جماجم مصرية تكشف كيف استكشف الفراعنة السرطان بالجراحة

شخصت حالة الجمجمة بأنها مصابة بسرطان البلعوم الأنفي
شخصت حالة الجمجمة بأنها مصابة بسرطان البلعوم الأنفي
TT

جماجم مصرية تكشف كيف استكشف الفراعنة السرطان بالجراحة

شخصت حالة الجمجمة بأنها مصابة بسرطان البلعوم الأنفي
شخصت حالة الجمجمة بأنها مصابة بسرطان البلعوم الأنفي

تشتهر الحضارة المصرية القديمة بمعرفتها الطبية وطرق العلاج للعديد من الأمراض، ويتضح ذلك عبر البرديات المحفوظة والكتابات الهيروغليفية التي أقرت بأن الطب المصري القديم كان متقدماً بما يكفي لوصف وتصنيف وعلاج أمراض معينة وإصابات رضحية بنجاح، بما في ذلك صدمات العظام. كشفت دراسة جديدة عن أسرار قد تبدو مؤثرة في تعامل واستكشاف المصريين القدماء مع الأورام السرطانية، عبر استخدام الجراحة بعد آلاف السنين من تلك الحضارة المصرية القديمة التي ما زالت تكشف عن أسرارها حتى وقتنا هذا.

ووفق الدراسة التي نشرتها دورية «فرونتيرز إن ميديسن» (Frontiers in Medicine)، الأربعاء، قام مجموعة من الباحثين الدوليين بتشريح «جمجمتين بشريتين مصريتين قديمتين كانتا محفوظتين في مختبر داكوورث بجامعة كامبريدج، ووجدوا فيهما آثاراً لأورام خبيثة وآفات رضحية تمت ملاحظتها بعد تحليلها.

وأشارت النتائج إلى وجود آفات ورمية في كلتا الحالتين، وشفاء صدمات شديدة في الجمجمة في إحداهما، مما يشير إلى علاج ناجح للصدمات.

ومن المثير للاهتمام أن التحليل قد حدد وجود علامات قطعية قبل الوفاة مرتبطة بآفات تحللية منتشرة في إحدى الجمجمتين، مما يشير إلى محاولة علاج جراحي محتملة أو استكشاف طبي بعد الوفاة.

وهدف البحث إلى الاقتراب من حدود الطب القديم فيما يتعلق برعاية الأورام والصدمات من خلال التحليل المرضي لهاتين الحالتين.

شخصت حالة الجمجمة بأنها مصابة بسرطان البلعوم الأنفي

الجماجم المصرية القديمة

وقامت الدراسة على تشريح جمجمتين؛ الجمجمة الأولى تحمل رقماً مختبرياً هو E270، لأنثى عمرها أكبر من 50 عاماً ( 664 - 343 قبل الميلاد)، ثبت وجود ورم أولي بها، والعديد من الكسور الملتئمة، وتُظهر هذه الآفات الأخيرة قدرة الطب المصري القديم على التعامل مع المرض.

وتكشف الجمجمة الثانية رقم 236 (تعود إلى الفترة من 2686 إلى 2345 قبل الميلاد - الأسرة الثالثة إلى الخامسة) وهي لرجل بين عمر 30 إلى 35 عاماً، وثبت بها وجود أورام أولية وثانوية، وهي في الواقع واحدة من أقدم حالات الأورام الخبيثة المعروفة في مصر القديمة، حيث قام بتحليلها مسبقاً عالم الحفريات ويلز.

الجمجمة رقم 236 لرجل بين عمر 30 إلى 35 عاماً

ووجد أن آفات الجمجمة الصغيرة المثقوبة هي نتيجة للورم الخبيث، وشخصت حالة الجمجمة بأنها مصابة بسرطان البلعوم الأنفي مع تدمير أولي للعناصر العلوية والحنكية والجناحية مع رواسب ثانوية حول الجمجمة.

الجمجمة الأولى

أظهر التحليل أن الجمجمة E270 بها ثلاث آفات متباينة رئيسية؛ الأولى عبارة عن فتحة كبيرة الحجم غير منتظمة تقع بين العظام الأمامية والجدارية اليمنى، ويمكن تعريفها على أنها تفاعل عظمي مختلط يتضمن عملية تحلل عظمي وتصلب مع منطقة انتقالية محددة جيداً. وتلك الإصابة الكبيرة تتوافق مع ورم سرطاني أدى إلى تدمير العظام.

كما أظهرت الدراسة ملاحظة أخرى على الجمجمة، حيث رصدت وجود صدمة بسلاح حاد ملتئمة تقع على الجانب الأيسر من العظم الجبهي، مما يدل على وقوع حادث عنيف أمامي محتمل باستخدام أداة ذات شفرة حادة..

تشير إصابات الجمجمة المُشفاة إلى بقاء الفرد على قيد الحياة ونوع من العلاج ودرجة رعاية ما بعد الصدمة

تتوافق هذه الآفة مع إصابة في الرأس تؤدي إلى جرح عميق وشديد. ومن المثير للاهتمام، على الرغم من أن هذه الإصابات ربما تكون قد حدثت في وقت واحد، فقد نجت السيدة صاحبة الجمجمة؛ نظراً لإعادة تشكيل حواف الجروح بشكل جيد مما يدل على الشفاء.

ويعد هذا دليلاً على ما قدمته الحضارة المصرية القديمة في المجال الطبي، حيث تشير إصابات الجمجمة المُشفاة إلى بقاء الفرد على قيد الحياة ونوع من العلاج ودرجة رعاية ما بعد الصدمة.

الجمجمة لأنثى عمرها أكبر من 50 عاماً (664 - 343 قبل الميلاد)

هدف الدراسة

وهذا الاكتشاف وجده الباحثون فرصة هادفة لإجراء مناقشة حول علم الأورام والصدمات النفسية وإدارة مثل هذه الحالات في الماضي، الأمر الذي يعد علامة فارقة في الرعاية الطبية المصرية القديمة وفي تاريخ الطب.

وتقول الدراسة: «كشف تحليلنا أيضاً عن علامات قطعية قبل الوفاة مرتبطة بالعديد من الآفات النقيلية. ونحن نرى أن مثل هذه التعديلات قد يكون مرتبطاً بمحاولة العلاج الجراحي قبل الوفاة أو الاستكشاف الطبي بعد الوفاة، مما يثير أسئلة حول الفهم المبكر وإدارة اضطرابات الأورام في تاريخ الطب».


مقالات ذات صلة

هل يمكن للأسبرين منع عودة السرطان؟

صحتك هل يمكن للأسبرين منع عودة السرطان؟

هل يمكن للأسبرين منع عودة السرطان؟

في عالم الطب، حيث تتطلب العلاجات الحديثة ملايين الدولارات، قد يكون من المدهش أن عقاراً بسيطاً، يحمل مفتاحاً لمواجهة أحد أخطر الأمراض في العالم، وهو السرطان.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك يُشخَّص نحو 740 ألف شخص حول العالم بورم دماغي سنوياً (أ.ف.ب)

طريقة جديدة لتشخيص أورام المخ في غضون ساعات

توصّل باحثون بريطانيون إلى طريقة جديدة لتشخيص أورام المخ قد تُقلص وقت انتظار المرضى العلاج من أسابيع إلى ساعات، وتزيد من إمكانية ابتكار أنواع جديدة من العلاج.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق جو بايدن (أ.ف.ب)

مستشار طبي سابق لبايدن يرجح إصابته بالسرطان منذ بداية رئاسته

قال الدكتور إيزيكيل إيمانويل، المستشار الطبي السابق للرئيس السابق جو بايدن، أمس (الاثنين)، إن الرئيس السابق يُحتمل إصابته بالسرطان منذ بداية فترة رئاسته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أرشيفية للرئيس جو بايدن في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض بواشنطن (أ.ب)

إصابة بايدن بسرطان عدواني وترمب يتمنى له الشفاء العاجل

تعاطف المسؤولون الأميركيون مع الرئيس السابق جو بايدن بعد تشخيص إصابته بنوع عدواني من السرطان، في وقت يحاول فيه الديمقراطيون تجاوز مرحلة هزيمتهم في انتخابات 2024

علي بردى (واشنطن)
صحتك حبات من الجوز (أرشيفية - د.ب.أ)

نوع من المكسرات يخفض خطر الإصابة بسرطان القولون

كشفت دراسة جديدة أن الجوز قد يُقلل خطر الإصابة بسرطان القولون ويخفض مستويات الالتهابات في الجسم بشكل عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ارتفاع درجات الحرارة يهدد بانتشار فطريات قاتلة «تأكلنا من الداخل إلى الخارج»

الدراسة تتوقع انتشار الفطريات في نطاق أوسع مع ارتفاع درجة حرارة العالم (رويترز)
الدراسة تتوقع انتشار الفطريات في نطاق أوسع مع ارتفاع درجة حرارة العالم (رويترز)
TT

ارتفاع درجات الحرارة يهدد بانتشار فطريات قاتلة «تأكلنا من الداخل إلى الخارج»

الدراسة تتوقع انتشار الفطريات في نطاق أوسع مع ارتفاع درجة حرارة العالم (رويترز)
الدراسة تتوقع انتشار الفطريات في نطاق أوسع مع ارتفاع درجة حرارة العالم (رويترز)

تتوقع أبحاث جديدة أن تنتشر الفطريات المسببة للعدوى، والمسؤولة عن ملايين الوفيات سنوياً، بشكل كبير إلى مناطق جديدة مع ارتفاع حرارة الكوكب. وأكدت الأبحاث أن «العالم غير مستعد لذلك»، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية.

والفطريات مملكة واسعة من الكائنات الحية منتشرة في كل مكان، تنمو في بيئات مثل التربة والسماد والماء، وتلعب دوراً مهماً في النظم البيئية، لكن يمكن أن يكون لها تأثير مدمر على صحة الإنسان، حيث تقتل العدوى الفطرية ما يقدر بنحو 2.5 مليون شخص سنوياً، ونقص البيانات يعني أن هذا العدد قد يكون أعلى بكثير.

ومع ذلك، ما زلنا بعيدين جداً عن فهمها، وخاصةً كيفية استجابة هذه «الكائنات الحية فائقة التكيف» لارتفاع درجة حرارة المناخ.

واستخدم فريق من العلماء من جامعة مانشستر المحاكاة الحاسوبية والتنبؤات لرسم خريطة للانتشار المستقبلي المحتمل للفطر الأخضر أو فطر الرشاشيات، وهو مجموعة شائعة من الفطريات موجودة في جميع أنحاء العالم ويمكن أن تسبب داء الرشاشيات، وهو مرض يهدد الحياة ويصيب الرئتين بشكل رئيسي.

وحسب الدراسة التي نُشرت هذا الشهر، وجد الباحثون أن بعض أنواع فطر الرشاشيات ستتوسع مع تفاقم أزمة المناخ، لتمتد إلى أجزاء جديدة من أميركا الشمالية وأوروبا والصين وروسيا. وتنمو فطريات الرشاشيات كخيوط صغيرة في التربة حول العالم. ومثل معظم الفطريات، تُطلق أعداداً هائلة من الجراثيم الصغيرة التي تنتشر في الهواء.

وقال نورمان فان رين، أحد مؤلفي الدراسة والباحث في تغير المناخ والأمراض المعدية بجامعة مانشستر: «الفطريات لا تحظى بأبحاث كافية نسبياً مقارنةً بالفيروسات والطفيليات، لكن الخرائط تُظهر أن مسببات الأمراض الفطرية ستؤثر على الأرجح على معظم مناطق العالم في المستقبل».

ويستنشق البشر الجراثيم يومياً، لكن معظمهم لا يعانون من أي مشاكل صحية؛ إذ يتخلص منها جهازهم المناعي. لكن يختلف الوضع بالنسبة لمن يعانون من أمراض الرئة أو يعانون من ضعف في جهاز المناعة.

وصرّح فان رين بأنه إذا فشل جهاز المناعة في التخلص من الجراثيم، فإن الفطر «يبدأ في النمو ويأكل الجسم من الداخل إلى الخارج، بصراحة تامة». وأضاف أن داء الرشاشيات له معدلات وفيات عالية جداً تتراوح بين 20 و40 في المائة، كما أنه يصعب تشخيصه.

وأشار فان رين إلى أن مسببات الأمراض الفطرية تزداد مقاومة للعلاج. ولا تتوفر سوى أربعة أنواع من الأدوية المضادة للفطريات.

ووجدت الدراسة أيضاً أن فطر الرشاشيات الصفراء، وهو نوع يفضل المناخات الاستوائية الحارة، قد يزيد انتشاره بنسبة 16 في المائة إذا استمر البشر في حرق كميات كبيرة من الوقود الأحفوري. ومن المتوقع أن ينتشر في أجزاء من أميركا الشمالية وشمال الصين وروسيا. ويسبب هذا النوع من الفطريات عدوى شديدة لدى البشر، ويصيب مجموعة من المحاصيل الغذائية، مما يشكل تهديداً محتملاً للأمن الغذائي.

أيضاً من المتوقع أن ينتشر فطر الرشاشيات الدخناء، الذي يُفضّل المناخ الأكثر اعتدالاً، شمالاً نحو القطب الشمالي مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية. وقد وجدت الدراسة أن انتشاره قد يزداد بنسبة 77.5 في المائة بحلول عام 2100، مما قد يُعرّض 9 ملايين شخص في أوروبا للخطر.

وبالإضافة إلى توسيع نطاق نموها، قد يزيد الاحتباس الحراري من قدرة الفطريات على تحمل درجات الحرارة، مما يسمح لها بالبقاء على قيد الحياة بشكل أفضل داخل أجسام البشر.