مقهى ثقافي مجاني وصالون أدبي {باذخ» في قلب العاصمة المنكوبة

خيرات الزين ونوال الحوار تعصمان بيروت من التصحر

جانب من الحضور في إحدى الفعاليات
جانب من الحضور في إحدى الفعاليات
TT

مقهى ثقافي مجاني وصالون أدبي {باذخ» في قلب العاصمة المنكوبة

جانب من الحضور في إحدى الفعاليات
جانب من الحضور في إحدى الفعاليات

الذين نظروا إلى المدن بوصفها نساء متنكرات، أو حالة من حالات الأنوثة الكونية، لم يكونوا مخطئين تماماً، ولم يجافوا الحقيقة بشيء، إذا ما اعتبرنا هذه الأخيرة حالة من حالات المجاز؛ ذلك لأن المدن كالنساء، لكلّ روحها ومذاقها وعطرها وطابعها الخاص. كما أن بينها الجميلة والدافئة والمغوية والطافحة بالحيوية، وبينها القبيحة والسقيمة والبليدة والباعثة على الضجر. وكما هو حال النساء أيضاً، فإن لكل مدينة مفاتيحها وشفراتها المتباينة غموضاً ووضوحاً، سهولةً وتمنعاً، بحيث يبدو بعضها متاحاً لكل عابر سبيل، وبعضها الآخر مستتراً وراء طبقات كثيفة من الأحجيات. كما أن بين المدن من تشبهن الحبيبات اللواتي يأسرننا من النظرة الأولى، ولا يطال سحرهن الذبول، وبينهن من تشبهن العشيقات العابرات اللواتي نقع في شباك إغوائهن لفترة قصيرة، قبل أن تؤول أصباغهن الزائفة إلى التحلل، وبينهن اللواتي تحدبن على الزائر والنزيل حدب الأمهات على أطفالهن.
والواقع أن بيروت هي من بين المدن القليلة التي استطاعت أن توائم عبر الزمن بين كل هذه الوجوه مجتمعة، وأن تشكل خليطاً نادر الحدوث من المدينة العشيقة والمدينة الأم، وأن تكون مزيجاً موازياً من المدينة الريفية والمدينة المعولمة. ولعل نظرة متفحصة إلى واقع العاصمة المتوسطية تُظهر أن جانبيها: الريفي والمعولم يتداخلان في غير زاوية من الزوايا، بحيث إن ألفة العيش والحفاظ على التقاليد الموروثة، المتأتيين من مصدر ريفي، وبخاصة في فترات السلم الأهلي، لا يلغيان الجانب المعولم من المدينة، الذي تعكسه رحابتها الإنسانية وتنوعها الثقافي وانفتاحها على الآخر، بقدر ما تعكسه شرفاتها المطلة على الخارج، ومقاهي رصيفها التي تتقاسم مع الشوارع قوة الحياة وبهجتها وديناميتها المتجددة. كما أن هذين الوجهين للمدينة قد أسهما في نشوء ظاهرة الحانات الثقافية ذات المناحي الاستثمارية المتصلة باقتصاد الثقافة من جهة، كما أنتجا الصالونات الأدبية المنزلية و«غير الربحية» من جهة أخرى.
على أن الهدوء والرخاء النسبيين اللذين نعمت بهما المدينة في العقدين التاليين للحرب، ما لبثا أن أخليا مكانيهما للتوترات السياسية والأهلية، كما للانهيار الاقتصادي التدريجي الذي زاد من تفاقمه فساد السلطات المتعاقبة، ووباء الـ«كورونا» والانفجار الزلزالي لمرفأ المدينة.
وفي حين بدأت الحانات الثقافية بالإقفال واحدة تلو الأخرى، إثر عجز مستثمريها من المثقفين عن دفع أكلافها الباهظة، كما كان حال «جدل بيزنطي» و«شبابيك» و«دينامو» و«زوايا» وغيرها، فإن معظم الصالونات الثقافية المنزلية قد آلت بدورها إلى الإقفال، كنتيجة حتمية لانهيار الطبقة الوسطى وعجز أصحابها عن القيام بموجبات الضيافة، كما تقتضي التقاليد اللبنانية. أما ثالثة الأثافي فقد تمثلت بإعلان النادي الثقافي العربي قبل سنوات أربع عن تعذر الاستمرار في إقامة معرض بيروت للكتاب، ليس فقط بفعل الاستشراء المتعاظم لوباء الـ«كورونا»، بل بفعل الانهيار الاقتصادي الكارثي الذي تآكلت بسببه رواتب اللبنانيين ومداخيلهم.
وسط هذا الوضع الخانق للعاصمة اللبنانية، ارتأت الفنانة التشكيلية اللبنانية خيرات الزين أن تحول المبنى الذي تملكه في رأس بيروت إلى مجمع سكني لإقامة العديد من الإعلاميين والكتاب والنخب المثقفة، بعد أن قررت تقاضي بدلات إيجار منخفضة تتناسب مع الوضع المعيشي المتدهور لهذه النخب. وحين بدأت مقاهي الرصيف في شارع الحمراء ترفع أسعارها بشكل تصاعدي، وآثر الكثير من الكتاب النزوح إلى المقاهي ومداخل الحوانيت والزوايا الأقل كلفة الموزعة بين متفرعات الشارع، لم تتوان الزين عن إخلاء الطابق الأرضي من المبنى الذي تملكه، والمقابل لقصر الحريري المقفل، من مستأجريه، وتحويله إلى مقهى مجاني لأصدقائها الكثر من المثقفين والمشتغلين بالكتابة.


