خلاف أوروبي على «ذروة التضخم» وإجماع على مواجهته

متجر للبصريات في فالنسيا الإسبانية يعرض تخفيضات بمناسبة «الجمعة السوداء» بينما تترقب أوروبا عبور موجة التضخم الحادة (إ.ب.أ)
متجر للبصريات في فالنسيا الإسبانية يعرض تخفيضات بمناسبة «الجمعة السوداء» بينما تترقب أوروبا عبور موجة التضخم الحادة (إ.ب.أ)
TT

خلاف أوروبي على «ذروة التضخم» وإجماع على مواجهته

متجر للبصريات في فالنسيا الإسبانية يعرض تخفيضات بمناسبة «الجمعة السوداء» بينما تترقب أوروبا عبور موجة التضخم الحادة (إ.ب.أ)
متجر للبصريات في فالنسيا الإسبانية يعرض تخفيضات بمناسبة «الجمعة السوداء» بينما تترقب أوروبا عبور موجة التضخم الحادة (إ.ب.أ)

بينما يجمع قادة منطقة اليورو على ضرورة مواجهة التضخم المتنامي بكل قوة، فإن الخلاف قائم وواضح في ما يخص مستويات التضخم المستقبلية، وما إذا كان قد بلغ ذروته أم لا يزال أمامه وقت طويل قبل ذلك.
وقال لويس دي غيندوس، نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس إن التضخم في منطقة اليورو سيحوم حول مستوياته الراهنة في الشهور القليلة المقبلة، قبل أن يبدأ في الانخفاض في النصف الأول من 2023.
وأضاف خلال حدث مالي في ميلانو أن التضخم من المرجح أن يكون بلغ ذروته أو يقترب منها على كل حال.
وتابع: «بالنسبة للتضخم الأساسي... اعتقد أننا بلغناها فيما يتعلق بالذروة، ربما نقطة عشرية واحدة صعودا أو نزولا، سيحوم، لكنني اعتقد أننا سنشهد انخفاضا خلال النصف الأول من العام المقبل».
لكن على خلاف رؤية غيندوس، قال عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، كلاس نوت، إن توقعات المركزي الأوروبي تفترض أن التضخم في منطقة اليورو سوف يظل مرتفعا خلال 2023 بكامله، ولن يتراجع إلى مستويات قريبة من نسبة 2 بالمائة حتى 2024.
وأوضح نوت أنه من المتوقع أن تشهد السياسة النقدية الخاصة بالبنك مزيدا من التشديد خلال الشهور المقبلة، ما سوف يتسبب في ارتفاع معدلات الفائدة عن المستويات الطبيعية، بحسب وكالة بلومبرغ للأنباء.
وقال محافظ البنك المركزي الهولندي أمام نواب برلمان بلاده، يوم الخميس، إن المعدلات الأعلى تستخدم حتى يتوافق الطلب والإمدادات المحدودة في محاولة لإرساء مزيد من التوازن الذي سوف يسهم في استقرار الأسعار.
وسيواصل البنك المركزي الأوروبي تشديد السياسة حتى تعود توقعات التضخم على المدى المتوسط إلى النسبة المستهدفة. ونوه محافظ المركزي الهولندي إلى أن الدين العام المرتفع في بعض الدول جنوبي الاتحاد الأوروبي يشكل خطرا.
لكن الخلاف لا يمتد إلى التعامل الجاد مع التضخم، قال ماريو سينتينو عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي أول من أمس إن أسعار الفائدة ستواصل الارتفاع حتى تبدأ وتيرة الارتفاع القياسي لأسعار المستهلك في منطقة اليورو في التباطؤ. مشددا على أن ارتفاع الفائدة سيستمر «في الوقت الذي لا يتراجع فيه التضخم»، ومشيرا إلى أن ارتفاع الأسعار يقلص القدرة الشرائية وقيمة المدخرات للمستهلكين، وهو ما يهدد بحدوث ركود اقتصادي في المنطقة التي تضم 19 دولة من دول الاتحاد الأوروبي.
وأشارت بلومبرغ إلى أن سينتينو رئيس البنك المركزي البرتغالي يعتبر من الأصوات المعتدلة بين مسؤولي مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي.
وقال سينتينو: «سنواصل زيادة سعر الفائدة إلى جانب البنوك المركزية الأخرى، وسنعدل هذا التحرك وفق تقييم معدل التضخم والسياق الاقتصادي».
يأتي ذلك فيما يتساءل المستثمرون عن المدى الذي سيذهب إليه البنك المركزي الأوروبي لكبح جماح التضخم الذي وصل إلى أكثر من 5 أمثال المعدل الذي يستهدفه البنك وهو 2 بالمائة سنويا. وخلال الشهور الماضية رفع البنك سعر الفائدة بنحو 200 نقطة أساس، رغم أن البعض يتوقع تباطؤ الاقتصاد ووجود مؤشرات على تراجع معدل التضخم في الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة. وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.