ما علاقة الانفراج المالي في لبنان بانتظام السلطات الدستورية؟

سمير حمود أكد لـ«الشرق الأوسط» ضرورة صدور تشريع ينظم القطاع المالي

مودعة لبنانية ترفع يافطة في مظاهرة أمام مبنى البرلمان تؤكد عدم الثقة بالمصارف اللبنانية (إ.ب.أ)
مودعة لبنانية ترفع يافطة في مظاهرة أمام مبنى البرلمان تؤكد عدم الثقة بالمصارف اللبنانية (إ.ب.أ)
TT

ما علاقة الانفراج المالي في لبنان بانتظام السلطات الدستورية؟

مودعة لبنانية ترفع يافطة في مظاهرة أمام مبنى البرلمان تؤكد عدم الثقة بالمصارف اللبنانية (إ.ب.أ)
مودعة لبنانية ترفع يافطة في مظاهرة أمام مبنى البرلمان تؤكد عدم الثقة بالمصارف اللبنانية (إ.ب.أ)

(تحليل إخباري)
غطّت التحركات الطارئة للهيئة المصرفية العليا في لبنان والهادفة إلى تصحيح أوضاع بعض البنوك التي تواجه صعوبات في التزام توجيهات السلطة النقدية وفي معالجة النقص في السيولة وإعادة تحسين الملاءة، على التأخير الحكومي المتمادي في التزام إحالة كامل حزمة مشاريع القوانين الخاصة بالإصلاحات الهيكلية المنشودة في القطاع المالي، وعلى عقم الجدل المستمر في اللجان النيابية المشتركة بشأن مندرجات مشروع قانون وضع ضوابط استثنائية على حركة التحويلات والسحوبات المصرفية (كابيتال كونترول).
وترجّح التوقعات في الأوساط المالية والمصرفية استمرار غياب المبادرات الفعالة في الميدان المالي والمصرفي إلى حين إعادة انتظام السلطات الدستورية بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة مكتملة الصلاحيات، وبما يشمل خصوصاً إنجاز خطة التعافي ومن ضمنها استكمال الاستجابة السريعة لحزمة الشروط التشريعية التي التزمها الجانب اللبناني ضمن مندرجات الاتفاق الأولي، والذي تم توقيعه أوائل شهر أبريل (نيسان) الماضي، مع بعثة صندوق النقد الدولي توطئة للانتقال إلى إبرام الصيغة النهائية لاتفاقية البرنامج التمويلي.
ورغم الاختلاف الجذري بين مفهومي تسوية أوضاع بعض المصارف وعملية إعادة الهيكلة الشاملة للقطاع، التي تتطلب إصدار تشريع جديد بالكامل يتطابق مع وقائع الأزمة التي تضرب القطاع في موجوداته ومطلوباته، يؤكد الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود ضرورة استكمال التشريع المنشود بإعادة النظر في مندرجات كامل المنظومة القانونية التي تخص تنظيم القطاع المالي وبنيته وخصائصه، بحيث تتناسب مع حقائق الفجوات المحققة في الميزانيات والعجز الواقعي عن استرداد التوظيفات وإيفاء كامل الحقوق للمودعين.
ويعتبر أن التدابير التي تقررها الهيئة المصرفية العليا سنداً إلى تقارير لجنة الرقابة على المصارف، تندرج ضمن مهمات السلطة النقدية وصلاحيات هيئاتها المتخصصة بموجب التشريعات السارية. وهي تستهدف عبر التنبيه أو التدخل المباشر في الإدارة معالجة الثغرات الرأسمالية والناجمة خصوصاً عن ملاحظة أو توثيق قصور واضح في السيولة أو الملاءة أو في البندين معاً، وبحيث يتم التحقق بالتالي من اختلال المضاهاة بين إجمالي الأصول وإجمالي الخصوم.
وبالفعل، فقد أوضح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن التدابير المتخذة بحق أي مصرف، وبما يصل إلى تعيين مستشار أو مدير مؤقت من قبل الهيئة، «ليس بهدف إفلاسه»، إنما المتوخى هو إعادة «تأمين التوازنات، وأن تكون هذه المحاولة ناجحة». ليؤكد في المقابل أن «المطلوب هو تطبيق تعاميم مصرف لبنان، والمصارف التي لا تطبق التعاميم تحال إلى الهيئة، وهي مستقلة عن مصرف لبنان وقراراتها غير قابلة للمراجعة».
وإذ يعتبر الرئيس السابق للرقابة في حديث خاص مع «الشرق الأوسط»، أن إعادة تكوين الجهاز المصرفي يجب أن تكون الغاية المنشودة من التشريع الموعود لإعادة الهيكلة وفق التوصيف القانوني الرائج حالياً، فهو يتوقع مضي الهيئة المصرفية في مهام التحقيق والتدقيق العائدة لملفات بنوك إضافية تعاني من مشكلتي السيولة والملاءة، والطلب إلى الإدارات والمساهمين التزام التوجيهات التنظيمية الصادرة عن البنك المركزي، ولا سيما منها التعاميم القاضية بإعادة جزء من تحويلات موصوفة، وضخ أموال خاصة جديدة تفي باستعادة التوازن النسبي وبتلبية السحوبات الخاصة بالمودعين.
وفي المقابل، يشير إلى أهمية تقييم الآثار المترتبة على كل مصرف جراء القرار الأخير للبنك المركزي بخفض العوائد على إيداعات وتوظيفات البنوك لديه إلى النصف وإيفائها مناصفة بالليرة وبالدولار. فهذا التدبير سيقلص تلقائياً حجم تدفقات السيولة التي تستخدمها البنوك حالياً. علماً بأن الجزء الأكبر من أصول البنوك هو بحوزة مصرف لبنان، إضافة إلى محافظ اليوروبوندز، أي سندات الدين الدولية المصدرة من الحكومة. فضلاً عن التسليفات العائدة للقطاع الخاص، والتي يجري سدادها كلياً أو جزئياً بالليرة أو من خلال الشيكات وحسابات الودائع.
ووفق المادة 208 من قانون النقد والتسليف، يحق للمصرف المركزي أن ينزل بالمصرف المخالف عقوبات إدارية تشمل بالتدرج أو مباشرة التنبيه، وتخفيض تسهيلات التسليف المعطاة له أو تعليقها، ومنعه من القيام ببعض العمليات أو فرض أي تحديدات أخرى في ممارسته المهنة، وتعيين مراقب أو مدير موقت، ووصولاً إلى شطبه نهائياً من لائحة المصارف. فيما تنص المادة 209، على أن تدابير العقوبات يتم اتخاذها من قبل الهيئة المصرفية العليا المنشأة بموجب المادة 10 من القانون رقم 28/67.
علماً بأن قرارات هذه الهيئة لا تقبل أي طريق من طرق المراجعة العادية وغير العادية الإدارية أو القضائية.
وفي حال اتخاذ قرار بتعيين مدير مؤقت، يوضح حمود بأنه يجري نقل صلاحيات مجلس الإدارة ورئيسه والجمعية العمومية للبنك المعني إلى المدير المكلف بإدارة كامل المهمات تحت رقابة ومتابعة الهيئة المصرفية العليا. كما يمكن للبنك المركزي أيضاً الاستناد إلى القانون رقم 11091، والذي ينص في المادة 17 على تمكين المصرف المعني بتقرير تصفيته الذاتية، إنما عليه أن يعرض على مصرف لبنان تمليكه موجوداته والتفرغ عن حقوقه كلياً أو جزئياً مقابل تأمين السيولة اللازمة لإيفاء التزاماته ومطلوباته. علماً بأن العجز المحقق يبقى قيد الملاحقة القانونية بحق المساهمين ومجلس الإدارة، وبالأخص منهم حملة الأسهم بالإضافة إلى إمكانية الاستناد إلى مندرجات القانون رقم 267 الذي يتيح للمودع وللسلطة النقدية طلب إحالة البنك المتعثر إلى محكمة الإفلاس.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

تتعاطى القوى السياسية على اختلافها مع تأكيد أمين عام «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، بتموضعه مجدداً تحت سقف «اتفاق الطائف»، على أنه أراد أن يستبق الوعود الأميركية بالتوصل إلى وقف إطلاق النار، بتحديد العناوين الرئيسية لخريطة الطريق في مقاربته لمرحلة ما بعد عودة الهدوء إلى جنوب لبنان، بانسحاب إسرائيل من المناطق التي توغلت فيها تمهيداً لتطبيق القرار الدولي «1701»، وتعد بأنها تأتي في سياق استعداد الحزب للعبور من الإقليم -أي الميدان- إلى الداخل اللبناني عبر بوابة الطائف.

فالبنود التي حددها قاسم في مقاربته لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار تنم، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، عن رغبته في إضفاء اللبننة على توجهات الحزب وصولاً إلى انخراطه في الحراك السياسي، في مقابل خفض منسوب اهتمامه بما يدور في الإقليم في ضوء تقويمه لردود الفعل المترتبة على تفرُّده في قرار إسناده لغزة الذي أحدث انقساماً بين اللبنانيين.

وتعدّ المصادر أنه ليس في إمكان الحزب أن يتجاهل الوقائع التي فرضها قرار إسناده لغزة، وأبرزها افتقاده لتأييد حلفائه في «محور الممانعة»، وكاد يكون وحيداً في المواجهة، وتؤكد أن تفويضه لرئيس المجلس النيابي، نبيه بري، للتفاوض مع الوسيط الأميركي، آموس هوكستين، وتوصلهما إلى التوافق على مسوّدة لعودة الهدوء إلى الجنوب، يعني حكماً أنه لا مكان في المسوّدة للربط بين جبهتي غزة والجنوب وإسناده لـ«حماس».

انكفاء الحزب

وتلفت المصادر نفسها إلى أن عدم اعتراض الحزب على المسوّدة يعني موافقته الضمنية على إخلاء منطقة الانتشار في جنوب الليطاني والانسحاب منها، إضافة إلى أن قواعد الاشتباك المعمول بها منذ صدور القرار «1701»، في آب (أغسطس) 2006، أصبحت بحكم الملغاة، أسوة بإنهاء مفعول توازن الرعب الذي كان قد أبقى على التراشق بينهما تحت السيطرة.

وتقول المصادر نفسها إنه لا خيار أمام الحزب سوى الانكفاء إلى الداخل، وإن ما تحقق حتى الساعة بقي محصوراً في التوصل إلى وقف إطلاق النار العالق سريان مفعوله على الوعود الأميركية، فيما لم تبقَ الحدود اللبنانية - السورية مشرّعة لإيصال السلاح إلى الحزب، بعدما تقرر ضبطها على غرار النموذج الذي طبقه الجيش على مطار رفيق الحريري الدولي، ومنع كل أشكال التهريب من وإلى لبنان، إضافة إلى أن وحدة الساحات كادت تغيب كلياً عن المواجهة، ولم يكن من حضور فاعل لـ«محور الممانعة» بانكفاء النظام السوري عنه، رغبة منه بتصويب علاقاته بالمجتمع الدولي، وصولاً إلى رفع الحصار المفروض عليه أميركياً بموجب قانون قيصر.

لاريجاني

وفي هذا السياق، تتوقف المصادر أمام ما قاله كبير مستشاري المرشد الإيراني، علي لاريجاني، لوفد من «محور الممانعة» كان التقاه خلال زيارته إلى بيروت: «إيران ترغب في إيصال المساعدات إلى لبنان لكن الحصار المفروض علينا براً وبحراً وجواً يمنعنا من إرسالها، ولم يعد أمامنا سوى التأكيد بأننا شركاء في إعادة الإعمار».

وتسأل ما إذا كان التحاق الحزب بركب «اتفاق الطائف»، الذي هو بمثابة ملاذ آمن للجميع للعبور بلبنان إلى بر الأمان، يأتي في سياق إجراء مراجعة نقدية تحت عنوان تصويبه للعلاقات اللبنانية - العربية التي تصدّعت بسبب انحيازه إلى «محور الممانعة»، وجعل من لبنان منصة لتوجيه الرسائل بدلاً من تحييده عن الصراعات المشتعلة في المنطقة؟ وهل بات على قناعة بأنه لا خيار أمامه سوى التوصل إلى وقف إطلاق النار، رغم أن إسرائيل تتمهل في الموافقة عليه ريثما تواصل تدميرها لمناطق واسعة، وهذا ما يفتح الباب للسؤال عن مصير الوعود الأميركية، وهل توكل لتل أبيب اختيار الوقت المناسب للإعلان عن انتهاء الحرب؟

تموضع تحت سقف «الطائف»

ولم تستبعد الدور الذي يعود لبري في إسداء نصيحته للحزب بضرورة الالتفات إلى الداخل، والتموضع تحت سقف «اتفاق الطائف»، خصوصاً أن المجتمع الدولي بكل مكوناته ينصح المعارضة بمد اليد للتعاون معه لإخراج لبنان من أزماته المتراكمة.

وتقول إن الحزب يتهيب التطورات التي تلازمت مع إسناده لغزة، وتسأل هل قرر إعادة النظر في حساباته في ضوء أن رهانه على تدخل إيران لم يكن في محله؛ لأن ما يهمها الحفاظ على النظام وتوفير الحماية له، آخذة بعين الاعتبار احتمال ضعف موقفها في الإقليم؟

لذلك فإن قرار الحزب بأن يعيد الاعتبار للطائف، يعني أنه يبدي استعداداً للانخراط في الحراك السياسي بحثاً عن حلول لإنقاذ لبنان بعد أن أيقن، بحسب المصادر، بأن فائض القوة الذي يتمتع به لن يُصرف في المعادلة السياسية، وأن هناك ضرورة للبحث عن القنوات المؤدية للتواصل مع شركائه في البلد، وأولهم المعارضة، مع استعداد البلد للدخول في مرحلة سياسية جديدة فور التوصل إلى وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يعطي الأولوية لانتخاب الرئيس، ليأخذ على عاتقه تنفيذ ما اتُّفق عليه لتطبيق الـ«1701».

وعليه لا بد من التريث إفساحاً في المجال أمام ردود الفعل، أكانت من المعارضة أو الوسطيين، على خريطة الطريق التي رسمها قاسم استعداداً للانتقال بالحزب إلى مرحلة سياسية جديدة، وهذا يتطلب منه عدم الاستقواء على خصومه والانفتاح والتعاطي بمرونة وواقعية لإخراج انتخاب الرئيس من المراوحة، واستكمال تطبيق «الطائف»، في مقابل معاملته بالمثل وعدم التصرف على نحو يوحي بأنهم يريدون إضعافه في إعادة مؤسسات البلد، بذريعة أن قوته اليوم لم تعد كما كانت في السابق، قبل تفرده في إسناده لغزة، وما ترتب عليها من تراجع للنفوذ الإيراني، بالتلازم مع عدم فاعلية وحدة الساحات التي تتشكل منها القوة الضاربة لـ«محور الممانعة» الذي لم يكن له دور، ولو بحدود متواضعة، بتوفير الدعم للحزب كونه أقوى أذرعته في الإقليم، وبالتالي هناك ضرورة لاحتضانه لاسترداده إلى مشروع الدولة.