استعدادات لعودة الميرغني إلى السودان

انقسام داخل «الاتحادي الأصل» يقوده نجلاه الحسن وجعفر

مسيرة في الخرطوم تطالب بالحكم المدني الخميس الماضي (أ.ب)
مسيرة في الخرطوم تطالب بالحكم المدني الخميس الماضي (أ.ب)
TT

استعدادات لعودة الميرغني إلى السودان

مسيرة في الخرطوم تطالب بالحكم المدني الخميس الماضي (أ.ب)
مسيرة في الخرطوم تطالب بالحكم المدني الخميس الماضي (أ.ب)

تجري الاستعدادات في السودان لاستقبال الزعيم الديني والسياسي محمد عثمان الميرغني، العائد من منفاه الاختياري في مصر، وسط انقسام حاد في حزبه (الاتحادي الديمقراطي)، يقوده نجلاه، محمد الحسن، وجعفر، اللذان يقودان تيارين داخل الحزب متناقضين بشأن موقفيهما من الأزمة السياسية في السودان، الأمر الذي قد يقلل من تأثير عودة الأب المسن، في الأوضاع الحالية بالبلاد.
ويقف محمد الحسن، الذي يحمل صفة نائب رئيس الحزب، مع العملية السياسية ويؤيد موقف تحالف «الحرية والتغيير»، بينما يساند جعفر، الذي هو أيضاً نائب لرئيس الحزب، المعسكر المناوئ والأقرب للإسلاميين في تحالف «نداء أهل السودان».
ويتزعم والدهما، محمد عثمان الميرغني، طائفة «الختمية» الدينية الكبيرة، بموازاة طائفة «الأنصار» التي يقودها آل المهدي، وهما أكبر طائفتين دينيتين في البلاد، وتتزعمان أكبر حزبين تقليديين هما «الاتحادي الديمقراطي» و«الأمة القومي»، وحصلا على أكبر عدد من الأصوات والمقاعد البرلمانية في آخر انتخابات ديمقراطية شهدتها البلاد في 1985.
وكان الميرغني، التسعيني الذي ظل مقيماً في مصر منذ أكثر من عقد، قد أعلن في تسجيل مصور قرب عودته إلى البلاد، مؤكداً مساندته لنجله جعفر باعتباره نائبه الأول، وتفويضه في حسم التفلتات في الحزب.
وفي الوقت ذاته أعلن توجهاً سياسياً وصف فيه العملية السياسية الجارية بين تحالف «الحرية والتغيير» وقيادة الجيش بأنها «خطوات مستعجلة من أجل الوصول للحلول قبل وقتها»، وحذر من أن تكون «مفسدة وضرراً كبيراً»، وأن تقود البلاد لـ«تعقيد المشهد السياسي».
واعتبر مراقبون عودة الميرغني دعماً للتيار المؤيد للعسكريين في حزبه، ومحاولة منه لقطع الطريق على محاولات نجله الحسن الذي وقع الإعلان السياسي للمعارضة، الذي يهيئ الأوضاع لمفاوضات ينتظر أن تقود إلى اتفاق يقضي بتسليم العسكريين السلطة للمدنيين، وفقاً لمشروع الدستور المقدم من نقابة المحامين واعتمدته المعارضة ووافق عليه العسكريون، ودعمه المجتمعان الدولي والإقليمي أساساً للحل.
وبينما تجري الاستعدادات بحماسة لاستقبال الرجل، بين مؤيدي الطائفة المنتشرين بشكل خاص في شرق وشمال البلاد وبعض أنحاء الوسط، سارع نجله الحسن - رغم رفض والده الضمني لمواقفه - إلى الدعوة لاستقباله في بيان رسمي وزعه أمس، ووجه خلاله أمناء التنظيم في أنحاء البلاد كافة لاستقباله نهار اليوم (الاثنين)، وأعلن بصفته نائباً لرئيس الحزب ورئيس قطاع التنظيم أنه كوَّن «لجنة» للتواصل مع السلطات في الخرطوم لتسهيل سير الموكب وحفظ الأمن.
وينتظر، بحسب مراقبين، أن يستغل أنصار نظام الإسلاميين عودة الميرغني من أجل الوقوف ضد العملية السياسية الجارية في البلاد ودعم التيار المناوئ لها.
وقال وزير الإعلام السابق في حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الحزب الاتحادي الديمقراطي يعد أحد الأرقام المهمة في الحياة السياسية السودانية، لكنه تأثر بالانشقاقات التي أضعفت تأثيره، لا سيما أنها دخلت هذه المرة «بيت الميرغني» نفسه، بين نجليه الحسن وجعفر.
وأوضح صالح أن «هذه المرة اتخذ نجله الحسن موقفاً قريباً من المجلس المركزي لتحالف قوى إعلان (الحرية والتغيير)، ووقع على الإعلان السياسي ومشروع الدستور الانتقالي، وبالتالي أصبح طرفاً في الاتفاق المقبل، بينما اتجه ابنه الآخر جعفر، بدعم من والده، للتحالف مع مجموعة التوافق الوطني القريبة من العسكريين».
ورجح صالح أن يؤدي صراع الأخوين لانشقاق آخر كبير في الحزب «من القمة للقاعدة»، وأن يلحق ضرراً كبيراً به، قائلاً إن «غياب الميرغني الطويل عن السودان والمشهد السياسي أضعف تأثيره عما كان عليه في السابق».
وأشار إلى انقسام «التجمع الاتحادي» عن الحزب، وانخراط كوادر الحزب الشبابية والطلابية فيه، مضيفاً: «لم يبق للحزب الاتحادي الأصل سوى شباب الطريقة الختمية».
وتوقع صالح ألا تؤثر عودة الرجل كثيراً في المجريات السياسية الحالية، مرجحاً أن يصبح الميرغني مطية تستغلها رموز النظام القديم وحلفاؤه، فيما يعرف بـ«تجمع نداء أهل السودان»، مضيفاً أن «أحداثاً كثيرة مرت على الساحة السياسية لم يسهم فيها الميرغني شخصياً ولا حزبه، ولم يلعب أي دور نشط فيها مثل بقية الأحزاب الموجودة في الساحة»، ما سيحسب عليه ويؤدي لتناقص تأثيره.
وتابع صالح: «التيارات المناوئة (للحرية والتغيير) وقوى الثورة الأخرى، ستستغل عودة الميرغني، وأظنها ستشارك في استقباله الذي ربما يكون مهرجاناً كبيراً. لكنني أظن أن هذا التأثير سيضعف في وقت قريب خلال الأيام المقبلة، ولا أظن أن حضور الميرغني سيكون له تأثير كبير في الأحداث السياسية».


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

سلطات طرابلس تطلق حملة لتأمين الحدود مع تونس

جانب من الدورية الصحراوية التي دفعت بها سلطات طرابلس لتأمين الحدود (جهاز دعم الاستقرار)
جانب من الدورية الصحراوية التي دفعت بها سلطات طرابلس لتأمين الحدود (جهاز دعم الاستقرار)
TT

سلطات طرابلس تطلق حملة لتأمين الحدود مع تونس

جانب من الدورية الصحراوية التي دفعت بها سلطات طرابلس لتأمين الحدود (جهاز دعم الاستقرار)
جانب من الدورية الصحراوية التي دفعت بها سلطات طرابلس لتأمين الحدود (جهاز دعم الاستقرار)

أعلنت سلطات العاصمة الليبية طرابلس إطلاق حملة لتأمين الحدود المشتركة مع تونس، في حين نظّمت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة دورة تدريبية متخصصة في مكافحة «الجرائم الإلكترونية».

وقال «جهاز دعم الاستقرار» بطرابلس، الأحد، إنه في إطار تعزيزه الأمن في المناطق الحدودية، أطلق مكتب نالوت (جنوب غربي طرابلس) دوريات صحراوية مكثفة لتأمين المناطق الممتدة على طول الحدود الليبية التونسية، موضحاً أنها تأتي ضمن «خطة شاملة» تهدف إلى «مكافحة تهريب المهاجرين غير النظاميين، والتصدي لأي نشاطات غير قانونية وحماية السيادة الوطنية».

ونوّه الجهاز بأن «هذه الدوريات تعمل على مدار الساعة، عبر فِرق مدرَّبة على التعامل مع التحديات الجغرافية والأمنية في المناطق الحدودية الوعرة».

يأتي هذا التحرك، وفق الجهاز، «استجابةً للتحديات الأمنية التي تواجه المنطقة الحدودية، خاصة في ظل تنامي التهديدات المرتبطة بالهجرة غير القانونية والتهريب».

وتُكثّف السلطات الأمنية في غرب ليبيا، بشكل متكرر، نشاطها لتأمين الشريط الحدودي مع تونس، بالنظر إلى محاولات عدة لتهريب المهاجرين غير النظاميين عبر حدود البلدين.

كانت وزارة الداخلية قد أعلنت، نهاية الشهر الماضي، أن الدوريات الصحراوية، التابعة لـ«قاطع القريات»، أنقذت 20 مهاجراً غير نظامي من جنسيات أفريقية مختلفة، بعدما ضلوا الطريق في منطقة الحمادة الحمراء.

في شأن مختلف، وفيما يتعلق بالجرائم الإلكترونية، أوضحت وزارة الداخلية أنها نظمت دورة تدريبية تستمر لمدة خمسة أيام، تستهدف تعزيز قدرات المشاركين من مختلف الأجهزة الأمنية، من خلال تزويدهم بالمعارف والمهارات اللازمة للتعامل مع مختلف جوانب الجرائم الإلكترونية.

وقال إن هذا التدريب يبدأ من التحقيق في مسرح الجريمة الإلكترونية حتى إعداد التقارير الفنية، مما يثقل قدرات الكوادر الأمنية لمواجهة «التحديات المتطورة».

الطرابلسي يوقّع قرار ترقية منتسبين بوزارة الداخلية (وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»)

على جانب آخر، أعلنت وزارة الداخلية أن وزيرها عماد الطرابلسي وقَّع، الأحد، قرارات ترقية عدد من منتسبي الوزارة من الضباط وضباط الصف والأفراد والموظفين.

وشملت الترقيات 48804 منتسبين من مختلف فئات الوزارة، وقال الطرابلسي إن وزارته «حريصة على منح الحقوق لأصحابها؛ دعماً لمسيرة التطوير والعمل الأمني».