مع ولادة الطفل رقم 8 مليار... تعرف على أطفال المليارات 5 و6 و7

كوفي عنان حاملاً عدنان ميفيتش الطفل رقم ستة مليار في العالم (الأمم المتحدة)
كوفي عنان حاملاً عدنان ميفيتش الطفل رقم ستة مليار في العالم (الأمم المتحدة)
TT
20

مع ولادة الطفل رقم 8 مليار... تعرف على أطفال المليارات 5 و6 و7

كوفي عنان حاملاً عدنان ميفيتش الطفل رقم ستة مليار في العالم (الأمم المتحدة)
كوفي عنان حاملاً عدنان ميفيتش الطفل رقم ستة مليار في العالم (الأمم المتحدة)

قالت الأمم المتحدة إن عدد سكان العالم وصل إلى 8 مليارات نسمة بحلول أمس (الثلاثاء) 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022. وذلك بعد 11 عاماً من تجاوز السبعة مليارات نسمة.
وكتبت إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية على موقعها الرسمي على الإنترنت أن عدد سكان العالم ينمو بأبطأ معدل له منذ عام 1950.
ولفتت الأمم المتحدة إلى انخفاض معدلات الخصوبة بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة في العديد من البلدان، وتوقعت أن ينخفض عدد سكان 61 دولة أو منطقة بنسبة 1 في المائة أو أكثر بين عامي 2022 و2050. بسبب استمرار انخفاض الخصوبة وارتفاع معدلات الهجرة.
ومع ولادة الطفل رقم 8 مليار في العالم، أشار تقرير نشرته شبكة «بي بي سي» البريطانية إلى بعض الأطفال الذين اختارتهم الأمم المتحدة في السنوات السابقة لتمثيل وصول التعداد السكاني إلى خمسة وستة وسبعة مليارات.
* الطفل رقم 5 مليار:
هو ماتيج غاسبار، الذي ولد في يوليو (تموز) 1987 بمدينة زغرب في كرواتيا.
وأثارت ولادة غاسبار ضجة واسعة وأحاط به المراسلون والصحافيون بكاميراتهم بعد دقائق من ولادته، لتسجيل هذه اللحظة المميزة.
ويقول مسؤول الأمم المتحدة حينها، البريطاني أليكس مارشال، إنه كان عالقاً في مؤخرة موكب سيارات خارج المستشفى التي ولد بها غاسبار، معرباً عن شعوره بالمسؤولية إلى حد ما عن «الفوضى»، التي حدثت في الغرفة التي ولد بها الطفل.
وما زال غاسبار يعيش في زغرب وهو متزوج ويعمل مهندساً كيميائياً، لكنه يتجنب الحديث إلى وسائل الإعلام.
* الطفل رقم 6 مليار:
يدعى عدنان ميفيتش، وقد ولد في عام 1999 في البوسنة والهرسك، التي تعتبر واحدة من أسرع دول العالم تراجعاً في عدد السكان.
ويحمل عدنان شهادة ماجستير في الاقتصاد، ولكنه لم يحصل بعد على أي وظيفة، الأمر الذي دفعه للتفكير في الانتقال إلى أي دولة أخرى بحثاً عن عمل.
وتحدثت فاطمة والدة عدنان عن ذكرياتها الخاصة بيوم ولادته، قائلة: «تجمع الأطباء والممرضات والصحافيون حول سرير عدنان، وأدركت أن هناك شيئاً ما غير عادي يحدث، لكنني لم أستطع معرفة ما هو».

وتابعت: «لكن بعد دقائق، جاء الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك كوفي عنان للمستشفى وأعلن أن عدنان هو الطفل رقم ستة مليار في العالم».
وأشار عدنان إلى أن أكثر ما جعله يشعر أنه مميز لتصنيفه رقم ستة مليار هو تلقيه دعوة للقاء لاعب كرة القدم البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي كان يلعب في فريق ريال مدريد الإسباني حينها، والذي يعتبره لاعبه المفضل.
* الطفلة رقم 7 مليار:
هي ساديا سلطانة أوشي، التي ولدت عام 2011. وتعيش في قرية خارج مدينة دكا عاصمة بنغلاديش.
ووُلدت أوشي بعد حلول منتصف الليل بدقيقة واحدة، وأحاطت بها وسائل الإعلام والصحافيون ومسؤولون محليون.

