شرم الشيخ: هل تدفع «طاقة السياسة» أسبوع المفاوضات الصعب في «كوب 27»؟

بداية «سلسة» مهدت لمناخ «إيجابي» عززته كلمات القادة

مهتمون بقضايا المناخ خلال وقفة في مدينة شرم الشيخ على هامش قمة «كوب 27» (أ.ف.ب)
مهتمون بقضايا المناخ خلال وقفة في مدينة شرم الشيخ على هامش قمة «كوب 27» (أ.ف.ب)
TT

شرم الشيخ: هل تدفع «طاقة السياسة» أسبوع المفاوضات الصعب في «كوب 27»؟

مهتمون بقضايا المناخ خلال وقفة في مدينة شرم الشيخ على هامش قمة «كوب 27» (أ.ف.ب)
مهتمون بقضايا المناخ خلال وقفة في مدينة شرم الشيخ على هامش قمة «كوب 27» (أ.ف.ب)

مع نهاية صيف ساخن ضربت حرارته أجزاءً مختلفة من العالم مسببة جفافاً وحرائق للغابات، وتزامن ذلك مع فيضانات وارتفاع في منسوب سطح البحر في مناطق أخرى من العالم، اكتسب مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن المناخ «كوب 27» أهمية إضافية، مدفوعا بطموحات وآمال الملايين للوصول إلى حل عملي يحد من الكوارث البيئية التي باتت تُهددهم في عقر دارهم. وعلى مدار الأسبوع الماضي كان مركز المؤتمرات في مدينة شرم الشيخ المصرية، الواقعة على ساحل البحر الأحمر، مسرحا لمناقشات وحوارات سياسية واقتصادية وعلمية خلقت مناخاً «إيجابياً»، عززته كلمات سياسية حماسية شهدت إقراراً بالتعهدات والالتزامات المناخية من جانب قادة العالم، ما اعتبر بمثابة «طاقة سياسية» يأمل المهتمون بالشؤون البيئية أن تشكل قوة دفع لأسبوع المفاوضات «الصعب» وصولاً إلى اتفاق عملي يحقق الهدف الرئيسي من المؤتمر الذي يُعقد تحت شعار «مؤتمر التنفيذ». ولقد مزجت مناقشات الأسبوع الأول من المؤتمر، الذي يستمر حتى 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بين السياسة والاقتصاد، وسيطرت قضايا التمويل على الفعاليات السياسية والنوعية أيضاً، سواء ما كان متعلقاً بتمويل التكيف مع التغيرات المناخية، أو التخفيف من تبعاتها، أو تمويل «الخسائر والأضرار» التي لحقت ببعض الدول من تبعات المناخ. ولكن، في حين تسعى الرئاسة المصرية للمؤتمر إلى الخروج بـ«خطة عمل» لتنفيذ التعهدات الدولية في الشأن المناخي، يتخوف مراقبون من أن تحدث «انتكاسة»، لا سيما أن ثمة مواضيع «جدلية وصعبة» على جدول أعمال المباحثات.

محطة تحرق الفحم  لتوليد الكهرباء في المانيا (أ.ب)

مع الساعات الأولى من يوم الأحد الموافق 6 نوفمبر الحالي، ازدحمت قاعة المؤتمرات في منتجع شرم الشيخ المصري بالمشاركين من كل أنحاء العالم، حيث سجل لحضور المؤتمر أكثر من 50 ألف شخص، وفقا لبيانات الأمم المتحدة. وأمام حشد من ممثلي أكثر من 190 دولة حول العالم، تسلم سامح شكري، وزير الخارجية المصري، رئاسة المؤتمر من سلفه البريطاني ألوك شارما رئيس مؤتمر «كوب 26»، معلنا بداية الفعاليات الإجرائية للمؤتمر.
وداخل قاعة حملت اسم «رمسيس»، نسبة إلى واحد من أشهر ملوك مصر القديمة، الذي اشتهر بانتصاراته التاريخية، أعلن وزير الخارجية المصري اختراقا في المفاوضات المناخية، بالموافقة على إدراج بند تمويل «الخسائر والأضرار» ضمن مناقشات المؤتمر. الأمر الذي أعطى دفعة قوية للمؤتمر في ساعاته الأولى، ومهد لبداية «سلسة ومرنة» حسب وصف أليكس سكوت، مديرة برنامج دبلوماسية المناخ والجيوبوليتكيات، بمؤسسة «إي ثري جي E3G» البريطانية المتخصصة في الشأن المناخي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن بداية المؤتمر كانت «إيجابية جداً وبلا خلافات على جدول الأعمال الذي كان على المحك لتضمنه قضايا مثل الخسائر والأضرار».
وحقاً، كان ملف تمويل الخسائر والأضرار أحد الملفات الشائكة والحساسة على طاولة مؤتمرات المناخ منذ انطلاقها في تسعينات القرن الماضي؛ إذ طالبت الدول النامية دائماً بتعويضات عن الأضرار الاقتصادية والخسائر التي تكبدتها من تبعات التغيرات المناخية، في حين دأبت الدول الصناعية الكبرى - أو «دول الشمال» - على رفض ضم هذا الملف إلى المفاوضات؛ خشية أن يكلفها مليارات الدولارات تدفعها في شكل تعويضات للدول الفقيرة.
ومع أن إدراج الملف على جدول المباحثات شكل في حد ذاته اختراقاً، فإن المسألة ما زالت شائكة ومعقدة، حيث يتخوف مراقبون من عرقلة التوصل إلى اتفاق بشأنها في المفاوضات، لا سيما في ظل تباين وجهات النظر بين دول «الشمال» و«الجنوب» في هذا الشأن. إذ بينما تطالب الأخيرة بتعويضات، ترفض دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية استخدام هذا المصطلح، وسبق أن أبدى المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية، سام وربرغ، في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي، تحفظ بلاده عن هذا المصطلح. وبالتالي، لم يكن تحقيق هذا الاختراق أمرا سهلا، بدليل استمرار المناقشات بشأن بند «الخسائر والأضرار» حتى الرابعة من فجر يوم بدء فعاليات المؤتمر، وأمضى المفاوضون نحو 40 ساعة للاتفاق على إدراج هذا البند في جدول الأعمال.
طاقة سياسية
هذه البداية «القوية»، بحسب مراقبين، خلقت «مناخاً إيجابياً بشكل عام» لما تلاها من فعاليات سواء على مستوى الشق الرئاسي، بمشاركة أكثر من 100 رئيس دولة وحكومة، أو في الأيام النوعية بعد ذلك. وعلى مدار يومين استمع المواطنون حول العالم إلى كلمات قادة دولهم وتعهداتهم بشأن المناخ، وسط تحذيرات أممية على لسان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مما وصفه بـ«فوضى المناخ»، وتخييره دول العالم بين «التضامن» في مواجهة التغيرات المناخية، أو «الانتحار الجماعي».
وعلى منصة قاعة تحمل اسم الملكة الفرعونية الجميلة نفرتيتي وقف قادة العالم يدلون بتعهداتهم المناخية نحو مستقبل أفضل وأجمل للأرض. وتقول أليكس سكوت إن كلمات القادة تضمنت «تأكيداً على التزامهم السياسي بمواجهة الكوارث المناخية، كجزء من الكوارث الأخرى والتحديات الأخرى التي تواجهها بلدانهم، مثل أمن الغذاء والطاقة والفقر». وأردفت أن أحد الملامح المهمة في كلمات القادة كان «تأكيدهم على أن مواجهة التحديات المناخية هي الطريق للحد من التحديات الأخرى»، واعتبرت هذه الكلمات «الحماسية» بمثابة «طاقة سياسية تحتاجها المفاوضات للخروج باتفاق جيد يحول الكلمات إلى أفعال على الأرض».
وبالفعل، على مدار يومين، هما مدة الشق الرئاسي من فعاليات «كوب 27»، انقسمت كلمات القادة ما بين دول كبرى من جانب تحاول «تأكيد التزامها بخفض الانبعاثات الكربونية»، مع إطلاق تعهدات بالعمل على «الحد من التغيرات المناخية»، وبين دول نامية وجُزرية صغيرة حملت كلمات قادتها «آثار المعاناة المناخية»، مع مطالب بالتعويضات باعتبار دولهم «تساهم بقدر ضئيل جداً في الانبعاثات الكربونية» مقارنة بالدول النامية. وقال الرئيس السنغالي ماكي سال إن «الدول الأفريقية تساهم بنحو 4 في المائة فقط من الانبعاثات»، مطالباً الدول المتقدمة بـ«تدابير لمواجهة التغيرات المناخية». وقادت باكستان، التي عانت أخيراً من فيضانات تسببت في خسائر اقتصادية تقدر بـ40 مليار دولار، دعوة الدول الغنية بـ«التعويض عن الخسائر والأضرار».
«مجموعة العشرين»
من الكلمات الرسمية المحاولة إطلاق مبادرات للحل، صدرت تصريحات عن مسؤولين أوروبيين وأميركيين تعكس رؤيتهم للحل، فحاول المستشار الألماني أولاف شولتس الترويج لإنشاء «ناد للمناخ» يهدف إلى تقليص الانبعاثات، وبينما شدد المبعوث الرئاسي الأميركي للمناخ جون كيري على «أهمية» خفض الانبعاثات، ركزت فرنسا ودول أوروبية أخرى على «دعم التكيف» مع المناخ خاصة في دول القارة الأفريقية. وقال مبعوث الصين الخاص لشؤون المناخ شيه تشن إن «بلاده ملتزمة بتحقيق الحياد الكربوني».
ولكن لم تتضمن كلمات القادة بيانات واضحة حول مدى التزامهم بتعهداتهم المناخية، وفقاً لسكوت، التي تقول إن «الشق السياسي من المؤتمر لم يتطرق لمسائل تتعلق بتعزيز المستهدفات الوطنية لخفض الانبعاثات، أو خطط تقليل الفجوة التمويلية». وتابعت أن هذه الكلمات «ولو كانت تضمنت إعلاناً عن تمويل مشاريع هنا وهناك بالملايين فإنها لا ترقى لإغلاق الفجوة التمويلية ولمستوى الطموحات في أعقاب مؤتمر غلاسكو (كوب 26) في الإبقاء على هدف 1.5 درجة مئوية حياً».
هذا، ويثير غياب الصين والهند عن حضور الفعاليات تساؤلات عديدة بين المراقبين بشأن مدى إمكانية الوصول لنتائج فعلية. وللتذكير، الرئيس الأميركي جو بايدن لم يشارك في فعاليات الشق الرئاسي، بل جاءت مشاركته في المؤتمر في نهاية الأسبوع الأول. وهو ما يجعل نتائج المؤتمر، على المستوى السياسي، مرتبطة إلى حد كبير بما سيسفر عنه لقاء رؤساء الصين والهند وأميركا، في اجتماعات «مجموعة العشرين» في جزيرة بالي بإندونيسيا خلال منتصف الشهر الحالي، علماً بأن هذه الدول «تتسبب بأكبر نسبة من الانبعاثات». وهنا تقول سكوت إن «غياب الصين والهند يؤثر على التوافق العالمي بشأن المناخ، ومن دون الدول الثلاث لا يمكن الوصول لهذا التوافق بشأن تسريع التحركات المناخية».
التمويل في قلب الأحداث
ومن الشق الرئاسي إلى الفعاليات النوعية، ظلت قضية التمويل حاضرة في الأسبوع الأول من المؤتمر، بالتزامن مع نشر رئاسة المؤتمر تقريراً يقول إن «الدول النامية باستثناء الصين تحتاج إلى تريليون دولار سنوياً لتمويل التغيرات المناخية». وبين محاولات البحث عن مصير تعهدات تمويلية سابقة ودعوات لمضاعفة هذه التمويلات، تباينت آراء المشاركين في المؤتمر، لا سيما في ظل اختلاف وجهات النظر بشأن مصادر وكيفية توزيع التمويل.
وهنا نشير إلى أنه سبق أن تعهدت الدول الغنية أو – «دول الشمال» - عام 2009 بتقديم مبلغ 100 مليار دولار أميركي سنوياً، حتى عام 2020 لتمويل مشاريع في الدول النامية من شأنها خفض الانبعاثات الكربونية، والتكيف مع التغيرات المناخية، إلا أن هذا التعهد لم ينفذ بشكل كامل حتى الآن، بل أفادت منظمة التعاون والتنمية في تقريرها الأخير، بأن «أكبر مبلغ جُمع في هذا الإطار بلغ 83.3 مليار دولار»، لافتة إلى أن «هدف المائة مليار دولار لن يتحقق قبل 2023».
من جهة ثانية، طوال مناقشات حملات عنوان «يوم التمويل» بحثت الدول المشاركة سبل استمرار التعهدات التمويلية حتى عام 2025، ولقد ربطت كينيا «مبلغ التمويل بحاجة الدول»، ودعت الدول الجُزرية إلى «توفير منح وتمويلات مدعومة حتى لا تزيد تكلفة الديون على الدول»، وطالبت باكستان بـ«التعويض عن الخسائر والأضرار». وترى الدول النامية أن الدول الصناعية الكبرى هي المسؤولة عن التغيرات المناخية، وبالتالي عليها تحمل مسؤوليتها وتمويل التكيف أو (الخسائر والأضرار). غير أن الدول الكبرى تحاول توزيع العبء التمويلي بمشاركة القطاع الخاص، وهنا يقول المبعوث الأميركي الخاص للمناخ كيري إنه «لا توجد حكومة تملك المال الكافي لذلك»، داعياً إلى «حشد أسواق المال الخاصة ومتعددة الأطراف لتحقيق الهدف».
أما آرني ليتز، عضو البرلمان الأوروبي السابق والخبير الدولي في المناخ والاستدامة، فركز خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» على «أهمية مشاركة القطاع الخاص في تمويل مشاريع التكيف مع المناخ، ومساهمة البنوك والشركات في الاستثمارات المناخية». وحقاً، أطلقت الولايات المتحدة شراكة بين القطاعين العام والخاص بهدف تسريع عملية انتقال الطاقة في الدول النامية في مبادرة تستند إلى سوق أرصدة الكربون.
أخيراً، ينتظر العالم نتائج المؤتمر لوضع حد لمعاناته المناخية، وتأمل سكوت أن «تحتفظ القمة بالطاقة السياسية التي حصلت عليها خلال الأسبوع الأول للوصول إلى اتفاق يعيد العالم إلى طريق أهداف باريس 2015، ويسرع من وتيرة العمل في تمويل التكيف مع التغيرات المناخية، إلى جانب تمويل (الخسائر والأضرار)»، لكنها تؤكد أن «المهمة صعبة أمام المفاوضين الذين حصلوا على دفعة سياسية من قادة دولهم دون دلائل علمية تضعهم على الطريق».

