متى يجب أن يغيب طفلك المريض عن المدرسة؟

كثير من الأطفال قضوا سنوات بعيدين عن الاختلاط الجماعي للحماية من «كورونا» (رويترز)
كثير من الأطفال قضوا سنوات بعيدين عن الاختلاط الجماعي للحماية من «كورونا» (رويترز)
TT

متى يجب أن يغيب طفلك المريض عن المدرسة؟

كثير من الأطفال قضوا سنوات بعيدين عن الاختلاط الجماعي للحماية من «كورونا» (رويترز)
كثير من الأطفال قضوا سنوات بعيدين عن الاختلاط الجماعي للحماية من «كورونا» (رويترز)

يمكن لأعراض عدة مثل العطس أو السعال أن تدق ناقوس الخطر هذه الأيام لدى العائلات التي لديها أطفال صغار.
قالت والدة لطفلين، فيكي ليون، إن الولدين (4 أعوام، وعامين) يمكنهما في بعض الأحيان الذهاب لمدة شهر أو شهرين دون التقاط أي فيروس من الحضانة، ثمّ يأتي وقت يبدو فيه أن الأسرة تكافح فيروساً كل أسبوعين.
قضى الكثير من الأطفال سنوات بعيدين عن الاختلاط الجماعي للحماية من «كورونا»، والآن أصبحت أنظمة الرعاية الصحية مثقلة بحالات فيروس الجهاز التنفسي RSV –أي الفيروس المخلوي التنفسي- والذي يمكن أن يسبب سيلان الأنف، وانخفاض الشهية، والسعال، والعطس، والحمى، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
ولطالما كانت العدوى الفيروسية شائعة. تقول المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إن جميع الأطفال تقريباً يصابون بفيروس RSV في مرحلة ما قبل بلوغهم الثانية من العمر. وقال الدكتور ويليام شافنر، الأستاذ بقسم الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة «فاندربيلت» في ناشفيل بولاية تينيسي، إن المناعة ضد العدوى تتضاءل بمرور الوقت، مما يؤدي إلى إصابة الناس بعدوى متعددة في حياتهم.
قالت المحللة الطبية في «سي إن إن» الدكتورة ليانا وين، إن التحدي الذي يواجه الصحة العامة هذا العام هو أنه بينما ظل الكثير من الأطفال في المنزل للحماية من «كورونا»، فقد تم عزلهم أيضاً بسبب RSV، مما يعني أن المزيد منهم يعانون من العدوى الأولى -وبالتالي الأكثر خطورة- الآن.
قال شافنر، وهو أيضاً المدير الطبي للمؤسسة الوطنية للأمراض المعدية، إن عدوى RSV غالباً ما تكون خفيفة ولكنها قد تكون مصدر قلق للأطفال الصغار وأولئك الذين يعانون من حالات كامنة وكبار السن.
فيما يلي كيفية تقييم وقت إبقاء طفلك في المنزل بعيداً عن المدرسة، وفقاً للخبراء.

* هل الأمر عبارة عن نزلة برد أم إنفلونزا أم «كورونا» أم RSV؟
قال شافنر إنه بين نزلات البرد والإنفلونزا والتهاب الحلق وRSV و«كورونا»، هناك الكثير من الإصابات التي تنتشر هذا الشتاء، ويمكن أن تبدو متشابهة كثيراً من حيث الأعراض. وأضاف أنه حتى الأطباء الأذكياء قد يواجهون صعوبة في التمييز بينهم.
ومع ذلك، فإن أطباء الأطفال متمرسون ومجهزون بشكل جيد لعلاج التهابات الجهاز التنفسي العلوي، حتى لو لم يكن من الممكن التمييز الدقيق بين الفيروسات، كما قالت وين.
وأوضحت أنه مهما كان نوع الفيروس أو البكتيريا الذي يثير الزكام أو الصداع أو التهاب الحلق في منزلك، فمن المحتمل أن يُحدث عمر طفلك وأعراضه وحالته الصحية فرقاً في كيفية تصرفك مع الأمر.

* هل يجب أن تُبقي طفلك في المنزل؟
من الناحية المثالية، سيرغب اختصاصيو الصحة العامة في ذلك، أي عدم إرسال أي طفل تظهر عليه الأعراض إلى المدرسة أو الرعاية النهارية، حيث يمكن أن ينشروا العدوى. لكن -خصوصاً للآباء أو مقدمي الرعاية الذين يحتاجون إلى العمل– هذه ليست دائماً النصيحة الأكثر عملية.
هناك اختبارات منزلية قد تشير إلى ما إذا كان الطفل مصاباً بعدوى «كورونا». ولكن بالنسبة للفيروسات الأخرى مثل الزكام، قد لا تكون هناك طريقة جيدة لمعرفة ذلك على وجه اليقين.
وأوضحت وين إن بعض الأعراض التي قد تشير حقاً إلى أن الوقت قد حان لإبقاء طفلك في المنزل بعيداً عن المدرسة، تشمل ارتفاع درجة الحرارة والقيء والإسهال وصعوبة الأكل وقلة النوم أو مشكلات التنفس.
دونا مازيك، ممرضة مسجلة ومديرة تنفيذية للرابطة الوطنية لممرضات المدارس، قسّمت الأمر إلى اعتبارين أساسيين: هل يعاني الطفل من الحمى؟ وهل هو مريض لدرجة تمنعه من الانخراط في التعلم بشكل كامل؟
وقالت إنه يجب على العائلات أيضاً التحقق من إرشادات مدرستهم، والتي يمكن أن تتكلم حول متى يحتاج الطفل إلى البقاء في المنزل بعيداً عن المدرسة، بينما تعتمد مدارس أخرى بشكل أكبر على حكم الوالدين.
تابعت وين: «عندما تكون في شك، استشر المدرسة أو ضع خطة مع طبيب أطفال».
وبالنسبة للأطفال المعرضين لخطر أكبر بسبب حالات طبية أخرى، استشر طبيب الأطفال قبل أن يمرض طفلك حتى تعرف ما الذي تبحث عنه، وفقاً للتقرير.

* متى يحين الوقت لإعادتهم؟
مرة أخرى، قد تكون للمدارس سياسات مختلفة، ومن المهم التحقق من المعلومات المكتوبة.
توضح وين: «بشكل عام، ستطلب المدارس أن يكون الطفل خالياً من الحمى دون استخدام الأدوية الخافضة للحرارة» قبل العودة إلى الفصل الدراسي.
وأشارت إلى أنه بالنسبة للأطفال المصابين بالربو أو الحساسية، قد لا يكون من المعقول إبقاؤهم خارج المدرسة متى ظهرت عليهم أعراض السعال، إذ يمكن لذلك أن يبقيهم خارج الصف لنصف العام.
وقد تستمر بعض الأعراض، مثل السعال، مع زوال العدوى وتعافي الطفل. وقالت مازيك إنه في هذه الحالات، قد يكون من المناسب إعادة الطفل إلى الصفوف، مؤكدة أنه من المهم التحقق من إرشادات المدرسة.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

أصدرت محكمة فيدرالية أميركية، الخميس، حكماً يدين 4 أعضاء من جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، أبرزهم زعيم التنظيم السابق إنريكي تاريو، بتهمة إثارة الفتنة والتآمر لمنع الرئيس الأميركي جو بايدن من تسلم منصبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام دونالد ترمب. وقالت المحكمة إن الجماعة؛ التي قادت حشداً عنيفاً، هاجمت مبنى «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، لكنها فشلت في التوصل إلى قرار بشأن تهمة التحريض على الفتنة لأحد المتهمين، ويدعى دومينيك بيزولا، رغم إدانته بجرائم خطيرة أخرى.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

أدانت محكمة أميركية، الخميس، 4 أعضاء في جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، بالتآمر لإثارة الفتنة؛ للدور الذي اضطلعوا به، خلال اقتحام مناصرين للرئيس السابق دونالد ترمب، مقر الكونغرس، في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021. وفي محاكمة أُجريت في العاصمة واشنطن، أُدين إنريكي تاريو، الذي سبق أن تولَّى رئاسة مجلس إدارة المنظمة، ومعه 3 أعضاء، وفق ما أوردته وسائل إعلام أميركية. وكانت قد وُجّهت اتهامات لتاريو و4 من كبار معاونيه؛ وهم: جوزف بيغز، وإيثان نورديان، وزاكاري ريل، ودومينيك بيتسولا، بمحاولة وقف عملية المصادقة في الكونغرس على فوز الديمقراطي جو بايدن على خصمه الجمهوري دونالد ترمب، وفقاً لما نق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الأربعاء، انتقادات لقرار الرئيس جو بايدن، عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وذلك خلال جولة يجريها الملياردير الجمهوري في اسكتلندا وإيرلندا. ويسعى ترمب للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجرى العام المقبل، ووصف قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج ملك بريطانيا بأنه «ينم عن عدم احترام». وسيكون الرئيس الأميركي ممثلاً بزوجته السيدة الأولى جيل بايدن، وقد أشار مسؤولون بريطانيون وأميركيون إلى أن عدم حضور سيّد البيت الأبيض التتويج يتماشى مع التقليد المتّبع بما أن أي رئيس أميركي لم يحضر أي مراسم تتويج ملكية في بريطانيا. وتعود آخر مراسم تتويج في بري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

هناك شعور مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والاكتئاب والسكري والوفاة المبكرة والجريمة أيضاً في الولايات المتحدة، وهو الشعور بالوحدة أو العزلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

طرابلس توحَّدت ببيروت... وتحيّة جنوبية في «ماراثون السلام» اللبناني

شكل آخر للحدث الكبير بحجم النُبل نفسه وجمال المسؤولية (بيروت ماراثون)
شكل آخر للحدث الكبير بحجم النُبل نفسه وجمال المسؤولية (بيروت ماراثون)
TT

طرابلس توحَّدت ببيروت... وتحيّة جنوبية في «ماراثون السلام» اللبناني

شكل آخر للحدث الكبير بحجم النُبل نفسه وجمال المسؤولية (بيروت ماراثون)
شكل آخر للحدث الكبير بحجم النُبل نفسه وجمال المسؤولية (بيروت ماراثون)

المنطلقون عند السادسة صباح الأحد من خطّ بداية السباق في مدينة طرابلس الشمالية، ارتدوا الأبيض ورفعوا العلم اللبناني. تقرَّر ليوم 10 نوفمبر (تشرين الثاني) أن يستضيف الحدث السنوي المُنتظر، وخرَّبت الحرب الخطط. لم تعبُر شوارعَ بيروت أقدام العدّائين أو تتطلّع عيون الأطفال مذهولةً بألوان البالونات والشابات الراقصات والموسيقى الحماسية طوال «سباق المرح». كرنفال «ماراثون بيروت الدولي» أُلغي. الأحد الماضي، وفي يومه المُقرَّر، اتّخذ شكلاً آخر بحجم النُبل نفسه وجمال المسؤولية. سباق من أجل السلام انطلق من طرابلس نحو العاصمة النازفة.

ترى مي الخليل أنّ التكاتف يُجمِّل الإنجاز ويدفع نحو الأفضل (بيروت ماراثون)

9 فرق هتفت: «كلنا للوطن». فريقٌ سلّم الآخر الأعلام اللبنانية بعد الركض لمسافة 10 كيلومترات، فتكتمل خطّة وَصْل طرابلس ببيروت بركض ما يزيد على 90 كيلومتراً للفرق الـ9 مجتمعةً. وإن حضر العداؤون بعدد أقل مقارنةً بجَرْف الأعداد في يوم الماراثون الكبير، فقد سجَّلوا فارقاً، وأحدث الأفراد وَقْع الجماعة. خَبْطُ الأقدام دوَّى، والرمزية بلغت أشدَّها. رسالة من أجل السلام، والحرب تتمادى... من أجل لبنان، ويتراءى مقبرة.

مَن ركضوا يتشاركون المعاناة والشغف والإنجاز، ويلتقون على الالتزام والوحدة وعظمة روح الرياضة. تفتتح مؤسِّسة جمعية «بيروت ماراثون» ورئيستها، مي الخليل، حديثها مع «الشرق الأوسط» بإعلاء أهمية التكاتُف. تقول إنه «يُجمِّل الإنجاز ويدفع نحو الأفضل».

وإن حضر العداؤون بعدد أقل فقد سجَّلوا فارقاً وأحدث الأفراد وَقْع الجماعة (بيروت ماراثون)

لـ20 عاماً، التزمت «بيروت ماراثون» بتنظيم النشاط الرياضي في بلد يطفح بالتناقض. تتابع: «ماراثونات عدّة نظّمناها على وَقْع التفجيرات والاغتيالات والاشتعال الأمني. مع ذلك، تجمَّع المشاركون وأعلنوا الوحدة. منذ العام الأول، أردنا نشاطاً رياضياً يجمع. بشر تتعدَّد أديانهم وجنسياتهم التقوا في سباق وُلد عام 2003 ويستمرّ على ثبات المبدأ. اليوم، نركض للسلام على امتداد الوطن».

وُلدت النسخة الأولى من «بيروت ماراثون» بعد حادث مأساوي أصاب مي الخليل. كانت تركض، فصدمتها شاحنة. دخلت في غيبوبة ومكثت عامين في المستشفى... «أنا العدّاءة التي ركضت من أجل لبنان، فحلَّ الأسوأ، لتوظّف شغفها وإرادتها بإقامة نشاط ماراثوني يُقرّبه من العالم ويُوحّد أبناءه من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، تحت شعار (الرياضة للجميع). هنا تُمحى الفروق وتعلو الإنسانية».

