ألمانيا لانسحاب عسكري من «الساحل الأفريقي» على خطى فرنسا وبريطانيا

رغم المخاوف من تمدد روسي يملأ الفراغ

المستشار الألماني أولاف شولتس يتفقد قاعدة للقوات الألمانية في النيجر (أرشيفية - رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس يتفقد قاعدة للقوات الألمانية في النيجر (أرشيفية - رويترز)
TT

ألمانيا لانسحاب عسكري من «الساحل الأفريقي» على خطى فرنسا وبريطانيا

المستشار الألماني أولاف شولتس يتفقد قاعدة للقوات الألمانية في النيجر (أرشيفية - رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس يتفقد قاعدة للقوات الألمانية في النيجر (أرشيفية - رويترز)

بعد أسبوع فقط من إعلان فرنسا رسمياً إنهاء عملية «برخان»، آخر وكبرى عملياتها العسكرية في دول الساحل الأفريقي، رجحت تقارير ألمانية إقدام برلين على خطوة مماثلة بسحب ما تبقى من قواتها في مالي، لتنهي بذلك وجودها العسكري في تلك المنطقة التي تشهد نمواً مضطرداً لأنشطة الجماعات الإرهابية، ولتلحق بنظيرتيها الأوروبيتين؛ بريطانيا وفرنسا.
وأفاد تقرير لوكالة الأنباء الألمانية أن الحكومة الألمانية تواصل درس سحب قوات الجيش الألماني من مالي، ورغم النفي الرسمي من جانب وزارة الدفاع الألمانية اتخاذ قرار نهائي في هذا الصدد، فإن نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية، فولفجانج بوشنر، أبقى الباب مفتوحاً أمام التكهنات عندما أشار في تصريحات صحافية إلى أن «التشاور لا يزال جارياً في الحكومة»، مضيفاً: «لا أريد أن أستبقه هنا بتكهنات».
وكانت محطة «إن - تي في» التلفزيونية ذكرت استناداً إلى دوائر حكومية أن ديوان المستشارية ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية توصلوا إلى اتفاق مبدئي حول انسحاب الجيش الألماني من مالي في موعد أقصاه نهاية 2023.
وذكرت المحطة أنه من المنتظر اتخاذ قرار نهائي بشأن استمرار المهمة الألمانية في مالي، منتصف الأسبوع المقبل، خلال اجتماع لكبار الساسة، يشارك فيه المستشار أولاف شولتس، ووزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، ووزيرة الدفاع كريستينه لامبرشت.
وتتعرض الحكومة الألمانية لانتقادات داخلية متصاعدة من جانب نواب وسياسيين، يعتقدون في عدم جدوى للوجود العسكري الألماني في دول الساحل، ويطالبون بسحب فوري لما تبقى من تلك القوات، ومعظمهم من المشاركين في مهمة «مينوسما» التي تقودها الأمم المتحدة حالياً، وتشير تقديرات إلى مشاركة ألمانيا فيها بنحو 1200 جندي يتمركزون في مالي.
كانت الخارجية الألمانية أعربت في فبراير (شباط) الماضي عن رفض برلين مشاركة جيشها في مهام قتالية في دول الساحل الأفريقية، وجاء الرفض رداً على مطالبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدول الأوروبية بـ«مشاركة أكبر في مكافحة التطرف الإسلامي في منطقة الساحل الأفريقي»، موضحاً أن «ما يحدث في هذه المنطقة ليس مهماً فقط لسكانها، لكن أيضاً للأمن الأوروبي». وأشار وزير الخارجية الألماني آنذاك، هايكو ماس، إلى أن الجيش الألماني يشارك بالفعل في مهمة تدريبية، وفي مهمة تابعة للأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في مالي، وقال: «هذا جهد كبير ومهمة خطيرة، ولا ننوي المشاركة في مهمات أخرى في الوقت الحالي».
وكان البرلمان الألماني (بوندستاغ) أصدر مطلع العام الحالي قراراً تضمن نوعاً من «الانسحاب المشروط» من المهام العسكرية في منطقة الساحل، وأشار خلال مناقشة التمديد الدوري لتفويض الجيش الألماني «بوندسفير» ضمن مهمة «مينوسما» إلى أنه «إذا لم تعد رعاية وحماية الجنود الألمان مضمونة بشكل كافٍ، فينبغي اتخاذ تدابير لتعديل المساهمة الألمانية، بما في ذلك إنهاء المهمة».
وانتقد برلمانيون ألمان استمرار الوجود العسكري لبلادهم في مالي ودول الساحل المجاورة بغرب أفريقيا، في ضوء التطورات الأخيرة، وتصاعد التوتر مع القوى الأوروبية الموجودة بالمنطقة. وقالت سيفيم داغديلين، عضوة البرلمان الألماني، والمتحدثة في شؤون العلاقات الدولية ونزع السلاح في كتلة حزب اليسار، في تصريحات إعلامية سابقة بشأن الوجود العسكري في منطقة الساحل الأفريقي، إن «نشر القوات المسلحة الألمانية يتحول أكثر وأكثر إلى كارثة تامة، إذ لم يتم تأمين سلسلة الإنقاذ، ولا تأمين الحماية الكافية من الجو»، مضيفة: «مواصلة ترك الجيش الألماني هناك هو عمل غير مسؤول».
وتكررت الخلافات في الفترة الأخيرة بين الحكام العسكريين في مالي ومهمة «مينوسما» الأممية، كما أعلنت بريطانيا مؤخراً سحب جنودها من مالي، وبررت ذلك بتنامي القلق حيال التعاون العسكري بين مالي وروسيا.
وأعلن الرئيس الفرنسي، ماكرون، الأربعاء الماضي، رسمياً انتهاء العملية العسكرية التي تقودها بلاده في منطقة الساحل، وقال: إن الاستراتيجية الفرنسية الجديدة في أفريقيا ستكون جاهزة في غضون 6 أشهر بعد مشاورات باريس مع شركائها في القارة.
وشهدت مالي 3 انقلابات عسكرية خلال السنوات العشر الماضية، وتولى الحكم في البلاد حكومة انتقالية عسكرية منذ آخر انقلاب في مايو (أيار) 2021.
وتزايد العداء للوجود الأوروبي عموماً، وللدور الفرنسي على وجه الخصوص، بين سكان دول الساحل، وساعدت وسائل التواصل الاجتماعي في إذكاء الغضب الشعبي من وجود القوات الأوروبية.
ويخشى الأوروبيون مع تكرار عمليات الانسحاب من منطقة الساحل من ترك المجال مفتوحاً أمام النفوذ الروسي في مالي، في حين يتهم الغربيون المجلس العسكري الحاكم في مالي بـالاستعانة بمجموعة «فاغنر» شبه العسكرية الروسية، وهو ما يعتبره الخضر عبد الباقي، الباحث السياسي النيجيري المختص في الشؤون الأفريقية، من التحديات والإشكالات المهددة للوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء؛ حيث يبرز عدم التوافق في رؤى كثير من دول المنطقة في التعامل مع القضايا الأمنية واستراتيجيات مقاربتها، الأمر الذي يجلب تنافساً كبيراً بين القوى الدولية الكبرى في أفريقيا وفي منطقة الساحل والصحراء على وجه الخصوص، فرغم اتفاق الأطراف جميعها والدول المعنية في المنطقة على المخاطر الأمنية المهددة لها ولاستقرارها، فإن أسلوب التعاطي وطرق المواجهة يتسم أحياناً بالتناقض والتحفظ ومحل رفض لدى بعض الدول المعنية في الساحل والصحراء نفسها.
ويضيف: «العمليات المدعومة من قبل قوات أجنبية، سواء تحت مظلة الأمم المتحدة أو المبادرات الأوروبية والفرنسية خاصة، لم توقف المخاطر والتهديدات الأمنية بشكل نهائي، بسبب غياب المشاركة الحقيقية الفاعلة للجيوش الوطنية، إضافة إلى عدم امتلاكها قدرات ومهارات قتالية في مستوى التهديدات والتحديات الفعلية التي تواجه هذه الدول، سواء كان مصدرها شبكات التهريب أو الجماعات الإرهابية».
ويطالب عبد الباقي بضرورة إيجاد بديل وطني للقوات الأجنبية العاملة في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، علاوة على زيادة مستوى التنسيق الأمني المحلي بين الدول المعنية بأمن تلك المنطقة.
في المقابل، يعتبر بهاء محمود، الباحث المختص بالشؤون الأوروبية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الانسحاب المتوقع للقوات الألمانية، وقبلها القوات الفرنسية والبريطانية، «مسألة منطقية» في ضوء المتغيرات المحيطة بظروف عمل تلك القوات، وتنامي المشاعر العدائية تجاه وجود القوات الأجنبية الأوروبية في غرب أفريقيا، باعتبارها رمزاً للاستعمار القديم.
ويضيف أن تعارض المصالح الأوروبية يدفع كذلك بتفكك أي عمليات مشتركة بين تلك الدول، ففرنسا هي القوة الأساسية صاحبة المصالح الكبرى في الغرب الأفريقي، وبالتالي كان لها الحضور العسكري الأقوى والأكبر عدداً، وبالتالي عقب انسحاب فرنسا، فإنه يبدو من الصعب أن تتحمل ألمانيا صاحبة الحضور الرمزي عسكرياً، والتي لا ترتبط بمصالح كبيرة في منطقة الساحل، عبء الاستمرار في منطقة لا تبدو مرحبة بالوجود الأوروبي.
وحول إمكانية تشكيل قوة أوروبية مشتركة يمكن أن توجد في المنطقة للحد من التمدد الروسي في المقام الأول، وبعض القوى الأخرى مثل تركيا بدرجة أقل، استبعد محمود قدرة الأوروبيين في الوقت الراهن على اتخاذ أي خطوات موحدة، بالنظر إلى التباين العميق، حتى الصراع أحياناً حول شبكة المصالح في كثير من المناطق، سواء داخل أوروبا، أو في أفريقيا والشرق الأوسط.
وتابع القول إن الحضور الروسي في منطقة الساحل وغرب أفريقيا بات حقيقة واقعة، بل محل ترحيب من قوى أفريقية عدة، نظراً لعدم ارتباط الروس ومثلهم الصينيون بتاريخ استعماري يثير حفيظة شعوب تلك المنطقة، علاوة على أن الدعم الروسي عبر شركة «فاغنر» لا يمر بتعقيدات سياسية وعسكرية حتى حقوقية، كتلك التي تفرضها القوى الأوروبية عند التعامل مع الدول الأفريقية، كما أن تركيا تتمدد في صمت بتلك المنطقة، سواء عبر دور ديني نشط، أو وجود دبلوماسي وتجاري مكثف، تترجمه زيادة عدد البعثات الدبلوماسية التركية في أفريقيا من 12 بعثة فقط قبل بضعة أعوام إلى 46 بعثة حالياً.


