ذوبان الأنهار الجليدية يطلق بكتيريا هائلة غير معروفة

ذوبان الأنهار الجليدية يطلق بكتيريا هائلة غير معروفة
TT
20

ذوبان الأنهار الجليدية يطلق بكتيريا هائلة غير معروفة

ذوبان الأنهار الجليدية يطلق بكتيريا هائلة غير معروفة

حذر العلماء من أن الأنهار الجليدية سريعة الذوبان تطلق كميات هائلة من البكتيريا في الأنهار والجداول، ما قد يحول النظم البيئية الجليدية.
ففي دراسة عن جريان الأنهار الجليدية من 10 مواقع عبر نصف الكرة الشمالي، قدر الباحثون أن استمرار الاحتباس الحراري على مدى الثمانين عامًا القادمة يمكن أن يطلق مئات الآلاف من الأطنان من البكتيريا في البيئات الواقعة أسفل مجرى الأنهار الجليدية المتراجعة، وذلك وفق ما نشر موقع «ساينت إليرت» العلمي المتخصص، نقلا عن مجلة Communications Earth & Environment.
وفي توضيح لهذا الأمر، قال عالم الأحياء الدقيقة مؤلف الدراسة إروان إدواردز من جامعة أبيرايستوايث في المملكة المتحدة لشبكة أخبار «بي بي سي» «نحن نفكر في الأنهار الجليدية كمخزن ضخم للمياه المجمدة، لكن الدرس الرئيسي من هذا البحث هو أنها أيضًا أنظمة بيئية بحد ذاتها». فالأنهار الجليدية هي كتل من الجليد تزحف ببطء شديد نحو البحر وتشكل الوديان الجبلية أثناء ذهابها. ومع ذلك، هناك ما هو أكثر للتدفقات من المياه المجمدة، حيث يتم احتجاز المعادن والغازات والمواد العضوية على شريحة أحادية الاتجاه قد تستغرق عشرات الآلاف إلى ملايين السنين حتى تنتهي. غير ان دراسة محتويات الأنهار الجليدية تشبه فتح الباب إلى زمن آخر في التاريخ. إذ يمكن أن تكون الميكروبات الموجودة بداخلها مصدرًا غنيًا لمركبات جديدة مفيدة، مثل المضادات الحيوية. ومع ذلك، يقول الباحثون الذين يقفون وراء هذه الدراسة الجديدة إن ذوبان الأنهار الجليدية يطلق أطنانًا على أطنان من البكتيريا أسرع مما يمكن للعلماء تصنيفها.
وفي هذا الاطار، قام الفريق بقيادة عالم الهيدرولوجيا الجليدية إيان ستيفنز من جامعة آرهوس بالدنمارك، بأخذ عينات من المياه الذائبة السطحية من عشرات الأنهار الجليدية عبر نصف الكرة الشمالي بجبال الألب الأوروبية وغرينلاند وسفالبارد والمناطق القطبية الكندية. فوجد في المتوسط ​​عشرات الآلاف من الميكروبات في كل مليلتر من الماء. فيما قدر أنه يمكن طرد أكثر من مائة ألف طن من البكتيريا في المياه الذائبة الجليدية على مدار الثمانين عامًا القادمة، باستثناء الأنهار الجليدية بمنطقة هيمالايا هندو كوش بآسيا؛ وهذا يعادل 650 ألف طن من الكربون يتم إطلاقه سنويًا في الأنهار والبحيرات والمضايق والمحيطات عبر نصف الكرة الشمالي، على الرغم من أنه يعتمد على مدى سرعة ذوبان الأنهار الجليدية ومدى سرعة الحد من الانبعاثات.
كما وجد الباحثون أنه في ظل سيناريو انبعاثات «منتصف الطريق» الذي سيظل يشهد ارتفاعًا في درجات الحرارة العالمية بين 2 و 3 درجات مئوية، من المتوقع أن تبلغ كتل البكتيريا في المياه الذائبة ذروتها في غضون عقود قبل أن تنخفض أو تختفي تمامًا مع انحسار الأنهار الجليدية.
ويبين إدواردز«أن عدد الميكروبات المنبعثة يعتمد بشكل وثيق على سرعة ذوبان الأنهار الجليدية، وبالتالي إلى أي مدى نستمر في تدفئة الكوكب. لكن كتلة الميكروبات المنبعثة هائلة حتى مع ارتفاع درجة حرارة معتدلة».
جدير بالذكر، في وقت سابق من هذا العام، أدرك العلماء أن جليد القطب الشمالي يتضاءل بشكل أسرع من المتوقع. بينما تشير أبحاث أخرى إلى أن بعض الأنهار الجليدية قد اجتازت بالفعل نقطة التحول حيث تتباطأ المياه الذائبة إلى حد ضئيل مع انخفاض الجريان الجليدي بشكل مطرد.
ويمكن للميكروبات الموجودة في المياه الذائبة أن تخصب النظم البيئية في اتجاه مجرى النهر، ولكن قد تكون هذه بيئات أو مستجمعات مياه حساسة تستخدمها المجتمعات التي تعتمد على الجريان الجليدي كمصدر للمياه.
ولم يدرس الباحثون سلالات فردية من البكتيريا، بل قدّروا فقط كتلتها الحيوية مجتمعة، لذلك لم يتمكنوا من تحديد أي نوع قد يشكل تهديدًا لصحة الإنسان. كما أنهم لم يحددوا ما إذا كانت الميكروبات نشطة أو نائمة أو تالفة أو ميتة. «ومن المحتمل أن تكون المخاطر صغيرة للغاية، لكنها تتطلب تقييمًا دقيقًا»، وفق إدواردز.
وبدون مزيد من الدراسات، لا نعرف أيضًا كيف يمكن أن يساهم التدفق المفاجئ للميكروبات في مزيد من التغيير البيئي. ويتوقع الباحثون أنه يمكن أن يكون له تأثير عميق على الإنتاجية والتنوع البيولوجي للمجتمعات الميكروبية والدورات البيوجيوكيميائية.
علاوة على ذلك، عادةً ما تحتوي البكتيريا والطحالب الموجودة في البيئات الجليدية على أصباغ لحماية نفسها من أشعة الشمس الضارة. لكن هذه الأصباغ، في امتصاص الطاقة الشمسية، يمكن أن تزيد الاحترار الذي يسرع بالفعل الفقدان الجليدي.
وعلى الرغم من أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتقييم آثار مياه الذوبان الجليدية المحملة بالميكروبات، إلا أنه لا ينبغي الاستخفاف بهذه التحذيرات. فلقد أعاد تعطش البشر للمياه والنشاط الصناعي المستمر تشكيل دورة المياه العالمية بطرق بدأنا للتو في فهمها.


مقالات ذات صلة

الجليد البحري العالمي وصل إلى «أدنى مستوى على الإطلاق» في فبراير

بيئة جبل جليدي يطفو في البحر بجزيرة غرينلاند (أ.ف.ب)

الجليد البحري العالمي وصل إلى «أدنى مستوى على الإطلاق» في فبراير

كشف العلماء عن أن الجليد البحري العالمي انخفض إلى أدنى مستوى له على الإطلاق في فبراير (شباط)، وهو أحد أعراض تلوث الغلاف الجوي.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
علوم التغير المناخي: 40 % من سكان العالم سيعيشون خارج «المكانة المناخية البشرية»

التغير المناخي: 40 % من سكان العالم سيعيشون خارج «المكانة المناخية البشرية»

العلماء يصفون الحياة المقبلة للبشرية

جيسيكا هولينغر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين (رويترز)

ترمب يوقف مشاركة أميركا في تقييم عالمي لتغير المناخ

قال مصدران مطلعان لرويترز إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أوقفت مشاركة الباحثين الأميركين في تقييمات مهمة لتغير المناخ تابعة للأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رجل يقود دراجته وسط الثلوج في برلين (إ.ب.أ)

ألمانيا: انخفاض «نادر» بدرجات الحرارة إلى 20.7 درجة تحت الصفر

تسببت موجة برد شديدة في ألمانيا بانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون 20 درجة مئوية تحت الصفر، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
بيئة رجل يشرب المياه تحت درجات الحرارة المرتفعة في البرازيل (أ.ف.ب)

تحذيرات من دخول العالم «عصراً مناخياً جديداً» من الاحترار

في عام 2024 شهد العالم احتراراً تخطّى 1.5 درجة مئوية، وقد أكدت دراستان نُشرتا الاثنين أن تجاوز هذه العتبة التي حددها «اتفاق باريس للمناخ» وارد على المدى البعيد.

«الشرق الأوسط» (باريس)

روبوت بحجم راحة اليد ينفذ مهام دقيقة في البيئات القاسية

الروبوت الجديد يعتبر أحد أصغر الروبوتات القادرة على العمل في بيئات معقدة (جامعة يوكوهاما الوطنية)
الروبوت الجديد يعتبر أحد أصغر الروبوتات القادرة على العمل في بيئات معقدة (جامعة يوكوهاما الوطنية)
TT
20

روبوت بحجم راحة اليد ينفذ مهام دقيقة في البيئات القاسية

الروبوت الجديد يعتبر أحد أصغر الروبوتات القادرة على العمل في بيئات معقدة (جامعة يوكوهاما الوطنية)
الروبوت الجديد يعتبر أحد أصغر الروبوتات القادرة على العمل في بيئات معقدة (جامعة يوكوهاما الوطنية)

طوّر مهندسون من جامعة يوكوهاما الوطنية في اليابان روبوتاً بحجم راحة اليد، قادراً على العمل بدقة فائقة في جميع الاتجاهات، حتى في أكثر البيئات قسوةً وتطرفاً.

وأوضحت النتائج، التي نشرت الجمعة، بدورية «Advanced Intelligent Systems» أن الروبوت الجديد يمكنه العمل في البيئات المعزولة، والمختبرات عالية الأمان، وحتى البيئات الفضائية، حيث يصعب على البشر التدخل.

واستلهم الباحثون تصميم الروبوت (HB-3) من خنافس وحيد القرن، وهي حشرات معروفة بحركتها القوية والمتعددة الاتجاهات، ما جعلها نموذجاً مثالياً لتطوير روبوت صغير يتمتع بالاستقلالية والدقة الفائقة. ويبلغ وزن الروبوت، الملقّب بـ«الخنفساء الآلية»، 515 غراماً فقط، وحجمه لا يتجاوز 10 سنتيمترات مكعبة، وهذا يجعله أحد أصغر الروبوتات القادرة على العمل في بيئات معقدة.

ويتميز الروبوت بقدرة فريدة على التحرك في جميع الاتجاهات بدقة عالية، معتمداً على مشغلات كهروضغطية (Piezoelectric Actuators)، وهي تقنية تحول الطاقة الكهربائية إلى حركة ميكانيكية دقيقة للغاية. وتعمل هذه المشغلات بطريقة تشبه العضلات الصناعية، حيث تتمدد أو تنكمش عند تطبيق مجال كهربائي، مما يمنح الروبوت قدرة غير مسبوقة على التحرك بدقة تصل إلى مستوى النانومتر.

ووفق الباحثين، يتم التحكم بحركات الروبوت عبر دائرة قيادة مدمجة تعمل بمعالج متقدم، ما يتيح له تنفيذ مهام معقدة دون الحاجة إلى كابلات خارجية. كما زُوّد بكاميرا داخلية وتقنيات تعلم آلي، وهذا يسمح له بالتعرف على الأجسام وضبط حركاته في الوقت الفعلي وفقاً للبيئة المحيطة به.

بالإضافة إلى ذلك، يمكنه استخدام أدوات مختلفة، مثل ملقط دقيق لالتقاط وتجميع المكونات، وحاقن صغير لوضع قطرات دقيقة من المواد، كما يمكن تحويل أدواته إلى مجسات قياس، أو مكواة لحام، أو مفكات براغي، مما يمنحه مرونة واسعة للاستخدام في نطاقات مختلفة.

وأظهرت الاختبارات كفاءة عالية للروبوت في تنفيذ مهام متعددة داخل بيئات مغلقة، باستخدام أدوات دقيقة مثل ملقاط تجميع الشرائح الدقيقة أو محاقن لتطبيق كميات متناهية الصغر من السوائل، حيث حقق دقة فائقة مع معدل نجاح بلغ 87 في المائة.

بيئات صعبة

ووفق الباحثين، صُمم الروبوت للعمل في بيئات يصعب فيها التدخل البشري، حيث يمكن استخدامه في الجراحة الدقيقة ودراسة الخلايا، إضافة إلى تحليل المواد النانوية داخل البيئات المعقمة، ما يجعله أداة مهمة في مختبرات التكنولوجيا الحيوية والفيزياء المتقدمة.

وفي الصناعة الدقيقة، يساهم الروبوت في تصنيع المكونات الإلكترونية الصغيرة مثل رقائق أشباه الموصلات، مع القدرة على العمل في البيئات القاسية مثل الفراغ أو الغرف ذات الضغط العالي.

وخلص الباحثون إلى أن هذا الابتكار يمثل خطوة نحو روبوتات دقيقة مستقلة، مع إمكانات ثورية في المجالات الطبية والصناعية والبحثية. ورغم إنجازاته، يسعى الفريق إلى تحسين سرعة المعالجة وتطوير كاميرات إضافية لتعزيز دقة التوجيه مستقبلاً.