أبرز محطات العمل المناخي من ريو دي جانيرو إلى شرم الشيخ
> طيلة العقود الثلاثة الأخيرة، منذ إعلان الأمم المتحدة، التغيرات المناخية «قضية خطيرة» عام 1992، كافحت دول العالم لوضع اتفاقات وتصورات تحكم العمل المناخي. وبينما استطاعت الحفاظ على الزخم للقضية «الأخطر» التي تُهدد كوكب الأرض عبر مؤتمرات متتالية، واتفاقات بارزة في كيوتو وباريس، فإنها حتى الآن لم تتمكن من إبطاء الارتفاع المستمر لدرجة حرارة الكوكب.
الواقع أن إرهاصات العمل المناخي تعود إلى تاريخ أبعد، إذ أثيرت قضية تغير المناخ لأول مرة، عام 1972، خلال مؤتمر علمي للأمم المتحدة، عُرف باسم «قمة الأرض الأولى» في استوكهولم، اعتمد إعلاناً يحدد مبادئ الحفاظ على البيئة. وبعده بدأت جهود رصد وتقييم ملوثات الهواء، أسفرت عن اعتماد «اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون» عام 1985، وتلاها تأسيس «الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)». وعام 1989 أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بدء إجراء مفاوضات حول اتفاقية إطارية بشأن تغير المناخ، يُنسب لها بداية العمل المناخي الفعلي.
وفيما يلي تسلسل زمني لاختراقات وإخفاقات العمل المناخي طوال 30 سنة:
1992: «قمة الأرض» في ريو دي جانيرو بالبرازيل، التي اعتبرت اختراقا في العمل المناخي، بإقرار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ UNFCCC. ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 1994، ومنذ عام 2019 صدقت عليها 197 دولة حول العالم بينها الولايات المتحدة. وبموجبها تعقد اجتماعات سنوية تُعرف باسم مؤتمر الأطراف «كوب».
1995: شهد هذا العام الاجتماع الأول للموقعين على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 1»، في العاصمة الألمانية برلين، وشكلت الوثيقة الختامية للاجتماع المعروفة بـ«تفويض برلين»، الأساس لـ«بروتوكول كيوتو» لاحقاً.
1997: تبنى «كوب 3» في مدينة كيوتو باليابان أول معاهدة مناخية ملزمة قانوناً، تُعرف باسم «بروتوكول كيوتو». ويوجب البروتوكول الدول المتقدمة بخفض الانبعاثات بمعدل 5 في المائة أقل من مستويات عام 1990، إلا أنه لا يجبر الدول النامية، بما فيها الصين والهند، رغم انبعاثاتهما الكربونية العالية، على اتخاذ إجراءات مماثلة. كما أنه يُنشئ سوقاً للكربون.
2001: بعد انهيار المباحثات المناخية عام 2000 وانسحاب الولايات المتحدة في مارس (آذار) عام 2001 أصبح «بروتوكول كيوتو»، مهدداً. ولكن «مفاوضات بون» بألمانيا خلال يوليو (تموز) عام 2001، استطاعت تحقيق اختراقات رغم غياب الولايات المتحدة، لتتفق الدول في أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه على قواعد لتحقيق أهداف «بروتوكول كيوتو».
2005: دخل «بروتوكول كيوتو» حيز التنفيذ في فبراير (شباط) 2005، بعد تصديق عدد من الدول التي تتسبب في نحو 55 في المائة من الانبعاثات.
2007: شهد مؤتمر «كوب 13» في بالي بإندونيسيا، مناقشات لإصدار وثيقة أقوى من «بروتوكول كيوتو»، لكنها واجهت اعتراضات أميركية، قبل أن تتراجع واشنطن ويتبنى المؤتمر «خطة عمل بالي»، التي تستهدف وضع اتفاقية جديدة بحلول عام 2009.
2009: كان من المفترض وضع اللمسات الأخيرة على خليفة «بروتوكول كيوتو» خلال فعاليات «كوب 15» في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن. بيد أن الأطراف توصلوا فقط إلى وثيقة غير ملزمة «تؤخذ بعين الاعتبار» من دون تبنيها. تُقر «اتفاقية كوبنهاغن» على أنه لا يجوز أن تتعدى درجات الحرارة العالمية 2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، رغم أن ممثلين من البلدان النامية سعوا إلى هدف 1.5 درجة مئوية.
2010: تزايدت الضغوط قبيل «كوب 16» في المكسيك للتوصل إلى اتفاق، بعدما أعلنت وكالة «ناسا» الأميركية أن الفترة ما بين عامي 2000 و2009 كانت «الأكثر دفئا على الإطلاق». وهكذا، صدرت «اتفاقية كانكون»، التي تلزم الدول بالحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية دون درجتين مئويتين. وقدمت قرابة ثمانين دولة، بينها الصين والهند والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، خططها لخفض الانبعاثات.
2011: كاد المؤتمر الذي عقد في مدينة دوربان بجنوب أفريقيا أن ينهار بعد رفض أكبر ثلاثة ملوثين في العالم (الصين والهند والولايات المتحدة) اتفاقاً اقترحه الاتحاد الأوروبي، غير أن الدول الثلاث اتفقت في النهاية على العمل من أجل صياغة اتفاقية جديدة ملزمة قانوناً في عام 2015 على أبعد تقدير.
2012: قبيل انعقاد «كوب 18» اتخذ المفاوضون في مؤتمر الأطراف قراراً بتمديد «بروتوكول كيوتو» حتى عام 2020، بمشاركة دول تمثل نحو 15 في المائة فقط من الانبعاثات. وانسحبت كندا من البروتوكول، بينما رفضت اليابان وروسيا أي التزامات جديدة، علما بأن الولايات المتحدة لم توقع على الاتفاق مطلقاً.
2013: خلال الأسبوع الأول من «كوب 19» في العاصمة البولندية وارسو، اقترحت مجموعة «G77» والصين، آلية تمويل جديدة لمساعدة البلدان الضعيفة على التعامل مع «الخسائر والأضرار» الناجمة عن تغير المناخ. وهو المقترح الذي واجه معارضة من الدول المتقدمة، مما أدى إلى انسحاب كبار مفاوضي مجموعة الـ77 قبل استئناف المباحثات، والاتفاق على آلية لا تلبي طلبات الدول النامية.
2015: يعتبر «اتفاق باريس» علامة مميزة في تاريخ العمل المناخي، بتوافق 196 دولة على بنوده التي تطالب جميع دول العالم بخفض الانبعاثات. وبموجب الاتفاق، من المفترض أن تقدم الدول أهدافاً تُعرف بـ«المساهمات المحددة وطنياً (NDCs)». وهو ينص على الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية دون درجتين مئويتين ومتابعة الجهود لإبقائها أقل من 1.5 درجة مئوية.
2018: إقرار قواعد «اتفاق باريس» في مؤتمر «كوب 24»، والتي تتضمن كيفية إبلاغ الدول عن انبعاثاتها.
2019: وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مؤتمر «كوب 25» بأنه «فرصة ضائعة»، إذ لم يتحقق أي تقدم يذكر في قضايا المناخ، ولم يُتفَق على قواعد «سوق الكربون» كما كان مقرراً. بل شهد اختلافات حول تعويض الدول النامية عن الأضرار التي لحقت بها من تبعات التغير المناخي.
2021: عُقد مؤتمر «كوب 26» في غلاسكو باسكوتلندا، وحافظ على هدف «اتفاق باريس» المتمثل في الحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية، وحث الحكومات على تقديم أهداف أكثر طموحاً لخفض الانبعاثات بحلول نهاية عام 2022، كما وضع قواعد لسوق الكربون العالمية.
2022: عقدت فعاليات مؤتمر «كوب 27» في مدينة شرم الشيخ المصرية، تحت عنوان «قمة التنفيذ».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
TT