مقالات ذات صلة

رئيس نادي شتوتغارت: نتفهم عدم رضا الجماهير عن بيع أسهم رابطة الدوري

الرياضة رئيس نادي شتوتغارت: نتفهم عدم رضا الجماهير عن بيع أسهم رابطة الدوري

رئيس نادي شتوتغارت: نتفهم عدم رضا الجماهير عن بيع أسهم رابطة الدوري

أبدى أليكساندر ويرل، رئيس نادي شتوتغارت، تفهمه لعدم رضا الجماهير عن خطط رابطة الدوري الألماني لكرة القدم، لبيع أجزاء من أسهمها للمستثمرين. وقال رئيس شتوتغارت في تصريحات لصحيفة «فيلت»، اليوم الأربعاء: «إنهم يخشون أن تذهب الأموال للاعبين ووكلائهم، يجب العلم بأن ذلك لن يحدث في تلك الحالة». وتنص اللوائح على عدم إمكانية امتلاك أي مستثمر لأكثر من 50 في المائة من الأسهم، باستثناء باير ليفركوزن، وفولفسبورغ المدعوم من شركة فولكسفاجن، وتوجد طريقة للتحايل على تلك القاعدة، وهي الاستثمار في القسمين (الدوري الممتاز والدرجة الثانية). وكان يتعين على الأطراف المهتمة تقديم عروضها بحلول 24 أبريل (نيسان) الماضي ل

«الشرق الأوسط» (شتوتغارت)
العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم سوري مشتبه به في تنفيذ هجومين بسكين في ألمانيا

سوري مشتبه به في تنفيذ هجومين بسكين في ألمانيا

أعلن مكتب المدّعي العام الفيدرالي الألماني، اليوم (الجمعة)، أن سورياً (26 عاماً) يشتبه في أنه نفَّذ هجومين بسكين في دويسبورغ أسفر أحدهما عن مقتل شخص، وفقاً لوكالة «الصحافة الفرنسية». وذكرت النيابة العامة الفيدرالية في كارلسروه، المكلفة بأكثر القضايا تعقيداً في ألمانيا منها «الإرهابية»، أنها ستتولى التحقيق الذي يستهدف السوري الذي اعتُقل نهاية الأسبوع الماضي. ولم يحدد المحققون أي دافع واضح للقضيتين اللتين تعودان إلى أكثر من 10 أيام. وقالت متحدثة باسم النيابة الفيدرالية لصحيفة «دير شبيغل»، إن العناصر التي جُمعت حتى الآن، وخصوصاً نتائج مداهمة منزل المشتبه به، كشفت عن «مؤشرات إلى وجود دافع متطرف ور

«الشرق الأوسط» (برلين)
الخليج وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيرته الألمانية تطورات الأحداث في السودان

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيرته الألمانية تطورات الأحداث في السودان

تلقى الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، اتصالاً هاتفياً، اليوم (الخميس)، من وزيرة خارجية جمهورية ألمانيا الاتحادية أنالينا بيربوك. وبحث الجانبان خلال الاتصال، التطورات المتسارعة للأحداث في جمهورية السودان، وأوضاع العالقين الأجانب هناك، حيث أكدا على أهمية وقف التصعيد العسكري، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، وتوفير الممرات الإنسانية الآمنة للراغبين في مغادرة الأراضي السودانية. وناقش الجانبان القضايا والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها تعزيز جهود إرساء دعائم السلام التي يبذلها البلدان الصديقان بالمنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم القبض على سوري مشتبه به في تنفيذ هجوم الطعن بألمانيا

القبض على سوري مشتبه به في تنفيذ هجوم الطعن بألمانيا

ألقت السلطات الألمانية ليلة أمس (السبت)، القبض على شخص مشتبه به في تنفيذ هجوم الطعن الذي وقع مساء الثلاثاء الماضي، في صالة للياقة البدنية بمدينة دويسبورغ غرب البلاد. وصرح الادعاء العام الألماني في رد على سؤال من وكالة الأنباء الألمانية، بأن هذا الشخص سوري الجنسية ويبلغ من العمر 26 عاماً. وأدى الهجوم الذي قالت السلطات إنه نُفذ بـ«سلاح طعن أو قطع» إلى إصابة 4 أشخاص بجروح خطيرة.


بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.