نقابات سودانية تطالب بعزل قاضي محكمة عليا وإقالة مسجل التنظيمات

جانب من احتجاجات الخرطوم المُطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الخرطوم المُطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)
TT

نقابات سودانية تطالب بعزل قاضي محكمة عليا وإقالة مسجل التنظيمات

جانب من احتجاجات الخرطوم المُطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الخرطوم المُطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)

سلّمت نقابات واتحادات مهنية وعمالية سودانية مذكرات لكل من وزارة العدل والنائب العام والمحكمة الدستورية والهيئة القضائية، تطالب بإلغاء قرار حل النقابات، بالإضافة إلى إقالة قاضي المحكمة العليا الذي أصدر تلك القرارات، وأيضاً إقالة مسجل التنظيمات والجمعيات، وذلك في موكب احتجاجي شاركت فيه أكثر من 24 نقابة، أبرزها نقابات المحامين والأطباء والمهندسين والحرفيين والصحافيين.
وتجمع العشرات من ممثلي هذه النقابات في وسط الخرطوم، حاملين لافتات تندد بقرارات السلطة القضائية بحل اللجان التسييرية للنقابات، وإعادة نقابات ما قبل سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وتمكين أنصاره من النقابات في البلاد، على خلفية قرارات قضائية وإدارية اعتبروها «مسيسة» وغير قانونية، وذلك قبل أن يتجه الموكب إلى مباني المحكمة الدستورية لتسليم مذكرة للأمين العام للمحكمة.
وبعيد إسقاط نظام البشير في ثورة شعبية في 11 أبريل (نيسان) 2019، أصدر رئيس المجلس العسكري الانتقالي وقتها والقائد العام للجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، قراراً حل بموجبه النقابات كافة قبل أن يتراجع عن قراره ويعيد نقابات نظام البشير، بحجة أن نقابات ومنظمات حقوق إنسان دولية وإقليمية اعتبرت حل النقابات والاتحادات مناقضاً للحريات النقابية وحرية التنظيم.
وبعد تشكيل الحكومة الانتقالية، وصدور قانون «تفكيك نظام البشير»، أصدرت «لجنة تفكيك نظام البشير» قرارات حلت بموجبها النقابات القائمة، وعينت محلها لجاناً تسييرية كلفتها بعقد المؤتمرات النقابية لاختيار قيادات النقابات، كما استردت ممتلكات وأصول من أعوان نظام البشير، بما في ذلك مؤسسات اقتصادية ومالية.
وأكدت المذكرة الموجهة للجهات العدلية، يوم الاثنين، رفض إعادة واجهات نظام البشير، ودعت إلى «استقلال القضاء وعدم تسييسه لصالح واجهات النظام البائد».
وطالبت التنظيمات النقابية بإقالة مسجل تنظيمات العمل، وقاضي المحكمة العليا محمد علي محمد بابكر الشهير بـ«أبو سبيحة»، وإيقاف ما وصفته بالانتهاكات النقابية ضد العاملين في الخدمة المدنية.
وقالت هيفاء فاروق، عضو «تجمع المهنيين السودانيين»، لـ«الشرق الأوسط» أثناء الموكب الاحتجاجي إن الموكب يهدف لإيصال رسالة لوزير العدل بأن مسجل النقابات غير محايد، مضيفة «مسجلة النقابات أعادت أجسام لا تملك تفويضاً من العمال والمهنيين للعمل، ورفضت تسجيل تنظيمات نقابية ديمقراطية منتخبة، كما نطالب أيضاً بإقالة قاضي المحكمة العليا (أبو سبيحة) في مذكرة موجهة لرئيس القضاء».
وتعد النقابات المهنية والعمالية إحدى الأذرع الفاعلة في الاحتجاجات الشعبية في السودان.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ماذا وراء «عملية الدبيبة العسكرية» في الزاوية الليبية؟

آليات وأرتال عسكرية في طريقها إلى مدينة الزاوية (الصفحة الرسمية للمنطقة العسكرية الساحل الغربي)
آليات وأرتال عسكرية في طريقها إلى مدينة الزاوية (الصفحة الرسمية للمنطقة العسكرية الساحل الغربي)
TT

ماذا وراء «عملية الدبيبة العسكرية» في الزاوية الليبية؟

آليات وأرتال عسكرية في طريقها إلى مدينة الزاوية (الصفحة الرسمية للمنطقة العسكرية الساحل الغربي)
آليات وأرتال عسكرية في طريقها إلى مدينة الزاوية (الصفحة الرسمية للمنطقة العسكرية الساحل الغربي)

أعادت العملية العسكرية التي شنتها حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في مدينة الزاوية في غرب ليبيا، في يومها الثالث، مدعومة بالطائرات المسيّرة، طرح الأسئلة عن أسباب إطلاقها، وهل تستهدف بالفعل «أوكار المهربين للوقود والبشر»؟

تنوعت تقديرات محللين عسكريين لأهداف هذه العملية وسط مخاوف مواطنين، إذ أيد فريق الرواية الرسمية التي تقول إنها بقصد «التصدي لتشكيلات مسلحة وعصابات تمتهن تهريب الوقود والاتجار في المخدرات»، تهيمن على خريطة الساحل الغربي للعاصمة طرابلس... وفي المقابل ذهب فريق آخر إلى اعتبار العملية غطاء سياسياً لـ«إعادة رسم خريطة النفوذ» في ظل ما يعتقد أن مجموعات عسكرية في هذه المنطقة تدين بالولاء لـ«الجيش الوطني» في شرق ليبيا بقيادة المشير خليفة حفتر.

وفي خضم اهتمام إعلامي واسع بالعملية، التي أطلقت حكومة الدبيبة عليها تسمية «صيد الأفاعي»، كان لافتاً لمتابعين ظهور آمر منطقة الساحل الغربي العسكرية، التابعة لحكومة «الوحدة»، الفريق صلاح النمروش، يعطي الأوامر ببدء العمليات من الزاوية لضرب ما وصفها بـ«أوكار الإجرام»، في مشهد يعيد للأذهان عملية سابقة في مايو (أيار) 2023 بدأت باستخدام المسيرات، وانتهت إلى مصالحة بوساطة قبلية.

وسجلت العملية في الزاوية إزالة عدد من الأوكار دون تسجيل قتلى أو جرحى، وفق مصادر عسكرية، فيما يرى وزير الدفاع الليبي الأسبق محمد البرغثي أن «حكومة الدبيبة تخوض محاولة جديدة للحد من تهريب الوقود والاتجار بالبشر، والقبض على زعماء العصابات».

ويشير البرغثي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «وجود أكبر مصفاة نفط ليبية داخل المدينة، وتنتشر فيها الميليشيات المسلحة على نحو واسع، علاوة على وقوعها قرب مدينة زوارة المشهورة بتجارة وتهريب البشر عبر البحر».

وسبق أن وصف تقرير أممي الزاوية (40 كيلومتراً غرب طرابلس) بأنها «مركز رئيس لعدد من الشبكات الإجرامية المنظمة المهيمنة على طول المنطقة الساحلية غرب العاصمة طرابلس، بما في ذلك زوارة وصبراتة وورشفانة».

وتتعدد التشكيلات المسلحة بالمدينة، التي رصدها التقرير الأممي الصادر في العام 2023، إذ أشار بالاسم إلى رئيس حرس المنشآت النفطية محمد الأمين كشلاف باعتباره «شخصية أساسية في شبكة تهريب الوقود بغرب ليبيا»، إلى جانب «محمد بحرون، المعروف باسم (الفار) الذي تحكمه علاقة وثيقة بالدبيبة».

عربة تقتحم محلاً يعتقد أنه وكر للاتجار بالمخدرات في الزاوية (الصفحة الرسمية للمنطقة العسكرية الساحل الغربي)

في المقابل، تبرز مجموعة «أبو زريبة» ونفوذ حلفائها، وفق التقرير الأممي، الذي أشار على نحو واضح إلى «علي أبو زريبة عضو مجلس النواب، وشقيقه حسن الذي يقود ميليشيا دعم الاستقرار في الزاوية، ويتنافس مع (الفار) في السيطرة على الطريق الساحلي». والأخير تقول تقارير إنه هرب من ليبيا على خلفية اتهامه بقتل عبد الرحمن ميلاد الشهير بـ«البيدجا» القيادي لأحد التشكيلات المسلحة.

ويرصد وزير الدفاع السابق مفارقة تتمثل في أن «الزاوية مصدر المتناقضات»، إذ إضافة إلى انتشار التشكيلات المسلحة فيها، فإنها أيضاً «بلد العسكريين القدامى في الجيش، ومعقل رئيس لضباطه، وكانت من أوائل المدن التي شقت عصا الطاعة على نظام القذافي عام 2011».

لكن الخبير في الشؤون الليبية في «المعهد الملكي للخدمات المتحدة»، جلال حرشاوي، يلحظ أن عملية الزاوية انطلقت «بعد إخطار مسبق للمجموعات المسلحة بتوقيتها الدقيق»، وهو ما عده «تقويضاً كبيراً لمصداقيتها»، بما يعني وفق تقديره «إعادة تمركزات لمناطق نفوذ الميليشيات».

ومع ذلك، لا يخفي محللون خشيتهم من انعكاسات هذه العملية على جهود التهدئة ومحاولات إيجاد حل وتوافق سياسي بين قادة البلاد، يقود لإجراء انتخابات عامة، خصوصاً وسط تكهنات باستهداف الدبيبة لحلفاء حفتر في الساحل الغربي.

وفي محاولة لتهدئة المخاوف، أطلق الفريق النمروش تطمينات «بعدم وجود أي أهداف سياسية وراء هذه العملية العسكرية»، ضمن لقاء مع أعيان وخبراء ونشطاء المجتمع المدني ونواب المنطقة الغربية (أعضاء بمجلسي النواب والدولة).

لكن المحلل العسكري الليبي محمد الترهوني عدّ الحديث عن استهداف تجار المخدرات «غطاء أمنياً لعملية سياسية»، واصفاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ما يحدث بأنه «عملية لإخضاع من لا يدين بالولاء لحكومة (الوحدة) في المنطقة» محدداً على وجه الخصوص «الشقيقين علي وحسن أبو زريبة» اللذين يعتقد الدبيبة بولائهما للجيش الوطني في شرق البلاد. علماً بأنهما شقيقا عصام أبو زريبة وزير الداخلية بحكومة شرق ليبيا.

وإذ لا يستبعد الترهوني أن يكون هدف العملية «هو تصفية أو ربما تقليم أظافر خصوم حكومة الدبيبة لإقامة منطقة خضراء في الساحل الغربي»، يلفت إلى سابقة «تصفية البيدجا برصاص مسلحين مجهولين»، في سبتمبر (أيلول) الماضي غرب العاصمة طرابلس.

وما بين وجهتي النظر، تبقى تفسيرات عملية الزاوية من منظور البعض «استعراضاً للقوة لا يخلو من المكايدة» بين فريقي الدبيبة وحفتر، خصوصاً أنها جاءت في توقيت متقارب بعد سيطرة قوات تابعة لحفتر على مقرات تابعة لوزارة الدفاع التابعة للدبيبة في مدينة أوباري (جنوب البلاد). في إشارة إلى «معسكر التيندي»، وهو ما عدته حكومة الدبيبة «خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الموقّع عام 2020».

إلى جانب ذلك، فإن تحركات الدبيبة جاءت بالتزامن مع تحركات قوات حفتر لتأمين القطاعات الدفاعية التابعة لمنطقة سبها العسكرية، وربط جميع القطاعات في الجنوب بغرفة عسكرية واحدة.

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي «الوحدة الوطنية» في طرابلس، والأخرى مكلَّفة من مجلس النواب، وتدير المنطقة الشرقية وأجزاء من الجنوب، ويقودها أسامة حمّاد.