نوال الحوار في صالونها الأدبي - خيرات الزين في المقهى الخاص بها

والواقع أن خيرات الزين منذ مغادرتها الجنوب اللبناني متجهة إلى بيروت قبل عقود من الزمن، لم تتأخر في ترك بصمتها الخاصة على مستويين اثنين؛ المستوى إلا بداعي الذي عبرت عنه من خلال لوحاتها الفنية التي تتأرجح بين الأسلوبين الواقعي والتعبيري، والمستوى الشخصي والإنساني الذي ترفده بالألفة عيناها المشعتان ببريق أمومي وابتسامتها النديّة التي توزعها بالتساوي على الحاضرين. والزين التي أقامت عبر مسيرتها الفنية عدداً من المعارض الفردية والجماعية، ما لبثت أن توجت مسيرتها التشكيلية بكتاب «منام الماء» الذي عملت من خلاله على «تأنيث» الحرف العربي المنحني كالأهلّة على ماضيه الجنيني من جهة، وعلى اجتراح سردياتٍ للحروف مشتقةٍ من ترجيعاتها المحسوسة والمتخيلة، من جهة أخرى.
ومع أن أكثر المترددين إلى «مضافة» خيرات المظللة بالأشجار المعمرة، والغارقة منذ سنوات في هدوئها الدهري، كانوا يحسبون أن بادرتها تلك، لا تعدو كونها حالة مؤقتة، وأن الأمور لن تلبث أن تتغير بعد حين، ليتم إدخال المقهى في دورة الاستثمار التقليدي للأماكن المدينية، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، بل راح مثقفون جدد يتقاطرون إلى المكان، خاصة أن الفنانة ذات الابتسامة الدائمة، رفعت منسوب الضيافة، لتشمل إلى القهوة والشاي والمشروبات الساخنة، ضروباً متنوعة من الفاكهة والعصائر والحلوى. وفي وقت لاحق تحول المقهى وفناؤه الخارجي، إلى فضاء ثقافي يومي تُعلق اللوحات على جدرانه، وتقام فيه المعارض والندوات وحلقات الحوار، وتناقش الإصدارات الجديدة بمختلف عناوينها وأشكالها. ومن بين الأنشطة التي أطلقتها الزين في مقهاها الثقافي، توقيع الشاعر اللبناني محمد حمود لديوانه «رماد العمر»، ورشيد الضعيف لروايته «الوجه الآخر للظل»، والكاتب يحيى حمود لروايته «رحيل»، وإقامة معرضين تشكيليين لكل من الفنانين عمران القيسي وعبد المولى العويني، إضافة إلى اللقاء الحاشد الذي استضافه المقهى تكريماً للشاعر الراحل حسن عبد الله.
أما نوال الحوار التي وصلت إلى بيروت بهدف الدراسة، قادمة من القامشلي في منتصف تسعينات القرن المنصرم، ومتحدرةً من قبيلة طي الشهيرة، فقد بدت لحظة دخولها مقهى الكافي دو باري في الحمراء، بعباءتها المقصبة وسمرتها الجذابة وشعرها الأسود المنسدل على كتفيها، واحدة من أميرات بادية الشام اللواتي عملت مواطنتها الكاتبة لينا هويان الحسن على تظهير سيَرهن المشوقة، في رائعتها الروائية «سلطانات الرمل». على أن الحوار لم تكن لترضى بأن يشكل الجمال وحده بطاقة انتسابها إلى المدينة الخارجة للتو من حربها الأهلية الدامية، فحرصت على رفد موهبتها الشعرية بما يلزمها من أسباب التطور والنماء، مصدرة مجموعات شعرية عدة، من بينها «القطا في مهب العطش» و«تغريبة الغزالة»، كما عملت في مجال الإعلام المرئي، مقدمةً العديد من البرامج الثقافية المميزة.
ومنذ عام ونصف عام تقريباً، عقدت الحوار العزم على تحويل المنزل الذي تمتلكه في محلة رأس النبع، إلى صالون ثقافي سمته «صالون 15»، مشيرة بذلك إلى عدد الأشخاص الذين يمكن استيعابهم في ردهة الاستقبال، ومتجنبة الحرج الذي يسببه لها بعض الملحين على الحضور. ومع أن صاحبة «قهوة المساء» لم تكف عن استقبال أعداد إضافية من الكتاب، والكاتبات على نحو خاص، بقدر كبير من الحفاوة والمرح وكرم الضيافة، إلا أن هذه الأعداد لم تكف عن التزايد، خاصة أن الندوات المقامة تكون متبوعة في العادة بأطباق شهية من الأطعمة، وبأخرى مماثلة من الفاكهة والحلوى. كما أن أنشطة الصالون لم تقتصر على المحاضرات والأمسيات التي أحياها عدد من المفكرين والشعراء والكتاب العرب، من أمثال عبد الحسين شعبان وحسن عبد الحميد وسهيل زافارو وفارس حرام وسامي كليب وفيصل جلول ونصري الصايغ وحسان الحديثي وجميلة حسين وليندا نصار ولوركا سبيتي ويسرى بيطار وحنان فرفور وأسيل سقلاوي وخليل حمادة، بل كثيراً ما تخللت الأنشطة المعقودة أو تبعتها فواصل غنائية وموسيقية وترفيهية، وفقاً لمقتضيات السهرات وطبيعتها والمشاركين فيها.
وإذ تنبغي الإشارة أخيراً إلى أن نفحة من الحياة بدأت منذ أشهر بالسريان في أوصال المدينة المنهكة، سواء من خلال عودة معرض بيروت الدولي للكتاب إلى فتح أبوابه بعد أربع سنوات من الإغلاق، أو عبر مزاولة بعض الصالونات والمنتديات الثقافية لأنشطتها السابقة، أو مواظبة «مسرح المدينة» على تقديم عروضه، فإن ما تبذله الرسامة الزين والشاعرة الحوار من جهود شخصية حثيثة لوصل المدينة ببعض وهجها القديم، هو أمر يستحق التقدير والمؤازرة، في زمن الخيبات المتلاحقة والانهيارات الكبرى والتصحر الثقافي والروحي.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

احتفاء مصري واسع بفوز «رفعت عيني للسما» في «كان»

من كواليس الفيلم المصري «رفعت عيني للسما» (الشركة المنتجة)
من كواليس الفيلم المصري «رفعت عيني للسما» (الشركة المنتجة)
TT

احتفاء مصري واسع بفوز «رفعت عيني للسما» في «كان»

من كواليس الفيلم المصري «رفعت عيني للسما» (الشركة المنتجة)
من كواليس الفيلم المصري «رفعت عيني للسما» (الشركة المنتجة)

حظي اقتناص الفيلم التسجيلي المصري «رفعت عيني للسما» جائزة «العين الذهبية» في مهرجان «كان»، مناصفة مع فيلم «إرنست كول... لوست آند فوند»، باحتفاءٍ واسع في مصر، مع إشادات نقدية لدى مشاهدة العرض الأول للفيلم خلال فعاليات الدورة الـ77 من المهرجان السينمائي الدّولي.

ويعدّ هذا الفيلم أول فيلم تسجيلي مصري يشارك في المهرجان، وعُرض ضمن برنامج «أسبوع النقاد»، وهو من إخراج الزوجين ندى رياض وأيمن الأمير، في ثاني تجاربهما السينمائية بعد فيلم «نهايات سعيدة» الذي عُرض عام 2016.

ويتناول «رفعت عيني للسما» فريق مسرح «بانوراما برشا»، وهي فرقة مسرحية متجولة من قرية «البرشا» في صعيد مصر، ونشاهد رحلة تأسيس مجموعة فتيات للفرقة، ومواجهتهن تحديات خلال عروضهن المسرحية المتجولة في شوارع قريتهن، كما يواجهن مشكلات مرتبطة بالزواج المبكر والعنف الأسري.

واستغرق تصوير الفيلم 4 سنوات بجانب عامين من التحضير، بقي خلالهما مخرجا العمل في القرية مع أعضاء الفرقة وأقاربهن ضمن تحضيرات تصوير الفيلم الذي يمتد لأكثر من 100 دقيقة، وحظي بردود فعل نقدية إيجابية، مع القضايا المتعدّدة التي تُطرح خلال الأحداث.

الملصق الدّعائي للفيلم (الشركة المنتجة)

واقعية الفيلم الشديدة كانت أحد الأسباب الرئيسية في تميّزه، من وجهة نظر طارق الشناوي، الناقد الفني المصري الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «مخرجيْ الفيلم استطاعا الحفاظ على تلقائية الأبطال أمام الكاميرا بصورة كبيرة؛ ما جعل المشاهد يشعر كأنه يعيش معهن في رحلة حياتهن».

وأضاف أن «الفيلم طرح أفكاراً كثيرة، وسلّط الضوء على فتيات لديهن طموح لتقديم أعمال فنية في بيئة تتّسم بالمحافظة التي تصل لدرجة التشدد أحياناً»، مؤكداً أن «رسالة الفيلم ترتبط بقُدرة الفتيات على تغيير الواقع وتحديه».

وذكر أحمد شوقي، رئيس الاتحاد الدولي للنقاد، أنه تابع الفيلم في مراحل تحضيره التي كان آخرها في اختياره بملتقى «الجونة» في النسخة الماضية، مع اقتراب اكتماله، متوقعاً أن «يكون للعمل مكانة مهمة في المهرجانات السينمائية خلال العام الحالي بوصفه من أهم الإنتاجات المصرية والعربية».

ويؤكد شوقي لـ«الشرق الأوسط» أنه «على الرغم من كون الجائزة التي حصل عليها الفيلم من الجوائز الفرعية التي تُمنح على هامش المهرجان فإنها اكتسبت أهمية كبيرة منذ بدايتها عام 2015، وغالبية الأفلام التي حصدتها نالت جوائز عدة عالمياً، ورُشحت للأوسكار بوصفها أفضل أفلام العام».

وعدّت الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة المصرية، هذا الفوز «إنجازاً هاماً» للسينما المصرية، ويعكس موهبة المخرجَين ندى رياض وأيمن الأمير، وقدرتهما على تقديم عمل فني إبداعي يتناول قضايا إنسانية هامة بطريقة مؤثرة، وفق بيان رسمي (السبت).

ومن جانبه، يصف أحمد العياد، الناقد السعودي الفيلم بأنه «من أهم الأفلام التسجيلية التي شاهدها خلال السنوات الأخيرة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه شعر خلال متابعة الأحداث بحالة من التّرقب لمصير الفتيات وفرقتهن بجانب تسليطه الضوء على جوانب مختلفة من حياتهن في الصعيد.

