في ظل حالة إبداعية وفنية لافتة وبيئة تنافسية داعمة للابتكار تشهدها القاهرة راهناً؛ جراء زخم «أسبوع القاهرة للتصميم»، تم توزيع جوائز مؤسسة نديم للتصوير الفوتوغرافي على مسرح دي فورم بقصر البارون الأثري في حي مصر الجديدة.
وتعد المسابقة التي أقيمت على هامش فعاليات النسخة الأولى لأسبوع القاهرة للتصميم المقام حتى 25 نوفمبر (تشرين الثاني) ثاني أكبر أقسام المهرجان بعد المسابقة الرسمية، وهي كذلك واحدة من سلسلة مسابقات تقيمها المؤسسة بهدف التوثيق لتاريخ استخدامات الأخشاب في مصر وأنواعها وأساليب تداخلها وتقنياتها ونقوشها والتفاصيل المستخدمة فيها، إضافةً إلى الأماكن الشهيرة باحتضانها، انطلاقاً من ريادة الفنانين والحرفيين والصناع المصريين في هذا المجال، فضلاً عن نشر الوعي بالتراث والجذور، وتحتفي المسابقة بتصوير المنتجات والأماكن والفنون التي تعتمد الأخشاب في الحياة تاريخياً وفي الحياة اليومية المعاصرة على السواء.
إلى هذا سيتم نشر العديد من الأعمال الفائزة ضمن موسوعة «الأعمال الخشبية المصرية - خمسة آلاف سنة صناعة» - التي يعكف على إعدادها فريق العمل بالمؤسسة.
ويجسد العمل الفائز بالمركز الأول في المسابقة بانوراما لمدينة القاهرة بملامحها العتيقة وعبق التاريخ في تفاصيلها، وذلك من خلال مشهد مؤثر التقطته الفنانة دعاء عادل من أعلى مئذنة مسجد الأشرف قايتباي بمنطقة صحراء المماليك بالقاهرة لبرج الحمام أو «غية الحمام» كما يطلق عليها في مصر، تمت صناعته من الخشب والذي اعتاد الكثير من الشباب تربية الحمام داخله فوق أسطح البنايات السكنية، ويبرز العمل وفق ما أعلنته لجنة التحكيم كيف كانت ولا تزال «غية الحمام» شاهدة على تاريخ مصر، وأن أجيال عاشت وأخرى رحلت، ولا تزال أبراج الحمام الخشبية في الأحياء القديمة بمختلف أنحاء الوطن ترقب الأحداث والحكايات والناس، وفي هذه الصورة كانت «غية الحمام» شاهدة على الأهرامات ومسجدي الرفاعي والسلطان حسن، وغير ذلك من تفاصيل المدينة العريقة التي أظهرتها الصورة.
وكان ذلك هو نفسه ما جذب دعاء عادل لالتقاط الصورة والتي قالت لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أقف على مأذنة قايتباي في منطقة صحراء المماليك بهدف التصوير وانبهرت بمنظر شاب يرفع علم وقت غروب الشمس ويمسك بالصافرة إيذاناً للسماح للحمام الذي يربيه في برجه الخشبي بالعودة، وهي طقوس يتبعها مربو الحمام في مصر» وتردف: «لكنني أمام الأماكن الأثرية في المشهد شعرت كما لو أنه يرفع علم مصر تقديراً لتاريخها وتحية ًلأمكنتها الأثرية بالمنطقة، ومن هنا كانت الصورة التي ينبعث منها الهيبة والشموخ للقاهرة، وزاد من ذلك مرور السحاب في تلك اللحظة، وتوقيت التقاطها ما منحها أجواء من الأصالة والرومانسية».
ومن القاهرة إلى مدينة بورسعيد (شمال مصر) نلتقي بجماليات أخرى تستند هذه المرة إلى مشهد داخلي، حيث تعكس الصورة التي التقطها الفنان محمد كمال والحائزة على الجائزة التقديرية للجنة التحكيم، روعة تصميم السلالم والجدران الداخلية المصنوعة بالكامل من الأخشاب في بناية سكنية بالمدينة، بينما يقف شخص يتأمل تفاصيل المكان منبهراً به، ما يمثل سرداً للهوية المعمارية لبورسعيد التي تشتهر بهذا الطراز في التصميم، لا سيما في «الحي الإفرنجي» الذي كان يقطنه الأجانب، وفق الفنان الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «كنت متعمداً أن يكون البطل في الصورة هو المكان نفسه، وليس العنصر البشري؛ بهدف التوثيق للطابع المميز لعمارة المدينة، والذي يمثل جزءاً أساسياً من الذاكرة البصرية لبورسعيد».
وفيما يتعلق بوجود شخص في الصورة، يقول كمال: «لم يأت ذلك مصادفة؛ إنما أردت التركيز على أهمية التواصل بين الإنسان والتراث، من جهة، ومن جهة أخرى أن أعظم من ثنائية المكان والإنسان؛ تأكيداً على أن الناس هي من تمنح الأمكنة جمالها واستمراريتها؛ في دعوة للتحفيز حفاظ على تراثنا والعمل على إحيائه، وهو الهدف الأساسي للمسابقة التي أعتبرها واحدة من أهم المسابقات التصوير الفوتوغرافي في مصر للسبب نفسه».
تكونت لجنة التحكيم التي أعلنت الجوائز في رحاب القصر التاريخي من الفنانين: المعماري كريم الحيوان الذي أعلن أن الدورة القادمة والتي ستضم التصوير الفوتوغرافي، بالإضافة إلى الفيديوغرافيا ستحتفي بوصف مصر بعيون مصرية من خلال الأعمال الخشبية، كما ضمت لجنة التحكيم المصورة الصحافية رندة شعث ودكتور طارق سويلم المتخصص في تاريخ الفنون والعمارة في مصر والمنطقة وممثلة المؤسسة هند مصطفى.
«مسابقة نديم» توثق تاريخ استخدامات الأخشاب في مصر
أعلنت جوائزها ضمن فعاليات «أسبوع التصميم»
«مسابقة نديم» توثق تاريخ استخدامات الأخشاب في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة