«دبي بلينغ» يقسم الآراء... و«سعودي بلينغ» على الطريق

نتفليكس تعرض حياة 10 أثرياء عرب في مسلسل من جزأين

لجين عمران
لجين عمران
TT

«دبي بلينغ» يقسم الآراء... و«سعودي بلينغ» على الطريق

لجين عمران
لجين عمران

في السابع والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) أبصرت دبي النور بترفها وثروات المقيمين فيها على شاشة «نتفليكس» الأميركية، لتتعدى نسبة المشاهدة في الأسبوع الأول من العرض الـ18 مليون مشاهدة. أما عن التعليقات التي رافقت العرض على وسائل التواصل الاجتماعي، فحدث ولا حرج.
رافقت عرض المسلسل تعليقات العرب من البلدان العربية كافة بالاضافة الى تعليقات من قراء الصحف الاجانب أيضا بحيث نشرت صحيفة الدايلي ميل موضوعا كاملا عن المسلسل الذي وصل صداه إلى العالم لأنه يعرض على منصة عالمية.

صفا صديقي العراقية البريطانية

دبي اسم جذاب، فالعرب والأجانب مهتمون بأي شيء له علاقة بها، خاصة أنه ينظر إليها على أنها أرض الفرص والرفاهية والترف... ولكن هل يعيش الجميع فيها كما بيّنه المسلسل الذي شارك فيه 10 أثرياء من جنسيات مختلفة؟
الريش والأزياء الصارخة أكثر ما سيشدك في المسلسل، زينة خوري لبنانية انتقلت للعيش في دبي وفي جيبها 300 دولار لتصبح اليوم مسؤولة في إحدى شركات العقار وتلقب نفسها بـ«ملكة فيرساتشي» لعلاقتها بفندق فيرساتشي في دبي وكونها من مؤسسيه (بحسب ما قالته في مستهل المسلسل) وحققت بعد سنوات معدودة في دبي ثروة طائلة لتصبح اليوم من ضمن لائحة أصحاب الملايين.
أشهر الأثرياء في المسلسل هي الإعلامية السعودية لجين عمران، واستطاعت من خلال مشاركتها بالمسلسل إظهار نفسها على أنها امرأة عربية مثالية، محبة لعائلتها، طيبة القلب، مثقفة، غنية وكريمة بالوقت نفسه، والأهم أنها محبة لعائلتها ولا تدخل في متاهات «القيل والقال» التي كانت البهار الأساسي في المسلسل.
«دبي بلينغ» قد يكون جديداً على المشاهد العربي لأنه لم يعتد بأن يسمع مثل تلك الحوارات التي وصفها البعض بالـ«هابطة» باللغة العربية، فالحوارات كانت بالعربية مع القليل من الإنجليزية وخاصة أن بعض المشاركين لا يتكلمون العربية. العرب استهجنوا المسلسل ولو أنهم اعتادوا على مشاهدة مسلسلات مشابهة على المنصة نفسها مثل «The Real Housewives of Dubai» و«Selling Sunset» و« Bling Empire» وغيرها الكثير من المسلسلات التي تعتمد على التصوير على طريقة تلفزيون الواقع وتركز على الجانب الجمالي والأزياء والسيارات الفاخرة والبيوت التي تحبس الأنفاس لدرجة أنها ستجعلك تكره حياتك والعيش في منزلك.
الوصف الأدق للمسلسل بحسب ما قالته الكوميدية اللبنانية المقيمة في كندا صاحبة حساب «كيندا بي كندا» هو أنه «جيد جداً لأنه سيئ جداً»، والترجمة لهذا التعبير تعني أننا ننسى بأننا نعيش واقعاً افتراضياً وزائفاً، فمن يتبع نجوم ونجمات منصات التواصل الاجتماعي لن يتفاجأوا بالمسلسل لأن أحداثه تشبه إلى حد كبير ما يبرزه «المؤثرون» الإلكترونيون، لأن المحتوى الذي يقدم على تلك المنصات لا يشبه الواقع ولكن هناك من يصدقها مما يجعلهم تعساء، لدرجة أن المجتمعات العربية والغربية تعاني من أمراض نفسية سببها متابعة مثل تلك الشخصيات الزائفة التي لا تمت للواقع الحقيقي بصلة.
