حرب أوكرانيا تدخل شهرها العاشر... وإمدادات السلاح تسابق دعوات التهدئة

استهداف البنى التحتية يشل المدن الكبرى... والأطراف تترقب شتاء قاسياً

بوتين يلتقي أمهات الجنود الروس المشاركين في الحرب (أ.ف.ب)
بوتين يلتقي أمهات الجنود الروس المشاركين في الحرب (أ.ف.ب)
TT

حرب أوكرانيا تدخل شهرها العاشر... وإمدادات السلاح تسابق دعوات التهدئة

بوتين يلتقي أمهات الجنود الروس المشاركين في الحرب (أ.ف.ب)
بوتين يلتقي أمهات الجنود الروس المشاركين في الحرب (أ.ف.ب)

مع دخول الحرب الروسية في أوكرانيا شهرها العاشر صباح الجمعة، بدا أن الأطراف المنخرطة في الصراع تواجه صعوبات متزايدة، خصوصاً مع اقتراب استحقاق فصل الشتاء، وتفاقم المشكلات المتعلقة بنقص إمدادات الطاقة الكهربائية ومياه الشرب عن غالبية المدن الأوكرانية. يتزامن ذلك مع تصعيد في سقف مطالبات الجانب الأوكراني على خلفية التقدم المحرز في خيرسون ومناطق الشرق، وخصوصاً حول خاركيف. في الوقت ذاته، تستعد موسكو التي وجهت رسائل حول استعداد لاستئناف عملية التفاوض وفقاً لشروطها المعلنة، تحديات إضافية مع استمرار إمدادات السلاح الغربي، وتداعيات تفاقم العزلة الغربية المفروضة عليها.
- شروط تعجيزية للتفاوض
ومع انقضاء الشهر التاسع للحرب التي غيرت وجه العالم، وأعادت ترتيب أولويات الفاعلين الأساسيين المنخرطين في المواجهة، ما زالت تبدو بعيدة مقدمات وضع حد للمواجهات أو إطلاق عملية سلام في ظل التباعد الواسع في مواقف الأطراف، والشروط «التعجيزية» التي وضعتها موسكو وكييف للجلوس على طاولة مفاوضات. وتتمسك موسكو بشروطها المعلنة لإحراز تقدم في ملف مفاوضات السلام وتحمل الجانب الأوكرانية المسؤولية عن رفض الاعتراف بالأمر الواقع الجديد على الأرض.
وكررت القيادة الروسية مراراً شروطها للسلام، وهي تقوم على الاعتراف بسيادة روسيا على القرم، والاعتراف بنتائج عمليات الضم، ما يعني سيادة روسيا على أجزاء من أوكرانيا، وهو ما تسميه موسكو «التعامل مع الأمر الواقع»، لكن اللافت في هذه النقطة أن انسحاب خيرسون قد يفتح على أسئلة في هذا الشأن، ومع أن موسكو أكدت أن الانسحاب لا يعني التراجع عن قرار الضم، لكن مسؤولين عسكريين أقروا بأن السيطرة الأوكرانية على المنطقة قد تستمر لفترة طويلة. أيضاً من بين الشروط الروسية الأساسية إعلان حياد أوكرانيا وعدم سعيها إلى الانضمام إلى أي تحالفات عسكرية. وضمان حماية دونباس، والمناطق الروسية المحيطة بها، بما يعني إعلان أوكرانيا بشكل نهائي أنها لن تقوم بأي عمليات عسكرية ضد المنطقة. ويضاف إلى تلك الشروط المعروفة سابقاً، مطالبات روسية بمحاكمات مَن شاركوا في عمليات عسكرية واستهداف للروس.

في المقابل، حددت كييف خمسة شروط للتفاوض مع روسيا هي: استعادة وحدة الأراضي؛ ما يعني الانسحاب الروسي من كل المناطق الأوكرانية، واحترام ميثاق الأمم المتحدة، لجهة سيادة أوكرانيا على أراضيها، والتعويض عن كافة الأضرار التي تسببت فيها الحرب، ومعاقبة جميع مجرمي الحرب، وتقديم ضمانات بعدم تكرار ما حدث.
هنا يبدو لافتاً أن المطالب الأوكرانية لم تشتمل مبدأ عدم التفاوض مع الرئيس فلاديمير بوتين وانتظار «الحوار مع قيادة روسية جديدة»، وفقاً لمرسوم وقعه زيلينسكي أخيراً. ويبدو التباعد واضحاً في مواقف الطرفين ما انعكس على الأرض في جمود عملية المفاوضات والاكتفاء بتدابير محدودة مثل التوافقات على تبادل الأسرى أو الانخراط في مفاوضات لتسهيل صادرات المواد الغذائية.
- تصعيد ميداني يسابق الشتاء
في الأثناء، تسابق موسكو وكييف حلول فصل الشتاء بمحاولة تحقيق إنجازات واسعة على الأرض، وسط ترقب لتزايد الصعوبات الميدانية مع هطول الثلوج، وتفاقم مشكلات إمدادات الطاقة التي أصابتها المعارك خلال الشهر الأخير بأضرار قاسية. وأسفرت عمليات استهداف البنى التحتية للطاقة في أوكرانيا عن تدمير نحو نصف منشآت إمدادات الكهرباء ومياه الشرب في المدن الأوكرانية الكبرى، ما يهدد ببقاء غالبية المدن من دون كهرباء في فصل الشتاء، وهذا ما دفع السلطات الأوكرانية إلى الشروع خلال الأسبوع الأخير بتجهيز عمليات إجلاء السكان عن المناطق الأكثر تضرراً، وبعد حملة لإجلاء سكان خيرسون في الجنوب، تحدثت إدارة مدينة كييف عن خطة لإجلاء جزء كبير من سكان العاصمة إلى مناطق أخرى بشكل مؤقت خلال فصل الشتاء.
في الأثناء، بدا أن الجانب الأوكراني الذي شعر بنشوة التقدم المحرز في خيرسون بدأ برفع سقف مطالبه العسكرية، عبر تعزيز الهجمات على طول خطوط التماس دونيتسك ولوغانسك ونيكولايف وزوباروجيا، وعلى طول خطوط المواجهة في مناطق جنوب خاركيف. وتلقت تعهدات المسؤولين العسكريين الأوكرانيين بالوصول بالهجمات المضادة إلى شبه جزيرة القرم في غضون أسابيع، رداً سريعاً وحاسماً من جانب موسكو التي سرعت عمليات تعزيز المواقع العسكرية في شبه الجزيرة، وتزويدها بأسلحة حديثة. بالتزامن مع إعطاء الرئيس الروسي توجيهات خلال اجتماع عسكري قبل يومين بتسريع عملية إنتاج طرازات حديثة من الأسلحة وتوزيعها على القطعات العسكرية، وتحديد مهل زمنية لإنجاز عمليات الإمدادات.
في غضون ذلك، لم تنجح التحذيرات الروسية المتتالية إلى الغرب بوقف عمليات إمدادات السلاح إلى أوكرانيا في وقف التدفق الكبير من الأسلحة والمعدات. وبعد سلسلة زيارات قام بها مسؤولون دبلوماسيون وعسكريون إلى كييف في الأسابيع الأخيرة، كررت بريطانيا، الجمعة، تأكيد التزامها بمواصلة دعم كييف بالسلاح ومستلزمات «تعزيز صمود كييف» خلال زيارة قام بها وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، وأعلن خلالها تقديم مساعدات جديدة للأوكرانيين. وكان رئيس الوزراء البريطاني زار كييف قبل ذلك، وأعلن السبت الماضي عن مساعدة عسكرية تبلغ قيمتها 50 مليون جنيه إسترليني (57.4 مليون يورو)، ومساعدات إنسانية بقيمة 16 مليون جنيه إسترليني (18.3 مليون يورو). كما أعلنت لندن التي تعد من أكبر مؤيدي كييف منذ بدء الغزو الروسي في فبراير (شباط) الماضي، الأربعاء، عن إرسال مروحيات لدعم الأوكرانيين. وترى موسكو أن استمرار تدفق السلاح الغربي يهدد ليس فقط باستمرار المعارك خلال فصل الشتاء، بل في إضاعة أي أمل في استئناف مفاوضات السلام خلال الفترة المقبلة.
- مخاوف من تصدع الجبهة الغربية
ومع توجيه رسائل روسية عدة خلال الشهر الأخير باستعداد موسكو لاستئناف الحوار، وفقاً للشروط الموضوعة، وتحميل كييف المتواصل المسؤولية عن تعطيل الحوار السياسي، وهو أمر شهد تتويجاً خلال محادثات روسية أميركية جرت في تركيا على مستوى مسؤولين أمنيين بارزين، تنطلق موسكو في موقفها من حاجة الأطراف إلى «هدنة مؤقتة» ربما تكون خلال فصل الشتاء، تمنح الأطراف فرصة لالتقاط الأنفاس، وإعادة ترتيب مجالات لعملية تفاوضية شاملة. وتحتاج موسكو هذه المهلة لإعادة ترتيب وضعها العسكري ومواصلة تأهيل وحدات المتطوعين، فضلاً عن سد النقص الذي أحدثته الحرب بالمعدات والأسلحة على الجبهات. وهي ترى أن الفرصة مواتية نظراً لأن أوروبا تترقب الفصل البارد بمزيد من القلق بسبب نقص إمدادات الطاقة وارتفاع الأسعار وتفاقم مشكلات التضخم، كما أن واشنطن قد لا تمانع في هدنة مؤقتة لمراجعة ترتيبات المرحلة اللاحقة وتوحيد صفوف حلفائها في أوروبا ومناطق أخرى.
على هذه الخلفية جاءت تحذيرات القيادة الأوكرانية من أن القبول بمنطق الهدنة المؤقتة قد يؤسس للإقرار بشكل غير مباشر بإنجازات الكرملين على الأرض، كما أنه يمنح موسكو فرصة لاستعادة ترتيب قواتها وتعزيز تموضعها العسكري على الأراضي الأوكرانية. وجاءت دعوة الرئيس الأوكراني زيلينسكي الأوروبيين، الجمعة، إلى البقاء صفاً واحداً في مواجهة الحرب الروسية، وخفض سعر النفط الروسي لأقصى حد لتعكس مستوى المخاوف الأوكرانية من حدوث شرخ في الموقف الغربي بسبب المخاوف من صعوبات فصل الشتاء.
أبلغ زيلينسكي مؤتمراً في ليتوانيا: «لا يوجد انقسام، ولا يوجد انشقاق بين الأوروبيين، وعلينا الحفاظ على هذا. هذه هي مهمتنا الأولى هذا العام». وأضاف أن «أوروبا تساعد نفسها. إنها لا تساعد أوكرانيا في الوقوف ضد روسيا، فهذا يساعد أوروبا على الوقوف في وجه العدوان الروسي». كان زيلينسكي شدد في الوقت ذاته على أن بلاده «عصية على الكسر»، في إشارة إلى الغرب بأنه لا يمكن ترك أوكرانيا تقاتل وحدها نيابة عنه. ورأى أن استراتيجية موسكو الجديدة، الهادفة إلى إغراق أوكرانيا في الظلمة، لن تنال من عزيمة البلاد. وقال في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز»، نشرت الجمعة، إنها «حرب قوة وصمود لنرى من هو الأقوى».
وكان انقسام مواقف حكومات الاتحاد الأوروبي برز بشكل جلي أخيراً خلال مناقشات بشأن مستوى الحد الأقصى لأسعار النفط الروسي؛ بهدف كبح قدرة موسكو على تمويل الحرب. وفشلت دول الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق حول تحديد سقف لسعر النفط الروسي المنقول بحراً يوم الأربعاء.


مقالات ذات صلة

بوتين: روسيا ستحقق أهدافها في أوكرانيا «بكل تأكيد»

أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستمع إلى سكرتير المجلس العام لحزب «روسيا الموحدة» فلاديمير ياكوشيف خلال اجتماعهما في الكرملين بموسكو يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

بوتين: روسيا ستحقق أهدافها في أوكرانيا «بكل تأكيد»

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، على أن موسكو ستحقق أهدافها من عملية أوكرانيا العسكرية «بكل تأكيد».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد أكبر مقر في أوروبا لتخزين الغاز بمدينة ريدين الألمانية (رويترز)

البرلمان الأوروبي يوافق على التخلص التدريجي من واردات الغاز الروسي بنهاية 2027

وافق البرلمان الأوروبي، الأربعاء، على خطة الاتحاد الأوروبي للتخلص التدريجي من واردات الغاز الروسي بحلول أواخر عام 2027.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وفلاديمير بوتين يتصافحان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا أغسطس الماضي (رويترز) play-circle

تقرير: أميركا تستعد لعقوبات جديدة على روسيا إذا رفضت إبرام اتفاقية سلام

تستعد الولايات المتحدة لفرض جولة جديدة من العقوبات على قطاع الطاقة الروسي لزيادة الضغط على موسكو في حال رفض الرئيس بوتين إبرام اتفاقية سلام مع أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أورسولا فون دير لاين (إ.ب.أ) play-circle 00:59

فون دير لاين: على أوروبا الاضطلاع بمسؤولية أمنها

قالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، اليوم الأربعاء، إنه يجب على أوروبا الاضطلاع بمسؤولية أمنها.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا تظهر صورة التقطها قمر اصطناعي ميناء نوفوروسيسك بعد ما وصفته أوكرانيا بهجوم وقع في نوفوروسيسك كراسنودار كراي روسيا (رويترز)

حطام مسيَّرة أوكرانية يتسبب في حريق بمصفاة سلافيانسك الروسية

قالت السلطات في منطقة كراسنودار في جنوب روسيا إن حطام طائرة مسيَّرة أوكرانية تسبب لفترة وجيزة في اندلاع حريق بمعدات المعالجة وخط أنابيب داخل مصفاة نفط.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

بينها القتل والإرهاب... توجيه 59 اتهاماً لمنفّذ «هجوم سيدني»

صورة نشرتها وسائل إعلام أسترالية لنافيد أكرم خلال الهجوم على شاطئ بوندي
صورة نشرتها وسائل إعلام أسترالية لنافيد أكرم خلال الهجوم على شاطئ بوندي
TT

بينها القتل والإرهاب... توجيه 59 اتهاماً لمنفّذ «هجوم سيدني»

صورة نشرتها وسائل إعلام أسترالية لنافيد أكرم خلال الهجوم على شاطئ بوندي
صورة نشرتها وسائل إعلام أسترالية لنافيد أكرم خلال الهجوم على شاطئ بوندي

وجّهت الشرطة الأسترالية 59 اتهاماً، بينهما الإرهاب وقتل 15 شخصاً، للمشتبه به في اعتداء شاطئ بوندي نافيد أكرم، الأربعاء، بعد أسوأ عملية إطلاق نار جماعية تشهدها أستراليا منذ عقود.

وقالت شرطة نيو ساوث ويلز إن «الشرطة ستتهم في المحكمة الرجل بالقيام بسلوك تسبب بالقتل وبإصابات خطيرة وبتعريض حياة أشخاص للخطر من أجل الدفاع عن قضية دينية وإثارة الخوف في المجتمع».

وتشمل الاتهامات أيضاً 40 اتهاماً بالإيذاء بنية القتل اتصالاً بسقوط جرحى ووضع عبوة ناسفة قرب مبنى بهدف الإيذاء.

وأفادت في بيان بأن المؤشرات الأولية تدل على هجوم إرهابي مستوحى من تنظيم «داعش» المدرج على قائمة الإرهاب في أستراليا.

أول جنازة لضحايا هجوم سيدني

وأقامت أستراليا اليوم أول جنازة لضحايا حادث إطلاق النار الجماعي؛ حيث تجمعت حشود كبيرة لتأبين حاخام قُتل في الهجوم.

وقَتل ساجد أكرم وابنه نافيد 15 شخصاً، عندما أطلقا النار على جمع من المحتفلين بعيد «حانوكا» اليهودي، على الشاطئ الشهير، مساء الأحد.

كان بين القتلى فتاة تبلغ 10 سنوات، وناجيان من المحرقة، وزوجان قُتلا بالرصاص لدى محاولتهما وقف الهجوم، بينما نُقل أكثر من 40 شخصاً إلى المستشفى.

