ما المشهد داخل «إخوان الخارج» بعد «فشل» دعوات 11ـ11 في مصر؟

محاكمة قيادات من الإخوان في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة قيادات من الإخوان في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما المشهد داخل «إخوان الخارج» بعد «فشل» دعوات 11ـ11 في مصر؟

محاكمة قيادات من الإخوان في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة قيادات من الإخوان في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

ما المشهد داخل جبهات «الإخوان» في الخارج، بعد «فشل» دعوات 11-11 بمصر؟ وماذا عن ملامح مستقبل التنظيم؟ تساؤلات طُرحت أخيراً ترسم بشكل ما حال «الإخوان» الآن الذي تصنفه السلطات المصرية «تنظيماً إرهابياً»، وسط حديث عن «خلافات» بين «إخوان إسطنبول» على خلفية سجن أحد الإعلاميين في تركيا.
ووفق خبراء، فإن «الخلاف اشتد بين الجبهات المتصارعة على قيادة (الإخوان) بعد (فشل) دعوات 11-11»، لافتين إلى أن «الانقسام يتعزز داخل التنظيم الآن».
الخبير المصري في الشأن الأصولي، أحمد بان، قال إن «المشهد الآن داخل (الإخوان) على ما هو عليه، الانقسام يتعزز، وكل جبهة من الجبهات المتصارعة تعمل من أجل مصالحها، فـ(جبهة لندن) لم تحسم قرار اختيار خليفة إبراهيم منير، للقيام بمهام القائم بأعمال بمرشد (الإخوان)، ويشتد الصراع الآن داخل (مجموعة لندن) بين محي الدين الزايط الذي شغل منصب منير بشكل (مؤقت)، وحلمي الجزار، أما (جبهة إسطنبول) فتحاول السيطرة على قيادة التنظيم، ومحمود حسين يحلم بمنصب القائم بأعمال المرشد، بينما لا يوجد أي تأثير لـ(تيار التغيير أو تيار الكماليين) سوى إطلاق بعض الأفكار الشبابية عبر منابره».
ويرى بان أن «الجبهات المتصارعة على قيادة التنظيم تحولت إلى (ظاهرة إعلامية) عبر الفضائيات التي تمتلكها أو المواقع الإلكترونية، وليس في جعبتها أي جديد، سوى فكرة نشر الشائعات». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا أتصور أن أياً من الجبهات المتصارعة على قيادة التنظيم، كانت تراهن على خروج مظاهرات في 11-11، فقط كانت مجرد دعوات منهم؛ والشارع المصري وجَّه لهم رسائل (حاسمة) بأنه ضد هذه الدعاوى».
بينما يشير الخبير المصري في الشأن الأصولي، عمرو عبد المنعم، إلى «تصاعد الخلافات بين جبهات (الإخوان) بعد (فشل) دعوات 11-11»، لافتاً إلى أن «مجموعات إعلامية موالية لـ(الإخوان) رددت بشكل صريح أن الاستجابة لـ11-11 كانت أقل بكثير مما كانوا يتوقعون».
وقبل أيام، قررت السلطات التركية نقل الإعلامي الموالي لـ«الإخوان» حسام الغمري الذي عاودت احتجازه بتهمة «استمرار التحريض ضد مصر» إلى أحد السجون. ويرى مصدر مطلع على صلة بتحركات «الإخوان» أن «هناك خلافاً بين (الإخوان) في إسطنبول بسبب الغمري».
واحتجزت السلطات التركية في وقت سابق الغمري وعدداً من الإعلاميين الموالين لـ«الإخوان»، ثم أطلقت سراحهم بعد تدخل أحد قيادات «الإخوان». ووفق المصدر المطلع فإن «السلطات التركية أبلغت الغمري بالالتزام بالتعليمات التركية، وعدم التحريض ضد مصر؛ لكنه لم يلتزم بذلك، ما اضطر السلطات التركية لمعاودة احتجازه، ثم ترحيله للسجن».
عبد المنعم قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مجموعة من (الإخوان) والإعلاميين في تركيا دعوا لـ(وقفة احتجاجية) لمطالبة أنقرة بالإفراج عن الغمري الذي تم ترحيله لأحد السجون، وعدم التضييق عليهم، ومن بينهم خالد جمال حشمت، وأحمد عبد العزيز، وحمزة زوبع، وأيمن عبد الرازق».
واتخذت أنقرة خلال الأشهر الماضية خطوات وصفتها القاهرة بـ«الإيجابية»، وتعلقت بوقف أنشطة «الإخوان» الإعلامية والسياسية «التحريضية» في أراضيها، ومنعت إعلاميين تابعين للتنظيم من انتقاد مصر. وفي نهاية أبريل (نيسان) 2021 أعلنت فضائية «مكملين»، وهي واحدة من 3 قنوات تابعة لـ«الإخوان» تبث من إسطنبول، وقف بثها نهائياً من تركيا.
وكانت القنوات الداعمة لـ«الإخوان» التي تصنفها مصر «معادية» وتعمل من تركيا، قد أعلنت في أبريل 2021 دخول بعض مقدميها في إجازات، تاركة الباب مفتوحاً بشأن مصيرهم، غير أن بعض العاملين في القناة قالوا إن «السلطات في أنقرة طلبت منهم التوقف عن الهجوم على القاهرة».
وأكد أحمد بان، أن «(الإخوان) الآن ليس تنظيماً واحداً له قيادة واحدة، إنما ينقسم إلى عدد من الجبهات، كل واحدة ترى أنها تمثل (المدرسة الإخوانية)، سواء (مجموعة إسطنبول) بقيادة محمود حسين، أو (جبهة لندن)، أو (تيار الكماليين)، فضلاً عن مجموعة رابعة ما زالت على ولائها لقيادات التنظيم في السجون، وأخرى خامسة قد نطلق عليها (المنتظرين)، وهؤلاء لا يتبعون (قيادات الخارج) ولا قيادات السجون، ويرون أن التنظيم يحتاج إلى رؤية وقيادة جديدة»، لافتاً إلى أن «كثافة الحضور الإعلامي لا تعني كثافة الوجود التنظيمي والتأثير؛ لكن تبقى مؤشراً (مضللاً) لهذا التأثير، وهذا هو الحادث مع الغمري والذين لديهم منابر إعلامية، صوتهم قد يكون عالياً؛ لكن من دون تأثير يُذكر».
عن «خلافات» التنظيم بسبب سجن أحد إعلاميي «الإخوان» بإسطنبول. شرح عمرو عبد المنعم أن «هناك خلافات كبيرة بين جبهات التنظيم، ربما تمتد خلال الأيام القادمة إلى حالة أكبر من (التشتت والتشظي) داخل صفوف (الإخوان)؛ خصوصاً مع ترقب بشأن كيفية تعامل السلطات التركية مع عناصر (الإخوان) في إسطنبول». وتابع: «مستقبل التنظيم (قاتم) وربما تتحرك خلال الفترة المقبلة بعض الدعوات القضائية والجنائية ضد بعض قيادات (الإخوان) بإسطنبول، مما يرجح أن هناك شيئاً ما يترتب من قبل السلطات التركية تجاه (الإخوان) وإعلام التنظيم في الخارج».
عودة إلى أحمد بان الذي يشير إلى أن «تركيا قد تعتبر (ورقة سجن الغمري) تأتي في إطار إثبات حُسن النيات لمصر؛ لكن تركيا تدرك في الوقت نفسه أن (ورقة توقيفات الإخوان) ليست لها قيمة؛ لأنه من المتعارف عليه أن أي شخص (مدان) وصدرت بحقه أحكام قضائية، يتم ترحليه لمصر». وخاض دبلوماسيون مصريون وأتراك، العام الماضي، جولتي مباحثات في القاهرة وأنقرة على الترتيب، لاستكشاف إمكانية «تطبيع العلاقات» بين الجانبين؛ لكن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، رأى في تصريحات صحافية مطلع الشهر الجاري، أن «العملية تسير ببطء»، معتبراً أن ذلك «ليس من طرفنا (أي تركيا)»، وفق قوله.
وسبقت ذلك إشارة من وزير الخارجية المصري سامح شكري، قال فيها إنه «لم يتم استئناف مسار المباحثات مع تركيا؛ لأنه لم تطرأ تغيرات في إطار الممارسات من قبل أنقرة». وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد أشار مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى أن العلاقات مع مصر «تتطور على أساس المصالح المشتركة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

