شهد ملف «التبرع بالأعضاء بعد الوفاة» تطوراً لافتاً في مصر، عقب تعميم وزارة الصحة المصرية لنموذج خاص بهذا التبرع في مديريات الصحة بالمحافظات المصرية، بدلاً من «الشهر العقاري». ويرى مختصون أن «السلطات الصحية المصرية تقدم على خطوات متسارعة في هذا الملف؛ بينما التطبيق على أرض الواقع لا يسير بنفس الوتيرة المتلاحقة، نتيجة لما يصفونه بـ(المفاهيم المضادة لفكرة التبرع ذاتها) والتي لا تزال متجذرة في المجتمع المصري».
واعتبرت مصادر في وزارة الصحة المصرية أن «الخطوة الجديدة تأتي في إطار تسهيل تنفيذ رغبة من يود التبرع بأعضائه بعد وفاته، حيث يمكن له الحصول على النموذج الجديد من إدارة (العلاج الحر) بمديرية الصحة بكل محافظة».
وأشار الدكتور عبد الحميد أباظة، الرئيس الأسبق للجنة زراعة الأعضاء بوزارة الصحة في تصريحات إعلامية إلى «وجود نظام يقضي بمنح كل من يريد التبرع رقماً كودياً يتم حفظه في منظومة إلكترونية، تحدد فصيلة دمه وبياناته الطبية، وهو الإجراء ذاته الذي يتم تطبيقه مع كل مريض بحاجة إلى نقل عضو معين، بحيث يقوم النظام الإلكتروني عند وفاة المتبرع بمضاهاة بياناته مع من يحتاج إلى أعضائه من المرضى بعيداً عن (تلاعب)»، بحسب قول أباظة.
من جهته قال الدكتور أحمد سمير سعد، طبيب التخدير بمستشفى قصر العيني بالقاهرة، المترجم المتخصص في مجال تبسيط العلوم، إنه «في كثير من الحالات المرضية تصبح الحاجة إلى نقل عضو حتمية طبية وليست رفاهية، نظراً لعدم وجود أي بدائل علاجية كما عند مرضى الغسل الكلوي على سبيل المثال، فبعد عدد من السنوات تنتج مشكلة شديدة في الأوعية الدموية، ويصبح الحل النهائي الآمن، هو نقل كلى وزراعتها على الفور»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الفشل الكبدي كثيراً ما يضعنا في (خيار صعب)، فإما زرع كبد جديد أو الوفاة، فضلاً عن بعض حالات القلب التي لا بديل فيها عن نقل قلب من متوفى».
وتنص المادة 61 من الدستور المصري على أن «التبرع بالأنسجة والأعضاء هبة للحياة، ولكل إنسان الحق في التبرع بأعضاء جسده». وبحسب خبراء في القانون الدستوري، فإن «تلك المادة تلزم الدولة بإنشاء (آلية) لتنظيم قواعد التبرع بالأعضاء وزراعتها وفقاً للقانون».
ويجيز القانون المصري التبرع بالأعضاء وفق التشريع الصادر في عام 2010، الذي ينص على أنه «لا يجوز نقل أي عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسم إنسان حي إلى جسم إنسان آخر؛ إلا إذا كان ذلك على سبيل التبرع بين الأقارب من المصريين حتى الدرجة الرابعة». ويشدد القانون على حتمية أن «يكون التبرع صادراً عن إرادة حرة خالية من عيوب الرضا وثابتاً بالكتابة».
وبحسب عينات عشوائية أجرتها العديد من المؤسسات البحثية والإعلامية حول موقف الشارع المصري من ملف التبرع، تبين أن «الخوف من انتهاك حرمة الجسد الذي يعد هبة من الله للإنسان، أبرز المخاوف التي تسيطر على كثيرين، وتجعلهم يتهيبون من فكرة التوصية بـ(التبرع بالأعضاء بعد الوفاة)».
وردت المؤسسات الدينية المصرية على هذا التخوف، مراراً حيث أكدت دار الإفتاء المصرية في أكثر من فتوى أن «التبرع جائز؛ بل ويعد من أبواب البر بشرط تطبيق الضوابط القانونية بصرامة»، فيما أكد البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في وقت سابق، أن «التبرع جائز في حياة الإنسان وبعد مماته وفقاً للضرورة الطبية».
«نموذج التبرع بالأعضاء بعد الوفاة»... بين التوعية والتطبيق
«الصحة» أعلنت تعميمه في المحافظات بدلاً من «الشهر العقاري»
«نموذج التبرع بالأعضاء بعد الوفاة»... بين التوعية والتطبيق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة