استقبال حاشد للميرغني في الخرطوم

عودته تتزامن مع مرحلة سياسية جديدة في السودان

مناصرون للزعيم الديني والسياسي محمد عثمان الميرغني يرحبون بعودته في مطار الخرطوم أمس (رويترز)
مناصرون للزعيم الديني والسياسي محمد عثمان الميرغني يرحبون بعودته في مطار الخرطوم أمس (رويترز)
TT

استقبال حاشد للميرغني في الخرطوم

مناصرون للزعيم الديني والسياسي محمد عثمان الميرغني يرحبون بعودته في مطار الخرطوم أمس (رويترز)
مناصرون للزعيم الديني والسياسي محمد عثمان الميرغني يرحبون بعودته في مطار الخرطوم أمس (رويترز)

عاد إلى السودان، أمس، الزعيم الديني والسياسي، محمد عثمان الميرغني، بعد غياب قرابة 10 أعوام قضاها في مصر.
وتتزامن عودة الميرغني مع دخول العملية السياسية مرحلة جديدة، وفي الوقت ذاته يصطدم بصراع حاد بين نجليه جعفر الصادق ومحمد الحسن على قيادة الحزب.
ويرأس الميرغني الحزب الاتحادي الديمقراطي «الأصل»، بجانب أنه المرشد العام للطريقة الصوفية «الختمية»، من أكبر الطوائف السياسية والدينية في البلاد.
ومنذ الصباح الباكر احتشد الآلاف من مريدي الطريقة «الختمية» قدموا من الخرطوم والولايات في محيط المطار لاستقباله، ورددوا هتافات: «عاش أبوهاشم» و«لا سودان بلا عثمان».
وفي موازاة ذلك نقلت وسائل إعلام مصرية، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجه بتوفير طائرة خاصة لنقل الميرغني، من القاهرة إلى السودان، ووصفت عودته بأنها تشكل فتحاً جديداً في الأفق للتوافق السوداني - السوداني.
وكان استقباله فور وصوله مطار الخرطوم أنجاله وقيادات الحزب، وكبار خلفاء الطريقة «الختمية».
وتوجه الميرغني في موكب مهيب يضم رتلاً من السيارات لزيارة ضريح ومسجد والده، علي الميرغني، بمدينة بحري.
وظل حزب الميرغني مشاركاً في حكومة نظام الرئيس المعزول عمر البشير، حتى عزله من السلطة في أبريل (نيسان) 2019.
وسارع حزب الأمة القومي، الغريم التاريخي للحزب الاتحادي الديمقراطي، بالترحيب بعودة الميرغني، وقال في بيان إنها تأتي في وقت تمر البلاد بظروف وتعقيدات عدة تتطلب تضافر جهود جميع الحادبين على مصلحتها من أجل إيجاد المخرج الوطني الآمن. وأضاف حزب الأمة أنه يأمل أن تسهم عودة الميرغني في دعم مسيرة الشعب السوداني في إنهاء الانقلاب الراهن واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي.
ويشهد الحزب الاتحادي صراعاً حاداً بين نجلي رئيس الحزب: جعفر الميرغني، الذي يجد مباركة ومساندة من والده، وهو المعسكر الأقرب سياسياً إلى القوى التي ساندت الجيش في إجراءات 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021؛ فيما يقود ابنه الآخر، الحسن الميرغني، تياراً اصطف إلى جانب قوى الثورة، ووقع في وقت سابق على وثيقة مسودة الدستور، الذي أعدته نقابة المحامين المحسوبة على قوى المعارضة.
وينذر الصراع بين نجلي رئيس الحزب الذي يخرج إلى العلن لأول مرة بانشقاق وشيك في الحزب، إلا أن الحزب ينفي وجود أي خلافات داخله.
وكان الميرغني وصف العملية السياسية الجارية بين تحالف «الحرية والتغيير» والمكون العسكري بأنها خطوات مستعجلة من أجل الوصول للحلول قبل وقتها، وحذر من أن تكون «مفسدة وضرراً كبيراً»، يمكن أن تقود إلى تعقيد المشهد السياسي في البلاد.
ويرى مراقبون أن عودة الميرغني مرتبطة تأتي ضمن ترتيبات دول في الإقليم، من أجل ضمان بقاء نفوذها في ظل التغيرات العميقة التي أحدثتها ثورة ديسمبر (كانون الأول) في البلاد.
ورأت أن الميرغني أصبح جزءاً من العملية السياسية في البلاد التي ترعاها أطراف إقليمية ودولية بهدف التوصل إلى دستور يحكم المرحلة الانتقالية في السودان، وتشكيل مؤسسات الحكم المدني.
ورجحت مصادر «اتحادية»، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أن تعجل عودة الميرغني للبلاد بحسم الصراع بين نجليه داخل الحزب، بجانب أن نفوذه في شرق السودان سيساهم في احتواء الصراع بين مكونات الإقليم.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

القاهرة قد تطلب نجل القرضاوي من أبوظبي

عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)
عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

القاهرة قد تطلب نجل القرضاوي من أبوظبي

عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)
عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)

بينما تسير السلطات اللبنانية في إجراءات إتمام ترحيل الناشط المصري عبد الرحمن القرضاوي، نجل الداعية الراحل يوسف القرضاوي، إلى الإمارات العربية المتحدة، فإن مصدراً مصرياً معنياً بالقضية كشف لـ«الشرق الأوسط» عن نية القاهرة طلبه من أبوظبي حال وصوله إليها بالفعل.

ولم يتوقف الجدل منذ أعلن لبنان أن حكومته وافقت على ترحيل نجل القرضاوي، إلى الإمارات لا إلى مصر، التي يحمل جنسيتها.

إلا أن الدكتور عدنان منصور، وزير الخارجية اللبناني السابق، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مسألة الجنسية لا تمثل عائقاً فيما يتعلق بملفات تسليم المطلوبين بين الدول، ويجوز لدولة أن تقرر تسليم مطلوب لدولة أخرى فيما هذا المطلوب يحمل جنسية دولة ثالثة كما في حالة نجل القرضاوي».

وأوضح أن «الفيصل في الأمر هو وجود اتفاقية ثنائية لتسليم المطلوبين بين الدولتين المعنيتين، أو انضمامهما لكيانات إقليمية أو دولية تُلزمهما بالتعاون في هذا الشأن».

عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)

الوزير اللبناني السابق أوضح كذلك، «أنه في حال وجود طلبات تسليم من دولتين تجمعهما كيانات أو اتفاقيات مع الدولة التي لديها الموقوف، فإن الأمر يخضع بالكامل لتقدير الأخيرة وهي صاحبة الحق في اختيار الدولة التي ستسلمه لها وليس في ذلك مخالفة، والأمر يخضع لاعتبارات منها مثلاً أن يكون طلب دولة أسبق وأسرع من طلب دولة أخرى».

وتجدر الإشارة إلى أن مصادر لبنانية أكدت لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، أن قرار التسليم للإمارات «يستند إلى مذكرة التوقيف الصادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب، الذي يُلزم لبنان تلبية الطلب الإماراتي، لكون لبنان عضواً في هذا المجلس وموقِّعاً على اتفاقياته»، وذلك رغم عدم وجود اتفاقية ثنائية مباشرة لتسليم المطلوبين بين الإمارات ولبنان.

المصادر نفسها أكدت أن الطلب الإماراتي «كان أسرع من المصرين مما جعل السلطات القضائية اللبنانية تنجز فحص طلب الإمارات قبل مصر»، منوهةً إلى أن قرار التسليم «استند كذلك إلى كون الجرائم المنسوبة إلى عبد الرحمن القرضاوي جنائية وليست سياسية، لأن الأخيرة تمنع تسليمه وتستوجب حمايته وفق المواثيق والاتفاقيات الدولية».

ساحة الأمويين في دمشق (رويترز)

وقال مصدر قضائي مصري لـ«الشرق الأوسط»، إن «إدارة التعاون الدولي في مكتب النائب العام بمصر جهَّزت ملفاً شاملاً يتضمن الأحكام الصادرة بحق نجل القرضاوي حتى يكون طلب الاسترداد مستوفًى، وأرسلته عبر الطرق القانونية إلى السلطات القضائية اللبنانية». وأوضح أنه «لم يصل إلى مصر حتى الآن رد من لبنان بشأن البتّ في الطلب المصري وقد يصل خلال الأيام المقبلة».

من جانبه، أوضح الدكتور محمد محمود مهران، عضو الجمعيتين الأميركية والأوروبية للقانون الدولي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن قواعد تسليم المطلوبين في القانون الدولي، «تشترط عادةً أن يكون الشخص المطلوب تسليمه، إما من مواطني الدولة طالبة التسليم، وإما أن يكون قد ارتكب جريمة على أراضيها، وإما أن تكون هناك مصلحة قانونية مباشرة للدولة طالبة التسليم».

وبوصفها دولة جنسية القرضاوي، فإن مصر «تمتلك الأولوية القانونية في طلب تسليمه وفقاً لمبادئ القانون الدولي والاتفاقيات الثنائية، شريطة استيفاء الشروط القانونية المطلوبة للتسليم»، حسب مهران.

وحول قرار لبنان تسليم نجل القرضاوي للإمارات، أشار خبير القانون الدولي إلى أنه «يجب أن يستند إلى أساس قانوني واضح، مثل وجود اتفاقية تسليم سارية أو ارتكاب جريمة تمس المصالح المباشرة للإمارات، وأن تكون هناك جسامة في الجريمة المرتكَبة عن نظيرتها المرتكبة في الدولة الأخرى طالبة التسليم، وإلا فإن القرار قد يواجه طعوناً قانونية».

من الجدير بالذكر أن محمد صبلوح، محامي نجل القرضاوي، أكد أنه سيقدم استئنافاً عاجلاً أمام القضاء اللبناني لمنع تسليم موكله، وفق ما نقلت «رويترز». فيما شرح مهران أن من ضمانات عمليات التسليم حق الشخص المطلوب تسليمه في الطعن على قرار التسليم أمام القضاء المختص، بالإضافة إلى حق الدول طالبة التسليم أيضاً في الطعن.

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

وأكد مهران أنه لا تستطيع أي دولة، من حيث المبدأ، طلب تسليم شخص لا يحمل جنسيتها، ولم يرتكب جريمة على أراضيها، إلا في حالات استثنائية محددة في القانون الدولي، مثل الجرائم العابرة للحدود أو الإرهاب الدولي.

وبيَّن مهران أنه في حال انتهى الأمر بتسليم نجل القرضاوي للإمارات فإنه يرجَّح أن «يجري تسليمه لاحقاً لمصر بعد استكمال الإجراءات في الإمارات، بخاصة في ظل العلاقات الثنائية القوية بين البلدين والتنسيق الأمني المستمر بينهما».

وقال المصدر القضائي المصري، إن لبلاده «اتفاقية لتسليم المطلوبين مع الإمارات، وهي التي بموجبها، تسلمت مصر مرتكب جريمة قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم في دبي» عام 2008.

وقال المصدر إن القاهرة «تواصل جهودها سعياً لتسلم نجل القرضاوي سواء من لبنان أو من الإمارات، إذا تسلمته الأخيرة من لبنان».

كان عبد الرحمن القرضاوي الذي يحمل الجنسيتين المصرية والتركية، قد اعتُقل في لبنان يوم 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد عودته من سوريا، تنفيذاً لمذكرة توقيف معمَّمة عبر الإنتربول، بموجب حكم غيابي صادر بحقه عن القضاء المصري، يقضي بسجنه 5 سنوات، لإدانته بإذاعة أخبار كاذبة، والتحريض على العنف والإرهاب.

وقبل القبض عليه، ظهر نجل القرضاوي في مقطع فيديو في ساحة المسجد الأموي في دمشق، ووجَّه تعليقات عُدَّت مسيئة إلى مصر والإمارات.