انطلقت فعاليات الشق الثاني رفيع المستوى من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن المناخ «كوب 27»، (الثلاثاء) بدعوات لـ«سد الفجوة» بين التعهدات والتنفيذ المناخية، وبينما كان «الحماس والتفاؤل» السمة الرئيسية في كلمات قادة الدول والحكومات خلال فعاليات الشق الأول رفيع المستوى من المؤتمر، جاءت كلمات القادة في الشق الثاني لتعبر عن «خيبة أمل»، و«إحباط»، لا سيما في ضوء مسودة للبيان الختامي، وصفت بأنها «لا تلبي الطموحات».
وافتتح سامح شكري، وزير الخارجية المصري، (الثلاثاء) فعاليات الشق الثاني رفيع المستوى، والذي يستمر على مدار يومين، يلقي خلالها قادة الدول والحكومات، ممن لم يتمكنوا من إلقاء كلمات في الشق الأول الأسبوع الماضي، بيانات دولهم.
ويُعقد المؤتمر، في مدينة شرم الشيخ المصرية، تحت شعار «مؤتمر التنفيذ»، حيث يسعى القائمون عليه إلى «وضع آليات تنفيذية لتعهدات الدول في القضايا المناخية»، لكن على ما يبدو حتى الآن أن «الأمور لا تسير في هذا الاتجاه»، وفقا لمراقبين انتقدوا المسودة الأولى للإعلان النهائي للمؤتمر، والتي نشرت مساء الاثنين، كونها «لم تتضمن إشارات واضحة تتعلق بإنشاء صندوق للخسائر والأضرار، أو وضع آليات تضمن الحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية».
وتحدثت فيامي ناعومي ماتافا، رئيسة وزراء جزيرة ساموا، عن التحديات المناخية التي تواجهها بلادها، وغيرها من الدول الجزرية الصغيرة، وقالت إنها «قطعت آلاف الأميال وعبرت محيطات لتشارك في مؤتمر المناخ»، متسائلة حول ما إذا كان القادة المجتمعون في شرم الشيخ قد «نجحوا» بعد أكثر من أسبوع من المفاوضات في «اتخاذ قرارات شجاعة من أجل ختام إيجابي»، وأضافت ماتافا أن «حالة التفاؤل التي بدأ بها المؤتمر لا يعززها الواقع على الأرض، وعلى الجميع أن يعمل على وضع آليات تنفيذية لميثاق غلاسكو»، مشيرة إلى أن «بلادها تحت رحمة التغير المناخي، وبقاؤها أصبح في مهب الريح».
وأكدت ماتافا أنه «حتى الآن فإن جميع الخطوات التي يتم اتخاذها ما زالت بعيدة عن الوفاء بتعهدات اتفاق باريس بشأن المناخ لعام 2015، ما يجعل العالم ككل مهددا بتبعات خطيرة للتغيرات المناخية».
ودعا اتفاق باريس إلى الإبقاء على مستويات ارتفاع درجات الحرارة دون درجتين مئويتين، مع إمكانية إبقائه بحدود 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، وخلال قمة غلاسكو العام الماضي تم الاتفاق على إبقاء هدف الـ1.5 درجة.
وطالبت رئيسة وزراء ساموا بـ«زيادة التمويل المخصص لملفات التكيف والتخفيف وأيضا (الخسائر والأضرار)»، وقالت إن «العبء المالي يقع حاليا بالكامل على الدول المتضررة من التغيرات المناخية، وليس على المسؤولين عن هذه التغيرات»، مشددة على «أولوية الوصول إلى اتفاق لإنشاء صندوق لتمويل الخسائر والأضرار»، إلى جانب الالتزام بالتعهدات التمويلية السابقة، وقالت إن «تعهد الـ100 مليار دولار لا ينبغي أن يهمش، لا سيما أنه غير كاف»، مستدركة أن «الأوان لم يفت لجعل (كوب 27) مؤتمرا ناجحا، فلنغتنم الفرصة، وندلل على إنسانيتنا، فلن نقبل بمزيد من تدهور الثقة بين البلدان النامية والمتقدمة».
واعتبرت ضم ملف تمويل (الخسائر والأضرار) إلى أجندة المؤتمر بمثابة «اختراق»، لكن مسودة البيان الختامي، لم تضع نصا يلبي الطموحات، حيث أشارت إلى «الحاجة إلى اتخاذ تدابير مالية للاستجابة للخسائر والأضرار»، دون آلية واضحة، ما اعتبر استجابة لتحفظات الدول الكبرى على هذا البند، خاصة الولايات المتحدة التي ترفض النص على «التعويض»، فيما تطالب الدول النامية بـ«إنشاء صندوق لتمويل تعويضات الخسائر والأضرار».
