ليل بغداد يستعيد أغانيه القديمة بأصوات نجومه الشباب

وسط رغبة العوائل لاستعادة أماسي شهر رمضان

الأمسية تتضمن عزف لآلات العود والكمان والناي والطبلة والبنكوز لموهوبين شباب من طلبة وخريجي معهد الفنون الجميلة
الأمسية تتضمن عزف لآلات العود والكمان والناي والطبلة والبنكوز لموهوبين شباب من طلبة وخريجي معهد الفنون الجميلة
TT

ليل بغداد يستعيد أغانيه القديمة بأصوات نجومه الشباب

الأمسية تتضمن عزف لآلات العود والكمان والناي والطبلة والبنكوز لموهوبين شباب من طلبة وخريجي معهد الفنون الجميلة
الأمسية تتضمن عزف لآلات العود والكمان والناي والطبلة والبنكوز لموهوبين شباب من طلبة وخريجي معهد الفنون الجميلة

على نحو يبدو متواضعا فيما لو قورن بأمسيات وسهرات بغداد الرمضانية الشهيرة في زمن مضى، يحاول بغداديون استعادة تلك الطقوس ودعوة الأهالي للمشاركة في جلسات أدبية وثقافية وفنية مسائية وبعد الإفطار، تقيمها منظمات مدنية ونواد اجتماعية معروفة كان آخرها الحفل الذي نظمته مؤسسة برج بابل للتطوير الإعلامي على حدائقها في شارع أبو نواس استضافت فيها الشاب الموهوب نجم برنامج المواهب العربي (عرب أيدول) علي نجم، وجمهور كبير من متابعيه ومحبيه من العوائل العراقية.
وكان مجلس محافظة بغداد، قد طمأن العوائل العراقية على أن شهر رمضان سيمضي على خير وبمستوى أمني كبير، باعتماد خطة محكمة لتفادي أي عمليات إرهابية تهدف إلى زعزعة الأمن في البلاد بالتنسيق مع قيادة شرطة بغداد والتي تختص بتأمين الجوامع والأسواق المهمة طيلة أيام الشهر الكريم. العوائل العراقية التي تجمعت على حدائق أبو نواس (وسط العاصمة بغداد) استمتعت وتفاعلت على مدى ساعتين بباقة من أغنيات التراث البغدادي والعراقي الأصيل لمطربي جيل الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي، بصوت المطرب نجم الذي عبر عن سعادته وهو وسط جمهوره، في طقس تعيش به بغداد أيامها وأماسيها الماضية.
ويضيف علي نجم في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «تتميز الأغنيات العراقية القديمة بعذوبة اللحن وجمال الكلمة، وهي باقية في الذاكرة العربية والعراقية، وإحيائها والامتداد معها أساس نجاح أي فنان عراقي وحتى العربي لما تعبر عنه من خلال الكلمات والألحان عن الواقع بالألم والفرح معًا».
فيما أكدت مديرة مؤسسة برج بابل بالوكالة الفنانة ذكرى سرسم: «إن الأمسية تتضمن عزف لآلات العود والكمان والنأي والطبلة والبنكوز لموهوبين شباب من طلبة وخريجي معهد الفنون الجميلة ومعهد الدراسات الموسيقية بقيادة نجم عرب أيدول الفنان الشاب علي نجم، إضافة إلى عزف للمقام العراقي وأغاني تراثية ووطنية وشبابية وإيقاعات أخرى. وأضافت: «الأمسية هي امتداد لمنهاج المؤسسة للتواصل مع الطاقات الجديدة واحتضان مواهبهم، واستعادة أجواء رمضان القديمة، وهو محاولة للخروج من العزلة التي فرضتها الظروف الأمنية المضطربة في البلاد».
ولفتت: «إن أهم ما في تلك الأمسيات لقاء العائلة العراقية والخروج من جدران العزلة في البيوت، وذلك بفضل جهد ودعم القوات الأمنية لمثل تلك النشاطات».
يقول الإعلامي رحيم الشمري خلال حضوره الحفل: «أجمل ما في الليلة عودة الحياة إلى بغداد، في توجه يعكس إرادة الإصرار لدى الشباب العراقي على الاستمرار بالحياة رغم الظروف الصعبة للبلاد وهو كذلك رد قوي على الأفكار المتطرفة التي تحاول إنهاء وتخريب حضارة بلاد الرافدين».
بدورها أكدت النائبة في مجلس النواب العراقي شروق العبايجي، خلال حضورها الحفل على أهمية مثل هكذا طقوس مجتمعية وفنية تعطي فرصة للشباب للتعبير على مواهبهم وتواصلهم مع الحياة. ولفتت إلى تمكن القوات الأمنية من تحقيق أداء عال فيما يخص أمن المواطن.
الفنان العراقي علي نجم، 21 عامًا، اشترك في الموسم الثالث في البرنامج الشهير(عرب أيدول) وأبهرت مشاركته لجنة التحكيم لما يملكه من موهبة كبيرة وأداء مميز، وهو يغني أغنية الفنان ماجد المهندس «يأهلي» وقد وجهت له الفنانة الإماراتية أحلام إطراء مؤثرًا قالت فيه: «البلد التي أنجبت ناظم الغزالي قد يولد فيها موهبة مثل علي نجم». وأنه لما يبلغ 40 عامًا فإنه «سيأكل الفنانين ويفترسهم».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».