ما الأسئلة «المناخية» التي تنتظر «قمة الإمارات»؟

ناشطون بيئية يطالبون دول الشمال بتمويل الخسائر خلال «كوب 27» (الشرق الأوسط)
ناشطون بيئية يطالبون دول الشمال بتمويل الخسائر خلال «كوب 27» (الشرق الأوسط)
TT

ما الأسئلة «المناخية» التي تنتظر «قمة الإمارات»؟

ناشطون بيئية يطالبون دول الشمال بتمويل الخسائر خلال «كوب 27» (الشرق الأوسط)
ناشطون بيئية يطالبون دول الشمال بتمويل الخسائر خلال «كوب 27» (الشرق الأوسط)

لم يكن كثير من الخبراء والمسؤولين، يتوقعون خروج الأطراف للاتفاقية الإدارية للأمم المتحدة بشأن المناخ في مدينة شرم الشيخ المصرية «كوب 27» بخروقات كبيرة في القضايا المناخية، بسبب السياق «الجيوسياسي» العالمي، السابق للقمة، من حرب روسية - أوكرانية، وتوتر في العلاقات الصينية الأميركية، أثرت جميعها على التعاون في مجال العمل المناخي.
ورغم نجاح القمة في إقرار مقترح «صندوق الخسائر والأضرار»، الذي تصفه منظمات بيئية بأنه «إنجاز تاريخي»، فإن السياق «الجيوسياسي» الذي يعيشه العالم، لم يمكن الأطراف خلاله إلا من الاتفاق على تفاصيله، لتظل الكثير من الأسئلة المتعلقة بهذا الصندوق، وأسئلة مناخية أخرى عالقة في انتظار قمة «كوب 28» في الإمارات العربية المتحدة.
وأول الأسئلة، هي تلك المتعلقة بـ«من يمول الصندوق؟». وطرح هذا السؤال مبكرا قبل الجلسة الختامية التي أقرت إنشاء الصندوق، وذلك مع تقديم الاتحاد الأوروبي، الخميس الماضي، مقترحاً بإنشاء الصندوق، لكنه قال حينها إن هذا الصندوق يجب أن يمول من جانب «قاعدة واسعة من المانحين»، في إشارة إلى أن التمويل لا يجب أن يكون قاصرا على الاتحاد الأوروبي، وأميركا فقط.
وتقول الكينية فاطمة حسين، الناشطة بمؤسسة «باور شيفت أفريقيا» لـ«الشرق الأوسط»: «الاتحاد الأوروبي يقصد بهذا السؤال التلميح لدولة الصين، حيث يرى الأوروبيون أنها تضع نفسها بين الدول النامية، بينما هي اقتصاد ضخم، وتعتبر حاليا الملوث الأول في العالم».
وتضيف «خلال الفترة الماضية كان يجب تحديد الإجابة عن سؤال (من يمول الصندوق؟) انتظارا لاعتماد الإجابة في القمة القادمة بالإمارات». ومع توسع ظاهرة «التغيرات المناخية» التي يعاني منها الشمال والجنوب، كان السؤال الثاني يتعلق بـ«من يحق له الاستفادة من الصندوق؟».
وقال نائب رئيسة المفوضية الأوروبية فرنس تيمرمانس، عند طرح هذا المقترح، إن الاستفادة يجب أن تكون قاصرة على «الدول الضعيفة جدا» فقط، ولكن «يظل تعريف مثل هذه الدول بحاجة إلى توضيح»، كما تقول الناشطة الكينية.
أما السؤال الثالث، الذي يثيره الصندوق، فيتعلق بتعريف «الخسائر والأضرار، وما هي الخسائر والأضرار التي يجب تعويضها؟ وما هي الأولويات عندما تكون هناك قائمة منها؟
ويقول علي أبو سبع، المدير العام للمركز الدولي للبحوث في المناطق الجافة والقاحلة (إيكاردا) لـ«الشرق الأوسط» إنه «إذا تم الاستقرار مثلاً على تعريف الخسائر والأضرار التي سيتم تعويضها، بأنها تلك التي تشمل مثلا الجفاف وارتفاع مستوى سطح البحر والفيضانات، فسوف يتعين تحديد الأولويات، فقد ترى الدول الجزرية التي يهدد ارتفاع مستوى سطح البحر وجودها أنها الأحق، بينما ترى دول أخرى تعاني من الجفاف أنها الأحق، لأن التغير المناخي يهدد أمنها الغذائي، فهل ستكون هناك أولويات، أم سيتم السير في كل المسارات بشكل متوازٍ؟».