بدوره، انتقد أليون ندوي، وزير البيئة السنغالي، في كلمة ألقاها نيابة عن الدول الأقل نموا، «غياب القيادة والطموح في مجال خفض الانبعاثات»، وقال إن «كل يوم يمر يبعدنا عن تحقيق هدف الـ1.5 درجة»، وأضاف أن «العقود الثلاثة الماضية منذ توقيع الاتفاقية الإطارية بشأن المناخ، كانت زاخرة بخيبات الأمل، وعلى الجيل الحالي أن يتحلى بالشجاعة والحكمة لتحمل مسؤولية تغيير مسار التاريخ، والحفاظ على كوكب الأرض صالحا للعيش للأجيال المقبلة». وطالب أورلاندو هابيت، وزير التغير المناخي في بليز، دول مجموعة العشرين المجتمعة حاليا في بالي بإندونيسيا، و«كبار الملوثين الآخرين»، بـ«اتخاذ إجراءات فعلية لمعالجة التغيرات المناخية»، متسائلا: «كم مؤتمرا نحتاج، وكم روحا سنضحي بها قبل الوصول إلى اتفاق».
من جانبه، اعتبر تشابا كروشي، رئيس الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤتمر المناخ الذي يوصف بأنه «مؤتمر التنفيذ»، بمثابة «فرصة لسد الفجوة وبناء الجسور بين التعهدات والتنفيذ فيما يتعلق بخفض الانبعاثات الكربونية، وتمويل التكيف والتخفيف، وملف الخسائر والأضرار».
وأشار كروشي، في كلمته (الثلاثاء)، إلى «الرابط بين قضايا المياه والمناخ»، داعيا دول العالم إلى «التضامن ووضع حلول مستدامة»، وقال إن «على دول العالم المجتمعة في شرم الشيخ العمل على إيجاد حلول عملية لقضايا المياه والتنمية والمناخ، والتوقف عن الحوارات الإجرائية، لضمان نجاح (كوب 27)».
وكانت منظمة الصحة العالمية، أعلنت مساء (الاثنين)، ضمن فعاليات يوم المياه في المؤتمر، أن «نصف سكان العالم سيعيشون في مناطق تعاني من ندرة المياه بحلول عام 2025»، مشددة على «ارتباط قضايا المياه بالتغيرات المناخية».
وتعهد الاتحاد الأوروبي، بزيادة نسبة خفض الانبعاثات الكربونية مع نهاية العقد الجاري، وقال فرنس تيميرمانس، نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، في كلمته، إن «الاتحاد الأوروبي سيعمل على خفض نسبة الانبعاثات الكربونية لتصل إلى أقل من 57 في المائة بحلول عام 2030، بالنسبة لنسب عام 1999، في مقابل نحو 55 في المائة حاليا»، مشددا على أن «الاتحاد الأوروبي لن يتراجع عن التزاماته المناخية، ولن تؤثر الحرب في أوكرانيا على الميثاق الأوروبي الأخضر».
وأضاف نائب رئيس المفوضية الأوروبية أن «الاتحاد الأوروبي سيمضي قدما ولن يتراجع، ولا تستمعوا إلى من يقول إننا نهرول وراء الغاز».
لكن يبدو أن تعهدات الاتحاد الأوروبي «غير كافية»، وقالت كيارا مارتينيلي، من مؤسسة «كلايمت أكشن نتوورك أوروبا»، الناشطة في مجال البيئة، في مؤتمر صحافي (الثلاثاء)، إن ما أعلنه الاتحاد الأوروبي «لا يستجيب لدعوات الدول الأكثر تضررا من تداعيات التغيرات المناخية»، مطالبة الدول الأوروبية التي «لديها سجل طويل في الانبعاثات الكربونية»، بـ«لعب دور قيادي في تخفيف الانبعاثات».
ومن المقرر أن يبدأ الوزراء (الأربعاء)، مناقشة النتائج التي توصل إليها المفاوضون طول الأيام الماضية، على أمل الوصول إلى صيغة نهائية بحلول يوم الجمعة.
مخاوف «إحباط الطموحات» المناخية تطارد «الشق الثاني» من «كوب 27»
وسط دعوات لسد الفجوة بين «التعهدات والتنفيذ»
مخاوف «إحباط الطموحات» المناخية تطارد «الشق الثاني» من «كوب 27»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة