استنكار ليبي لخطف مسؤول سابق في الاستخبارات على صلة بـ«لوكربي»

مناوئون للدبيبة اعتبروا محاولة تسليم أبو عجيلة لأميركا «إطالة لعمر الوحدة»

صورة أرشيفية لبقايا الطائرة التي تحطمت فوق سماء لوكربي الاسكتلندية (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لبقايا الطائرة التي تحطمت فوق سماء لوكربي الاسكتلندية (أ.ف.ب)
TT

استنكار ليبي لخطف مسؤول سابق في الاستخبارات على صلة بـ«لوكربي»

صورة أرشيفية لبقايا الطائرة التي تحطمت فوق سماء لوكربي الاسكتلندية (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لبقايا الطائرة التي تحطمت فوق سماء لوكربي الاسكتلندية (أ.ف.ب)

تجاهلت حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في العاصمة طرابلس، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، جدلاً محلياً واسعاً اندلع بعد الكشف عن خطف مجهولين العميد مسعود أبو عجيلة المريمي، ضابط جهاز الأمن الخارجي سابقاً (الاستخبارات)، على خلفية مزاعم بشأن «دوره في قضية لوكربي» بعد مرور أكثر من 33 عاماً على وقوعها.
ولم يصدر تعليق من الدبيبة، أو الأجهزة الأمنية والعسكرية بشأن واقعة الخطف، بينما قالت وسائل إعلام محلية إن «حسين العايب، رئيس جهاز الاستخبارات العامة، تقدم ببلاغ رسمي بشأنها للنائب العام».
ونقلت وسائل الإعلام، عن مصادر، أن «نص البلاغ لفت إلى الخطف، ووصف العمل بـ(الإجرامي)»، موضحاً أنه تم بواسطة «فرقة مجهولة التبعية، ودون أي تنسيق يُذكر مع جهاز الاستخبارات».
ويواجه الدبيبة، ووزيرة خارجيته نجلاء المنقوش اتهامات واسعة بمحاولة تسليم أبو عجيلة باعتباره «كبش فداء» للولايات المتحدة، مقابل «استمرار حكومة الوحدة المؤقتة في السلطة التي تتولاها منذ نحو عامين».
وفي السياق نفسه قال مسؤول مقرب من الدبيبة، رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إن «قضية أبو عجيلة ظلت على الدوام محل اهتمام أميركي خلال اجتماعات عقدها مسؤولون أميركيون مع الدبيبة والمنقوش خلال فترات متباعدة في الآونة الأخيرة».
وتعتقد دوائر في المعسكر المناوئ للدبيبة، وفي مقدمتها الجيش الوطني، ومجلس النواب، وحكومة الاستقرار الموازية برئاسة فتحي باشاغا، أن الدبيبة «مستعد للإقدام على هذه الخطوة، إذا كانت ستحقق له البقاء في موقعه رئيساً للحكومة».
في السياق ذاته، أشار مسؤولون لـ«الشرق الأوسط» إلى «حالات مشابهة أقدمت فيها أجهزة استخبارات أجنبية على خطف مطلوبين ليبيين لها، تحت سمع وبصر السلطات المحلية، وبالتعاون معها في أحيان كثيرة».
وبينما التزمت السفارة الأميركية «الصمت» حيال هذا الاتهام، ورفض الناطقان باسم حكومة الدبيبة وباسم المجلس الرئاسي التعليق على هذه التطورات، قالت مصادر غير رسمية لـ«الشرق الأوسط» إن «عناصر من أجهزة استخبارات أجنبية شاركت في هذه العملية»، التي نفذتها، طبقاً لمصادر محلية وعائلة أبو عجيلة، «ميليشيات مسلحة تحمل اسم (السرية 22)، التي يوجد مقرها بالشرطة العسكرية، وتتبع عبد الغني الككلي، رئيس جهاز دعم الاستقرار».
ووسط تباين الآراء، أوضحت مصادر أخرى أن «المهاجمين قاموا بخطف أبو عجيلة من منزله في منطقة أبو سليم، واعتدوا على ابنته بالضرب خلال محاولتها منعهم من اعتقاله».
بينما رجحت تقارير «نقل أبو عجيلة من سجنه بالسرية 22 إلى مقر ميليشياوي يعرف باسم (المضغوطة)».
وطبقاً لرواية ناشطين ووسائل إعلام محلية، فإن «خطف أبو عجيلة، الذي اعتبرته تقارير بريطانية وأميركية مسؤولاً مزعوماً عن صناعة القنبلة المستخدمة في (لوكربي)، تم بتعليمات من الدبيبة».
بينما ألمح أحمد عبد الحكيم، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، إلى «احتمال تسليم أبو عجيلة إلى الولايات المتحدة»، معتبراً أن «واقعة خطفه بمثابة صفقة دنيئة لفتح ملف لوكربي مُجدداً، رغم غلق القضية نهائياً في عهد النظام السابق».
وكانت المنقوش قد صرحت العام الماضي «لهيئة الإذاعة البريطانية» باستعداد حكومتها للتعاون مع الولايات المتحدة لتسليمها أبو عجيلة، باعتباره مشتبهاً به في قضية تفجير (لوكربي)، ووصفته بـ«الأمر اليسير»، وعبرت عن تفهمها لـ«ألم وحزن عائلات الضحايا»، قبل أن تتراجع لاحقاً عن هذه التصريحات، لتقول إن «هذه المسائل من اختصاص مكتب النائب العام في ليبيا، وهو من يتولى مسؤولية معالجتها بين المؤسسات القضائية بالبلدين».
وتسببت هذه التصريحات في إصدار المجلس الرئاسي، الذي يرأسه محمد المنفي، قرار وقف المنقوش عن العمل، وإحالتها إلى التحقيق بتهمة ارتكاب مخالفات إدارية واتخاذ قرارات ذات طابع سياسي من دون استشارته، لكن الدبيبة رفض هذا القرار.
وأعلنت الولايات المتحدة، في عهد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، أنها «ترغب في تسلم أبو عجيلة بدعوى اعترافه بتورطه في قضية (لوكربي) إلى أحد المسؤولين في ليبيا عام 2012، حينما كان محتجزاً في سجن محلي، وكذلك بناء على معلومات عن سجلات سفره التي تربطه بالجريمة، تلقتها السلطات الاسكتلندية عام 2017».
واعتبر المدعي العام الأميركي السابق، أبيل بار، أنه «لن يمنع طول الوقت أو المسافة، الولايات المتحدة وشركاءها في اسكتلندا من السعي لتحقيق العدالة في هذه القضية»، ووصف احتمال إحضار أبو عجيلة إلى الولايات المتحدة لمواجهة العدالة بأنه «أمر جيد للغاية».
وأبو عجيلة هو مسؤول سابق في الاستخبارات الليبية، وقد وُجهت إليه اتهامات بـ«تصنيع القنبلة التي انفجرت في طائرة (بوينغ 747)، التابعة لشركة (بانام) الأميركية، التي انفجرت خلال رحلة بين لندن ونيويورك في 21 ديسمبر (كانون الأول) 1988 فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية؛ ما أدّى إلى مقتل 270 شخصاً، من بينهم 190 أميركياً».
وسجن في ليبيا بتهمة «التورط في الاعتداء على ملهى بيل في برلين عام 1986، الذي أسفر عن مقتل جنديين أميركيين ومواطنة تركية».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».