أول جرد كيميائي لكوكب يشبه الأرض

منذ اكتشاف أول كوكب يدور حول نجم غير الشمس في عام 1995، أدرك العلماء أن الكواكب أكثر تنوعاً مما كنا نتخيله، حيث تمنح هذه العوالم البعيدة من الكواكب الخارجية التي تشبه الأرض، الفرصة لدراسة كيفية تصرف الكواكب في المواقف المختلفة.
ويُعد تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST)، التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) الذي تم إطلاقه العام الماضي، أداة مثالية لاستكشاف هذه العوالم، حيث استخدمه فريق بحثي دولي في اكتشاف التركيب الكيميائي لكوكب خارج المجموعة الشمسية. وتشير بيانات نُشرت في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) بموقع ما قبل طباعة الأبحاث «أرخايف»، إلى بعض النتائج المدهشة.
وفيما لا تتمكن بعض التلسكوبات من تمييز العديد من الكواكب الخارجية القريبة جداً من نجومها الأم، يتمتع تلسكوب (جيمس ويب) بتقنية عالية جداً تمكنه من اكتشاف التركيب الكيميائي للكواكب.
وأثناء عبور الكوكب أمام نجمه، يحجب الكوكب جزءاً صغيراً من ضوء النجوم، ويرشح جزءاً أصغر من ضوء النجوم عبر الطبقات الخارجية للغلاف الجوي للكوكب. وتمتص الغازات الموجودة في الغلاف الجوي بعض الضوء، تاركة بصمات أصابع على ضوء النجوم في شكل انخفاض في السطوع عند ألوان معينة، أو أطوال موجية.
ويعتبر تلسكوب «جيمس ويب» مناسباً بشكل خاص لدراسات الغلاف الجوي للكواكب الخارجية، لأنه تلسكوب يعمل بالأشعة تحت الحمراء، حيث تمتص معظم الغازات الموجودة في الغلاف الجوي - مثل بخار الماء وثاني أكسيد الكربون - الأشعة تحت الحمراء بدلاً من الضوء المرئي.
وتقول جوانا بارستو، الباحثة بالجامعة المفتوحة في بريطانيا والمشاركة بالدراسة، في مقال نشرته عنها على موقع «ذا كونفرسيشن» في 24 نوفمبر الجاري: «أنا جزء من فريق دولي من علماء الكواكب الخارجية الذين استخدموا التلسكوب لدراسة كوكب بحجم كوكب المشتري تقريباً يُسمى (WASP - 39b). وعلى عكس كوكب المشتري، فإن هذا الكوكب يدور في بضعة أيام فقط حول نجمه، لذلك يكون ساخناً للغاية، وتصل حرارته إلى 827 درجة مئوية. ويمنحنا هذا فرصة مثالية لاستكشاف كيفية تصرف الغلاف الجوي الكوكبي في ظروف درجات الحرارة القصوى».
وتضيف: «استخدمنا التلسكوب لاستعادة الطيف الأكثر اكتمالاً حتى الآن لهذا الكوكب الرائع. وفي الواقع، يمثل عملنا أول جرد كيميائي للغلاف الجوي للكوكب».
وكان العلماء يعرفون أن معظم الغلاف الجوي لهذا الكوكب الكبير يجب أن يكون خليطاً من الهيدروجين والهيليوم، أخف الغازات وأكثرها وفرة في الكون. واكتشف تلسكوب «هابل» سابقاً بخار الماء والصوديوم والبوتاسيوم هناك.
وتوضح بارستو: «الآن تمكنا من تأكيد الاكتشافات السابقة. وتشير نتائجنا أيضاً، إلى وجود غازات أخرى بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت بشكل غير متوقع».
وتقول: «وجود قياسات لمقدار كل من هذه الغازات الموجودة في الغلاف الجوي، يعني أنه يمكننا تقدير الكميات النسبية للعناصر التي تتكون منها غازات (الهيدروجين والأوكسجين والكربون والكبريت)».