9 فرق هتفت: «كلنا للوطن..» وفريقٌ سلّم الآخر الأعلام اللبنانية (بيروت ماراثون)

حينها، ندرت ثقافة الركض لمسافات طويلة، فدُعي عدّاؤون أجانب محترفون إلى أرض الأرز للمشاركة في الحدث. كبُرت الحشود عبر السنوات، فاقتطعت الجمعية رسوم التسجيل لمصلحة جمعيات خيرية. راحت الأقدام تركض للخير، وتكثَّف الخفقان، وسُمَع لهاث الأنفاس كأنه أوركسترا.

ثقافة العطاء عمَّمها «ماراثون بيروت» وكرَّسها. ومن عظمة العمل التطوّعي، تمضي هذه الأيام. منذ الاشتعال الكبير والنزوح المُربِك، تحوَّلت الجهود إلى لملمة الوجع. تُكمل مي الخليل حديثها برَفْع العطاء إلى أعلى المراتب: «أمام الإنسان، لبّى الفريق والمتطوّعون الشباب، النداء. أراهم نبض المستقبل. ننطلق من ثقافة أن نُعطي المجتمع ما نأخذه. فَهْم هذه المعادلة مهم جداً».

اليوم، تتقدَّم ثقافة السلام وتستدعي نشرها في المدى الأوسع. ذلك شعورٌ يملأ العدّاء وهو يُراكم المسافة وصولاً إلى خطّ النهاية. يبلغه ليحيل الداخل على الصفاء. فالسلام الفردي بإمكانه أن يُعمَّم ليصبح العدّاء اختزالاً للبنان. كلاهما يتحمَّل ويُعاند. داخلهما ندوب وصمود. مي الخليل تدرك ذلك. فداخلها أيضاً تألَّم. تقول: «سلام النفس يرتقي بطبيعتنا الإنسانية، فكيف إن اجتمع بـ40 أو 50 ألف عدّاء وعدّاءة؟ هنا يُترجَم سلام الأوطان. يسألونني دائماً: من أجل أي سلام تركضون؟ السلام ليس خطّ النهاية فقط. إنه امتداد سلامنا الداخلي نحو سلام أشمل».

سباق من أجل السلام انطلق من طرابلس نحو العاصمة النازفة (بيروت ماراثون)

لسنوات، كبُرت تحدّيات «بيروت ماراثون» باشتداد العصف. فتك الوباء، فأُلغي السباق لاقتضاء السلامة العالمية التباعُد بين البشر. وبعد انفجار المرفأ شعرت مي الخليل بأهمية الاضطلاع بدور. «وَجَبت علينا العودة. حجم المسؤولية استدعى توظيف علاقاتنا بالخارج لتجاوُز المرحلة الصعبة. حينها، غادر بعض الفريق بين الغربة والبحث عن فرص تُعوّض إغلاق أبواب |(الجمعية). تعلّمنا مرّة أخرى كيف ننظّم سباقات افتراضية بالتواصل مع ماراثونات دولية. جمعنا مبالغ لجمعيات تنتشل المتضرّرين من كابوسية المرفأ ومقتلة ذلك العصر».

مشهد رَفْع العلم اللبناني رغم اتّساع الجراح أثَّر عميقاً (بيروت ماراثون)

تستدعي الحرب اليوم وَقْفة مُشابهة. بالنسبة إلى مي الخليل، لا شيء يُضاهي مرارة أن تشاهد بلدك يُدمَّر والناس في نزوحهم المريع. كان لا بدّ من إلغاء السباق المُنتَظر يوم 10 نوفمبر وتحوُّل كل الأيام سباقاً للتكاتف والوحدة: «نظّمنا سباق السلام بديلاً للحدث الكبير. أردناه سباقاً مستوحى من مساحة لبنان البالغة 10 آلاف و452 كيلومتراً مربعاً. مشهد رَفْع العلم اللبناني رغم اتّساع الجراح أثَّر عميقاً. على مجموعة نقاط، توزّع العدّاؤون، فانطلقوا من (معرض رشيد كرامي الدولي) في طرابلس إلى واجهة بيروت البحرية. 10 ساعات من الركض للسلام والأمل».

ومن مدينتَي النبطية وصور النازفتَيْن، عَبَر عدّاؤون فوق الأنقاض رافعين الأعلام... زرعوها فوق الخراب لعلَّ زهر الربيع يشقّ الجدران المُهدَّمة وينمو معانداً «اليباس». «الوطن لا يموت. يعيش على المحبة»، تؤكد مي الخليل التي تغرّبت 23 عاماً في نيجيريا بعد زواجها، لكنّ داخلها ظلَّ متعلّقاً بأرض تتشظّى ولا تُقتَل.