مفاوض عماني بـ«كوب27»: التخلي عن النفط يُخلّ بتوازن التنمية المستدامة

العجم أكد لـ«الشرق الأوسط» أن السلطنة تُجهز قانوناً لـ«التغيرات المناخية»

إبراهيم العجم المشرف على أعمال الشؤون المناخية في هيئة البيئة العمانية (الشرق الأوسط)
إبراهيم العجم المشرف على أعمال الشؤون المناخية في هيئة البيئة العمانية (الشرق الأوسط)
TT

مفاوض عماني بـ«كوب27»: التخلي عن النفط يُخلّ بتوازن التنمية المستدامة

إبراهيم العجم المشرف على أعمال الشؤون المناخية في هيئة البيئة العمانية (الشرق الأوسط)
إبراهيم العجم المشرف على أعمال الشؤون المناخية في هيئة البيئة العمانية (الشرق الأوسط)

قبل ساعات الحسم الأخيرة في قمة الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن المناخ «كوب27»، التي تستضيفها مدينة شرم الشيخ المصرية، يهرول أعضاء الوفود من قاعة إلى أخرى في اجتماعات مكثفة لرسم الخطوط العريضة للمواقف الوطنية والإقليمية. وفي يوم متخم بالاجتماعات حصلت «الشرق الأوسط» على نصف ساعة ثمينة من وقت المفاوض بوفد سلطنة عمان إبراهيم بن أحمد العجم، الذي يشغل منصب المشرف على أعمال الشؤون المناخية بهيئة البيئة بسلطنة عمان، للإجابة عن تساؤلات حول مسار المفاوضات، والمتوقع أن يصل إليه المفاوضون، والقضايا التي يثيرها نشطاء البيئة بالقمة، مثل ضرورة تضمين وثيقة الاتفاقية، ما يشير إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.
وبينما كانت نبرة صوت العجم محايدة في الإجابة عن كل الاستفسارات، ارتفعت بعض الشيء وهو يصف تلك الرؤية المتعلقة بالتخلص من الوقود الأحفوري بأنها «غير واقعية على الإطلاق». وقال العجم، وهو يستعرض صوراً لبعض المشروعات البيئية في سلطنة عمان: «أي تنمية مستدامة تقوم على ثلاثة أضلاع (بيئية – اقتصادية – اجتماعية)، فإذا ركزنا على البُعد البيئي تماماً، بالتخلي عن النفط، وأغفلنا الأبعاد الأخرى، فهذا من شأنه أن يُخلّ بالتوازن مع أضلاع التنمية المستدامة الأخرى، ويُلحق ضرراً بالأنشطة الاقتصادية التي تعتمد على النفط، وبالتالي سيكون لذلك أبعاد اجتماعية بالغة الخطورة تتعلق، مثلاً بارتفاع معدلات البطالة».
والنهج الصحيح الذي يراه العجم، هو الذي أعلن أغلب دول الخليج عن اتّباعه، وستتمسك به السلطنة خلال القمة، وهو الاستمرار في إنتاج النفط، مع استخدام تقنيات تخفيض الانبعاثات، للوصول إلى هدف صافي صفر من الانبعاثات بحلول عام 2050.
يقول بنبرة صوت أكثر حماساً: «مع وجود تقنيات جديدة لاحتجاز الكربون وتخزينه، لإعادة استخراج الغازات الصناعية منه، عبر ما يُعرف بـ(الاقتصاد الدائري الكربوني)، الذي يحوّل المشكلة إلى فرصة، يمكن تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة، دون أن يؤثر ذلك على إنتاج النفط».
ولا يعني ذلك أن السلطنة ستقع تحت تأثير «إدمان الوقود الأحفوري»، وهي العبارة التي يرددها دوماً نشطاء البيئة، يقول: «لدينا خطط معلنة لتنويع مصادر الطاقة، باستخدام الطاقة المتجددة من الشمس والرياح، وذلك للمساهمة في تخفيض الانبعاثات من ناحية، والحفاظ على المخزون النفطي من ناحية أخرى».
ويشرح العجم ما يعنيه قائلاً: «وفق خطط تنويع مصادر الطاقة سيتم توجيه الطاقات المتجددة إلى المنازل، وغيرها من الأنشطة الاقتصادية التي يمكن أن يكون هذا الشكل من الطاقة مناسباً لها، بينما بعض الصناعات الثقيلة مثلاً، لا يمكن أن تعمل بكفاءة باستخدام الطاقات المتجددة، وهذه الصناعات سيوجه إليها الوقود الأحفوري، وبالتالي نكون قلّلنا من استخدام الوقود الأحفوري، فحافظنا على المخزون، بوصفه مصدراً غير متجدد، وفي نفس الوقت، حققنا هدفاً بيئياً بتخفيض استهلاك الوقود الأحفوري».
وعادت نبرة الصوت المرتفعة للعجم مره أخرى، وهو يصف هذه الإجراءات بأنها «الأسلوب الأمثل لإدارة المخاطر»، مضيفاً: «نحن أمام خطر، وهو التغيرات المناخية، والتحدي الحقيقي هو إدارتها، بطريقة لا تتسبب في مشكلة أخرى».
ويتعجب المفاوض العماني من تعليق بعض المنظمات البيئية على هذه النظرة بأنها «تقتل الكوكب»، وارتسمت على وجهه مسحة حزن، وهو يُخرج هاتفه المحمول مستعرضاً بعض صور الأعاصير التي استقبلتها سلطنة عمان، قائلاً: «نحن أحرص من غيرنا على مواجهة تغيرات المناخ، لأننا نقع في منطقة حساسة لتغيرات المناخ، وقد اكتوينا بنارها عبر أعاصير تقول الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، التابعة للأمم المتحدة، إنها ستصبح أكثر تواتراً وأكثر شدة، كما تأثر أيضاً إنتاجنا الزراعي والسمكي».
وليس أدل على اهتمام سلطنة عمان بتغيرات المناخ، وحرصها على مصلحة الكوكب، كما يؤكد العجم، من حرصها على أن يكون لديها قانون للتغيرات المناخية، يتم العمل عليه حالياً. يقول: «هدف القانون سيكون التأكد من أن السياسات الحكومية تسير وفق الهدف الذي وضعته السلطنة بتحقيق صافي صفر من الانبعاثات بحلول عام 2050».
ويتوقع العجم ألا تجد الرؤية التي تحافظ على إنتاج النفط مع تخفيض الانبعاثات بالأدوات الأخرى، إجماعاً في الوثيقة النهائية للمفاوضات، لكنه يرى أن ذلك ليس مدعاة للقلق، قائلاً: «هذه هي طبيعة المفاوضات، حيث لا يحدث اتفاق كامل على كل شيء، ويتم ترحيل النقاط المختلف عليها للجولة التالية من المفاوضات».
وعن النقاط التي يمكن أن يحدث عليها التوافق، قال: «القضايا التي لها بعد فني، مثل التعاون العلمي وبناء القدرات، يمكن أن يحدث عليها توافق، لكنَّ القضايا الأخرى مثل (تمويل الخسائر والأضرار - تخفيض الانبعاثات – تمويل التكيف المناخي)، ستظل محل شد وجذب، ولن يحدث عليها توافق كامل».


مقالات ذات صلة

مباحثات عمانية ـ إيرانية بشأن المستجدات الإقليمية

الخليج مباحثات عمانية ـ إيرانية بشأن المستجدات الإقليمية

مباحثات عمانية ـ إيرانية بشأن المستجدات الإقليمية

أجرى وزير الخارجية الإيراني حسين أميرعبداللهيان مشاورات مع نظيره العماني بدر البوسعيدي في مسقط، قبل أن يتوجه إلى بيروت لعقد محادثات سياسية. ووصل عبد اللهيان أمس إلى السلطنة في زيارة رسمية بدعوة من نظيره العماني لمتابعة المشاورات الإقليمية والمحادثات الثنائية، حسبما ذكرت وزارة الخارجية الإيرانية. وذكرت الخارجية الإيرانية أن عبداللهيان وصل إلى مسقط في زيارة رسمية بدعوة من نظيره العماني.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
ثقافة وفنون عائشة السيفي: حاولت أن أجد صكّاً للقبول بي شاعرة داخل القبيلة

عائشة السيفي: حاولت أن أجد صكّاً للقبول بي شاعرة داخل القبيلة

منذ اللحظة التي أعلن فيها فوز الشاعرة العُمانية عائشة السيفي بلقب «أميرة الشعراء» في الموسم العاشر، كأول امرأة شاعرة تحقق هذا اللقب، انهالت الانتقادات والاتهامات والتعليقات المتنمرة على الشاعرة وعلى برنامج «أمير الشعراء» ولجنة الجائزة، ومثلما بدا بعض المعلقين كأنهم ينساقون بخفّة خلف مقاطع مبتسرة من قصيدة الشاعرة في المسابقة، أظهر بعض الهجوم أيضاً «البنية الفولاذية لفريق يعتبر نفسه حارساً على بنية القصيدة التقليدية ومدافعاً شرساً أمام أشكال التحديث ومظاهر الحداثة». أصدرت عائشة السيفي 4 مجموعات شعرية هي: «البحر يبدّل قمصانه» 2014، و«أحلام البنت العاشرة» 2016، و«لا أحبّ أبي» 2017، و«في الثلاثين م