وتقول أوشي إنها تحلم بأن تصبح طبيبة في المستقبل، فيما أشار والدها إلى أنه سيفعل ما في وسعه لتحقيق حلمها، رغم أن حالتهم المادية ليست جيدة إلى حدٍ كبيرٍ، حيث تأثرت أعمالهم بشكل كبير بسبب وباء «كورونا».



فيضُ الذاكرة يُجابه شحَّ المطر... الفلسطينية «بنت مبارح» تُقاوم بالموسيقى

تُعلن التزامها بنسق آخر من المعرفة يُعاش ولا يُدرَّس (صور «بنت مبارح»)
تُعلن التزامها بنسق آخر من المعرفة يُعاش ولا يُدرَّس (صور «بنت مبارح»)
TT
20

فيضُ الذاكرة يُجابه شحَّ المطر... الفلسطينية «بنت مبارح» تُقاوم بالموسيقى

تُعلن التزامها بنسق آخر من المعرفة يُعاش ولا يُدرَّس (صور «بنت مبارح»)
تُعلن التزامها بنسق آخر من المعرفة يُعاش ولا يُدرَّس (صور «بنت مبارح»)

تُفضّل الفنانة الصوتية والموسيقية الفلسطينية المعروفة باسم «بنت مبارح» اعتمادَ اسمها المسرحي، والابتعاد عن ذِكْر اسمها الحقيقي. وُلِد هذا الاسم من غياب المُعلّم؛ ذاك الغياب الذي شكَّل ملامح تجربتها، ليُصبح الاسم ذاته اعتراضاً صامتاً، وتوثيقاً حيّاً لواقع فنّي نشأ خارج أسوار المعهد، حيث يغيب المرشد الموسيقي، لتتقدَّم مساحاتٌ فارغة تُملأ بالتجريب. هو اعترافٌ شفّاف يحمل في جوهره تمرّداً: «أنا غير موسيقية»، تقولها لـ«الشرق الأوسط»، وكأنها تُعلن التزامها بنسق آخر من المعرفة، يُعاش ولا يُدرَّس.

ممارسات «بنت مبارح» تنتمي إلى حقل الصوت والفعل، مُتجذِّرةً في البحوث، والتقاطُع مع التراث الشعبي الفلسطيني، حيث تُعاد قراءة الدلالات عوض استنساخها. التقيناها في فترة الاستراحة بين الجلسات الحوارية ضمن برنامج «مفكرة أبريل» التابع لبينالي الشارقة، وهناك شدَّدت على ابتعادها عن التقنية الأكاديمية. فنُّها وليد التجربة، يستغني عن المنهج؛ ووليد احتكاك دائم مع الذاكرة، والواقع. تقول: «نحاول إيجاد ديمومة للتراث الفلسطيني عبر التجريب، لا عبر التقليد. نقرأ التراث، ونحاوره، عوض أن نُعيد تمثيله فقط».

اسمها توثيق حيّ لواقع فنّي نشأ خارج أسوار المعهد (صور «بنت مبارح»)
اسمها توثيق حيّ لواقع فنّي نشأ خارج أسوار المعهد (صور «بنت مبارح»)

في عرضها، «طوفان الطقوس»، تُقدّم مقطوعات صوتية وموسيقية مُستَلهمة من الفولكلور الفلسطيني المُرتبط بالماء. عرضٌ يقف في وجه الإبادة، سواء كانت جينية، بيئية، أو معرفية. تُسائل من خلاله العلاقة الحميمة بين الصوت والماء؛ تلك الأغنيات التي رافقت مواسم المطر والاستسقاء، والتي كانت تُغنَّى تبجيلاً، وتوسّلاً، ومقاومة. عبر أغنيات البحر، وأغنيات المطر، والشهادات الحيّة، والمقاطع الأرشيفية، تتأمّل الفنانة في البُعد السياسي والشعري لهذه التقاليد، وترى في الأغنية وسيلة تعليمية مشبَّعة بالحكمة البيئية، وفي المسطحات المائية، شاهدةً حيَّة على ذاكرة جمعية.

