كيربي لـ«الشرق الأوسط»: إيران تدعم جهود قتل الأوكرانيين

قال إن التزام واشنطن أمن تايوان لن يتغير وإن السعودية «شريك استراتيجي»

جون كيربي منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي
جون كيربي منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي
TT

كيربي لـ«الشرق الأوسط»: إيران تدعم جهود قتل الأوكرانيين

جون كيربي منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي
جون كيربي منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي

توجهت الولايات المتحدة إلى بالي بوفد رفيع وأهداف واضحة؛ زيادة الضغوط على روسيا، وتنشيط قنوات الاتصال مع الصين، واستعراض قوة إدارة جو بايدن أمام الحلفاء والخصوم بعد نتائج الانتخابات النصفية.
وبعد يومين من النشاط الدبلوماسي المكثف، بدا جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، متفائلا حيال الأولويات التي دفعت بها واشنطن في قمة العشرين.
وأشاد كيربي، في حوار مع «الشرق الأوسط» على هامش أعمال القمة، بـ«المباحثات الصريحة» بين الرئيسين الأميركي والصيني، مؤكدا على ضرورة التعاون رغم الخلافات. وفي معرض حديثه عن الحرب في أوكرانيا، التي طغت على أعمال «العشرين»، هاجم كيربي دعم إيران «جهود روسيا لقتل المواطنين الأوكرانيين وضرب البنية التحتية المدنية»، بالمسيّرات الانتحارية، مؤكدا أن الولايات المتحدة لا تملي قرارات على الرئيس فولوديمير زيلينسكي.
أما عن العلاقات مع السعودية، فشدد المسؤول الأميركي على الطبيعة «الاستراتيجية» للشراكة بين البلدين، وأكد استمرار دعم الرياض في الدفاع عن نفسها ضد اعتداءات الحوثي.
- سياسة الصين الواحدة
قال كيربي إن الرئيس جو بايدن «خرج بشعور من (الثقة) و(الارتياح) عقب عقده محادثات (صريحة جدا) مع نظيره الصيني شي جينبينغ» في بالي مساء الاثنين. واعتبر أن «أهم ما يمكن استخلاصه من هذا اللقاء هو أنه يندرج في إطار استمرارٍ لعلاقةٍ تجمع بين الرجلين منذ فترة، وأنه أتاح لكل منهما فرصة الحديث عن أولوياتهما ومخاوفهما وجهاً لوجه». ولا تتعلق هذه الأولويات بالعلاقات الثنائية فحسب، بل تشمل سلوك الدولتين على المسرح الدولي، وفق كيربي.
ورغم استمرار الخلافات بين العملاقين الاقتصاديين، تدفع واشنطن بأهمية التعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك. يقول كيربي: «لم نتفق حول كل شيء، ولن نتفق حول كل شيء. ولكن هناك مجالات يمكننا، وينبغي علينا، أن نتعاون بشأنها مع الصين»، ذاكرا مكافحة التغير المناخي كمثال. «وبالتالي، فإنه من المهم (الحفاظ) على القدرة لإجراء محادثة يمكنها تعزيز بعض هذا التعاون في المستقبل».
بيد أن القمة بين شي وبايدن لم تقتصر على بحث مجالات التعاون، بل كانت فرصة لتبادل «الخطوط الحمر» بين البلدين. وجدد الزعيم الصيني، الذي فاز قبل أسابيع بولاية ثالثة نادرة على رأس الحزب الشيوعي الحاكم، تحذير واشنطن من التدخل في قضية تايوان.
وأوضح كيربي، أنه رغم التزام واشنطن بسياسة «الصين الواحدة»، فإن موقفها من دعم تايوان لم يتغير. وقال: «ما زلنا ملتزمين، وفقا لقانون العلاقات مع تايوان، لمساعدة (الجزيرة) في (تعزيز) قدرات الدفاع عن نفسها. وقبل شهرين فقط، أعلنا عن مبيعات أسلحة لتايوان تزيد على مليار دولار. وسيستمر هذا الدعم في المستقبل، وفق ما هو مناسب». وتابع: «تحظى سياسة الصين الواحدة، ودعم الدفاع الذاتي لتايوان، بدعم واسع من الحزبين في الولايات المتحدة منذ عقود. وأكد الرئيس (ليلة الاثنين) أن ذلك لن يتغير».
- دعم غير مشروط
«ندعم أوكرانيا ولا نتدخل في قراراتها». هكذا يمكن تلخيص حديث كيربي عن سياسة بلاده تجاه كييف.
وفيما رفض المسؤول الأميركي التعليق على تقارير حول محادثة شديدة التوتر بين بايدن ونظيره الأوكراني في الصيف الماضي، قال كيربي: «تحدث الرئيس عدة مرات عن مدى احترامه للرئيس (فولوديمير) زيلينسكي، وإعجابه بقيادته في زمن الحرب خلال الأشهر الثمانية الماضية». وتابع أن بايدن أكد مرارا على استمرار الدعم الأميركي لأوكرانيا «مهما استغرق الأمر»، لافتا إلى أن ذلك لا يقتصر على المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة وحلفاؤها من أسلحة وأنظمة، بل يشمل كذلك المساعدات المالية والاقتصادية. وأضاف «هناك دعم من الحزبين داخل الكونغرس لمواصلة دعم أوكرانيا».
وعن عزم زيلينسكي تحرير جميع الأراضي الأوكرانية بما فيها شبه جزيرة القرم، قال كيربي: «لم نعترف أبدا بأن شبه جزيرة القرم غير أوكرانية. القرم هي أوكرانيا. وعلى الرئيس زيلينسكي أن يقرر كيف يدير هذه الحرب. إنه القائد العام لقواته المسلحة، وعليه تحديد ما سيحاول (جيشه) تحقيقه في ساحة المعركة والجدول الزمني. نحن لا نملي عليهم ذلك على الإطلاق، كما لا نملي على الرئيس زيلينسكي كيف يمكن أن تنتهي هذه الحرب».
وتابع: «لا شك في أننا نريد أن تنتهي الحرب الآن. وفيما لا يبدو أن الرئيس بوتين سيقوم بسحب قواته، فإننا نريد أن نرى نهاية دبلوماسية (لهذه الحرب)»، مؤكدا من جديد أن «كل هذا يجب أن يعود إلى الرئيس زيلينسكي».
- مسيّرات «انتحارية»
هاجم كيربي الدعم الإيراني لروسيا في حربها على أوكرانيا، وقال إن الولايات المتحدة وحلفاءها «مستمرون في البحث عن طرق لمحاسبة النظام من خلال العقوبات».
وأوضح: «لا شك في أن إيران تدعم بشكل مباشر جهود روسيا لقتل المواطنين الأوكرانيين، وضرب البنية التحتية المدنية. فمعظم الطائرات من دون طيار التي تقدمها (طهران لموسكو)، هي (مسيّرات) انتحارية أحادية الاتجاه، تهدف لغرض واحد، وهو إصابة الهدف والانفجار، وإحداث أكبر قدر ممكن من الضرر والموت».
وتابع أن إيران بدأت في توفير هذه القدرات لروسيا منذ بداية الحرب. «لقد وضعوا بعض الخبراء الفنيين وبعض المدربين على الأرض لفترة من الوقت. لا أستطيع أن أؤكد ما إذا كانوا لا يزالون هناك. لكن ذلك يظهر مدى استعداد إيران لمساعدة روسيا في هذه الحرب».
ودافع كيربي عن نجاعة العقوبات في ردع هذا السلوك، واستشهد بنتائج حزمة العقوبات المفروضة على روسيا: «يستمر الاقتصاد الروسي في الانكماش. كما يواجه بوتين صعوبات في إبقاء قواته المسلحة في الميدان وتزويدها بالأسلحة والقدرات. الكثير من ذلك هو نتيجة للعقوبات والقيود المفروضة على التصدير».
وتابع: «نعلم على وجه اليقين أن مخزون بوتين من الذخائر الموجهة بدقة يتراجع، لأنه لا يستطيع الحصول على الإلكترونيات الدقيقة بسبب العقوبات وقيود التصدير. وهذا أحد أسباب لجوئه إلى دول مثل إيران وكوريا الشمالية للحصول على الدعم العسكري».
- شراكة استراتيجية
وصف كيربي السعودية بـ«الشريك الاستراتيجي»، وأكد استمرار دعمها للدفاع عن نفسها أمام اعتداءات الحوثي. وقال: «لطالما كانت السعودية شريكا استراتيجيا، وذلك على امتداد ثمانية عقود»، لافتا إلى أن حوالي 70 ألف أميركي، بمن فيهم بعض العسكريين، يعيشون ويعملون في المملكة.
وأضاف المسؤول الأميركي: «لا تزال السعودية تتعرض لاعتداءات من الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن»، مؤكدا أن واشنطن تواصل تزويد السعودية ببعض قدرات الدفاع الجوي في إطار «دعم مستمر حاليا».
وعن التوتر الذي شاب العلاقات بين البلدين عقب قرار «أوبك» خفض حصص إنتاج النفط، قال كيربي: «نعتقد أن هذا القرار مؤسف للغاية، وشعرنا أنه جاء داعما لفلاديمير بوتين». وتابع: «يريد الرئيس (بايدن) مراجعة هذه العلاقة الثنائية وإعادة النظر فيها. هذا لا يعني أننا سنقوم بتدميرها، لكنه يعتقد أن الوقت قد حان للتأكد من أن هذه العلاقة الثنائية تخدم مصالح أمننا القومي وتخدم الشعب الأميركي بأفضل شكل ممكن».
ورفضت السعودية الانتقادات الموجهة لقرار «أوبك» بخفض إنتاج النفط بمليوني برميل يوميا اعتباراً من نوفمبر (تشرين الثاني). وقال بيان لوزارة الخارجية، صدر الشهر الماضي، أن الخطوة تستند فقط إلى الهدف الأساسي للتحالف، وهو استقرار السوق وتجنب التقلبات.
من جهتها، رحبت السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة، الأميرة ريما بنت بندر، بقرار مراجعة العلاقات الثنائية. وقالت في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، الشهر الماضي، إن مراجعة العلاقات أمر إيجابي، وإن الخلاف «اقتصادي وليس سياسياً». وأضافت أن «لا بأس في الاختلاف»، مشددة على أن العلاقة بين الرياض وواشنطن أكبر من مجرد صفقات لبيع الأسلحة، وأكثر من مجرد علاقات تنحصر بالنفط.
- استقطاب حاد
أقر كيربي بحدة الاستقطاب السياسي داخل الولايات المتحدة، وقال إن إدارة بايدن تعمل مع مختلف الوكالات الأمنية لمنع تكرار ما حدث في 6 يناير (كانون الثاني)، في إشارة إلى هجوم الكابيتول. وقال: «سيتطلب ذلك الكثير من الجهد، ليس فقط داخل الحكومة الفيدرالية، ولكن أيضا على مستوى سلطات الولايات والسلطات المحلية».
ووصف كيربي الاعتداء على مبنى الكابيتول وعلى رجال ونساء الأمن المكلفين بحماية المشرعين بـ«الخسيس»، وقال: «لا نستطيع السماح بحدوث ذلك مرة أخرى».
في المقابل، أشاد المسؤول الأميركي بسير الانتخابات التشريعية النصفية الأسبوع الماضي. وقال: «صحيح أن الولايات المتحدة منقسمة إلى حد كبير على أسس سياسية، لكنني أعتقد أن أحد الدروس المستفادة من انتخابات التجديد النصفي (...) هو أنه رغم الانقسام، يمكننا الاختلاف سلميا». وتابع: «المميز في الانتخابات النصفية هو ما لم يحدث أثناءها. فلم يكن هناك عنف، ولم يكن هناك تزوير، ولم يكن هناك تخويف في صناديق الاقتراع». وأضاف «أعتقد أن (الانتخابات النصفية وجهت) إشارة قوية للعالم، هي أن الديمقراطية الأميركية، رغم هشاشتها، تبقى قوية».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
TT

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ. في حين نفت إدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية ادعاءات تُروِّجها بعض الدوائر وأحزاب المعارضة عن أعداد تفوق الـ10 ملايين لاجئ، مؤكدة أن هذه الأرقام غير صحيحة.

وكشفت الإدارة في بيان، السبت، أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا يبلغ مليونين و935 ألفاً، بمن في ذلك الأطفال المولودون في البلاد، والذين يجري تسجيلهم في نظام البيانات من قِبَل المديريات الإقليمية لإدارة الهجرة، وتصدر لهم وثائق الحماية المؤقتة (كمليك) التي تحتوي على رقم الهوية.

وجاء البيان ردّاً على مزاعم من قِبَل صحافيين وناشطين أتراك على منصات التواصل الاجتماعي، مفادها أن الإحصاءات الصادرة عن الحكومة حول أعداد اللاجئين غير صحيحة، وأن الأطفال السوريين حديثي الولادة لا يُسجلون في نظام إدارة الهجرة.

وترددت هذه المزاعم، بعدما قال وزير الداخلية، علي يرلي كايا، إن 731 ألف سوري لا نعلم عنهم شيئاً، وليسوا موجودين في العناوين المسجلين عليها، في حين قام أكثر من 580 ألفاً آخرين بتحديث عناوينهم.

مخيم للاجئين السوريين في جنوب تركيا (أرشيفية)

وأضاف أن السوريين الذين لن يحدثوا عناوينهم حتى نهاية العام لن يتمكنوا من الاستفادة من الخدمات العامة في تركيا.

وكانت تركيا قد استقبلت أكثر من 3.7 مليون سوري بعد اندلاع الحرب الأهلية في بلادهم عام 2011.

وفي كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الداخلية لعام 2025 في لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، الخميس، قال يرلي كايا: «إن 150 ألفاً و327 سورياً لم يتلقوا أي خدمة من مؤسساتنا العامة لمدة عام على الأقل، أي أنهم ليسوا هنا، واكتشفنا أنهم عبروا إلى أوروبا، وأزلنا سجلاتهم من نظام إدارة الهجرة».

وذكر أنه بعد عمليات التحقق من العناوين، وجد أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة انخفض إلى مليونين و935 ألفاً و742 سوريّاً، لافتاً إلى أن إجمالي عدد الأجانب في تركيا يبلغ 4 ملايين و174 ألفاً و706 أجانب، منهم مليون و32 ألفاً و379 يحملون تصريح إقامة، و206 آلاف و585 تحت الحماية الدولية.

وأضاف وزير الداخلية التركي أنه «لضمان العودة الطوعية والآمنة والكريمة لأشقائنا السوريين إلى بلدهم، فإننا نقوم بتنفيذ خطة لتهيئة الظروف اللازمة للعودة، وخلال العام الحالي عاد 114 ألفاً و83 سوريّاً إلى بلادهم طوعاً، في حين عاد 729 ألفاً و761 إلى بلادهم طوعاً بين عامي 2016 و2024».

وزير الداخلية التركي متحدثاً عن أوضاع السوريين خلال اجتماع بالبرلمان (حسابه في «إكس»)

ويثير ملف اللاجئين السوريين جدلًا حادّاً في الأوساط السياسية بتركيا، وخلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2023، ركَّزت بعض أحزاب المعارضة، في مقدمتها حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، حملاتها الانتخابية على التخلص من مشكلة اللاجئين السوريين، كما برزت أحزاب قومية أظهرت مناهضة للسوريين، أهمها حزب النصر، الذي يتزعمه أوميت أوزداغ.

ودفعت ضغوط المعارضة وتصاعد مشاعر الغضب ومعاداة السوريين بالمجتمع التركي، الحكومة إلى تنفيذ حملات للحد من وجود المهاجرين غير الشرعيين، وترحيل مخالفي شروط الإقامة.

واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 الحكومة التركية بإجبار اللاجئين السوريين على العودة تحت تهديد السلاح، وعلى توقيع أوراق بأنهم اختاروا العودة الطوعية.

وبدورها، تنفي الحكومة التركية الاتهامات بشأن اعتقال وترحيل مئات اللاجئين السوريين تعسفيّاً، وتقول إنهم اختاروا العودة الطوعية إلى بلادهم.

في سياق متصل، عاقبت محكمة تركية العميد بالجيش التركي المحال على التقاعد، بلال تشوكاي، بالسجن 11 سنة و6 أشهر، بتهمة تهريب سوريين إلى تركيا عبر الحدود باستخدام سيارته الرسمية.

وألقي القبض منذ أشهر على تشوكاي وعدد من مساعديه في منطقة أكتشا قلعة بولاية شانلي أورفا، الواقعة على الحدود مع منطقة تل أبيض بريف الرقة؛ حيث كان قائداً لوحدة عسكرية تركية على الحدود، وجرى تسريحه وسحب رتبه العسكرية، بعدما أظهرت التحقيقات تورطه وضباط آخرين ضمن شبكة لتهريب البشر، قامت باستثمار الأموال الناتجة عن أنشطتها غير القانونية في مشروعات تجارية.

الحكم بسجن العميد المحال للتقاعد بلال تشوكاي لتورطه في تهريب سوريين عبر الحدود (إعلام تركي)

من ناحية أخرى، أصدرت محكمة تركية حكماً بالسجن المؤبد المشدد 3 مرات على المواطن التركي كمال كوركماز، بعد إدانته بإشعال حريق متعمد في موقع بناء بمنطقة جوزال بهشه في إزمير عام 2021، ما أدى إلى وفاة 3 عمال سوريين. وطالبت منظمات حقوقية بمحاسبته على أفعاله الوحشية، وفق وسائل إعلام تركية.

وطلب المدعي العام في إزمير الحكم على المتهم بالسجن المؤبد المشدد مقابل كل ضحية بشكل منفصل، لقتله العمال السوريين الثلاثة بطريقة وحشية وحرقهم، وكذلك الحكم عليه بتهمة إلحاق الضرر بالممتلكات الخاصة، لإشعاله النار في المكان الذي كان يُستخدم سكناً للعمال.