وأضاف العياد أن «القضايا التي طرحها الفيلم تترك مساحة للمتلقي للتفكير في اختيارات الفتيات وقدرتهن على مواجهة ظروف صعبة من أجل تقديم ما يحبون من أعمال فنية، وهو أمر يشترك فيه عشّاق الفن ليس في صعيد مصر فقط، ولكن في كثير من الأماكن بعالمنا العربي التي لا توفر فرصاً حقيقية لتقديم المواهب الفنية واكتشافها».

ويعود رئيس الاتحاد الدّولي للنّقاد للتأكيد على «رسائل الأمل التي يمنحها الفيلم للفنانين وأصحاب المواهب الموجودين خارج العاصمة»، لافتاً إلى أن ذلك «يذكّر الدولة بأهمية البحث عن المواهب الفنية في مختلف القُرى والمدن المصرية، كما كان يحدث في الماضي».

وهو رأيٌ يدعمه الناقد المصري محمد طارق الذي يشير إلى «دفاع الفيلم عن الحق في الثقافة بوصفه من حقوق الإنسان»، مشيداً بـ«قدرة مخرجي الفيلم على توفير أجواء إيجابية لبطلاتهما ليظهرن بتلقائية أمام الكاميرا، رغم صعوبة مكان التصوير، وضيق المساحات التي يمكن الحركة فيها داخل قرية صغيرة تحكمها عادات وتقاليد مجتمع مغلق محافظ».


مصر: القضايا الاجتماعية تسيطر على عروض «جمعية الفيلم»

أفيش «بيت الروبي» (إدارة المهرجان)
أفيش «بيت الروبي» (إدارة المهرجان)
TT

مصر: القضايا الاجتماعية تسيطر على عروض «جمعية الفيلم»

أفيش «بيت الروبي» (إدارة المهرجان)
أفيش «بيت الروبي» (إدارة المهرجان)

سيطرت القضايا الاجتماعية على عروض مهرجان جمعية الفيلم المصرية الذي يحتفي بمرور خمسين عاماً على إطلاقه، ويقيم دورته الذهبية تحت شعار «تحيا المقاومة... تحيا فلسطين»، حيث كشف عن اختيار 4 أفلام فقط تتنافس على جوائزه عبر استفتاء شارك به أعضاء الجمعية والنقاد، والمفارقة أنها تطرح جميعها قضايا اجتماعية، وهي أفلام «19 ب» للمخرج أحمد عبد الله السيد، الذي يتناول قصة حارس عقار قديم يعيش في فيلا قديمة يقتحم حياته شاب في مواجهة لم يتوقعها، و«بيت الروبي» إخراج بيتر ميمي، الذي يعرض لقضية سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي على حياة الناس.

فيلم «وش في وش» (إدارة المهرجان)

ويتنافس فيلم «وش في وش» للمخرج وليد الحلفاوي، الذي يروي قصة خلاف بين زوجين سرعان ما يتصاعد بتدخل أسرتيهما وأصدقائهما، و«فوي فوي فوي» للمخرج عمر هلال الذي يناقش قضية الهجرة عبر محاولة بطله السفر مع فريق من فاقدي البصر، بينما سيعرض خارج المنافسة فيلم «شماريخ» للمخرج عمرو سلامة.

أفيش فيلم «19 ب» (إدارة المهرجان)

ويُنظّم المهرجان برعاية وزارة الثقافة خلال الفترة من 1 إلى 12 يونيو (حزيران) المقبل، في دار الأوبرا المصرية، وقد اختارت إدارته الفنان حسين فهمي ضيف شرف دورته الجديدة، وإهداؤها لاسم الفنان الراحل صلاح السعدني، والمؤلف د.عصام الشماع.

وتخضع الأفلام الأربعة المتنافسة على الجوائز للجنة تحكيم برئاسة المخرج هاني لاشين، وتضم المونتيرة د. رحمة منتصر، ود. رانيا يحيى عميدة معهد النقد الفني، والمخرج عادل الأعصر، والنقاد طارق الشناوي، وماجدة خير الله، وماجدة موريس، ووليد سيف، والمخرج عمر عبد العزيز، ود. غادة جبارة رئيسة أكاديمية الفنون، ومدير التصوير د. محسن أحمد، ود. محمود محسن أستاذ الديكور في معهد السينما، ومهندس الصوت مجدي كامل.

ويفسر الناقد رامي المتولي، عضو مجلس إدارة جمعية الفيلم لـ«الشرق الأوسط» قلة عدد الأفلام المتنافسة (4 أفلام مصرية فقط من بين 42 فيلماً عرضت في 2023)، بأنه يعود لأزمة تواجهها السينما المصرية، التي تركّز منذ سنوات على الأفلام ذات الصبغة التجارية والتي لا يراعي أغلبها الشروط الفنية، لافتاً إلى «أن هناك أفلاماً من بين الأربعة المختارة تُعد تجارية، لكنها تتضمّن اهتماماً بكامل العناصر الفنية».

فيلم «حمى البحر المتوسط» (إدارة المهرجان)

ويُرجع المتولي سيطرة الأفلام الاجتماعية إلى غياب التنوع الإنتاجي، قائلاً: «تسيطر الميلودراما والتراجيديا أو الكوميديا على الإنتاج المصري، في حين نفتقد مثلاً لأفلام الفانتازيا والواقعية السحرية، وآخر من قدمها كان المخرج الراحل رأفت الميهي».

ويؤكد المتولي على أهمية جوائز المهرجان التي تحظى باهتمام السينمائيين كل عام بوصفه مهرجاناً يتوجه للسينما المصرية، معززاً ذلك لطريقة اختيار الأفلام المتنافسة عبر مرحلتين، استفتاءً ومن ثمّ لجنة تحكيم شاملة لجميع فروع الفن السينمائي، وتضمّ العام الحالي أعضاء ممن شاركوا في لجان تحكيم سابقة منذ تأسيسه.

وفي إطار احتفاله باليوبيل الذهبي يعرض المهرجان 3 أفلام من بين الأفلام العربية، التي عُرضت في مصر، وقد فازت بتصويت الجمهور والنقاد في الاستفتاء، وهي الفيلم الفلسطيني «حمى البحر المتوسط» للمخرجة مها الحاج، والسوداني «وداعاً جوليا» للمخرج محمد كردفاني، واللبناني «علم» للمخرج فراس خوري، إذ يحضر بعضُ صناعه وتنظّم ندوة مع الجمهور عقب عرض كل فيلم.

بوستر اليوبيل الذهبي (إدارة المهرجان)

وكشف د. محمود عبد السميع رئيس المهرجان عن إعادة تقديم جائزة أحسن فيلم أجنبي مرة أخرى بعد أن توقّفت منذ سنوات، موضحاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «المهرجان سيُكرّم أنطوان زند، أقدم موزع للأفلام الأجنبية في مصر، وأيضاً الناقد سمير غريب الذي ساهم في استمرار المهرجان بحصوله على دعم وزارة الثقافة».

ويشير عبد السميع إلى أنه أسّس المهرجان مع الناقِدَين سامي السلاموني، وسمير فريد عام 1974، وكان مشرفاً عاماً على المهرجان على مدى دوراته ومن ثمّ رئيساً له. مشدداً على دور المهرجان في إثراء الثقافة السينمائية عبر مناقشة الأفلام بحضور أعضاء الجمعية وصنّاع الأفلام، وثقة السينمائيين بجوائزه منذ إطلاقه.


الوشم يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

يرغب البعض في التعبير عن هويتهم من خلال الوشم (بيكساباي)
يرغب البعض في التعبير عن هويتهم من خلال الوشم (بيكساباي)
TT

الوشم يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

يرغب البعض في التعبير عن هويتهم من خلال الوشم (بيكساباي)
يرغب البعض في التعبير عن هويتهم من خلال الوشم (بيكساباي)

حققت مجموعة بحثية في جامعة «لوند» السويدية، في الآثار الصحية طويلة المدى للوشم، واختبرت نتائج الفريق البحثي مدى إمكانية أن يكون الوشم عاملاً خطراً للإصابة بسرطان الجهاز اللمفاوي، أو سرطان الغدد الليمفاوية.

تقول كريستال نيلسن، الباحثة في جامعة لوند، وقائدة الدراسة: «لقد حددنا الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بسرطان الغدد الليمفاوية من خلال السجلات السّكانية، وجرت مطابقتهم مع مجموعة مراقبة من الجنس والعمر نفسهما، ولكنهم غير مصابين بسرطان الغدد الليمفاوية».

وتشدّد نيلسن في بيان صحافي نُشر، الجمعة، على موقع الجامعة: «عندما يُحقن حبر الوشم في الجلد، يفسر الجسم ذلك على أنه شيء غريب عنه، فيُنشط جهاز المناعة. وعليه يُنقل جزءٌ كبيرٌ من الحبر بعيداً عن الجلد إلى العقد الليمفاوية».

والجهاز اللمفاوي هو جزء من الجهاز المناعي الذي يحمي الجسم من الإصابة بالعَدوى والأمراض، ويشمل الطحال والعُقَد الليمفاوية والقنوات الليمفاوية، بالإضافة إلى اللوزتين وأجزاء أخرى من الجسم.

وعادة ما يحصل معظم الأشخاص على أول وشم لهم في سن مبكرة، ممّا يعني أنهم يتعرضون لحبر الوشم عبر مدى زمني كبير من حياتهم.

وشملت الدراسة التي نُشرت في مجلة «إي كلينكال ميديسين»، 11905 شخصاً، من بينهم 2938 شخصاً ممن أصيبوا بسرطان الغدد الليمفاوية عندما كانت أعمارهم تتراوح بين 20 و60 عاماً، وأجاب المشاركون في الدراسة على استبيانٍ في عوامل نمط الحياة لتحديد ما إذا كانوا موشومين أم لا.

وتقول نيلسن: «بعد الأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى ذات الصلة، مثل التدخين والعمر، وجدنا أن خطر الإصابة بسرطان الغدد الليمفاوية كان أعلى بنسبة 21 في المائة بين أولئك الذين رُسموا بالوشم».

وتلفت نيلسن النظر إلى أنه «من المرجح أن يرغب البعض في التّعبير عن هويتهم من خلال الوشم، وبالتالي من المهم جداً أن نتأكد من أنه آمن طبياً».

وتابعت: «من الجيد معرفة أنّ الوشم يمكن أن يؤثر على صحتك، كما أنه يجب عليك اللجوء إلى مقدم الرعاية الصحية الخاص بك إذا كنت تعاني من أعراض مرضية تعتقد أنها قد تكون مرتبطة بالوشم.

وكانت هناك فرضية لدى المجموعة البحثية قبل الدراسة تقول بأن حجم الوشم سيؤثر على خطر الإصابة بسرطان الغدد الليمفاوية، إذ كانوا يعتقدون أن الوشم على كامل الجسم، قد يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان مقارنة بفراشة صغيرة على الكتف، على سبيل المثال».

ولكن بشكل غير متوقع، تبين أن مساحة سطح الجسم الموشوم ليست ذات أهمية. وهو ما تعلق عليه نيلسن: «لا نعرف حتى الآن سبب ذلك. لا يمكن للمرء إلا أن يتكهّن بأن الوشم، بغض النظر عن حجمه، يسبب التهاباً منخفض الدرجة في الجسم، الذي بدوره يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالسرطان. وبالتالي فإن الصورة أكثر تعقيداً ممّا كنا نحسبه في البداية». وأضافت: «من المهم أن نتذكر أن سرطان الغدد الليمفاوية مرض نادر وأن نتائجنا تنطبق على مستوى هذه المجموعة، لذا يجب علينا التّحقق من النتائج بشكل أكبر في دراسات أخرى».

ومن المقرر أن تواصل المجموعة البحثية إجراء دراسات أخرى فيما إذا كان هناك أي ارتباط بين الوشم وأنواع أخرى من السرطان. كما سيجرون المزيد من الأبحاث عن الأمراض الالتهابية الأخرى لمعرفة ما إذا كانت مرتبطة بالوشم.


احذر... علامتان خطيرتان تدلان على تعرّضك للتلاعب نفسياً وعقلياً في مكان العمل

يستخدم شاغلو المناصب العليا التلاعب لتعزيز ديناميكيات السلطة في مكان العمل (غيتي)
يستخدم شاغلو المناصب العليا التلاعب لتعزيز ديناميكيات السلطة في مكان العمل (غيتي)
TT

احذر... علامتان خطيرتان تدلان على تعرّضك للتلاعب نفسياً وعقلياً في مكان العمل

يستخدم شاغلو المناصب العليا التلاعب لتعزيز ديناميكيات السلطة في مكان العمل (غيتي)
يستخدم شاغلو المناصب العليا التلاعب لتعزيز ديناميكيات السلطة في مكان العمل (غيتي)

يستخدم علماء النفس مصطلح «الإضاءة الغازية» للإشارة إلى نوع من الإساءة النفسية الخطيرة، يقوم على التلاعب بالعقول، من خلال زعزعة ثقة شخص ما في نفسه، وإشعاره بالخوف والضعف، وإقناعه بأنه موهوم أو مجنون؛ عبر التشكيك في علاقاته بالآخرين، وتُعد «الإضاءة الغازية» في مكان العمل هي شكل من أشكال التلاعب النفسي حيث يقوم شخص أو مجموعة بجعل الفرد المُستهدف يُشكك في ذاكرته أو إدراكه أو عقله أو الواقع نفسه.

ويمكن أن تكون لـ«الإضاءة الغازية» عواقب وخيمة على الصحة العقلية، حيث يُمكن أن تؤدي إلى الشك في الذات والقلق حتى الاكتئاب، وفقاً لما نشره موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية والعلوم السلوكية.

ويحدث هذا السلوك غالباً في البيئات المهنية، حيث قد يحاول مرتكب السلوك تقويض ثقة وكفاءة هدفه لتحقيق مكاسب شخصية أو للحفاظ على السيطرة، وغالباً يكون من يلجأ لهذا السلوك من شاغلي المناصب العليا، ويستخدمونه لتعزيز ديناميكيات السلطة في مكان العمل.

على سبيل المثال، يُنكر المدير باستمرار وعد الموظف بترقية أو زيادة، على الرغم من وجود سجلات واضحة أو شهود على عكس ذلك. وهذا يمكن أن يجعل الموظف يشكّ في ذاكرته حتى قدراته في العمل، أو عندما يثير أحد الموظفين مخاوفه بشأن التحرش أو التمييز في مكان العمل، ولكن يتم تجاهل مخاوفه باعتبارها «حساسة للغاية» أو «خيالية»، وهذا يمكن أن يدفعهم إلى التساؤل عما إذا كانت تجاربهم صحيحة ويجعلهم يترددون في التحدث عنها مرة أخرى في المستقبل.

ووجدت دراسة نُشرت عام 2023 علامتين على تعرضك للتلاعب النفسي والعقلي في مكان العمل، وهما...

يتم التقليل من مخاوفك دائماً

حيث يتم التقليل الدائم من وجهات نظر المرؤوسين ومخاوفهم من قبل مديريهم، وقد يشمل ذلك تغيير النظرة للأمور لإلقاء اللوم عليك، والتقليل من مخاوفك، وتحريف الأشياء التي قلتها، والإدلاء بتعليقات مهينة عنك، والتظاهر بأنه ليس لديك ما تشعر بالإهانة منه.

وقد يبدأ ضحايا الاستخفاف بالشك في تصوراتهم ومشاعرهم، ويتساءلون عما إذا كانوا يبالغون في رد فعلهم أو أنهم حساسون للغاية. علاوة على ذلك، فإن إخبارهم باستمرار بأن مخاوفهم غير ذات أهمية يمكن أن يؤدي إلى تآكل ثقتهم وتقديرهم لذاتهم بمرور الوقت، ما يجعلهم يشعرون بالعزلة وعدم الدعم.

الشعور بالسوء تجاه نفسك

التلاعب نفسياً وعقلياً بك في مكان العمل يشمل مجموعة واسعة من المشاعر السلبية التي يُمكن أن يوجهها لك من يستهدفك، ما يؤثر على كيفية شعورك تجاه نفسك، ويشمل ذلك الأوقات التي يمارس فيها المدير سيطرة غير ضرورية عليك، أو يجعلك تنتقد نفسك، ويجعلك تعتمد عليه بشكل كامل في اتخاذ قراراتك الخاصة، أو يجعلك تشعر بالاستنزاف العاطفي.

ويتسبب أسلوب «الإضاءة الغازية» في اضطراب عاطفي كبير لمن يتعرض له، ويجعله يشعر بالقلق والإرهاق، خاصة مع انعدام مساءلة من يستخدم هذا الأسلوب عن أفعاله.

وفي النهاية، مكان العمل الآمن نفسياً هو المكان الذي يشعر فيه الموظفون بالراحة في التعبير عن آرائهم، وارتكاب الأخطاء، وطلب المساعدة دون خوف من العواقب السلبية أو الأحكام من زملائهم أو رؤسائهم.


أحمد العوضي يلفت الاهتمام بحديثه عن فُرص العودة لياسمين عبد العزيز

أحمد العوضي وياسمين عبد العزيز شكلا ثنائياً فنياً بعد ارتباطهما (إنستغرام)
أحمد العوضي وياسمين عبد العزيز شكلا ثنائياً فنياً بعد ارتباطهما (إنستغرام)
TT

أحمد العوضي يلفت الاهتمام بحديثه عن فُرص العودة لياسمين عبد العزيز

أحمد العوضي وياسمين عبد العزيز شكلا ثنائياً فنياً بعد ارتباطهما (إنستغرام)
أحمد العوضي وياسمين عبد العزيز شكلا ثنائياً فنياً بعد ارتباطهما (إنستغرام)

لفت الفنان المصري أحمد العوضي الاهتمام بحديثه عن فرص العودة لزوجته السابقة الفنانة ياسمين عبد العزيز، عبر مداخلة هاتفية أجراها مع الإعلامي المصري عمرو الليثي، وتصدّر هاشتاغ «الليثي والعوضي»، «الترند» على «إكس»، السبت.

وجاء حديث العوضي بالتزامن مع الإعلان عن بدء العرض الثاني لمسلسله الرمضاني «حق عرب»، وخلال المداخلة أكّد العوضي ترحيبه بالتعاون مجدداً مع زوجته السابقة الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز في فيلم سينمائي بعد مشاركات درامية عدّة، من بينها مسلسلات «لآخر نفس»، و«اللي ملوش كبير»، و«ضرب نار».

وخلال المداخلة المتلفزة أكد العوضي احترامه وحبه وتقديره لياسمين، وأن علاقتهما طبيعية ولا توجد خلافات بينهما، وقال إنهما «تبادلا التهاني خلال الفترة الماضية على أعمالهما... وفي حال عودة حياتهما الزوجية مجدداً سيُعلن ذلك للجميع».

وأهدى العوضي نجاح «حق عرب» لوالده وجمهوره وللفنان الراحل نور الشريف، الذي ظهر معه في بداياته، كما أبدى الفنان المصري عدم رغبته في تقديم أجزاء من أعماله، بل يفضل تقديم حكايات درامية جديدة ولا يحب الارتباط بحدث وشخصية بعينها، مؤكداً انشغاله بتقديم شخصية البطل الشعبي في أعماله، وفق العادات والتقاليد الاجتماعية المتعارف عليها، وأرجع ذلك إلى نشأته في حي شعبي، وفق قوله.

وعن سبب تصدر قصة الثنائي ياسمين والعوضي محركات البحث بين الحين والآخر، قال عماد يسري، الناقد الفني المصري، إن هناك شريحة كبيرة من الجمهور تتعلّق بالمشاهير وتحبّ متابعة أخبارهم وتفاصيل حياتهم الشخصية والعملية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «على الرغم من انشغال الناس بالفنانين عموماً، فإن هناك بعض الأسماء التي تمثل حالة خاصة للجمهور في (الميديا) من بينها (ياسمين والعوضي)، إذ يهتم الناس بكل جديدٍ عنهما، بسبب التعلّق بهما، والرغبة في معرفة كل جديد عنهما».

إسعاد يونس وياسمين عبد العزيز في لقطة من برنامج «صاحبة السعادة» (فيسبوك)

ويوضح يسري أن «حالة ياسمين والعوضي نالت انتشاراً جماهيرياً واسعاً منذ بداية علاقتهما وإعلان زواجهما، ومن الطبيعي ترقب عودتهما مجدداً»، وعدّ أنّ «(السوشيال ميديا) هي السبب الأساسي في انتشار أسمائهما في الفترة الأخيرة، لأن مواقعها تتناول أخبارهما وتردّدها وتعيد نشر ما يقولان خصوصاً عقب لقاءاتهما الإعلامية».

كانت الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز قد حلّت ضيفةً على برنامج «صاحبة السعادة»، مطلع شهر مايو (أيار) الحالي، الذي شهد الظهور الأول لها عقب انفصالها عن أحمد العوضي يوم 16 يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد زواج دام 4 سنوات، حيث أكدت عبد العزيز خلال اللقاء أنها ما زالت تحب العوضي كثيراً وتعدّه الحب الأول والحقيقي في حياتها.

وسبق أن أعلن العوضي أن ياسمين «حب حياته» في برنامج «ع المسرح»، الذي عُرض خلال شهر رمضان الماضي، ومن ثَمّ كتب على صفحته الرسمية في «فيسبوك»، عقب لقاء ياسمين التلفزيوني، وما أُثير حول مصير علاقتهما وانتشار أخبار تفيد بعودة حياتهما الزوجية مجدداً قائلاً: «كل الامتنان لياسمين... وكلامنا واعترافنا بحبنا لبعض حتى بعد الانفصال يعني أن الطلاق ليس نهاية الحب، ولكنه نهاية النّصيب... وأخيراً كانت وستظل ياسمين هي الحب الحقيقي والوحيد في حياتي».


«رمسيس وذهب الفراعنة» يختتم جولته في سيدني ويغادر إلى ألمانيا

معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» شهد إقبالاً كبيراً في سيدني (وزارة السياحة والآثار المصرية)
معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» شهد إقبالاً كبيراً في سيدني (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

«رمسيس وذهب الفراعنة» يختتم جولته في سيدني ويغادر إلى ألمانيا

معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» شهد إقبالاً كبيراً في سيدني (وزارة السياحة والآثار المصرية)
معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» شهد إقبالاً كبيراً في سيدني (وزارة السياحة والآثار المصرية)

اختتم المعرض الأثري المتنقل «رمسيس وذهب الفراعنة» جولته بالعاصمة الأسترالية سيدني، التي استمرت لنحو 6 أشهر، جذب خلالها 500 ألف زائر، وهو ما عدّه متحف سيدني «رقماً قياسياً» من الزائرين، ليغادر المعرض إلى محطته التالية المقررة في مدينة كولون بألمانيا خلال يوليو (تموز) المقبل.

وأعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية عن تحقيق المعرض نجاحاً ملحوظاً خلال وجوده في متحف سيدني في الفترة من 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 حتى 19 مايو (أيار) 2024.

وذكر الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، أن المعرض «استقبل 500 ألف زائر من جميع الفئات العمرية والثقافات المختلفة من جميع المدن الأسترالية»، مشيراً في بيان للوزارة، الجمعة، إلى رغبة الزائرين في التعرف على أسرار الحضارة المصرية العريقة عن قرب.

ورأى خالد أن هذا النجاح «يؤكد على أهمية المعارض الخارجية المؤقتة كونها سفيرة لمصر وحضارتها»، كما عدّها «تسهم في الترويج للمقصد السياحي المصري لا سيما السياحة الثقافية»، ولفت إلى انتقال المعرض إلى محطته الخامسة في مدينة كولون بألمانيا، ليستقبل زائريه من القارة الأوروبية خلال يوليو المقبل.

متحف سيدني يؤكد أن المعرض حقق رقماً قياسياً من الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويضمّ معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» 182 قطعة أثرية مختارة من المتاحف المصرية المتعددة ومن الاكتشافات الأثرية الحديثة، وأهم هذه القطع: تابوت الملك رمسيس الثاني من المتحف القومي للحضارة المصرية، بالإضافة إلى عدد من القطع من مقتنيات المتحف المصري في التحرير من عصر الملك رمسيس الثاني، وبعض القطع الأثرية الأخرى من مكتشفات البعثة المصرية بمنطقة «البوباسطيون» بسقارة.

وعدّ أستاذ الآثار في جامعة القاهرة الدكتور أحمد بدران النجاح الذي حققه المعرض يعود لاهتمام العالم كله بالآثار والحضارة المصرية، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المعرض حقق نجاحاً كبيراً في محطته الرابعة في أستراليا، وقبل ذلك حقق نجاحاً باهراً في محطته الثالثة في باريس لما تمتاز به فرنسا من اهتمام كبير بعلم المصريات، خصوصاً أن العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون هو مكتشف رموز حجر رشيد».

معروضات متنوعة من الآثار المصرية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان المجلس الأعلى للآثار في مصر قد أعلن سابقاً عن تنظيم 3 معارض تضم كنوزاً أثرية من الحضارة المصرية القديمة المعروفة بـ«الحضارة الفرعونية» في مدن طوكيو باليابان وشنغهاي بالصين ومالاغا في إسبانيا، وذلك ضمن خطة وزارة السياحة والآثار للترويج للمقاصد السياحية المصرية عبر العالم.

وذكر أستاذ الآثار أن التنوع في الحقب التاريخية من العصر القديم إلى الدولة الوسطى والحديثة واختيار نماذج منتقاة من الحلي والمجوهرات والتماثيل النصفية والمكتملة وبعض المومياوات المحنطة لأشبال الأسود التي اكتُشفت في جبّانة الحيوانات المقدسة في سقارة أعطى للمعرض زخماً كبيراً.

ويضمّ معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» مقتنيات من المتاحف المصرية تُبرز بعض الخصائص المميزة للحضارة المصرية القديمة من عصر الدولة الوسطى وحتى العصر المتأخر، عبر مجموعة من التماثيل، واللوحات، والحلي، وأدوات التجميل، والكتل الحجرية المزينة بالنقوش، وبعض التوابيت الخشبية الملونة.

وكان المعرض الذي يدخل عامه الثالث قد بدأ رحلته انطلاقاً من المحطة الأولى في مدينة هيوستن الأميركية في نوفمبر 2021، ومن ثَمّ انتقل إلى محطته الثانية في مدينة سان فرانسيسكو أغسطس (آب) 2022، وكانت محطته الثالثة في العاصمة الفرنسية باريس في أبريل (نيسان) 2023، وحقق فيها رقماً قياسياً، حيث جذب أكثر من 817 ألف زائر.

المعرض تضمن قطعاً أثرية من عصور مختلفة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وعدّ بدران هذا المعرض «بمثابة فاتح شهية، فقد قرّرت الحكومة بعد الموافقات اللازمة والإجراءات التأمينية أن ترسل قطعاً منتقاة للمعارض الخارجية لجذب السائحين لرؤية هذه الآثار على أرض الواقع في نحو 45 متحفاً في مصر، سيكون على قمتها المتحف المصري الكبير، بالإضافة إلى المواقع الأثرية والمعابد المصرية المختلفة».

وتوقع أستاذ الآثار أن «يحقق المعرض طفرة كبيرة في ألمانيا لاهتمام الألمان بالحضارة المصرية القديمة»، عاداً المعرض أحد عناصر القوة الناعمة التي تعطي للعالم فكرة عن الحضارة المصرية.


عقار شائع يقي المصابين بالسكري من أمراض القلب والكلى

تمهد هذه التجربة الطريق لاستراتيجيات علاجية جديدة (أونسبلاش)
تمهد هذه التجربة الطريق لاستراتيجيات علاجية جديدة (أونسبلاش)
TT

عقار شائع يقي المصابين بالسكري من أمراض القلب والكلى

تمهد هذه التجربة الطريق لاستراتيجيات علاجية جديدة (أونسبلاش)
تمهد هذه التجربة الطريق لاستراتيجيات علاجية جديدة (أونسبلاش)

أفادت دراسة أسترالية بأن عقار «سيماغلوتيد» شائع الاستخدام قلّل بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض الكلى المزمنة، وأمراض القلب والأوعية الدّموية، وكذلك من الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب المرضية لدى مرضى السكري من النوع الثاني.

ووفق باحثي الدراسة «ستمهد هذه التجربة الطريق لاستراتيجيات علاجية جديدة توفر الأمل لملايين المرضى على مستوى العالم».

وقامت الدراسة التي نشرت، الجمعة، في دورية «مجلة نيو إنغلاند الطبية» بتقييم وظائف الكلى باستخدام عقار سيماغلوتايد مرة واحدة أسبوعياً مقارنة بالعلاج الوهمي.

واعتمدت الدراسة على مشاركة 3533 مريضاً، مع فترة متابعة متوسطة زادت على 3 سنوات، حيث صُمّمت التجربة لتقييم فعالية وسلامة سيماغلوتايد في منع مضاعفات أمراض الكلى الرئيسية، وتحديداً الفشل الكلوي، وفقدان وظائف الكلى، والوفاة بسبب أمراض الكلى أو أمراض القلب والأوعية الدموية، لدى الأفراد المصابين بداء السكري من النوع الثاني وأمراض الكلى المزمنة.

وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين تلقوا سيماغلوتايد انخفض لديهم خطر الإصابة بأمراض الكلى الرئيسية والوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية والكلى، بنسبة 24 في المائة، مقارنة بمن تلقوا العلاج الوهمي.

ووفق النتائج، فإن هذا الدليل على الفاعلية، إلى جانب عدد أقل من الأحداث السلبية الخطيرة في مجموعة سيماغلوتيد، يوفر الأمل لملايين المرضى على مستوى العالم الذين يواجهون احتمالاً مخيفاً للإصابة بأمراض الكلى المزمنة ومرض السكري من النوع الثاني والمضاعفات المرتبطة بهما.

من جانبه، شدّد أستاذ العلوم الطبية في جامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا البروفيسور فلادو بيركوفيتش، الذي قدم هذه النتائج لأول مرة، في مؤتمر ERA الـ61، المقام بالعاصمة السويدية (استوكهولم) في الفترة من 23 إلى 26 مايو (أيار) الحالي، على أهميتها، قائلاً: «تشير هذه النتائج إلى تأثير سريري مهم في إنقاذ كلى وقلوب وحياة المرضى الذين يعانون من مرض السكري من النوع الثاني وأمراض الكلى المزمنة، كما تدعم نتائج السلامة للسيماغلوتيد في هذه الفئة من السكان».

ويؤثر مرض الكلى المزمن على أكثر من 800 مليون شخص في جميع أنحاء العالم وينتشر بشكل خاص بين الأفراد المصابين بداء السكري من النوع الثاني، كما يشكل مرض الكلى المزمن خطراً كبيراً للإصابة بالفشل الكلوي وأمراض القلب والأوعية الدموية والوفاة، ما يسلط الضوء على الحاجة الماسة للبحث عن سبل للوقاية منه وعلاجه.

وفي حين أثبتت العلاجات الحالية حماية الكلى وتقليل مخاطر القلب والأوعية الدموية، لا يزال العديد من الأفراد يعانون من انخفاض وظائف الكلى والنتائج الضارة التى تترتب على ذلك. وقد أثار هذا اهتماماً متزايداً باستكشاف علاجات جديدة، وهو ما علّق عليه بيركوفيتش بقوله: «تقدم هذه النتائج وعداً كبيراً في إعادة تشكيل استراتيجيات العلاج للأفراد المعرضين لخطر كبير من المضاعفات المرتبطة بمرض السكري، ما يوفر وسيلة جديدة لحماية الكلى والقلب والأوعية الدموية».


«إلى حدا ما» في بيروت... الإخراج المُتقَن يُجمِّل لقاء السينما والمسرح

أبطال المسرحية يلقون التحية على الجمهور (الشرق الأوسط)
أبطال المسرحية يلقون التحية على الجمهور (الشرق الأوسط)
TT

«إلى حدا ما» في بيروت... الإخراج المُتقَن يُجمِّل لقاء السينما والمسرح

أبطال المسرحية يلقون التحية على الجمهور (الشرق الأوسط)
أبطال المسرحية يلقون التحية على الجمهور (الشرق الأوسط)

وضعت مسرحية «إلى حدا ما» البوح المتعلّق بآلام الناس تحت المجهر. فيها، ركَّز كاتبها وبطلها «رالف س» معتوق على المشاعر الإنسانية. يقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ مقاربة هذه الموضوعات لها وَقْعها الأكبر عند المتلقّي: «مهما حاولنا الالتهاء عن الواقع الأليم، تبقى مشاعرنا المدفونة سجناً نرغب في الإفلات منه».

على مسرح «بيريت» على طريق الشام في بيروت، انطلقت العروض من بطولة معتوق، وسولانج تراك، وعمر ميقاتي. تدور الأحداث ضمن عملية إخراج مُتقنة ومُحترفة لمازن سعد الدين. أما القصة فتتناول لقاء بالمصادفة يجمع 3 شخصيات في مستشفى للأمراض العقلية؛ اختزالاً لصورة بلد نعيش فيه ويعمّه الجنون.

مشهدية فنية جميلة تتضمّنها المسرحية (الشرق الأوسط)

الشخصيات تعاني جروحاً علّمت في الذاكرة، وأوصلت إلى هذا المكان. يركّز العمل على موضوع التخلّي ممَن نعتقد أنهم يحبّوننا. هذا الانفصال تتناوله المسرحية ليُشكّل العقدة الرئيسية فيها. لجوء كاتبها إلى حقبة زمنية غير محدّدة، سمحت له بالاستفادة من مواقف مختلفة. فيُعرّج خلالها على زمن الحرب اللبنانية، كما على الخيانة، والظلم، والتلاعب بالمشاعر. لتُختَتم بمشهد مؤثّر يجسّده معتوق بأداء مبهر واكبه طوال العرض.

لنحو ساعة، يتابع المُشاهد عملاً مختلفاً يجمع فنوناً متعدّدة بجانب اتّسامه بالإنسانية. فتحضُر الموسيقى والأغنية والسينما، وتشكّل الخشبة فضاء واسعاً لها. فسعد الدين أضاف إلى عناصرها التمثيلية رؤية فنية تشبه «شعطته» (لمعته المجنونة) الإخراجية. لعب على الإضاءة وحرّكها بما يخدم جمالية العمل. كما استحدث مساحة خيال واسعة يسرح فيها مُشاهدها بما يشبه الشريط السينمائي ضمن مشهدية بصرية تحتفي بالإبداع. فنتابع عروضاً مصوَّرة على شاشة جانبية لشخصيات تُكمل القصة. كما يرتكز العمل على الاتصال المباشر مع الجمهور، فنرى بطله يتقدّم نحو الصفوف الأمامية لعرض مقتنيات انتشلها من حقيبة ذكرياته. ومرّة أخرى تحدُث جلبة في الصالة، فيسمع الجمهور صوت خطوات آتية من الخلف، ليكتشف مرور موكب جنازة يتألّف من رجال يحملون صندوق الموت.

حضور محبَّب للمخضرم عمر ميقاتي في المسرحية (الشرق الأوسط)

طوال العرض، يستمتع مُشاهدها بتفاصيلها؛ من بينها إطلالة الممثل المخضرم عمر ميقاتي ضيف شرف، ليقدّم واحداً من أدواره المرتكزة على عفوية الأداء وتراكم تجارب درامية. يجسّد دوراً يثير المضحك المبكي، فيسرق الانتباه. أما سولانج تراك، بلكنتها الجبلية اللافتة، فتقدّم دوراً غنياً بتركيبته ومعانيه، فيطاردها الحضور بعينيه كيفما تحرّكت. تترك لديه انطباع المرأة المظلومة، لتفاجئه بشخصيتها المثيرة للجدل، وتُكمل حلقة الإبداع التي خطَّط لها المخرج.

كان معتوق، المجسِّد شخصية «أليكس» المركّبة، نجم المسرحية. غرق في هذه الشخصية غير المتّزنة، وتألّق في أدائه منذ عثوره على رسالة مجهولة المُرسِل، فرغب في الردّ عليها بعنوان «إلى ما حدا». من هنا تنطلق قصة يُشكل محرّكها الأساسي، فيقدّم الدور بحرفية غاص فيه حتى قبل بداية العرض، فبينما الحضور يجلس على مقاعده، انطلق بدوره، جاثياً على ركبتيه، منزوياً، ومنحني الرأس، يدير ظهره لهم، فيشغل انتباههم.

رالف معتوق نجم المسرحية (الشرق الأوسط)

ميرا مرسل (غناء)، وفكتوريا مرقص (عزفاً على التشيللو)، كانتا الفسحة الفنية الممتعة. ووراء حائط من قماش الكتان، نرى طيفهما من عليّة فوق الخشبة. جسّدتا الحلم الجميل الذي يحطّم واقعاً مرّاً. بصوت ميرا الدافئ، وعزف فكتوريا الحنون، تأسرك هذه المشهدية.

اختير عنوان المسرحية «إلى حدا ما» كون العمل يحمل موضوعات تخاطب أي شخص. العروض مستمرّة على خشبة «بيريت» في بيروت حتى 15 يونيو (حزيران) المقبل.


بفستان أو دبوس أو «بطيخ»... نجوم عالميون يدعمون فلسطين من قلب «كان»

كيت بلانشيت تقف على السجادة الحمراء التي تكمل ألوان العلم الفلسطيني في فستانها (رويترز)
كيت بلانشيت تقف على السجادة الحمراء التي تكمل ألوان العلم الفلسطيني في فستانها (رويترز)
TT

بفستان أو دبوس أو «بطيخ»... نجوم عالميون يدعمون فلسطين من قلب «كان»

كيت بلانشيت تقف على السجادة الحمراء التي تكمل ألوان العلم الفلسطيني في فستانها (رويترز)
كيت بلانشيت تقف على السجادة الحمراء التي تكمل ألوان العلم الفلسطيني في فستانها (رويترز)

حضرت القضية الفلسطينية، بقوة، في الدورة الـ77 من مهرجان «كان» السينمائي الدولي، حيث لم يتردد نجوم عالميون في إبداء دعمهم للفلسطينيين بطرق مختلفة سواء على السجادة الحمراء أو خارجها، من خلال دبوس العلم الفلسطيني أو فستان يرمز له أو للكوفية الفلسطينية... أو حقيبة على شكل بطيخة.

كيت بلانشيت

وكانت أولى الداعمات سفيرة النوايا الحسنة لوكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت، التي ارتدت فستاناً مميزاً بألوان علم دولة فلسطين متناسقاً مع السجادة الحمراء، حيث كان يحمل الفستان الألوان الأبيض والأسود والأخضر، والأحمر يكمله لون السجادة.

كيت بلانشيت ارتدت فستاناً مميزاً بألوان علم دولة فلسطين متناسقاً مع السجادة الحمراء حيث كان يحمل الفستان الألوان الأبيض والأسود والأخضر بينما الأحمر يكمله لون السجادة (أ.ف.ب)

في البداية، بدا ثوب جان بول غوتييه، الذي صممه المصمم الفرنسي الكولومبي المولد حيدر أكرمان، وكأنه فستان أسود بسيط. لكن عندما تحركت بلانشيت، التقطت الكاميرات الجزء الخلفي من الفستان الذي بدا باللون الأبيض. عندما رفعت حاشيتها، ظهرت بطانتها الداخلية الخضراء أيضاً.

وعلى السجادة الحمراء بدت بلانشيت وكأنها تحية للعلم الفلسطيني، وفق ما وصفت صحيفة «الغارديان».

بيلا حديد

بينما ارتدت بيلا حديد فستاناً مستوحى من الكوفية الفلسطينية لتكريم أصولها، إذ تنتمي عارضة الأزياء الشهيرة إلى أصول عربية فلسطينية.

بيلا حديد بفستان الكوفية (إكس)

وظهرت بيلا حديد، في إحدى المناسبات على هامش فعاليات مهرجان «كان» السينمائي وهي مرتدية «فستان الكوفية» لدعم القضية.

وفستان حديد مأخوذ من أرشيف مايكل آند هوشي، وهي علامة تجارية مقرها نيويورك، بحسب شبكة «سي إن إن»، وعمر الفستان 23 عاماً.