ويأتي سؤال رابع، يطرحه أبو سبع، وهو: «ما شكل هذا الصندوق؟»، وهل سيكون على شكل (صندوق استجابة) تستضيفه الأمم المتحدة لجمع الأموال من مصادر مختلفة للبلدان التي ضربتها الكوارث، كما تطالب الدول الجزرية، أم سيكون كيانا قائما بذاته وله مجلس وأمانة عامة ومقر، مثل صندوق المناخ الأخضر، الذي يقع مقره في كوريا الجنوبية، ككيان مسؤول عن تشغيل الآلية المالية لمساعدة البلدان النامية في ممارسات التكيف والتخفيف لمواجهة تغير المناخ.
ويتعلق السؤال الخامس، بالقضية الأهم التي جعلت دول الشمال لسنوات تعرقل إنشاء الصندوق، وهو الذي يتعلق بـ«ما هو التكييف القانوني لهذا الصندوق؟»، و«هل إقراره يضع التزاماً قانونياً على دول الشمال بتعويض دول الجنوب؟».
ويقول أحمد الدروبي من مؤسسة «غرين بيث» لـ«الشرق الأوسط» إن «دول الشمال كانت دائما ما تقول إن لديها استعدادا لتمويل أي خسائر وأي أضرار في إطار المساعدات والمبادرات الفردية، وكانت تخشى من فكرة وجود صندوق يحول التمويل من مساعدة إلى حق، وما قد يترتب على ذلك من ملاحقة الفقراء لدول الشمال قانونيا، كما تحاول حاليا إحدى الدول الجزرية».
وكانت دولة «فانواتو»، وهي دولة جزيرة في المحيط الهادي، قد طلبت من أعلى محكمة في العالم (محكمة العدل الدولية)، إبداء الرأي بشأن الحق في الحماية من تداعيات المناخ الضارة، وهو ما ينقل بحسب الدروبي، ملف تمويل «الخسائر والأضرار» من مربع المساعدات إلى الحقوق.
وفي سياق نفس الأسئلة حول الصندوق، يثار سؤال سادس، يتعلق بأسباب المرونة الأوروبية في التجاوب مع مقترح الصندوق، لكنها في نفس الوقت تركز على قضية خفض الانبعاثات، وتعتبر عدم إحداث اختراق بها نقطة سلبية بالاتفاقية».
وكان نائب رئيسة المفوضية الأوروبية فرنس تيمرمانس، قد أعرب في الجلسة الختامية للمؤتمر عن خيبة أمله في أن ما تم الاتفاق عليه بخصوص خفض الانبعاثات «ليس كافيا كخطوة للأمام، ولا يأتي بجهود إضافية من كبار الملوثين لزيادة خفض انبعاثاتهم وتسريعه».
ويفسر وائل عبد المعز، الباحث المتخصص في المناخ بجامعة برلين بألمانيا، ذلك بأن «الاتحاد الأوروبي يحاول تقديم نفسه دائما على أنه صاحب مبادرات إيجابية في القضايا البيئية، ولكن الحقيقة فإن ممارساته الأخيرة لا تعكس ذلك». ويقول: «الاتحاد الأوروبي قبل قمة المناخ أعطى رسائل مطمئنة بأن عودته للفحم هي فقط للتعامل مع ظرف طارئ بعد قطع إمدادات الغاز عنه، لكن ممارساته تعكس عدم صحة ذلك، حيث إنه ينفذ حاليا استثمارات ضخمة في مجال الوقود الأحفوري بأفريقيا».
ويرى عبد المعز أن «تقييم المرونة في التجاوب مع إقرار وجود صندوق تمويل الخسائر والأضرار، سيظهر عند الحديث في تفاصيل آلياته التنفيذية، فحتى الآن لا يخرج هذا الصندوق عن كونه مجرد خطوة تنتظرها خطوات أخرى».
ويذكر عبد المعز المبالغين في الاحتفاء بالصندوق بأن «صندوق المناخ الأخضر» استغرق تأسيسه سنوات، منذ طرح فكرته، ولم يحقق المأمول منه لتمويل التخفيف والتكيف المناخي، بينما يظل إقرار صندوق الخسائر والأضرار مجرد خطوة على طريق طويل، لا نعرف إن كنا سنصل لنهايته أم لا.
ويرى أن «الاتحاد الأوروبي تعامل بذكاء، حيث أبدى مرونة في خطوة تنتظرها تفاصيل كثيرة معقدة، وهذه التفاصيل لم يتم التطرق لها في القمة بسبب الظرف (الجيوسياسي) الحالي المغلف بالتوترات، وظهر في نفس الوقت كمدافع عن البيئة والمناخ، على عكس ما تقول ممارساته»، على حد تقييم الخبير المناخي.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


كيف ترى مصر اتفاق المصالحة الصومالية - الإثيوبية؟

الرئيس التركي يتوسط نظيره الصومالي ورئيس وزراء إثيوبيا (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس التركي يتوسط نظيره الصومالي ورئيس وزراء إثيوبيا (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

كيف ترى مصر اتفاق المصالحة الصومالية - الإثيوبية؟

الرئيس التركي يتوسط نظيره الصومالي ورئيس وزراء إثيوبيا (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس التركي يتوسط نظيره الصومالي ورئيس وزراء إثيوبيا (وكالة الأنباء الصومالية)

أنهى اتفاق صومالي - إثيوبي برعاية تركية بشكل مبدئي خلافاً تصاعدت وتيرته على مدار نحو عام بين البلدين، بدأ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي عقب اتفاق بين أديس أبابا وإقليم أرض الصومال الانفصالي يمنح إثيوبيا منفذاً بحرياً، عدّته مقديشو انتهاكاً لسيادتها، ولاقى رفضاً عربياً خاصة من القاهرة.

ورغم توتر العلاقات بين مصر وإثيوبيا، فإن السفير محمد العرابي وزير الخارجية المصري الأسبق، ورئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»إن «القاهرة يهمها استقرار منطقة القرن الأفريقي وسترحب بأي اتفاق يدفع نحو الاستقرار والتنمية».

الطرح نفسه أيده دبلوماسيون مصريون سابقون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، وسط توقعات بأن تكون هناك تفاهمات مع القاهرة، خاصة وهي تجمعها علاقات متنامية بتركيا والصومال، لافتين إلى أن المخاوف المصرية من المواقف الإثيوبية، يمكن أن تنتهي إذا «حسنت نيات» أديس أبابا، بإبرام اتفاق نهائي يحقق مطالب مقديشو ولا يهدد مصالح دول المنطقة.

ووقعت إثيوبيا اتفاقاً مبدئياً في يناير 2024 مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي عن الصومال، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناءً تجارياً، وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلة، وهو ما قوبل برفض صومالي وعربي، لا سيما من القاهرة التي لديها مخاوف من تهديدات إثيوبية لأمنها عبر البحر الأحمر.

تبع الرفض توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب) والموافقة على المشاركة في البعثة الأفريقية لحفظ السلام المقررة في 2025 - 2029، تلاه مد الصومال بأسلحة ومعدات لمواجهة حركة «الشباب» الإرهابية، وصولاً إلى إعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي استبعاد القوات الإثيوبية (المقدرة بنحو 4 آلاف جندي منذ 2014) من بعثة حفظ السلام المقبلة، بسبب «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال»، وطلبه في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي مغادرتها البلاد «وإلا فسيعد بقاؤها احتلالاً».

ووسط تلك التوترات، قادت تركيا جولتي وساطة بين إثيوبيا والصومال لحل الخلاف ترجمت الأربعاء في محطة محادثات ثالثة، باتفاق الجانبين على «احترام سيادة كل من بلديهما ونبذ خلافاتهما»، والإقرار بـ«الفوائد المحتملة التي يمكن جنيها من وصول إثيوبيا الآمن إلى البحر، مع احترام سلامة أراضي الصومال»، وإعلان «بدء مفاوضات تقنية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي في غضون 4 أشهر، بمساعدة تركية»، وفق ما أوردته «وكالة الأنباء الصومالية»، الخميس.

ويرى العرابي أن القاهرة لن تكون لديها مشكلة مع أي شيء يحقق استقرار المنطقة، مؤكداً أن الاتفاق لم يتضح بعد لكن الدولة المصرية ليست لديها مشكلة معه «شريطة ألا يتعارض مع مصالحنا واتفاقاتنا السابقة مع الصومال»، مؤكداً أنه لا يمكن في ظل توترات المنطقة وحالة عدم اليقين توقع نجاح مفاوضات الاتفاق من عدمه.

ويوضح عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، أن أحد ثوابت السياسية الخارجية المصرية، دعم الاستقرار في المنطقة، وأي جهد يبذل في تحقيق الغاية سيكون محل تأييد من مصر، خاصة أن التوتر في منطقة القرن الأفريقي، مقلق ويهدد الأمن القومي المصري والعربي والدولي.

وباعتقاد نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية ومساعد وزير الخارجية الأسبق السفير صلاح حليمة، أن ذلك الاتفاق المبدئي يعد خطوة أولى نحو بدء محادثات لاحقة بين الجانبين، ويحمل إشارة لاحترام سيادة الصومال وتجنب زعزعة الاستقرار، ومن ثمّ يكون الاتفاق يسعى لتجنب مذكرة التفاهم مع أرض الصومال وهذا مطلب مصري سابق، مرجحاً أن يكون الاتفاق تم «ربما بنوع من التفاهمات المسبقة بين مصر وتركيا والصومال لمراعاة مخاوفهم في ظل العلاقات المتميزة بينهم».

ولم يصدر تعليق رسمي عن مصر، غير أن القاهرة كانت استضافت الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين مصر وتركيا حول أفريقيا، واتفق الجانبان على «تعزيز التعاون من خلال أطر ومسارات متعددة لتحقيق أهدافهما المشتركة بالقرن الأفريقي والبحر الأحمر، ومواصلة دعم الجهود الصومالية في مكافحة الإرهاب»، وفق بيان صحافي لوزارة الخارجية المصرية في 13 نوفمبر الماضي.

وفي مؤتمر صحافي الأربعاء، وصف الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، اتفاق الصومال وإثيوبيا بأنه «تاريخي»، ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي، وعدّه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، «وضع حداً للخلاف»، وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد «تسوية سوء التفاهم الذي حدث»، مؤكداً أن «إثيوبيا تريد وصولاً آمناً وموثوقاً به إلى البحر وهذا الأمر سيفيد جيراننا بالقدر نفسه».

وفي رأي حليمة، أن الاتفاق فيه إشارة إلى أن يكون لإثيوبيا منفذ بحري ولكن على أساس من التعاون واحترام سيادة ووحدة الدول، وهذا سيترجم خلال المفاوضات المنتظرة وسنرى كيف سيتم، لافتاً إلى أن مصر دولة كبيرة بالمنطقة وحريصة دائماً على روح التعاون وسترحب بأي موقف يكون قائماً على احترام المواثيق الدولية وسيادة ووحدة الدول.

ويتوقف مستقبل ذلك الاتفاق وتقبله من مصر على حسن نيات أديس أبابا، وفق تقدير حليمة، مؤكداً أن العلاقات بين مصر والصومال وكذلك تركيا متميزة، وأنقرة لها دور كبير بمقديشو وأديس أبابا، وإذا خلصت النيات الإثيوبية، يمكن إنهاء أزمة المذكرة ويمكن أن يدفع ذلك أنقرة لبحث إنهاء ملف السد أيضاً، خاصة أن الاتفاق الأولي الحالي يعني عودة للالتزام الدولي والتراجع عن فرض الأمر الواقع والتصريحات الأحادية، وهذا مطلب مصر أيضاً.

ويعتقد الحفني أن تحسن العلاقات الصومالية الإثيوبية والتوصل لاتفاق نهائي يصبان في تكريس الاستقرار بالمنطقة، مؤكداً أن مصر دائماً تحض على التفاهم واحترام سيادة الدول والاستقرار.