كان إيلي شلانغر -وهو أب لخمسة ومعروف باسم «حاخام بوندي»- أول شخص يتم تأبينه بإقامة مراسم في كنيس «حباد بوندي»، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وصول نعش إيلي شلانغر حاخام بوندي إلى مكان الجنازة (إ.ب.أ)

وسيقيم كنيس «حباد بوندي» جنازة أخرى للحاخام يعقوب ليفيتان البالغ 39 عاماً، بعد ظهر اليوم.

من جهته، قال رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز، الأربعاء: «قلبي مع المجتمع اليوم وكل يوم».

وأضاف في تصريح لمحطة إذاعية محلية: «لكن اليوم سيكون يوماً صعباً بشكل خاص مع بدء أولى الجنازات».

نعش الحاخام يعقوب ليفيتان (إ.ب.أ)

بث الذعر

وقالت السلطات إن الهجوم كان يهدف إلى بث الذعر بين اليهود في البلاد.

وقال ألبانيز إن المسلحَين -وهما رجل وابنه- كانا مدفوعين بـ«آيديولوجية الكراهية».

وأشار الثلاثاء إلى أن الجريمة كانت مدفوعة «بآيديولوجية تنظيم (داعش)... الآيديولوجية التي كانت سائدة لأكثر من عقد، وأدت إلى آيديولوجية الكراهية هذه».

وقال ألبانيزي إن نافيد أكرم -وهو عامل بناء عاطل عن العمل يبلغ 24 عاماً- لفت انتباه وكالة الاستخبارات الأسترالية عام 2019 «بسبب صلته بآخرين»؛ لكن لم يُعتبر تهديداً وشيكاً وقتها.

وأضاف: «لقد حققوا معه، وحققوا مع أفراد أسرته، وحققوا مع أشخاص محيطين به... ولكنه لم يُعتبر في ذلك الوقت شخصاً مثيراً للاهتمام».

وتجري الشرطة تحقيقات لمعرفة ما إذا كان الرجلان التقيا متطرفين خلال زيارة للفلبين، قبل أسابيع من الهجوم.

وأكدت إدارة الهجرة في مانيلا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنهما أمضيا معظم شهر نوفمبر (تشرين الثاني) في البلاد، وكانت دافاو وجهتهما النهائية.

ولهذه المنطقة الواقعة في جزيرة مينداناو الجنوبية، تاريخ طويل من حركات التمرد والتطرف.

وأطلق الرجل وابنه النار على الحشد عند الشاطئ لمدة 10 دقائق، قبل أن تفتح الشرطة النار على ساجد البالغ 50 عاماً وتقتله.

أما نافيد الذي أصيب برصاص الشرطة، فنقل إلى المستشفى في حالة حرجة، وقد أفادت وسائل إعلام محلية بأنه استيقظ من غيبوبة ليل الثلاثاء- الأربعاء.

وأظهرت لقطات كاميرا سيارة، نشرت أخيراً، الزوجين بوريس وصوفيا غورمان وهما يحاولان إحباط الهجوم في مراحله الأولى.

وقام الميكانيكي المتقاعد بوريس غورمان، البالغ 69 عاماً، بإسقاط أحد المهاجمين أرضاً، بينما كان يحاول انتزاع سلاحه. وتمكَّن من الإمساك بسلاح ساجد أكرم لفترة وجيزة، بينما اندفعت زوجته صوفيا البالغة 61 عاماً نحوه لمساعدته. ولكن المهاجم تمكَّن من سحب سلاح آخر، وأطلق النار على الزوجين وقتلهما.

واتفق قادة أستراليا، الاثنين، على تشديد القوانين التي سمحت للأب بامتلاك 6 أسلحة نارية.

ولم تشهد أستراليا حوادث إطلاق نار مماثلة منذ قتل مسلح 35 شخصاً في مدينة بورت آرثر السياحية عام 1996.

وأدت تلك الحادثة إلى حملة تضمنت برنامجاً لإعادة شراء الأسلحة، وفرض قيود على الأسلحة النصف آلية.

لكن في السنوات الأخيرة، سجلت أستراليا ارتفاعاً مطرداً في عدد الأسلحة النارية التي يملكها أفراد.

أحد المشيعين يشعل الشموع حول أكاليل زهور وُضعت لتكريم ضحايا الهجوم (أ.ف.ب)

وتسبب الهجوم الأخير في إحياء الادعاءات بأن أستراليا لا تبذل جهوداً كبيرة لمحاربة معاداة السامية.

ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدول الغربية إلى تكثيف جهودها لمكافحة معاداة السامية وحماية المجتمعات اليهودية.

وقال في خطاب بثه التلفزيون، الثلاثاء: «أطالب الحكومات الغربية باتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة معاداة السامية، وتوفير الأمن والحماية التي تحتاج إليها المجتمعات اليهودية في كل أنحاء العالم. ومن الأجدر بها أن تستجيب لتحذيراتنا. أطالب بالتحرك الفوري».


رئيس الوزراء الكندي يقر بأن بلاده لن تحقق أهدافها المناخية

رئيس الوزراء الكندي مارك كارني (رويترز)
رئيس الوزراء الكندي مارك كارني (رويترز)
TT

رئيس الوزراء الكندي يقر بأن بلاده لن تحقق أهدافها المناخية

رئيس الوزراء الكندي مارك كارني (رويترز)
رئيس الوزراء الكندي مارك كارني (رويترز)

أقر رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في مقابلة بثتها «راديو-كندا» العامة الثلاثاء، بأن البلاد لن تتمكن من تحقيق أهدافها المناخية لعامي 2030 و2050.

وقال «الأمر الواضح هو أن كندا لن تحقق أهدافها المناخية لعامَي 2030 و2035 بالسياسة الحالية» مضيفا أنه يجب «تغييرها».

وتعهدت حكومة جاستن ترودو السابقة عام 2021 خفض انبعاثات غازات الدفيئة في كندا بنسبة تراوح بين 40 و45 في المئة بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2005. وتظهر أحدث أرقام متاحة أن هذه الانبعاثات انخفضت بنسبة 8,5 في المئة في كندا بين عامَي 2005 و 2023. لكن معهد المناخ الكندي حذّر أخيرا من أن هذه الانبعاثات قد تعاود الارتفاع بسبب سياسات الحكومة الجديدة.

منذ توليه السلطة في مارس (آذار)، ألغى مارك كارني العديد من التدابير المناخية بما فيها ضريبة الكربون على الأفراد والحد الأقصى للانبعاثات من قطاع النفط والغاز. كما أعلنت حكومته سلسلة من المشاريع الكبرى في الأشهر الأخيرة لجعل كندا «قوة عظمى في مجال الطاقة».

وفي مواجهة التوترات التجارية المتواصلة مع الولايات المتحدة، ترغب البلاد في الانفتاح على أسواق عالمية أخرى وخفض اعتمادها التجاري على واشنطن وسط حرب تجارية أطلقها دونالد ترمب.

وقال مارك كارني في المقابلة إنه مقتنع بأن «الاستثمارات الكبيرة» التي أُعلنت في قطاع الطاقة ستساهم في خفض الانبعاثات على المدى الطويل. وتصنَّف كندا من بين كبرى الدول المصدرة لغازات الدفيئة للفرد.


باحثون يتوقعون ذوبان آلاف الأنهر الجليدية سنوياً بحلول منتصف القرن

بحلول نهاية القرن لن يتبقى سوى 9 في المائة من الأنهار الجليدية (رويترز)
بحلول نهاية القرن لن يتبقى سوى 9 في المائة من الأنهار الجليدية (رويترز)
TT

باحثون يتوقعون ذوبان آلاف الأنهر الجليدية سنوياً بحلول منتصف القرن

بحلول نهاية القرن لن يتبقى سوى 9 في المائة من الأنهار الجليدية (رويترز)
بحلول نهاية القرن لن يتبقى سوى 9 في المائة من الأنهار الجليدية (رويترز)

أظهرت دراسة حديثة أن آلاف الأنهر الجليدية ستختفي سنوياً خلال العقود المقبلة، ولن يتبقى منها سوى جزء ضئيل بحلول نهاية القرن الحالي ما لم يتم كبح جماح الاحترار المناخي.

وبحسب الدراسة، فإن الإجراءات الحكومية المتعلقة بتغير المناخ قد تحدد ما إذا كان العالم سيفقد ألفين أو 4 آلاف نهر جليدي سنوياً بحلول منتصف القرن.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قد يُحدث لجم الاحترار بضع درجات فقط، فرقاً بين الحفاظ على ما يقرب من نصف الأنهر الجليدية بالعالم في عام 2100، أو أقل من 10 في المائة منها.

وذكرت الدراسة التي نشرت نتائجها مجلة «نيتشر كلايمت تشينج» بقيادة عالم الجليد لاندر فان تريخت: «تؤكد نتائجنا ضرورة وضع سياسات مناخية طموحة».

ويركز الباحثون في العادة على حجم كتلة الجليد ومساحة الأنهار الجليدية العملاقة في العالم، لكنّ فان تريخت وزملاءه في الفريق البحثي، سعوا إلى تحديد عدد الأنهار الجليدية الفردية التي قد تذوب سنوياً خلال هذا القرن.

وعلى الرغم من أن ذوبان الأنهار الجليدية الصغيرة قد يكون له تأثير أقل على ارتفاع مستوى سطح البحر مقارنةً بالأنهار الجليدية الكبيرة، فإن فقدانها قد يُلحق ضرراً بالغاً بالسياحة أو الثقافة المحلية، وفق الباحثين.

وقال فان تريخت، من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ وجامعة بروكسل الحرة، في تصريحات صحافية، إن «اختفاء أي نهر جليدي بحد ذاته، قد يُحدث آثاراً محلية كبيرة، حتى إن كانت كمية المياه الذائبة التي يُسهم بها ضئيلة».

وشارك الباحث المشارك في إعداد الدراسة ماتياس هوس، وهو أيضاً عالم جليد في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا بزيوريخ، في جنازة رمزية لنهر بيزول الجليدي في جبال الألب السويسرية عام 2019.

وأشار إلى أن «فقدان الأنهار الجليدية الذي نتحدث عنه هنا ليس مجرد مصدر قلق للعلماء؛ بل هو أمر يؤثر فينا بشدة».

ودرس العلماء مخططات تشمل 211 ألفاً و490 نهراً جليدياً، مستمدة من صور الأقمار الاصطناعية من قاعدة بيانات عالمية، لتحديد العام الذي سيشهد زوال أكبر عدد من الأنهار الجليدية، وهو مفهوم أطلقوا عليه تسمية «ذروة انقراض الأنهار الجليدية».

واستخدموا لهذه الغاية نماذج حاسوبية للأنهار الجليدية في ظل سيناريوهات احترار مختلفة، تتراوح بين عالم ترتفع فيه درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، وعالم ترتفع فيه الحرارة بمقدار 4 درجات مئوية.

ويفقد العالم اليوم نحو 1000 نهر جليدي سنوياً، لكن الدراسة حذرت من أن وتيرة الفقدان ستتسارع.

وسيبلغ عدد الأنهار الجليدية المفقودة سنوياً ذروته عند ألفي نهر بحلول عام 2041، حتى لو لجم الاحترار عند عتبة 1.5 درجة مئوية، وهو الحد الذي تعهدت الدول بتحقيقه بموجب اتفاقية باريس، لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ.

وبهذا المعدل، سيتبقى 95 ألفاً و957 نهراً جليدياً حول العالم بحلول عام 2100، أي أقل بقليل من النصف.

لكن الأمم المتحدة حذرت من أن الاحترار المناخي العالمي يسير على مسار سيتجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية في السنوات القليلة المقبلة.

ووفقاً لتوقعات تشير إلى ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 2.7 درجة مئوية في ظل السياسات الحكومية، سيختفي نحو 3 آلاف نهر جليدي سنوياً بين عامي 2040 و2060، بحسب علماء الجليد.

وبحلول عام 2100، لن يتبقى سوى نهر جليدي واحد من كل 5 أنهار، أي 43 ألفاً و852 نهراً، في عالم ترتفع فيه معدلات الحرارة بمقدار 2.7 درجة مئوية.

وفي أسوأ السيناريوهات، حيث ترتفع درجات الحرارة بمقدار 4 درجات مئوية، سيختفي ما يصل إلى 4 آلاف نهر جليدي سنوياً بحلول منتصف خمسينات القرن الحالي.

وبحلول نهاية القرن، لن يتبقى سوى 9 في المائة من الأنهار الجليدية، أي 18 ألفاً و288 نهراً.