أعلنت الولايات المتحدة أنها تعارض أي تحرك يمكن أن يفاقم الوضع في سوريا، في ضوء استمرار التهديدات المتزايدة من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بأنه سيأمر بعملية عسكرية انتقامية ضد الجماعات الكردية المسلحة، بالتزامن مع مطالبة موسكو وعواصم أخرى لأنقرة بضبط النفس وتجنب التصعيد.
وعلى الرغم من التحذيرات الأميركية والروسية والدولية، أعلن الرئيس التركي أن تحركات بلاده لن تقتصر على الضربات الجوية، موحياً بأنه سيأمر بتوغل جديد في الأراضي السورية.
وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية بأن الولايات المتحدة تعارض أي تحرك عسكري يزعزع استقرار الوضع في سوريا. وأوضح أن واشنطن أبلغت أنقرة قلقها البالغ من تأثير التصعيد على هدف محاربة تنظيم «داعش». وأضاف أنه «جرى حض تركيا على عدم شن مثل هذه العمليات، وبالمثل تماماً جرى حض شركائنا السوريين على عدم شن الهجمات أو التصعيد».
وتحالفت الولايات المتحدة مع «قوات سوريا الديمقراطية» التي تقودها «وحدات حماية الشعب» في القتال ضد «داعش»، ما تسبب في خلاف عميق مع تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي.
ويعتبر كل من أنقرة وواشنطن «حزب العمال الكردستاني» جماعة إرهابية؛ لكنهما تختلفان حول مكانة «وحدات حماية الشعب».
وإزاء احتمالات التصعيد، أعلنت القيادة المركزية للجيش الأميركي، أن قواتها «بمنأى عن الخطر»، إثر إعلان المقاتلين الأكراد استهداف طائرة مُسيَّرة تركية لقاعدة مشتركة مع قوات التحالف الدولي والولايات المتحدة.
ونقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن المكتب الإعلامي للقيادة المركزية، أن «القوات الأميركية كانت بمنأى عن الخطر، ولم تقع أي غارات على مواقع تستضيف قوات أميركية»؛ مشيراً إلى أن الغارات الأقرب لمكان وجود قواتها، وقعت على بعد نحو 20- 30 كيلومتراً منها.
الموقف الروسي
بالإضافة إلى ذلك، ردت موسكو على تصريحات للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الاثنين، اتهم فيها روسيا بعدم تنفيذ التزاماتها بتطهير المناطق السورية الحدودية مع تركيا، من «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بموجب «تفاهم سوتشي» الموقع في 22 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019، والذي بموجبه -بالإضافة إلى تفاهم مماثل مع الولايات المتحدة- توقفت عملية «نبع السلام» العسكرية التركية ضد «قسد» في شمال شرقي سوريا، مؤكداً أن الجانب الروسي يتحمل مسؤولية «تطهير المنطقة من الإرهابيين؛ لكن للأسف لم يتم تنفيذ ذلك، على الرغم من تذكيرنا لهم بضرورة ذلك مرات عديدة».
وقال المتحدث الرسمي باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن هناك اختلافاً دقيقاً في المواقف بين روسيا وتركيا. وأضاف بيسكوف، في تعليق على تصريحات إردوغان، الثلاثاء، أن «هناك بعض التفاصيل الدقيقة في النهج، إلا أن طبيعة علاقات الشراكة بين البلدين تسمح بمناقشتها بشكل مفتوح».
وعبّرت روسيا عن أملها في أن تتحلى تركيا بـ«ضبط النفس»، وأن تمتنع عن أي استخدام مفرط للقوة في سوريا؛ حيث شنت غارات جوية وتهدد بهجوم بري ضد مواقع سيطرة «قسد» التي تنتشر فيها أيضاً قوات للنظام السوري وروسيا.
وقال المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، للصحافيين، قبل انطلاق الاجتماع الثلاثي للدول الضامنة لمسار آستانة (تركيا، وروسيا، وإيران) الثلاثاء، في العاصمة الكازاخستانية: «نأمل في إقناع زملائنا الأتراك بالامتناع عن أي استخدام مفرط للقوّة على الأراضي السورية من أجل تجنب تصعيد التوترات». ولفت إلى أن روسيا تبذل منذ أشهر كل ما بوسعها لمنع أي عملية برية واسعة النطاق في سوريا. ودعا تركيا إلى مواصلة العمل مع جميع أصحاب المصلحة لإيجاد حل سلمي، بما في ذلك للقضية الكردية.
كذلك، أكدت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها التركي سليمان صويلو، أن برلين تقف مع تركيا في الحرب ضد الإرهاب؛ لكنها دعت إلى رد يكون «متناسباً» ويراعي السكان المدنيين.
وعلَّق وزير الداخلية التركي بأن الجماعات المسلحة «تريد إقامة دولة إرهاب حولنا، ولا يمكننا السماح بذلك». وقال إنه «من واجبنا حماية حدودنا وأمتنا»، مضيفاً: «انتفض حلف شمال الأطلسي (الناتو) بسبب سقوط قنبلتين على بولندا»، في شكوى مما يعتبره كثير من الأتراك عدم حساسية الغرب تجاه الهجمات التي يشنها المسلحون الأكراد ضد تركيا.
واشنطن تعارض أي تحرك عسكري تركي وموسكو تدعو إلى «ضبط النفس»
واشنطن تعارض أي تحرك عسكري تركي وموسكو تدعو إلى «ضبط النفس»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة