المدير الإقليمي لـ«الصحة العالمية»: تغير المناخ يزيد خطورة 4 أنواع أمراض

المنظري قال لـ«الشرق الأوسط» إن «السعودية الخضراء» إضافة لـ«الاستدامة البيئية»

أحمد المنظري المدير الإقليمي لمكتب شرق المتوسط بالمنظمة في جناحها بقمة المناخ (الصحة العالمية)
أحمد المنظري المدير الإقليمي لمكتب شرق المتوسط بالمنظمة في جناحها بقمة المناخ (الصحة العالمية)
TT

المدير الإقليمي لـ«الصحة العالمية»: تغير المناخ يزيد خطورة 4 أنواع أمراض

أحمد المنظري المدير الإقليمي لمكتب شرق المتوسط بالمنظمة في جناحها بقمة المناخ (الصحة العالمية)
أحمد المنظري المدير الإقليمي لمكتب شرق المتوسط بالمنظمة في جناحها بقمة المناخ (الصحة العالمية)

مثلما جاءت قمة أطراف الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ المنعقدة في مدينة شرم الشيخ (كوب27) في أعقاب أحداث مناخية متطرفة، فإنها تأتي كذلك لتؤكد العلاقة بين تغيرات المناخ وبعض الأمراض التي ظهرت مدفوعة بتلك التغيرات أو فاقمت تلك التغيرات من حجمها وتأثيرها.
وتعطي العلاقة بين المناخ والأمراض زخماً كبيراً للجوانب الصحية في قضية «تغير المناخ»، وهو ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى المشاركة بكثافة في فعاليات القمة، كما يؤكد أحمد المنظري، مدير إقليم شرق المتوسط، في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط»، خلال وجوده في جناح المنظمة.
ولفت المنظري إلى أنه «لم يعد هناك شك في أن تغيرات المناخ وأسبابها المعروفة أدت إلى ظهور أزمات ومشكلات صحية ضخمة وبالغة التأثير على الكثير من البلدان والمجتمعات». وقال إن «الأمر يتطلب وقفة حاسمة من الأطراف المعنية كافة»، مشيراً إلى أن انعقاد هذه الدورة من مؤتمر المناخ في مصر، أحد بلدان إقليم شرق المتوسط، له دلالات كثيرة من بينها تأكيد استمرارية الالتزام الدولي بالتصدي لظاهرة تغير المناخ ومعالجة الآثار المدمرة المترتبة عليها، والالتفات إلى الأقاليم والبلدان الأكثر تضرراً من تغير المناخ، وإن كانت ليست الأكبر إسهاماً في حدوثها».
وبشأن أبرز الأمراض التي تُسهم تغيرات المناخ في انتشارها، قال إن «هناك للأسف قائمة من أربعة أنواع من الأمراض سببتها أو فاقمت من حجمها تغيرات المناخ، منها: الأمراض المنقولة بالنواقل (البعوض والحشرات مثلاً)، والمنقولة بالمياه، والأمراض التي يسببها تلوث الهواء، فضلاً عن تلوث الغذاء؛ المسؤول عن إصابة ملايين الأشخاص في الإقليم كل عام جرّاء الأمراض المنقولة بالأغذية، التي تسبب وفاة 40 ألف شخص سنوياً معظمهم من الأطفال».
ويوضح المنظري أن عواقب تغير المناخ لا تقتصر على ظهور الأمراض فحسب، إذ تشير التقديرات إلى أن مليون شخص في الإقليم يموتون مبكراً كل عام بسبب عيشهم أو عملهم في بيئات غير صحية، ويُعزى أكثر من نصف تلك الوفيات إلى تلوث الهواء، وتحدث الوفيات المتبقية بسبب التعرض للمواد الكيميائية وغير ذلك من مواد خطيرة في مجال العمل، والافتقار إلى خدمات المياه والصرف الصحي، إلى جانب مخاطر بيئية أخرى».

أحمد المنظري المدير الإقليمي لمكتب شرق المتوسط بالمنظمة في جناحها بقمة المناخ (الصحة العالمية)
 

ويضيف أنه «لا يمكن أن نغفل تأثيرات تغير المناخ على النظم الغذائية في إقليمنا، فقد تعطلت النظم الغذائية بسبب الجفاف والفيضانات والعواصف وتفشي الجراد، مما أثر على إنتاج الغذاء، ويواجه القرن الأفريقي أسوأ موجة جفاف منذ أكثر من أربعة عقود، وتعاني باكستان من العواقب الجسيمة لموجة الفيضانات الأخيرة».
وأشار إلى وجود عوامل للخطر في الإقليم، تفاقم من تأثيرات تغير المناخ، وتشمل الصراعات، والجوائح، والنُّظُم الإيكولوجية الهشة، والبيئات المتدهورة، والتنمية غير المستدامة، والتوسُّع العمراني السريع، وضعف وتشتُّت نُظُم رصد الصحة البيئية وترصُّدها.

إدارة لـ«تغير المناخ»
وبشأن إمكانية وجود إدارة مستقلة في المكتب الإقليمي للصحة العالمية تتعامل مع «تغيرات المناخ»، استجابةً لكل هذه الأخطار التي كشف عنها، قال المنظري: «لدى المكتب الإقليمي لشرق المتوسط مركز لصحة البيئة مقره في الأردن، وهو معنيّ بالقضايا ذات الصلة بصحة البيئة وفي مقدمتها تغير المناخ، وللمركز خبرات متراكمة في هذا المجال كما تربطه علاقات عمل وثيقة بالمراكز المماثلة سواء في المكاتب الإقليمية الأخرى للمنظمة أو في المقر الرئيسي، فضلاً عن الوشائج القوية مع دول الإقليم والهيئات الدولية».
ولفت إلى أن «منظمة الصحة العالمية» لديها ملفات عدة متعلقة بالتغيرات المناخية، فخلال عام 2021 تم تقديم الدعم اللازم لإعداد مقترحات لمشروعات صحية في إطار (الصندوق الأخضر للمناخ) في بعض بلدان الإقليم وتزويدها بالمساعدات التقنية اللازمة، كما أصدرت المنظمة إرشادات بشأن مرافق الرعاية الصحية القادرة على التكيف مع تغير المناخ والمستدامة بيئياً بالتنسيق الوثيق مع المقر الرئيسي للمنظمة ورئاسة الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وأسهمت المنظمة في دعم جهود عدد كبير من البلدان لتجعل نظمها الصحية قادرة على التكيف مع تغير المناخ على نحو مستدام، وفي الوقت نفسه نسعى من خلال مبادرة جمهورية مصر العربية (أنا أستطيع I CAN) التي تم عرضها في اجتماع الدورة التاسعة والستين للجنة الإقليمية واعتمدها عدد كبير من دول الإقليم، إلى اغتنام العلاقة ثنائية الاتجاه بين المناخ والتغذية لإيجاد فرصة لتسريع التقدم في كليهما؛ من خلال ربط إجراءاتنا بشأن المناخ والتغذية.
ورأى المنظري أن كل مبادرة تهدف إلى الحد من ظاهرة تغير المناخ ومنع أسبابها واحتواء آثارها هي خطوة كبيرة على الطريق الصحيح، وقال: «نحن نتابع بكل تقدير الجهود المبذولة من المملكة العربية السعودية، عبر مبادرة (السعودية الخضراء)، والتي تمثل إضافة نوعية للجهود التي تبذلها بلدان الإقليم في مجال الاستدامة البيئية».
وأشار في هذا الصدد إلى إعلان وزارات الصحة في 11 بلداً هي (الأردن، والإمارات العربية المتحدة، وباكستان، والبحرين، وإيران، وتونس، وعُمان، ومصر، والمغرب، والأرض الفلسطينية المحتلة، واليمن) عن التزامها بجعل نظمها ومرافقها الصحية قادرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ ومستدامة بيئياً على حد سواء، وذلك خلال اجتماعات أعمال اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط، والتي عُقدت في القاهرة مؤخراً.

تصريح صادم لمدير عام المنظمة
وحول تصريح لمدير عام منظمة الصحة العالمية، قال فيه إنه هناك 250 ألف شخص سنوياً سيلقى حتفه بين عامي 2030 و2050، بسبب سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري، الناجم عن تغير المناخ، قال إن «المنظمة تبني توقعاتها وقراراتها على هديٍ من العلم والدراسة الدقيقة للواقع الحالي ونمط ووتيرة تطور هذه القضايا الصحية في السنوات الماضية وطرق الاستجابة لها»، مضيفاً أن «البحوث والدراسات والنهج العلمي هي سبيلنا للتنبؤ بما سيكون عليه الوضع مستقبلاً، ومن ثم التأهب والاستعداد بالاستراتيجيات وخطط العمل الملائمة، وعلينا أن نطوِّر الاستجابة لهذه المشكلات وتوفير الموارد اللازمة وإحداث تغيير ملموس في قضايا تغير المناخ للحد من الإصابات والوفيات الناجمة عن هذه الأمراض وغيرها».
ورغم كثير من التقارير التي ربطت بين جائحة «كوفيد 19» وتغيرات المناخ، بدعوى أنها قد تكون نتاج تواصل البشر مع بعض الحيوانات التي تركت بيئتها الأساسية بسبب تغير المناخ، قال: «كما ذكرت سابقاً، فإنَّ لتغير المناخ آثاره الملحوظة على الصحة ودوره في تفاقم الكثير من المشكلات الصحية والأمراض، ولكن لم يثبت وجود علاقة سببية بين تغير المناخ وجائحة (كوفيد 19)».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


تظاهرة في تونس للمطالبة بإطلاق سراح المعارضة عبير موسي

من المظاهرة التي نظمها أنصار الحزب «الحر الدستوري» في تونس العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح عبير موسي (إ.ب.أ)
من المظاهرة التي نظمها أنصار الحزب «الحر الدستوري» في تونس العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح عبير موسي (إ.ب.أ)
TT

تظاهرة في تونس للمطالبة بإطلاق سراح المعارضة عبير موسي

من المظاهرة التي نظمها أنصار الحزب «الحر الدستوري» في تونس العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح عبير موسي (إ.ب.أ)
من المظاهرة التي نظمها أنصار الحزب «الحر الدستوري» في تونس العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح عبير موسي (إ.ب.أ)

تظاهر مئات من أنصار الحزب «الحر الدستوري» المعارض، اليوم (السبت)، في تونس العاصمة، للمطالبة بإطلاق سراح رئيسة الحزب عبير موسي. وتجمع 500 إلى 1000 متظاهر في وسط العاصمة التونسية، حسب صحافيي «وكالة الصحافة الفرنسية» للمطالبة بإطلاق سراح عبير موسي، ورفع العديد منهم أعلاماً تونسية وصوراً لرئيسة الحزب.

أوقفت موسي، النائبة السابقة البالغة 49 عاماً، في 3 من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمام القصر الرئاسي في قرطاج، عندما حضرت، وفقاً لحزبها، للاحتجاج على قرار اتخذه الرئيس قيس سعيّد. وتواجه عبير موسي تهماً خطيرة في عدة قضايا، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة». وقد قضت محكمة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر، في قضية تتعلق بانتقادها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023. وأصدرت المحكمة حُكمها على عبير موسي بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد عام 2022 لمكافحة «الأخبار الكاذبة»، والذي يواجه انتقادات شديدة من المعارضة ونقابة الصحافيين.

وندد المتظاهرون بـ«المرسوم 54»، الذي أدى تفسيره الفضفاض إلى سجن عشرات السياسيين والمحامين والناشطين والصحافيين. وقال ثامر سعد، القيادي في الحزب «الحر الدستوري»، إن اعتقال عبير موسي لانتقادها الهيئة العليا للانتخابات «لا يليق ببلد يدعي الديمقراطية».

من جانبه، أكد كريم كريفة، العضو في لجنة الدفاع عن عبير موسي، أن «السجون التونسية أصبحت تمتلئ بضحايا (المرسوم 54)»، معتبراً أن هذا المرسوم يشكل «عبئاً ثقيلاً على المجتمع التونسي». وتقبع خلف القضبان شخصيات معارضة أخرى، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وكذلك عصام الشابي، وغازي الشواشي المتهمَين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين سبق أن أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة قبل أن يتراجعا. وتنتقد المعارضة ومدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية وتونسية الرئيسَ التونسي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي بأكثر من 90 في المئة من الأصوات، وتتهمه بـ«التضييق على الحريات».