً.
وبدا حزن شديد على أفراد عائلات آخر 3 رؤساء حكومات في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وهم: نور الدين بدوي، وأحمد أويحيى، وعبد المالك سلال، بعد سماع الأحكام التي نطق بها القاضي بـ«قسم مكافحة الفساد» في «محكمة سيدي امحمد» صباح أمس.
كما حُكم غيابياً على وزيري الصناعة سابقاً عبد السلام بوشوارب وحميد طمار، المقيمين خارج البلاد، بالسجن 20 سنة مع التنفيذ، وهي أقصى عقوبة في قضايا الفساد المالي، على أساس أنهما؛ وفق القانون، هاربان من العدالة. كما صدر بحقهما أمر دولي بالاعتقال.
وشملت الأحكام أيضاً وزير الموارد المائية سابقاً، حسين نسيب، بـ8 سنوات سجناً، مع العقوبة نفسها بحق الوزير الذي استخلفه ارزقي براقي، فيما أدانت المحكمة وزير الأشغال العامة سابقاً، عمر غول، بالسجن 4 سنوات، إضافة إلى حكم بالسجن 4 سنوات على وزيرة البريد وتكنولوجيا الإعلام هدى فرعون. وبرأ القاضي وزير النقل سابقاً، عمار تو، من تهمة الفساد. وتضمنت قرارات المحكمة مصادرة جميع الأملاك الثابتة والمنقولة والتحفظ على الأرصدة المالية لكل هؤلاء المسؤولين.
وكانت النيابة التمست أحكاماً بين 12 و15 سنة ضد المسؤولين من عهد الرئيس السابق، والذين يطلق عليهم رجال الحكم الحاليون وصف «العصابة» للدلالة على تفشي الرشوة والاختلاسات وسوء التسيير في الـ20 سنة الماضية؛ وفق تعبيرهم.
يذكر أن التهم التي وجهت إليهم تتمثل في «منح امتيازات غير قانونية» لفائدة رجال أعمال إخوة اسمهم «كونيناف»، وهم 3 أدانهم القضاء العام الماضي بأحكام ثقيلة بالسجن. وقد كانوا مقربين من بوتفليقة بحكم صداقته بوالدهم أيام ثورة التحرير (1954 - 1962). وتتعلق وقائع الفساد بتفضيل الإخوة «كونيناف» بمنحهم مشروعات واستثمارات حكومية كبيرة، في مجال الري والأشغال العامة والبنية التحتية. وجرى ذلك في إطار «المجلس الوطني للاستثمار»، الذي يرأسه رئيس الحكومة.
وشنت السلطات بعد رحيل بوتفليقة عن الحكم، تحت ضغط الشارع، في 2 أبريل (نيسان) 2019، حملة اعتقالات وسجن طالت عدداً كبيراً من كبار المسؤولين المدنيين، كما سُجن العديد من المسؤولين بالجيش؛ اثنان منهم ترأسا جهاز الأمن الداخلي؛ هما: الجنرال بشير طرطاق، والجنرال واسيني بوعزة.
وفي سياق ذي صلة، أظهرت بعثة من «المفوضية السامية لحقوق الإنسان» التابعة للأمم المتحدة، اهتماماً بموضوع محاكمة ناشطين سياسيين وأعضاء بالحراك الشعبي، خلال لقاءاتها مع قادة أحزاب وتنظيمات من المجتمع المدني بالجزائر؛ حيث تؤدي منذ أيام «مهمة استعلامية» حول وضع الحقوق والحريات في البلاد.
وأكد رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» المعارض، عثمان معزوز، في بيان أمس، أنه اجتمع برئيس وفد «المفوضية» محمد النسَور، مسؤول «قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» بالمنظمة الحقوقية، و«قد أبلغناه قلقنا بخصوص التجاوزات ضد حقوق الإنسان في البلاد، والاعتقالات التعسفية ضد النشطاء، كما أحطناه علماً بالمضايقات التي يتعرض لها حزبنا».
ويزور الوفد الحقوقي الجزائر بناءً على طلب من حكومتها التي تلعب «ورقة الشفافية» في المجال الحقوقي، على أساس أنه «ليس لديها شيء تخفيه ولا أي شيء تخشاه».


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

ليبيون يتهمون سلطات البلاد بـ«عدم التأهّب للسيول»

سيول في بعض مناطق غرب ليبيا (منصة حكومتنا)
سيول في بعض مناطق غرب ليبيا (منصة حكومتنا)
TT

ليبيون يتهمون سلطات البلاد بـ«عدم التأهّب للسيول»

سيول في بعض مناطق غرب ليبيا (منصة حكومتنا)
سيول في بعض مناطق غرب ليبيا (منصة حكومتنا)

تباينت ردود الفعل في ليبيا حول تعامل سلطات البلاد مع تداعيات الفيضانات، التي ضربت بعض المناطق في الغرب، وخاصة مدينة ترهونة، وسط انتقاد للسلطات في عموم ليبيا لعدم تأهبها للكوارث، وانتظار وقوعها كي تتحرك بتدشين مشاريع تطوير وإعمار.

وكان رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة، قد قرر عقب السيول التي ضربت ترهونة، تأسيس جهاز تطوير وتنمية المدينة والمناطق المجاورة لها، بميزانية قدرت بـ100 مليون دينار ليبي. (الدولار يساوي 4.87 دينار في السوق الرسمية). وعدّ بعض السياسيين والمراقبين خطوة الدبيبة «محاولة لاحتواء الانتقادات التي وجهت لحكومته، بسبب ما أظهرته الأمطار الغزيرة من تهالك للبنية التحتية في مدن شمال وغرب ليبيا» الخاضعة لسيطرة «الوحدة».

الدبيبة يعزي ترهونة في «ضحايا السيول» (منصة حكومتنا التابعة لحكومة الوحدة)

وقبل ذلك، وبالضبط في سبتمبر (أيلول) 2023 سارعت السلطات في شرق ليبيا إلى تدشين «صندوق إعادة إعمار درنة»، عقب السيول التي اجتاحت تلك المدينة، الواقعة شرق ليبيا وعدة مدن أخرى متاخمة، ورصدت تقارير آنذاك أن السلطات بشرق ليبيا أهملت صيانة سدّين كانا سببا في تعظيم الكارثة، التي أتت على جزء كبير من المدينة، وأودت بحياة الآلاف. كما انتهت السلطات القضائية بسجن عدد من المسؤولين المحليين في هذه القضية.

انتقادات لاذعة

وجه الباحث والأكاديمي الليبي، محمد إمطريد، انتقادات لاذعة للدبيبة، وتحدث عن التحذيرات التي أُطلقت منذ كارثة «فيضان درنة» بشأن توقع تغييرات مناخية بالمنطقة، في ظل تهالك البنية التحتية، من جسور وطرق بعموم ليبيا، وقال موضحاً: «كان يتوجب على حكومة الدبيبة وضع خطط واستعدادات مسبقة للتعاطي مع هذه الظاهرة، خاصة في ظل ما تتمتع به من ميزانية ضخمة».

سيول في بعض مناطق غرب ليبيا (منصة حكومتنا)

وتتنافس في ليبيا حكومتان: الأولى يترأسها الدبيبة وتتخذ من العاصمة طرابلس (غرب) مقراً لها، والثانية تدير المنطقة الشرقية وهي مكلفة من البرلمان، وتحظى بدعم قائد «الجيش الوطني» خليفة حفتر، ويترأسها أسامة حماد.

ويعتقد إمطريد بأن الدبيبة «يحاول الترويج إلى أنه سينطلق لإعمار ترهونة، في محاكاة ربما لمسار إعادة الإعمار القائمة بالمنطقة الشرقية؛ وبالتالي يقطع الطريق على حكومة حماد، التي أعلنت استعدادها لإرسال قوافل دعم للمتضررين بترهونة وباقي المدن المتضررة».

ووفقاً لعميد بلدية ترهونة، محمد الكشر، فقد غمرت المياه غالبية أحياء المدينة، الواقعة جنوب العاصمة، وتحولت بعض طرقها لأودية جراء السيول، مما تسبب في وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة، وخروج المستشفى القائم هناك من الخدمة.

تهالك البنيات التحتية

في المقابل، عدّ عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أنه يحسب للدبيبة «مسارعته بالذهاب إلى ترهونة وتفقد أوضاعها، وإعطاء التعليمات بسرعة صرف التعويضات للمتضررين بها، وتأسيس جهاز لضمان إعادة إعمارها، والمناطق المجاورة على نحو عاجل».

ولفت معزب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى ما «تعانيه غالبية مدن ليبيا من تهالك للبنيات التحتية منذ عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، وكيف أنه لم تحاول حكومات ما بعد (ثورة 2011) معالجة الأمر»، موضحاً أن حكومة الدبيبة «استطاعت بالفعل إصلاح وتشييد طرق، وإقامة مدارس وحدائق».

ووفقاً لرؤيته، قد شكّل «مناخ المناكفة والتجاذبات السياسية بين حكومة الدبيبة والبرلمان، الذي سحب الثقة منها بعد ستة أشهر من منحها عام 2021، بالإضافة إلى التهام رواتب موظفي الدولة لأكثر من نصف الإيرادات النفطية، تحدياً أمام تلك الحكومة».

من مخلفات الإعصار المدمر الذي ضرب درنة والمناطق المجاورة (أ.ف.ب)

من جانبه، يرى المحلل السياسي الليبي، عبد الله الكبير، أن «معالجة البنية التحتية في ليبيا بشكل جذري، وإحداث التطوير العمراني المنشود لن يتحققا عبر مشاريع تنفذ بوصفها دعاية سياسية للقائمين عليها في شرق ليبيا أو غربها».

وانضم المحلل السياسي، إسلام الحاجي، للطرح السابق، معتقداً بأن «ما يتم الإعلان عنه من مشاريع، ووعود بالإصلاح عقب كل كارثة في شرق ليبيا أو غربها، بات للأسف إحدى الطرق التي يلجأ لها المسؤولون لاحتواء واستقطاب الرأي العام، في إطار التنافس السياسي».

وأعرب الحاجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن قناعته بأن «عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، وتداعيات ذلك من انقسام حكومي، مما يعزز من فرضية تسرب الفساد لأي مشاريع قد يتم إنجازها في الوقت الراهن».

وانتهى الحاجي إلى أن مسألة «عدم الاستعداد للكوارث، والاكتفاء بالحلول المؤقتة، مردودها أكثر تكلفة يتكبدها الليبيون، في ظل استمرار أزمتهم السياسية منذ أكثر من عقد، وعرقلة إجراء الانتخابات الرئاسة والتشريعية».