ميرزا الخويلدي
سلطان عُمان هيثم بن طارق مستقبلاً الأسد في مسقط أمس (رويترز)

زيارة خاطفة للرئيس السوري إلى مسقط

اختتم الرئيس السوري بشار الأسد، مساء أمس، زيارة قصيرة إلى مسقط، بحث خلالها مع السلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان، العلاقات الثنائية والتعاون المشترك. وقالت وزارة الخارجية العمانية إن السلطان هيثم عقد مع الرئيس السوري جلسة مباحثات رسمية بقصر البركة جدد خلالها تعازيه في ضحايا الزلزال المدمِّر الذي ضرب بلاده وتركيا.

ميرزا الخويلدي (مسقط)
الخليج سلطان عُمان هيثم بن طارق التقى الرئيس السوري بشار الأسد في مسقط أمس (رويترز)

اختتام زيارة قصيرة للرئيس السوري إلى مسقط

اختتم الرئيس السوري بشار الأسد، مساء أمس، زيارة قصيرة إلى مسقط، بعد أن عقد لقاءات مع السلطان هيثم بن طارق؛ سلطان عُمان، في إطار زيارة العمل التي قام بها الرئيس السوري إلى السلطنة. وقالت وزارة الخارجية العمانية إن السلطان هيثم عقد مع الرئيس السوري جلسة مباحثات رسمية في «قصر البركة»؛ «جدد خلالها جلالته تعازيه ومواساته الصادقة لفخامة الرئيس الضيف وللشعب السوري الشقيق في ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب بلاده وجمهورية تركيا».

ميرزا الخويلدي (مسقط)
الخليج وزيرا خارجية السعودية وعمان لدى اجتماعهما في مسقط أمس (وكالة الأنباء العمانية)

السعودية وعُمان لاستمرار تنسيق المواقف في القضايا الإقليمية ومعالجة تحديات المنطقة

أكدت السعودية وسلطنة عُمان‬ عزمهما عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق العُماني السعودي خلال العام الجاري، وأكد وزيرا خارجية البلدين خلال اجتماع تشاوريّ عُقد في مسقط‬ أمس استمرار تنسيق المواقف بشأن القضايا الإقليمية والتعاون البنّاء في معالجة التحديات التي تواجه المنطقة بجميع السبل والوسائل السلمية. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله في مسقط، أمس مباحثات مع وزير الخارجية العماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي. وفي تصريح له، نقلته وكالة الأنباء العمانية أكدّ وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود أن «تفعيل مجلس التنسيق السعودي العُماني يمثل آلية مهمّة لتعزيز ال

ميرزا الخويلدي (الدمام)

تباين ليبي بشأن منح قائد تشكيل مسلح منصباً «استخباراتياً» بطرابلس

من اجتماع سابق للدبيبة مع حمزة في طرابلس العام الماضي (حكومة الوحدة)
من اجتماع سابق للدبيبة مع حمزة في طرابلس العام الماضي (حكومة الوحدة)
TT

تباين ليبي بشأن منح قائد تشكيل مسلح منصباً «استخباراتياً» بطرابلس

من اجتماع سابق للدبيبة مع حمزة في طرابلس العام الماضي (حكومة الوحدة)
من اجتماع سابق للدبيبة مع حمزة في طرابلس العام الماضي (حكومة الوحدة)

تباينت آراء سياسيين ومحللين ليبيين بشأن الحضور غير المسبوق للواء محمود حمزة، مدير إدارة الاستخبارات العسكرية التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، خلال اجتماع عسكري استخباراتي لدول الجوار الليبي في العاصمة طرابلس.

وطرح فريق من المحللين تساؤلات حول دور حمزة بموقعه الاستخباراتي، بالنظر إلى ترؤسه «اللواء 444 قتال»، وهو تشكيل مسلح بطرابلس، واضطلاعه بملفات عسكرية وأمنية حساسة، مثل أمن الحدود مع الجوار، في ظل الانقسام العسكري بليبيا. بينما رأى فريق آخر أن إخراج الاجتماع على هذا النحو «أمر منطقي في ظل سيطرة الميليشيات على مساحات واسعة من غرب البلاد».

وعرف مؤتمر طرابلس مشاركة مديري الاستخبارات في كل من الجزائر وتونس والسودان، وتشاد والنيجر، وسط غياب مصر، وجاء وسط انقسام عسكري في البلاد بين قوتين، إحداهما في الشرق ممثلة في «الجيش الوطني»، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، وأخرى تابع لحكومة «الوحدة»، وتنخرط تحت لوائها تشكيلات عسكرية وضباط قدامى في الجيش.

وخلال الاجتماع الأمني، طرح حمزة ما عدّه «تحدياً رباعياً» تواجهه بلاده، يتمثل في «الإرهاب، وتهريب المخدرات، والأسلحة، والهجرة غير المشروعة»، لافتاً إلى الحاجة لتنسيق الجهود مع دول الجوار، بعد أن بدأ الإرهاب يضرب كل أنحاء المنطقة.

لكنَّ محللين، ومن بينهم أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، يوسف الفارسي، انتقد هذا الطرح، بل ورأى أن حمزة، «غير مؤهل لهذا المنصب الذي يحتاج إلى خبرات متراكمة وفق الأعراف العسكرية في العالم، وحتى في جيوش دول الجوار»، محذراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من «خطورة إسناد ملف أمني حساس إلى قائد مسلح».

ورأى الفارسي أن إخراج مشهد المؤتمر على هذا النحو «تعميق للشرخ في الصف العسكري الليبي»، وأدرجه ضمن «محاولات حكومة الدبيبة فرض الوجود على الساحة الإقليمية، وتجاهل قوات الجيش الوطني في شرق البلاد».

وبحسب مراقبين، لا يتمتع حمزة بخلفية عسكرية أكاديمية، لكن ظهوره الأول كان من بين مقاتلين ضد نظام الرئيس السابق معمر القذافي عام 2011، ليؤسس بعدها كتيبة منفصلة، تحمل اسم «20 - 20» في معيتيقة بقيادته، بعد انفصاله عن ميليشيا «قوة الردع»، ليذيع صيته بعد حرب العاصمة طرابلس بتأسيس ما يعرف بـ«اللواء 444».

وإلى جانب رئاسته للاستخبارات العسكرية في غرب ليبيا منذ مارس (آذار) الماضي، لا يزال حمزة على قمة هرم «اللواء 444»، الذي ينتشر معظم قواته جنوب العاصمة، وتقوم بتأمين أجزاء واسعة من الطريق الرابط بين العاصمة وجنوب البلاد.

من جهته، يعتقد الباحث السياسي، الدكتور محمد بويصير، أن انعقاد هذا الاجتماع التنسيقي الأمني في طرابلس، وتصدر حمزة للواجهة «انعكاس لوزنه الذي اكتسبه، سواء محلياً أو لدى الجانبين التركي والأميركي»، وبحسب تقدير بويصير لـ«الشرق الأوسط»، فإن حمزة هو «قائد أكبر قوة عسكرية مسلحة بغرب ليبيا».

وسبق أن شارك حمزة، بصفته مدير الاستخبارات العسكرية، في مؤتمر أمني لمديري الاستخبارات للدول الأفريقية وأميركا بتنزانيا في مايو (أيار) الماضي. كما كان لافتاً لقاء «المسؤول العسكري الليبي» مع وفد من وزارة الدفاع الأميركية، الذي زار معسكر «اللّواء 444 قِتال»، للتّنسيق في مجال التدريب ورفع المستوى القتالي لأفراده في فبراير (شباط) الماضي، كما كان ضمن وفد عسكري ليبي حضر مناورات مشتركة استضافتها تركيا في يونيو (حزيران) الماضي.

وبينما يعرف حمزة بأنه أحد المقربين من الدبيبة، فإن إدارة إسناد ملف أمن الحدود إلى قائد «444» يبدو منطقياً لدى بعض المتابعين للشأن الليبي، عادّين أنه «آمر اللواء الأقوى عدة وعتاداً والأكثر تنظيماً، والأقرب للانضباط المطلوب للمؤسسة العسكرية»، وهي الرؤية التي يؤيدها أيضاً المحلل السياسي الليبي السنوسي إسماعيل.

ويشير السنوسي لـ«الشرق الأوسط»، إلى «اعتماد الدبيبة على (اللواء 444) في فرض السيطرة على مناطق شاسعة، تمثل خواصر رخوة في المنطقة الغربية»، الواقعة تحت سيطرة حكومة طرابلس.

ووفق رؤية السنوسي، فإن حمزة «يحظى بقبول واسع وقوة شخصية، إلى جانب خبرة اكتسبها في العمل الأمني والعسكري، والقيادة والسيطرة والانضباط، والالتزام بتعليمات وأوامر رئاسة الأركان ووزارة الدفاع».