«منقذ الأمازون» يطلب استضافة «كوب 30» بجوار «رئة العالم»

لولا يدعو لإنفاق التريليونات على الكوكب بدلاً من الحرب

الرئيس البرازيلي لدى إلقائه كلمة مساء الأربعاء أمام قمة المناخ «كوب 27» (أ.ف.ب)
الرئيس البرازيلي لدى إلقائه كلمة مساء الأربعاء أمام قمة المناخ «كوب 27» (أ.ف.ب)
TT

«منقذ الأمازون» يطلب استضافة «كوب 30» بجوار «رئة العالم»

الرئيس البرازيلي لدى إلقائه كلمة مساء الأربعاء أمام قمة المناخ «كوب 27» (أ.ف.ب)
الرئيس البرازيلي لدى إلقائه كلمة مساء الأربعاء أمام قمة المناخ «كوب 27» (أ.ف.ب)

طالب الرئيس البرازيلي المنتخب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، في كلمة ألقاها في قمة المناخ (كوب 27) في مصر مساء الأربعاء، الدول الغنية بالوفاء بتعهدها بتقديم 100 مليار دولار سنوياً من أجل المناخ. وقال إن العالم يتجاهل التحذيرات بشأن تغير المناخ، بينما ينفق تريليونات الدولارات على الحرب. وأضاف أن المجتمع الدولي بحاجة إلى قيادة أفضل للتصدي لتغير المناخ، وأن البرازيل مستعدة للانضمام إلى الجهود لبناء كوكب أنظف.
وأكد الرئيس البرازيلي أن «البرازيل عادت» إلى الساحة الدولية، مقترحاً أن ينظم مؤتمر الأطراف حول المناخ في 2025 في «الأمازون»، «الرئة الخضراء» الحيوية لتوازن المناخ وللتنوع الحيوي على مستوى العالم.
وأتى هذا الإعلان ليمد مفاوضات «كوب 27» الدائرة في منتجع شرم الشيخ والعالقة في خلافات، بزخم جديد على غرار البيان الختامي لقمة قادة مجموعة العشرين في بالي الذي جدد التأكيد على أهداف مناخية طموحة.
ولولا، الذي ينظر إليه على أنه «المنقذ المحتمل للأمازون»، والذي يتولى مهامه رسمياً في الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل، قال: «سأتحدث إلى الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش) وأطلب منه تنظيم كوب 30 في الأمازون».
وأكد لولا في أول زيارة خارجية له منذ انتخابه نهاية أكتوبر (تشرين الأول) أن «البرازيل يجب ألا تكون معزولة» على الساحة الدولية، مشدداً على أن بلاده «عادت وستكون قوة إيجابية لرفع التحديات العالمية» على ما جاء في تغريدة له الثلاثاء لدى وصوله إلى مصر.
وفي عهد الرئيس المنتهية ولايته جايير بولسونارو، أصبحت البرازيل، وهي أكبر دولة في أميركا اللاتينية، معزولة على الساحة الدولية، بسبب سياسات روجت لقطاع الصناعات الغذائية والقطاع المنجمي مع ارتفاع كبير في قطع أشجار الغابات... وفي المقابل، وعد لولا بوقف قطع الأشجار تماماً. والتقى لولا مساء الثلاثاء المبعوث الأميركي الخاص حول المناخ جون كيري، الذي قال: «سنعمل بجهد لتحقيق ذلك الهدف (حفظ الأمازون) مع حلفائنا».
وفي دعم جديد لمفاوضات المناخ برعاية الأمم المتحدة، تضمن بيان ختامي لقادة مجموعة العشرين في بالي وعوداً أساسية «بمواصلة الجهود» لحصر الاحترار المناخي في العالم بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الحقبة الصناعية.
وشهدت قمة العشرين كذلك لقاء أساسياً بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ، اللذين قررا معاودة التعاون بين البلدين في مجال المناخ، علماً بأن الصين والولايات المتحدة هما على التوالي أكبر مسببين للانبعاثات في العالم. ورحب مراقبون بالبيان، معتبرين أنه طريقة لتحفيز المفاوضات التي دخلت أيامها الأخيرة.
وقال أني داسغوبتا مدير مركز الأبحاث «وورلد ريسورسيز إنستيتوت»: «الإشارات الإيجابية من قمة مجموعة العشرين تعطي نفحة جديدة للمفاوضات في مصر».
وتشكل غابة الأمازون المدارية التي تقع 60 في المائة من مساحتها الإجمالية في البرازيل، أكبر بئر للكربون في العالم، ومن هنا أهميتها القصوى لمكافحة الاحترار المناخي. وبسبب الاحترار وقطع الأشجار، باتت الغابة في وضع هش جداً. وأظهرت دراسة نشرت في مارس (آذار) الماضي أن الغابة أصبحت تقترب بسرعة أكبر من المتوقع من «نقطة اللاعودة» التي قد تحولها إلى سافانا (أرض عشبية مع موسم جفاف طويل). وأكدت وزيرة البيئة البرازيلية السابقة مارينا سيلفا العضو في فريق الرئيس المنتخب التي قد تتولى هذه الحقيبة مجدداً أن حماية الأمازون «ستشكل أولوية استراتيجية» بعد تولي لولا مهامه في الأول من يناير 2023.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

الاقتصاد رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

اتفقت دول العالم، بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في اليوم الأخير من القمة (إ.ب.أ)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

نجحت البرازيل بصفتها الدولة المضيفة في إدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة النهائية لقمة العشرين بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ.

خاص قام أفراد المجتمع بزراعة أكثر من مليون شجيرة في متنزه ثادق السعودي لإصلاح الأراضي المتدهورة ومعالجة التصحر (برنامج الأمم المتحدة للبيئة)

خاص ثياو قبل «كوب 16»: العالم يحتاج 355 مليار دولار سنوياً لمكافحة التصحر

مع اقتراب انعقاد «كوب 16» يترقّب العالم خطوات حاسمة في معالجة أكبر التحديات البيئية التي تواجه كوكب الأرض.

آيات نور (الرياض)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.