تشهد العلاقات المضطربة على مرّ التاريخ بين فرنسا والجزائر خضّات جديدة، إثر توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق في فرنسا، بسبب رسائل كراهية نشروها، ومواجهة دبلوماسية جديدة حول توقيف كاتب جزائري - فرنسي في العاصمة الجزائرية، وهو ما يجعل البعض يرى أن العلاقة بين البلدين وصلت فعلاً إلى «نقطة اللاعودة».

سلطات فرنسا شنت حملة توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق بسبب رسائل كراهية نشروها (أ.ب)

وأوقفت السلطات في باريس مؤخراً ثلاثة مؤثرين جزائريين للاشتباه في تحريضهم على الإرهاب، ووضع منشورات تحث على ارتكاب أعمال عنف في فرنسا ضد معارضين للنظام الجزائري. أحدهم أوقف الجمعة في ضواحي غرونوبل، بعد نشره مقطع فيديو، تم حذفه في وقت لاحق، يحث المتابعين على «الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية»، بحسب لقطة مصورة من شاشة لوزير الداخلية برونو ريتايو.

وزير الداخلية الفرنسية برونو ريتايو (أ.ب)

ونشر هذا الرجل: «أنا معك يا زازو»، مخاطباً مؤثراً جزائرياً آخر، يدعى يوسف أ، المعروف باسم «زازو يوسف»، كان قد أوقف قبل ساعات قليلة بشبهة الدعوة إلى شن هجمات في فرنسا ضد «معارضي النظام الحالي في الجزائر»، بحسب القضاء الفرنسي. ونشر الشخص الثالث، الذي تم اعتقاله على تطبيق «تيك توك»: «اقتلوه، دعوه يتعذب»، في إشارة إلى متظاهر جزائري معارض للنظام. وفتح القضاء أيضاً تحقيقات ضد اثنين آخرين من المؤثرين الفرنسيين الجزائريين، بسبب فيديوهات تنشر الكراهية. وقال المعارض الجزائري، شوقي بن زهرة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «العشرات» من مستخدمي وسائط التواصل الجزائريين، أو مزدوجي الجنسية «نشروا محتوى معادياً على الإنترنت».

محمد تاجديت ضحية تحريض بالقتل من مؤثر جزائري مقيم بفرنسا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

كان لدى يوسف أ. أكثر من 400 ألف متابع على تطبيق «تيك توك»، وقد حذفت المنصة حسابه منذ ذلك الحين.

* اتهام الجزائر بالتحريض

اتهم بن زهرة، وهو نفسه لاجئ سياسي في فرنسا، السلطات الجزائرية بالوقوف وراء هذه «الظاهرة»، والدليل بحسبه أن المسجد الكبير في باريس، الذي تموله الجزائر، «يستقبل أيضاً مؤثرين» جزائريين. وردت مؤسسة مسجد باريس على هذه التصريحات «التشهيرية»، التي أدلى بها «مدون مغمور»، واعتبرتها جزءاً من «حملة افتراء غير محتملة»، لكنها أكدت على «دورها البناء في العلاقات بين البلدين». وحسب العديد من المعارضين الجزائريين المقيمين في فرنسا، الذين التقتهم «وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن هذه الرسائل العنيفة بشكل خاص ازدادت حدة بعد أن غيرت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، موقفها من قضية الصحراء، التي كانت مسرحاً لنصف قرن من الصراع بين المغرب وجبهة «البوليساريو»، المدعومة من الجزائر. ففي نهاية يوليو (تموز) الماضي انحاز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جانب إسبانيا والولايات المتحدة الأميركية، معتبراً أن مستقبل الصحراء يكمن «في إطار السيادة المغربية»، وساعد ذلك في التقارب مع الرباط، واندلاع أزمة جديدة مع الجزائر، التي لم تعد تقيم علاقات دبلوماسية مع جارتها منذ أغسطس (آب) 2021.

الجزائر اعتبرت موقف الرئيس ماكرون من الصحراء المغربية «خيانة» لها (أ.ف.ب)

في صيف 2022، بدأ الرئيس الفرنسي خطوة «للتقارب» مع الجزائر بشأن «قضايا الذاكرة»، ومسألة «الماضي الاستعماري»، المرتبطة بحرب الاستقلال التي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، لكن موقفه من الصحراء اعتبرته الجزائر «خيانة»، كما لاحظ ريكاردو فابياني، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية. سبب آخر من أسباب التوتر هو مصير الكاتب الفرنسي - الجزائري، بوعلام صنصال (75 عاماً)، الذي يقبع في السجن في الجزائر منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتهمة المساس بأمن الدولة، وهو في وحدة العناية الصحية منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

* امتعاض جزائري

بحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها الكاتب صنصال لموقع «فرونتيير» الإعلامي الفرنسي، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفاً مغربياً يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة، في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر. وكان الرئيس الفرنسي اعتبر الاثنين أن «الجزائر التي نحبها كثيراً، والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج»، مطالباً بالإفراج عن الكاتب المحتجز «بطريقة تعسفية تماماً».

الروائي المسجون في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

ومباشرة بعد ذلك، عبرت وزارة الخارجية الجزائرية عن استغرابها من «التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، والتي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة». ووصفتها بـ«التدخل السافر وغير المقبول في شأن جزائري داخلي». في هذا السياق، أشار مدير «مركز الدراسات العربية والمتوسطية» في جنيف، حسني عبيدي، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن العلاقة بين البلدين وصلت إلى «نقطة اللاعودة». وأعرب عن أسفه لأن «تصريحات ماكرون القاسية وغير المألوفة» من شأنها «تعزيز دعاة القطيعة التامة بين البلدين، وتكشف عن فشل الرئيس (الفرنسي) في سياسته حيال الجزائر». أما كريمة ديراش، الباحثة في «المركز الوطني الفرنسي» للبحث العلمي في باريس، فقد اعتبرت أننا «أمام رئيس دولة فرنسي لا يعرف كيف يتصرف»، و«يترك انفعالاته تتغلب عليه ولا يحترم القواعد»، وأمام سلطة جزائرية «حساسة جداً تجاه كل ما يصدر عن الدولة الفرنسية». وشدّدت على أنه رغم هذه «المناوشات» المتكررة بانتظام، تظل العلاقة الفرنسية - الجزائرية «متينة» من الناحيتين الاقتصادية والأمنية، مضيفة بسخرية أن فرنسا والجزائر «ثنائي يتنازع بانتظام».