باسكال كان

أما الممثلة الفرنسية الشابة باسكال كان، فتحدّت قوانين مهرجان «كان» السينمائي الصارمة هذا العام بعدم إظهار أي آراء سياسية أو ارتداء رموز داعمة لأي قضية على السجادة الحمراء لفعاليات المهرجان، فارتدت قميصاً مكتوباً عليه «فلسطين» باللغة العربية وكان حرف النون على شكل قلب، وذلك قبل عرض فيلم «سبتمبر يقول» (September Says)، الذي تقدّم فيه الدور الرئيسي الذي شاركت به داخل مسابقة «نظرة أخرى» في مهرجان «كان».

الممثلة الفرنسية باسكال كان وهي ترتدي فستاناً يحمل كلمة فلسطين باللغة العربية والنون في شكل قلب (رويترز)

ثم ظهرت باسكال كان بفستانها في صورة أخرى مع زميلاتها في الفيلم، وهن يضعن بشكل معبر، أيديهن على أفواههن أثناء التقاط الصورة، واعتبرته بعض وسائل الإعلام إشارة احتجاجية لإسكات الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية.

الممثلة الفرنسية باسكال كان مع زميلاتها في الفيلم وهن يضعن بشكل معبر أيديهن على أفواههن (إكس)

كاني كوسروتي

أيضاً، ظهرت الفنانة الهندية كاني كوسروتي خلال فعاليات المهرجان بحقيبة على شكل البطيخة، التي أصبحت رمزاً للقضية الفلسطينية في الفترة الأخيرة لتضمنها نفس ألوان علم فلسطين.

وفي الصور، ظهرت كوسروتي وكأنها حريصة على إظهار حقيبة البطيخ بشكل كامل، حيث بدت في كل الصور وهي ترفعها عالياً لإظهارها.

الممثلة الهندية كاني كوسروتي على السجادة الحمراء تحمل حقيبة يد على شكل بطيخة وهو رمز العلم الفلسطيني (أ.ف.ب)

كاني كوسروتي هي بطلة الفيلم الهندي All We Imagine As Light، المشارك في المسابقة الرسمية بالدورة 77 من مهرجان «كان» السينمائي، وهو أول عمل هندي يشارك بالمهرجان منذ 30 سنة.

وقد أشاد الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي بإطلالة كوسروتي، مثنين على «إدلائها ببيان قوي على المسرح العالمي»، بحسب موقع «أوتلوك إنديا».

أصبح البطيخ رمز العلم الفلسطيني وحضر في مهرجان «كان» (أ.ف.ب)

وتعليقاً على إطلالتها، قال أحد المغردين على «إكس»: «ثالث شخصية مشهورة تتحدث باسم الفلسطينيين، والآن من الهند!».

دبوس علم فلسطين

وظهرت الممثلة الإيطالية جاسمين ترينكا في المسلسل التلفزيوني (Larte della gioia) «فن الفرح»، وهي ترتدي دبوساً عليه العلم الفلسطيني.

الممثلة الإيطالية جاسمين ترينكا حضرت عرض الحلقة الأولى من مسلسل «موعد مع فاليريا جولينو» خلال مهرجان كان السينمائي (رويترز)

كذلك، وضع الممثل الأسترالي غي بيرس دبوساً للعلم الفلسطيني، وهو يقف على السجادة الحمراء أثناء وصوله لعرض فيلم The Shrouds المنافس في المهرجان.

بيرس على السجادة الحمراء وضع دبوس العلم الفلسطيني (أ.ب)

شارة البطيخ

المخرج الدنماركي الفلسطيني مهدي فليفل (الثالث على اليمين) والممثلة اليونانية أنجيليكي بابوليا (الثالثة على اليسار) والممثل محمود بكري (الرابع على اليسار) مرتدين شارة البطيخ الفلسطينية (أ.ف.ب)

كما ظهر المخرج الدنماركي الفلسطيني مهدي فليفل، والممثلة اليونانية أنجيليكي بابوليا، والممثل محمود بكري مرتدين شارة البطيخ المعبرة عن فلسطين.

ربطة عنق مستوحاة من الكوفية

المخرجان الفلسطينيان مي المصري وراشد مشهراوي يعبران عن تضامنهما للفلسطينيين من خلال الكوفية وربطة عنق بألوانها (أ.ف.ب)

كما ظهرت المخرجة الفلسطينية مي المصري بالكوفية الفلسطينية، في مهرجان «كان» رفقة المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي بربطة عنق مستوحاة من الكوفية الفلسطينية. وظهر مشهراوي أيضا بربطة عنق مماثلة مع الممثلة التونسية درة زروق.

المخرج السينمائي الفلسطيني رشيد مشهراوي والممثلة التونسية درة زروق خلال فعالية لدعم غزة في مدينة كان للفت الانتباه إلى الوضع في غزة وإسرائيل (أ.ف.ب)

وعرضت أفلام مشروع «من المسافة صفر» للمشهراوي على هامش فعاليات مهرجان كان، ويضم مشروع «من المسافة صفر» 20 فيلما وثائقيا لـ20 مخرجا من داخل غزة، ليروا بنفسهم القصص التي عاشوها داخل قطاع غزة خلال الفترة الماضي منذ بداية حرب غزة.


ذئاب فرنسا تنخفض إلى 1003... وتسهيل قتلها «غير مقبول»

الذئب له مدافعون (أ.ف.ب)
الذئب له مدافعون (أ.ف.ب)
TT

ذئاب فرنسا تنخفض إلى 1003... وتسهيل قتلها «غير مقبول»

الذئب له مدافعون (أ.ف.ب)
الذئب له مدافعون (أ.ف.ب)

انخفضت الأعداد التقديرية للذئاب في فرنسا عام 2023 بنسبة 9 في المائة مقارنة بالعام السابق؛ إذ بلغت 1003 ذئاب، وفق بيان نشرته جمعيات مدافعة عن البيئة، ونقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وطلبت هذه الجمعيات، منها الفرع الفرنسي من الصندوق العالمي للطبيعة، من السلطات الفرنسية خفض الأعداد المسموح بقتلها من الذئاب والتي حُدّدت بـ19 في المائة من إجمالي عددها.

وأشار مصدر إداري مطّلع على الملف إلى أنّ سقف الذئاب المسموح بقتلها سيبقى عند «209 بناء على المرسوم النافذ»، موضحاً أنّ 19 في المائة من الذئاب المسموح بقتلها احتُسبت على العدد التقديري في نهاية فصل الشتاء، والبالغ 1104 حيوانات.

وعُقد اجتماع في ليون لمجموعة وطنية معنية بشؤون الذئاب تضمّ نواباً وممثلين عن جهات في القطاع الزراعي، ومزارعين، وصيادين، ومسؤولين من المناطق المحمية والإدارات وجمعيات حماية البيئة.

وكانت المنظّمات غير الحكومية انسحبت من اجتماع في سبتمبر (أيلول) بعدما عدَّت خطة الذئاب الوطنية الجديدة 2024-2029 «غير مقبولة».

وتنصّ هذه الخطة خصوصاً على زيادة الدعم للمربّين في ظلّ افتراس مواشيهم، وتسهيل قتل الذئاب، بالإضافة إلى إصلاح النظام الحالي لتعداد الذئاب المستند إلى تقديرات للمكتب الفرنسي للتنوّع البيولوجي يضعها استناداً إلى عدد من المؤشرات (آثار، عواء، تحليلات جينية...).

وبعد زوال أثر الذئاب في فرنسا، عاودت الظهور في مطلع التسعينات من خلال عبور جبال الألب آتية من إيطاليا، ثم بدأت أعدادها بالارتفاع تدريجياً، ما أثار استياء كبيراً لدى مربّي المواشي الذين ندّدوا عام 2022 بتعرُّض أكثر من 12 ألف حيوان لهجمات ذئاب.

وإذ تُعدّ الذئاب من الأنواع «المحمية بشكل صارم» في الاتحاد الأوروبي، تثير خطة الذئاب الجديدة في فرنسا احتمال إعادة النظر في تصنيف هذا الحيوان.

وقالت المنظّمات غير الحكومية إنّ على الحكومة «التوقُّف عن الدعوة إلى خفض مستوى حماية هذه الأنواع، فالأرقام التقديرية الجديدة تعزّز الملاحظة بأنها ليست محميّة بما يكفي».