هذا الأمر أثار حفيظة المقيمين في دبي بالمقام الأول، لأن الفئة الأكبر من الذين يعيشون في دبي هم من الفئة العاملة والكادحة إذا ما صح التعبير، لأنهم يعملون بجد وتعب لإعالة ذويهم في دبي وخارجها، ولا تشبه حياتهم اليومية الحياة التي صورها مسلسل «دبي بلينغ» الذي شدد على المال والغناء والثرثرة والشجارات فيما بين الشخصيات المشاركة، ولكن الشخصية الوحيدة التي نأت بنفسها عن المشاكل وبدت متزنة وعميقة فكانت لجين عمران، التي سُئِلَت في مقابلة أجرتها معها الاعلامية السعودية سارة دندراوي في برنامج «تفاعلكم» على شاشة تلفزيون العربية عن رأيها بالتفاهات التي صدرت عن أصدقائها في المسلسل، فأجابت: «مش أنا» وتعني بذلك أنها كانت مجرد ضيفة في المسلسل ولم تدخل في أي من تلك النزاعات والشجارات ، لترد المذيعة وتقول: «تخليتي عنهم بهذه السرعة؟ فأنت كنت الملاك في هذا المسلسل». لجين عمران استطاعت بأن تحبب بنفسها أكثر وهدفها من المشاركة في المسلسل «بحسب قولها» الوصول إلى شريحة أكبر من الناس وتعريف العالم بالمرأة العربية بشكل عام والمرأة السعودية بشكل خاص.
الانتقادات طالت جميع الشخصيات المشاركة بالمسلسل من دون أي استثناء ولكن بدرجات، فلجين عضاضة الملقبة بـLJ وهي أرملة في الثلاثينيات من العمر كانت متزوجة من ثري سعودي يكبرها بثلاثين عاما توفي بسبب السرطان منذ خمس سنوات ولديها طفلتان منه وورثت منه ثروة طائلة وهي جميلة جداً وتطبق المثل العربي: «كوني جميلة واصمتي» لأنها تبدو سطحية جداً في طريقة كلامها وأشهر ما قالته في المسلسل وبقي راسخاً في ذاكرة المشاهدين عبارة «أنا غنية وبحب الهدية» بمعنى أنها تتوقع الهدايا وتعيش من أجلها ولو أنها غنية جداً.
ومن المشاركين المثيرين للجدل أيضاً الشاب الوسيم إبراهيم الصمدي وهو من أب كويتي وأم أميركية ويملك مشاريع تجارية ناجحة جداً ولكن وسامته اختفت عندما خاض عالم الثرثرة وبث الطاقة السلبية في المجموعة واختلاق المشاكل.
ومن ضمن المشاركات أيضاً المؤثرة الهندية فرحانة بودي التي ظهرت من قبل في الموسم الأول من Paris Hilton’s Dubai BFF، من إنتاج شبكة MTV تم تصويره في الإمارات العربية المتحدة، وفكرته تدور حول رحلة بحث هيلتون عن صديقتها المقربة الجديدة في دبي. وظهرت المؤثرة في الحلقات الخمس الأولى من سلسلة المسابقة قبل إقصائها. وفي «دبي بلينغ» تبين فرحانة ثروتها وكمية الهدايا التي تتلقاها وطريقة عيشها التي تمولها شركات عالمية بما في ذلك أعياد ميلادها وعيد ابنها مما يثير حفيظة زينة خوري التي ترفض تلبية دعواتها لأنها مدفوعة من قبل شركات وهي بالتالي تنشر الصور على صفحتها على «الإنستغرام» وغيرها من المنصات الإلكترونية.
ويضم المسلسل أيضاً المذيع ورائد الأعمال كريس فايد الذي يعرفه الجمهور من خلال برنامجه الإذاعي الصباحي اليومي، ويعرض المسلسل زواجه الثاني من المكسيكية الأميركية بريانا، والنصيب الكبير من الانتقادات لصفا صديقي العراقية المولودة في بريطانيا والمتزوجة من فهد وهو رجل أعمال هندي، وأكثر ما أثار الانتقادات حولها انهيارها بسبب عدم وجود مكان لتعليق ثيابها في الخزانة مما أدى إلى مشاجرة مع زوجها ترغمه فيها على تغيير المنزل إلى واحد أكبر لكي تستطيع الحصول على خزانة أكبر، إضافة إلى أنها لم ترد بأن تنجب طفلاً ثانياً لأنها تخشى بأن يؤثر ذلك على وزنها وشكل جسمها، لدرجة أنها اقترحت على فهد بأن تستأجر رحماً على طريقة الـSurrogacy.
ويسلط المسلسل الضوء كذلك على منسق الموسيقى الإماراتي مروان العوضي، المعروف باسم «DJ Bliss»، وزوجته دانيا محمد، المعروفة باسم «Diva Dee»، والشهيرة بتدوينها فيديوهات مرحة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد تكون دانيا من الشخصيات الأقل شعبية في المسلسل لأنها بدت متكبرة ومتسلطة وتدخل في نزاعات شخصية.
لم تنج لجين عمران من الانتقادات رغم أنها نجحت بأن ترسم صورة شبه مثالية عن نفسها وشخصيتها الحنونة والمحبة، فالبعض انتقدها عندما استقلت طائرة خاصة لكي تجلب فيها والدتها من البحرين إلى دبي، بالإضافة إلى عرض منزلها الفخم وسيارتها الغالية. وعندما سألتها دندراوي عن قصة الطائرة الخاصة فردت بأنها قامت بذلك للاحتفال بعيد الام، كما أنها تستقل الطائرة الخاصة عندما تذهب للمشاركة بمهرجان الجونة (على سبيل المثال)، فهناك نوع من الشراكة الاعلانية مع شركة الطيران الخاصة .
الانتقادات بشكل عام دارت حول تصوير المرأة العربية في المسلسل، وإظهارها بشكل سطحي جداً وغير مجدٍ.
هناك من اعتبر المسلسل مسلياً، وهناك من لم يستطع إنهاء مشاهدة الحلقة الثانية منه، ولكن الشيء الوحيد الذي أجمع عليه أغلب المشاهدين هو أن المسلسل ليس عفوياً كما وصفته لجين عمران عندما أكدت بأنه ليس هناك سيناريو للمسلسل ولم يطلب من أي شخص بأن يقول ما قاله، وأشارت أيضا الى أن دورها في تقريب المسافات ما بين اللبنانية LJ ووالدتها المقيمة في أميركا كانت خطوة عفوية وكانت مفاجأة لفريق التصوير وهذا ما يؤكد (بحسب ما قالته) بأن المسلسل لم تكن أحداثه مكتوبة من قبل، كما أكدت أن المشاركين لم يعرفوا بعضهم قبل اختيارهم للمشاركة فيه. ولكن بحسب ما تبين للمشاهدين بدت القصص وكأنها مدروسة من قبل المنتجين والمخرجين، ولا يمكن تصور أن الخلافات والشجارات كانت عفوية.
ولكن إذا كنت من محبي مشاهدة صيحات الموضة والسيارات الفاخرة والبيوت الرائعة ولا تأبه لتفاهة الحوار وسطحية التصرف فلا مانع بأن تشاهد المسلسل.
ومن المتوقع وبحسب ما ذكرته لجين عمران في مقابلتها على العربية بأنه سيكون هناك جزء ثانٍ للمسلسل وستشارك فيه، كما ستنتج منصة نتفليكس مسلسلاً مشابهاً يدون حياة الأثرياء في المملكة السعودية تحت اسم Saudi Bling ولم تؤكد ولم تنف ما إذا كانت ستشارك فيه.


مقالات ذات صلة

حاكم دبي يعيّن مكتوم بن محمد نائباً أول وأحمد بن محمد ثانياً

الخليج حاكم دبي يعيّن مكتوم بن محمد نائباً أول وأحمد بن محمد ثانياً

حاكم دبي يعيّن مكتوم بن محمد نائباً أول وأحمد بن محمد ثانياً

أصدر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء، بصفته حاكماً لإمارة دبي، مرسوماً بتعيين نجليْه؛ الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائباً أول للحاكم، والشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائباً ثانياً، على أن يمارس كل منهما الصلاحيات التي يُعهَد بها إليه من قِبل الحاكم. تأتي خطوة التعيين للمزيد من الترتيب في بيت الحكم بالإمارة وتوزيع المهام، في الوقت الذي يشغل فيه الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولاية العهد للحاكم ورئيس المجلس التنفيذي. والشيخ مكتوم بن محمد، إضافة إلى تعيينه نائباً أول للحاكم، يشغل أيضاً نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير المالية الإماراتي، وال

«الشرق الأوسط» (دبي)
يوميات الشرق «فلاي دبي» توضح ملابسات اشتعال طائرتها بعد إقلاعها من نيبال

«فلاي دبي» توضح ملابسات اشتعال طائرتها بعد إقلاعها من نيبال

أعلنت سلطة الطيران المدني في نيبال، اليوم (الاثنين)، أن رحلة «فلاي دبي» رقم «576» بطائرة «بوينغ 737 - 800»، من كاتماندو إلى دبي، تمضي بشكل طبيعي، وتواصل مسارها نحو وجهتها كما كان مخططاً. كانت مصادر لوكالة «إيه إن آي» للأنباء أفادت باشتعال نيران في طائرة تابعة للشركة الإماراتية، لدى إقلاعها من مطار كاتماندو النيبالي، وفق ما نقلت وكالة «رويترز». وأشارت «إيه إن آي» إلى أن الطائرة كانت تحاول الهبوط بالمطار الدولي الوحيد في نيبال، الذي يبعد نحو 6 كيلومترات عن مركز العاصمة. ولم يصدر أي تعليق من شركة «فلاي دبي» حول الحادثة حتى اللحظة.

«الشرق الأوسط» (كاتماندو)
الاقتصاد «اتصالات» الإماراتية تستحوذ على حصة الأغلبية في تطبيق «كريم سوبرآب»

«اتصالات» الإماراتية تستحوذ على حصة الأغلبية في تطبيق «كريم سوبرآب»

أعلنت مجموعة اتصالات الإماراتية «إي آند» عن توقيعها اتفاقية ملزمة مع شركة «أوبر تكنولوجي»، تهدف للاستحواذ على حصة الأغلبية في تطبيق «كريم سوبر آب»، في الوقت الذي ستبقى أعمال شركة «كريم» الخاصة بخدمات سيارات الأجرة مملوكة بالكامل لشركة «أوبر»، ومتاحة مع جميع الخدمات الأخرى التي تقدمها شركة «كريم» للمستخدمين على التطبيق الحالي. وقالت الشركة الإماراتية إنه من خلال هذا الاستثمار الذي بلغت قيمته 400 مليون دولار أصبحت «إي آند» المساهم صاحب حصة الأغلبية في تطبيق «كريم سوبر آب»، جنباً إلى جنب مع «أوبر» وجميع مؤسسي «كريم». ويقدم التطبيق للمستخدمين نحو 12 خدمة بما في ذلك؛ خدمات توصيل الطعام والبقالة، وس

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد دبي تدشن منصة رقمية لدعم أكثر من 200 مشروع مالي ابتكاري

دبي تدشن منصة رقمية لدعم أكثر من 200 مشروع مالي ابتكاري

أعلنت دبي عن تدشين منصة لإطلاق المشاريع في مركز دبي المالي، وذلك في خطوة لتسريع وتيرة نمو وتوسع الشركات الابتكارية الناشئة في المنطقة، يُتوقع أن تدعم المنصة أكثر من 200 مشروع جديد، يخوض ما يزيد على 100 منها مرحلة التوسع لتسهم مجتمعةً في استحداث فرصة عمل جديدة وتستقطب أكثر من ملياري درهم (544 مليون دولار) من رأس المال الاستثماري. ويتوقع مركز دبي المالي الذي أطلق المنصة أن تسهم في دعم مساعي الإمارة لتصبح المركز العالمي الأبرز لبناء المشاريع، كما يتوقع أن يكون للمنصة تأثيرها الإيجابي في تعزيز مستويات النمو الاقتصادي على مستوى المنطقة. وقال الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي نائب