سردية شحّ المياه في فلسطين محور أغنياتها (صور «بنت مبارح»)
سردية شحّ المياه في فلسطين محور أغنياتها (صور «بنت مبارح»)

نسألها عن ارتباطها بأغنيات الماء، فتعود إلى سردية شحّ المياه في فلسطين؛ تلك التي روَّج لها الاحتلال في إطار السردية الاستعمارية، حتى أصبحت كأنها واقعٌ غير قابل للجدل: «من خلال أغنيات الاستسقاء، نفهم أنّ الاحتلال الإسرائيلي ليس مَن يُخبرنا ماذا يحدث في أرضنا؟ ولا هو مَن يسأل، أو يُحصي نسبة المتساقطات كلّ عام. لسنا بحاجة إلى منطقه كي نعرف أرضنا. الماء هو مفتاح موسيقاي».

تفتح «بنت مبارح» أبواب الأسئلة: «هل نحن حقاً في أزمة شحّ مياه؟ أم أنّ ذلك ما يريد لنا الاحتلال أن نُصدّقه؟ كيف يكون هناك شحّ والمستوطن يسيطر على برك المياه؟ كيف يُحدِّث الناس عن الجفاف، وهو مَن ينعم بمزارع المانجو مثلاً؟».

ترفض الاستقلالية المسروقة حتى في زراعة حديقة المنزل (صور «بنت مبارح»)
ترفض الاستقلالية المسروقة حتى في زراعة حديقة المنزل (صور «بنت مبارح»)

تؤمن بأنَّ في الغناء تكمُن أشكال حوكمة فلسطينية أصلانية، تتحدَّى هذه السرديات من جذورها. وتسترجع صلاة الاستسقاء في قريتها القريبة من نابلس، الهادفة إلى إعادة التوازن في توزيع المطر، فتُشير إلى أنّ هذه الممارسات موثَّقة في الأغنيات الشعبية، وهي تحفظ ذاكرةَ الشكّ بواقع مفروض، يُقال إنه «شحّ»، لكنها تراه بنظرة أخرى. تروي: «حين زرتُ بلدات في فلسطين، وسألتُ نساءً عن أغنيات الاستسقاء، وجدتُ أنّ هذه الأغنيات ترتبط بمواقع جغرافية محدّدة جداً. يعنيني المطر، ويُشكل محور ذكرياتي، كما ظلَّ شاغلي منذ الطفولة. كبرتُ وسردية الاحتلال لا تفارقني: ممنوع تجميع الأمطار في مناطق (باء) و(جيم)، بينما في مناطق (ألف)، المحدودة فقط في الضفة الغربية، يُسمح بذلك. لقد سُرِقت استقلاليتنا، حتى في زراعة حديقة المنزل».

شغلها المطر منذ الطفولة (صور «بنت مبارح»)
شغلها المطر منذ الطفولة (صور «بنت مبارح»)

ترعرعت في فلسطين، وتقيم اليوم في لندن، لكنها تَحفُر دائماً نحو تلك المعلومات الدفينة التي لا تظهر في الوثائق الرسمية. فما تصنعه «بنت مبارح» هو «خريطة مؤدّاة»، لا تُقرأ في الكتب، ولا تُرسم على الورق، وإنما تنبض في الذاكرة، ونَفَس العيش. تقول: «هذه الخريطة كانت مفاجأتي الكبرى خلال بحثي، فقد تعلّمتُ منها كيف نُحاكي المطر، وكيف نحكم ونُطالب بالعدل في توزيع المياه. إنها خريطة نرسمها بغنائنا، بصوتنا، بجغرافيتنا التي لا تنفصل عن أجسادنا».

في فنّها، يتجسّد الموقف عبر الارتجال. ترفض التسجيلات الثابتة، وتصرُّ على الغناء المباشر، كونه نوعاً من التوثيق الحيّ، إلى درجة أن يصبح الصوت ذاته فعلاً سياسياً: «أحاولُ القول من خلال الغناء إنّ هناك إنساناً حيّاً يتقن الأداء، ويوثِّق عبر النَّفَس، لا عبر الميكروفون فقط. ما أبحث عنه هو توثيق حيّ يتجاوز الخيال التراثي. على المسرح، نُعلن وجودنا».

بصوتها، وارتجالاتها، وبإيمانها بأنّ الموسيقى يمكن أن تكون طريقة للعيش لا مجرَّد تقنية، تُعيد «بنت مبارح» تعريف المُعاصَرة الفلسطينية، حيث يتحوّل المطر إلى نغمة، والأغنية إلى مقاومة، والصوت إلى خريطة بديلة للوطن.