أميركا تحتفل بالذكرى الـ239 لاستقلالها في منزل سفيرها في لندن

بحضور دبلوماسيين ومشاهير ومغنين بريطانيين وأميركيين

TT

أميركا تحتفل بالذكرى الـ239 لاستقلالها في منزل سفيرها في لندن

الدخول إلى «وينفيلد هاوس» مقر السفير الأميركي لدى بريطانيا ماثيو برزون كانت أشبه بدخولك واحدًا من أكثر مطارات العالم زحامًا؛ طوابير منظمة تنتظر دورها لتفحص الهويات الشخصية، وعناصر شرطة مسلحون يقطعون الطريق المحيطة بحديقة «ريجنتس بارك» في لندن، وعناصر آخرون يقومون بتفتيش الحقائب، وعناصر أمن يحملون آلات لفحص الزوار للتأكد من عدم وجود أي أسلحة أو ما شابه.
هذا كان المشهد، أول من أمس، خارج مقر السفير الأميركي في لندن بمناسبة الاحتفال بذكرى الاستقلال الأميركي الـ239، الذي يصادف الرابع من يوليو (تموز)، أما داخل سياج المنزل الواقع في الحديقة العملاقة فكان المشهد مختلفًا تمامًا عن التفتيش والتأكد من الهويات الشخصية، حيث كانت هناك فرقة موسيقية تعزف موسيقى الجاز عند المدخل ووجوه مبتسمة ترحب بالزوار الذين كانوا بغالبيتهم من الدبلوماسيين في بريطانيا والمغنين والمشاهير البريطانيين والأميركيين ومجموعة من الصحافيين المحليين.
منزل السفير يتمتع بمدخل واسع، وغالبًا ما تقام داخل بهوه الرئيسي المناسبات الرسمية، إلا أن احتفال أول من أمس كان على مستوى أكبر وأوسع، لذا تم نقله إلى الحديقة العملاقة التي تلف المنزل من كل الجهات، وأول ما يطالعك وأنت في طريقك إلى الحديقة مطعم على الطريقة الأميركية «Diner» يقدم البرغر والمأكولات الأميركية الأخرى، وفي الحديقة اصطفت سيارات «كاديلاك» أميركية الصنع بألوان زاهية مثل الأزرق والأصفر لا تزال تحافظ على مواصفاتها الرائعة لسيارات لم نعد نرى مثلها في شوارع أوروبا والعالم العربي إلا نادرًا، فكانت مناسبة لالتقاط الصور تحت مراقبة موظفي السفارة ورجال الأمن، وفي صدر الحديقة كانت هناك منصة كبرى تنذر بأن ما سيأتي سيكون واعدًا بموسيقى رائعة، وبما أن المناسبة أميركية فكل شيء في الحديقة كان أميركيا، إذ انتشرت الأكشاك التي تقدم «هوت دوغ» و«برغر» و«مقليات» كلها تجعلك تظن بأنك في الولايات المتحدة الأميركية ولست في «ريجنتس بارك» والمسجد الشهير فيها في الخلفية.
استهل الحفل بكلمة خفيفة أضحكت الحضور من قبل السفير ماثيو برزون الذي رحب بالحضور قائلا: «أهلا بكم، نحن نحتفل اليوم بذكرى الاستقلال عن بريطانيا في بريطانيا، قد يرى البعض بأننا نبالغ بالاحتفال، ويرانا آخرون غريبين بعض الشيء». وأشار برزون الذي شاركته المسرح زوجته بروك براون، إلى الشعار الذي كان يضيء المسرح، والذي دمج العلمين البريطاني والأميركي وأشاد بعلاقات البلدين وأهميتها، ورحب بالحضور البريطاني.
واللافت هو أن النشيد الوطني البريطاني سبق النشيد الأميركي، وتم اختيار مغنية الأوبرا الويلزية العالمية كاثرين جنيكينز لأداء هذه المهمة، وكانت النتيجة نشيدا وطنيا منبعثا من أجمل حنجرة وأعذب صوت.
وجاء النشيد الوطني الأميركي لاحقًا، وقامت بغنائه ممثلة ومغنية أميركية إحدى شخصيات مسلسل «غلي» الأميركي.
وبعد عرض قصير لعناصر الوحدة البحرية، دعا السفير الحضور إلى الاقتراب من المنصة والتمتع بموسيقى فرقة «دوران دوران» البريطانية التي اشتهرت في السبعينات.
وكانت تتجول مضيفات يوزعن الـ«برغر» والـ«هوت دوغ» والمشروبات، واستمر الحفل إلى الساعة الحادية عشرة ليلا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».