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد توجهات جديدة تدعم التوجه نحو نشاط صناعة الأخشاب واستخدامها في المشروعات (الشرق الأوسط)

انطلاق معرض دبي المتخصص غداً وسط تطلع لجذب استثمارات في القطاع

يبدأ غداً (الثلاثاء) المعرض الدولي للأخشاب ومكائن الأخشاب بمركز دبي التجاري العالمي، بمشاركة محلية ودولية، وسط استعراض حزمة واسعة من المشاريع الضخمة في الإيواء والإسكان، ينتظر أن تحتاج إلى خطوط إنتاج في نشاط الأخشاب. وستشارك في المعرض جمعيات ومؤسسات متخصصة من أنحاء العالم، منها مكتب تصدير الأخشاب في كيبيك (كندا)، والمجلس الأميركي لتصدير الأخشاب الصلبة في (الولايات المتحدة الأميركية)، وجمعية مكائن الأخشاب (أسيمال) (إيطاليا)، ومنظمة «إيمساد» (تركيا). وقال داود الشيزاوي، رئيس مجلس إدارة مجموعة الاستراتيجي، المنظم للفعالية، إن المعرض يجسد المنصة التجارية الوحيدة المتخصصة في قطاع الأخشاب بالمنطقة،

«الشرق الأوسط» (الرياض)

هاريس توحّد صفوف الديمقراطيين وتستعد لمواجهة «حتمية» مع ترمب

بايدن وهاريس في فيلادلفيا في 3 فبراير 2023 (أ.ب)
بايدن وهاريس في فيلادلفيا في 3 فبراير 2023 (أ.ب)
TT

هاريس توحّد صفوف الديمقراطيين وتستعد لمواجهة «حتمية» مع ترمب

بايدن وهاريس في فيلادلفيا في 3 فبراير 2023 (أ.ب)
بايدن وهاريس في فيلادلفيا في 3 فبراير 2023 (أ.ب)

شهدت الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة أحداثاً «تاريخية» متتالية، من تنحي الرئيس الأميركي جو بايدن وتسليم نائبته كامالا هاريس شعلة ترشيح الحزب، إلى محاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترمب.

أحداث يحبس الأميركيون خلالها أنفاسهم، بينما العالم يراقب بقلق وترقُّب تطورات لن تؤثر على الداخل الأميركي فحسب، بل سيتردد صداها في العالم أجمع. وبينما يسعى الديمقراطيون بعد تنحي بايدن إلى توحيد الصفوف ورأب صدع الخلافات، تتأهب حملة ترمب لمواجهة مختلفة جذرياً عما كانت تتوقعه. فهاريس خصم لا يستهان به، بحسب ما تظهره استطلاعات الرأي، ووصولها إلى رأس البطاقة الديمقراطية سيؤدي إلى تغيير في استراتيجية ترمب الهجومية على أمل الإبقاء على حظوظه المرتفعة بالفوز.

يستعرض برنامج «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، حظوظ هاريس الفعلية بهزيمة ترمب، وما إذا كان الحزب الديمقراطي سيتعافى من أزمة تأخر في معالجتها، بالإضافة إلى انعكاسات هذه التجاذبات على فعاليات المؤتمر الوطني الحزبي المرتقب في 19 أغسطس (آب).

أسباب التنحي

يقول ستيوارت روي، مدير الاتصالات السابق لزعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب توم ديلاي، إن عوامل كثيرة ساهمت في قرار بايدن التنحي واختيار هاريس بديلة له. وأوضح أنه، بالإضافة إلى أدائه المتدهور بسبب عمره، فقد شهد بايدن في المرحلة الأخيرة تدهوراً حاداً في استطلاعات الرأي. وعدّ روي اختيار هاريس «قد لا يكون الورقة الفائزة التي ستساعد الديمقراطيين على الفوز بالانتخابات، لكنها من دون شك ستعيد ضبط قوانين اللعبة».

من ناحيته، يُذكّر المؤرخ السياسي البروفيسور مات داليك، بأن مشاكل بايدن بدأت منذ تقرير المحقق الخاص روبرت هير الذي وصف الرئيس الأميركي بـ«الرجل المسن ذي النية الحسنة»، وأنه لم يستطع التعافي من تلك الصورة، لتأتي المناظرة وتقضي على حظوظه. وأضاف: «أعتقد أن الضغط عليه أصبح من الصعب تحمله، خصوصاً أن المخاطر عالية جداً بالنسبة إلى الديمقراطيين الذين يسعون لمنع ترمب من الوصول مرة ثانية إلى البيت الأبيض».

أما مايكل هاردواي، المساعد السابق للرئيس باراك أوباما ومدير الاتصالات السابق لزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز، فيعدّ تنحي بايدن كان «قراراً عائلياً أكثر مما كان قراراً سياسياً»، لكنه يتحدث أيضاً عن أهمية أموال المانحين في التوصل إلى قرار مصيري من هذا النوع. ويقول: «إن جمع التبرعات له أثر أكبر من آراء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ. فخسارة دعم المانحين للرئيس يؤثر أكثر من خسارة دعم أعضاء الكونغرس».

هاريس وحظوظ هزيمة ترمب

ومع تسليم هاريس الشعلة، توالت المواقف الديمقراطية المؤيدة لها. كان آخرها إعلان الرئيس السابق باراك أوباما وزوجته ميشيل عن دعمهما لها، متعهدين بـ«فعل ما بوسعهما لضمان فوزها في نوفمبر (تشرين الثاني)». ويشير داليك إلى أن هاريس «ستخضع لتدقيق شديد»، مضيفاً أنها «تنال حصة كبيرة من التغطية الإعلامية، وأعتقد أن الأمر سيستمر على الأرجح».

ويرجح هاردواي أن تستمر حماسة الناخبين لترشيح هاريس، خصوصاً من قِبل السود والشباب والنساء، لكنه يحذر من تجاهل ناخبي الوسط، مشيراً إلى أهميتهم الكبيرة في حسم نتيجة الانتخابات. ويقول: «إن أظهرت كامالا هاريس أنها تستطيع استقطاب المعتدلين عبر الحديث عن القضايا التي تهمّهم، فهي تملك فرصة الحصول على دعمهم. لذا برأيي، يجب أن نركز على المعتدلين».

ويَعدُّ روي حظوظ ترمب بالفوز لا تزال متقدمة على حظوظ هاريس، مشيراً إلى استطلاعات الرأي في الولايات المتأرجحة التي ستحسم السباق. ويقول: «هناك جزآن لكل حملة: الجزء الأول هو الفوز بعقول وقلوب الناس، وهذا ما ينعكس في استطلاعات الرأي. لكن الجزء الآخر وهو الجزء الذي ينساه الجميع، هو الإقبال على صناديق الاقتراع. فليس هناك عدد مُحدّد من المواطنين الذين يخرجون للانتخاب في كل شهر نوفمبر. الناس تُصوّت أو لا تصوّت بحسب نسبة هطول الأمطار أو نسبة صعوبة الوصول إلى صناديق الاقتراع في ذلك اليوم. وهذا ما تركز عليه حملة ترمب. يحاولون رفع مجموع الأشخاص الذين سيقبلون على صناديق الاقتراع وتحفيزهم، وهو أمر يبرع فيه ترمب».

المؤتمر الوطني الديمقراطي

في ظل هذه التطورات المتلاحقة، تتوجه الأنظار إلى المؤتمر الوطني الديمقراطي الذي ينعقد في ولاية شيكاغو في التاسع عشر من الشهر المقبل. ويستبعد داليك أن تكون هناك مفاجآت تُذكر خلال المؤتمر، مذكراً بأن التصويت الرسمي لاختيار مرشح ديمقراطي سيحصل قبل المؤتمر. ويقول: «سيكون هناك تصويت افتراضي في أوائل أغسطس بين الأول والسابع من الشهر، وهو ما يؤكد ترشيح هاريس».

