الاقتصاد الألماني يتحدى الظروف والتوقعات

نمو فصلي رغم التضخم وأزمة الطاقة

سيارة تابعة للجمارك تتابع مرور سفينة في ميناء هامبورغ الألماني (د.ب.أ)
سيارة تابعة للجمارك تتابع مرور سفينة في ميناء هامبورغ الألماني (د.ب.أ)
TT

الاقتصاد الألماني يتحدى الظروف والتوقعات

سيارة تابعة للجمارك تتابع مرور سفينة في ميناء هامبورغ الألماني (د.ب.أ)
سيارة تابعة للجمارك تتابع مرور سفينة في ميناء هامبورغ الألماني (د.ب.أ)

سجل إجمالي الناتج المحلي في ألمانيا في الربع الثالث من العام نمواً أكثر مما كان متوقعاً، رغم أزمة الطاقة والتضخم الذي يلقي بثقله على أكبر اقتصاد في أوروبا، وفق أرقام رسمية نهائية نُشرت الجمعة.
ومدفوعاً بإنفاق المستهلكين، سجل الاقتصاد الألماني نمواً نسبته 0.4 في المائة بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، مقارنة بالربع الثاني من العام، على ما أعلن الجمعة معهد «ديستاتيس» للإحصاءات الذي كان قد توقع في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) تسجيل نمو نسبته 0.3 في المائة فقط. وسبق أن توقع محللون أن يتقلص النمو في الربع الثالث نظراً لتداعيات الحرب في أوكرانيا على الاقتصادات الأوروبية.
وقال معهد «ديستاتيس» للإحصاءات في بيان: «بشكل عام، لا يزال الاقتصاد الألماني قوياً». ولفت إلى أن إجمالي الناتج المحلي سجل نمواً «رغم الظروف العامة الصعبة في الاقتصاد العالمي مثل جائحة (كوفيد - 19) المستمرة وتعطل سلاسل التوريد واستمرار ارتفاع الأسعار والحرب في أوكرانيا».
وكان إنفاق الأسر هو السبب الرئيسي وراء ارتفاع النمو على أساس ربع سنوي مع سفر المستهلكين وزيادة أنشطتهم بعد رفع جميع القيود المتعلقة بالجائحة تقريباً. وفي الوقت الذي استثمرت فيه الشركات بشكل ملموس في شراء المعدات مثل الماكينات، تراجعت الاستثمارات في مجال الإنشاءات، على غرار ما حدث في الربع الثاني، بسبب عوامل موسمية وسعرية، كما تأثر قطاع الإنشاءات بفعل ارتفاع تكاليف البناء وزيادة معدلات فوائد الرهن العقاري.
وتشير أحدث توقعات الحكومة إلى نمو الاقتصاد 1.4 في المائة هذا العام، وتراجعه 0.4 في المائة العام المقبل. وقال متحدث باسم وزارة الاقتصاد إن المؤشرات الحالية لا تزال تشير إلى ركود في الأشهر الستة حتى مارس (آذار) المقبل. وأضاف المتحدث: «الشروط الأساسية لمسار معتدل من الركود هي عدم ظهور حالة نقص حاد في الغاز، وعدم حدوث تطورات صعبة فيما يتعلق بكوفيد، واستمرار استقرار سلاسل التوريد تدريجياً».
ويتوقع كثير من خبراء الاقتصاد تراجع أكبر اقتصاد في أوروبا خلال الشهور الستة المقبلة، ولكنهم لا يتوقعون تداعيه مثلما حدث في عام 2020 في بداية حدوث جائحة كورونا، عندما انكمش الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 4 في المائة. وذكر فريتز كولر جيب، كبير خبراء الاقتصاد لدى مصرف «كيه. إف. دبليو» الحكومي الألماني للاستثمار والتنمية أن «حدوث تراجع حاد مثلما حدث أثناء الأزمة المالية أو جائحة كورونا، مرجح فقط حال حدوث نقص في الغاز الطبيعي، ولا بد أن نكون قد تجاوزنا هذه المشكلة بفضل ملء الخزانات، وقبل كل شيء، بفضل جهود الترشيد المهمة التي قامت بها الشركات والأسر».
وكشف استطلاع رأي منفصل الجمعة أن ثقة المستهلك الألماني زادت مجدداً بعد فترة طويلة من التراجع، في أحدث مؤشر إلى تراجع المخاوف بشأن الاقتراب من انكماش اقتصادي. وسجلت شركة «جي إف كيه» للاستطلاعات سالب 40.2 نقطة لثقة المستهلك الألماني لشهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، أي بزيادة 1.7 نقطة عن نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.
وأوضح الخبير بشؤون المستهلكين لدى الشركة رولف بوركل أن الاستطلاع الأخير الذي أجرته الشركة يُظهر أن «مخاوف المستهلكين الطويلة الأمد بشأن ارتفاع كبير في أسعار الطاقة قد خفت إلى حد ما».
وكانت ألمانيا تعتمد كثيراً على الغاز الروسي قبل الحرب في أوكرانيا، وأثارت خطوة موسكو قطع الإمدادات عبر خط أنابيب «نورد ستريم1» مخاوف من نقص الطاقة وارتفاع تكاليف التدفئة هذا الشتاء.
وفاقم التضخم القياسي الذي سُجل في سبتمبر ونسبته 10 في المائة من معاناة الشركات والمستهلكين الذين يرون قوتهم الشرائية تتآكل. وتتوقع الحكومة الألمانية أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 0.4 في المائة في عام 2023.


مقالات ذات صلة

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)
العالم تمثال لفلاديمير لينين أمام عَلم روسي وسط مدينة كورسك (أرشيفية - إ.ب.أ)

أوكرانيا... من حرب الثبات إلى الحركيّة

يرى الخبراء أن أوكرانيا تعتمد الهجوم التكتيكي والدفاع الاستراتيجيّ، أما روسيا فتعتمد الدفاع التكتيكي والهجوم الاستراتيجيّ.

المحلل العسكري (لندن)

مدينة الملك سلمان للطاقة توقّع 5 خطابات نوايا بقيمة 800 مليون دولار

جانب من مدينة الملك سلمان للطاقة (موقع رؤية 2030)
جانب من مدينة الملك سلمان للطاقة (موقع رؤية 2030)
TT

مدينة الملك سلمان للطاقة توقّع 5 خطابات نوايا بقيمة 800 مليون دولار

جانب من مدينة الملك سلمان للطاقة (موقع رؤية 2030)
جانب من مدينة الملك سلمان للطاقة (موقع رؤية 2030)

وقّعت مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) السعودية، 5 خطابات نوايا مع جهات متقدمة في قطاع الطاقة، بقيمة إجمالية تتجاوز 3 مليارات ريال (800 مليون دولار)، تستهدف تأسيس منشآت صناعية داخل المدينة، ومن المتوقع أن تسهم في توفير أكثر من 3 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة عند اكتمالها.

وتُسلّط خطابات النوايا الخمسة، التي وُقّعت على هامش أعمال مؤتمر ومعرض أبوظبي الدولي للبترول (أديبك 2024)، الضوء على التقدّم المستمر الذي تحرزه «سبارك» بوصفها منظومة صناعية ذات معايير عالمية، وتلتزم بدعم المستثمرين في مختلف مراحل سلسلة القيمة ضمن قطاع الطاقة، بحسب بيان.

وتشمل القائمة توقيع خطاب نوايا مع شركة «بيوكيم» المتخصصة في الصناعات الكيميائية، وذلك بهدف تأسيس منشأة متطورة في «سبارك» المقرر إنشاؤها على مساحة 100 ألف متر مربع، لإنتاج صمغ الزانثان، وهي مادة تستخدم في زيادة مرونة ولزوجة المواد مثل سوائل الحفر.

ومن المتوقع أن تُنتج 20 كيلوطناً من صمغ الزانثان سنوياً، لتكون الأولى من نوعها في منطقة الخليج، وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كما تم توقيع خطاب نوايا مع «مان إندستريز» الهندية، الشركة الرائدة عالمياً في مجال إنتاج الأنابيب، من أجل بناء منشأة مساحتها 360 ألف متر مربع في «سبارك».

ومن المقرر أن تعمل الشركة على إنتاج أنابيب الفولاذ الكربوني الكبيرة والطلاء المضاد للتآكل، بما يدعم قطاع تصنيع المعادن في السعودية.

بالإضافة إلى ذلك، أبرمت «سبارك» خطاب نوايا مع «برايم تيك إنترناشيونال»، وهي شركة محلية متخصصة في صناعة معدّات حقول النفط.

وبعد تأسيس منشأتها في «سبارك»، ستنتج الشركة صمامات منع الانفجار وأنابيب التوزيع (المشعبات)، بما يتوافق مع جهود توسيع نطاق علامة «صنع في السعودية».

كما تسعى هذه الشركة إلى توسيع نطاق حضورها على مستوى العالم، بما يتماشى مع طموحات المملكة لتنويع الاقتصاد وتعزيز دورها في قطاع خدمات الطاقة.

علاوةً على ذلك، وقّعت «سبارك» خطاب نوايا مع «ثيرمو كابلز»، الشركة الرائدة في تصنيع الكابلات المتخصصة عالية الجودة، ومن المقرّر أن تبني مركزاً للتصنيع في مدينة الملك سلمان للطاقة على مساحة تبلغ 10 آلاف متر مربع.

في حين جاء خطاب النوايا الأخيرة مع شركة «داليبال القابضة» بهدف بناء منشأة صناعية متخصصة في إنتاج أنابيب الصلب غير الملحومة في «سبارك» تمتد على مساحة تتجاوز مليون متر مربع، ومن المنتظر أن تؤدي دوراً بارزاً في قطاع خدمات الطاقة بالمملكة.

وعلى هامش توقيع خطابات النوايا، قال الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين في مدينة الملك سلمان للطاقة، مشعل الزغيبي، «سُررنا بالترحيب بمجموعة من الشركات الرائدة في قطاع الطاقة لتأسيس أعمالهم وبدء استثماراتهم في (سبارك)».

وأضاف أن هذه الخطوة تسلّط الضوء على التزام «سبارك» بتعزيز نمو القطاع الصناعي وربط المستثمرين بقطاع الطاقة في المملكة.

وأوضح الزغيبي أنه من شأن هذا التوسع أن يعزّز مكانة «سبارك» بصفتها منظومة صناعية رائدة على المستوى الإقليمي، بالإضافة إلى دعم الابتكار والنمو المستدام.

ومع توقيع خطابات النوايا، تواصل «سبارك» جهودها لربط العالم بالفرص الاستثمارية في قطاع الطاقة داخل المملكة وخارجها، ودعم مستهدفات «رؤية 2030»، المتمثلة في توطين سلاسل القيمة ضمن قطاع الطاقة.