ويؤكد هاردواي أهمية أن يظهر الديمقراطيون «جبهة موحدة» في المرحلة المقبلة، لرأب الصدع الذي عاشه الحزب في الفترة الأخيرة. وأضاف: «بينما نتطلع إلى الأسابيع القليلة المقبلة التي ستنتهي باختيار مرشحنا، سيعمل الجميع بعضهم مع بعض وسيسيرون في الاتجاه نفسه». لكن هاردواي يذكر هاريس بضرورة التركيز على إنجازات الرئيس الأميركي جو بايدن، بدلاً من التركيز على مهاجمة ترمب في الحملات الدعائية». ويقول: «يجب أن تقوم بذلك من دون أي شك، لأنه في النهاية، تتشكل أغلبية الولايات المتحدة من أشخاص متوسطي المستوى، وهم يُركّزون تحديداً على المسائل الاقتصادية والمعيشية؛ لذلك يجب أن تقوم بتسليط الضوء عليها. سترتكب خطأً كبيراً إن ركزت فقط على الأسباب التي تجعل من دونالد ترمب رجلاً سيئاً؛ لأننا يجب أن نقنع الناس لماذا ينبغي أن يصوتوا لصالحنا».

وهنا يتحدث روي عن استراتيجية ترمب في مواجهة هاريس، مشيراً إلى أن الجمهوريين سيركّزون بشكل أساسي على أنها مسؤولة عن ملف الهجرة والمشاكل المحيطة بأمن الحدود، مذكراً بأن قضية الحدود هي في المرتبة الثانية أو الثالثة في كل استطلاع رأي، بعد الاقتصاد بالنسبة للناخبين.

مقارنة تاريخية

بينما يصف الكثيرون هذه الأحداث بغير المسبوقة، فإن البعض يُشبّه ما جرى من أحداث متعاقبة في الأيام الماضية بأحداث عام 1968 خلال عهد الرئيس السابق ليندون جونسون، حينها قرر جونسون عدم الترشح لولاية ثانية بسبب حرب فيتنام ومشاكله الصحية. وشهدت البلاد بعد ذلك اغتيال كل من مارتن لوثر كينغ والمرشح الديمقراطي روبرت كيندي، كما شهد المؤتمر الوطني الديمقراطي الذي عُقد كذلك في شيكاغو تظاهرات عنيفة بسبب الحرب.

ويتحدث داليك عن أوجه التقارب والاختلاف، فيقول: «صحيح هناك تلك المقارنات وأن البلاد تبدو منقسمة بطريقة ما مع وجود درجة من العنف السياسي تذكّر بـ1968، لكني أعتقد أن الأمر مختلف جداً حالياً لعدم وجود حرب فيتنام التي لم تقسم البلاد فحسب، بل كانت سبباً لانقسام الحزب الديمقراطي».

ويعد داليك الانقسامات الديمقراطية اليوم حيال حرب غزة لا تصل إلى مستوى الانقسامات المتعلقة بحرب فيتنام. ويضيف: «أعتقد أنه كان من الأرجح أن نرى تظاهرات معارضة لحرب غزة في شيكاغو لو استمر بايدن في السباق». النقطة الأخرى المختلفة أنه في 1968، «بعد اغتيال مارتن لوثر كينغ، تم إحراق أكثر من مائة مدينة، وكانت هناك انتفاضات في مدن في أنحاء الولايات المتحدة كافة ومواجهات مع الشرطة والحرس الوطني. مهما كانت المشاكل التي نشهدها حالياً، فهي لا تشبه أو ليست بالمستوى نفسه... وهذا لا يعني أنه لا يمكن للأمور أن تسوء... هناك دائماً هذا الاحتمال. لكن لا أعتقد أننا وصلنا إلى تلك النقطة».