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

تأكيدات مصرية على لسان وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، بشأن «الدور النبيل» الذي تقوم به القوات المصرية ضمن بعثات حفظ السلام عبر «تعزيز السلم والأمن» في أفريقيا، وأنها تعكس «الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في القارة السمراء».

تصريحات وزير الخارجية جاءت خلال زيارته للكتيبة المصرية ضمن قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، التي تأتي أيضاً قبيل أسابيع من مشاركة جديدة مرتقبة مطلع العام المقبل في الصومال ضمن قوات حفظ سلام أفريقية، وسط تحفظات إثيوبية التي أعلنت مقديشو استبعاد قواتها رسمياً، وأرجعت ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الزيارة المصرية للقوات التي يمر على وجودها نحو 25 عاماً، تعد بحسب خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، تأكيداً على «الحضور المتنامي للقاهرة، وتعزيزاً لمشاركاتها بالقارة السمراء»، مستبعدين أن تتحول أي تحفظات إثيوبية تجاه الوجود المصري بمقديشو لمواجهات أو تصعيد عسكري.

وبحسب ما كشفته «الخارجية المصرية» في أواخر مايو (أيار) 2024، «فمنذ عام 1960، عندما أرسلت مصر قواتها إلى عمليات الأمم المتحدة في الكونغو، خدم ما يزيد على 30 ألفاً من حفظة السلام المصريين في 37 بعثة لحفظ السلام في 24 دولة، وبصفتها واحدة من كبريات الدول التي تسهم بقوات نظامية في عمليات حفظ السلام، تنشُر مصر حالياً 1602 من حفظة السلام من النساء والرجال المصريين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان والصحراء الغربية».

ووفق تقديرات نقلتها «هيئة الاستعلامات» المصرية الرسمية، منتصف يونيو (حزيران) 2022، تسترشد مصر في عمليات حفظ السلام بثلاثة مبادئ أممية أساسية، وهي «موافقة الأطراف والحياد، وعدم استعمال القوة إلا دفاعاً عن النفس، ودفاعاً عن الولاية».

بدر عبد العاطي يصافح كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

وتاريخياً، شاركت مصر في قوات حفظ السلام بأفريقيا في «الكونغو أثناء فترة الحرب الأهلية من 1960 إلى 1961، ثم من نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، وكوت ديفوار لمساعدة الأطراف الإيفوارية على تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينهما في يناير (كانون الثاني) 2003، والصومال في الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 1992 إلى فبراير (شباط) 1995، وأفريقيا الوسطى من يونيو 1998 إلى مارس (آذار) 2000، وأنغولا من 1991 وحتى 1999، وموزمبيق من فبراير 1993 إلى يونيو 1995، وجزر القمر من 1997 وحتى 1999، وبوروندي منذ سبتمبر (أيلول) 2004، وإقليم دارفور بالسودان منذ أغسطس (آب) 2004».

وضمن متابعة مصرية لقواتها، التقى بدر عبد العاطي، الجمعة، مع أعضاء كتيبة الشرطة المصرية المُشاركة في مهام حفظ السلام ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ الاستقرار في الكونغو الديمقراطية خلال زيارته التي بدأت الخميس، واستمرت ليومين إلى العاصمة كينشاسا، لتعزيز التعاون بكل المجالات، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وقال عبد العاطي إن «مصر إحدى كبرى الدول المساهمة في قوات حفظ السلام الأممية»، مؤكداً أن «وجود الكتيبة المصرية في الكونغو الديمقراطية يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وأهمية الشراكة الاستراتيجية مع دول حوض النيل الجنوبي». كما نقل وزير الخارجية، رسالة إلى رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتضمن سبل تعزيز العلاقات، وإحاطة بما تم توقيعه من اتفاقيات تعاون خلال زيارته وتدشين «مجلس أعمال مشترك».

ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن كلمة السر في مشاركة مصر بشكل معتاد ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا بشكل عام هي «طبيعة القوات المصرية حيث تتجلى الإمكانات العالية والخبرات التاريخية المتراكمة، ما جعل مصر دائمة المشاركة والحضور ضمن قوات حفظ السلام منذ أزمان بعيدة»، مؤكداً أن لمصر تجارب عدة في العمل ضمن بعثات حفظ السلام في كثير من دول أفريقيا التي شهدت نزاعات وأوضاع أمنية بالغة التعقيد، مثل ساحل العاج، والكونغو، وأفريقيا الوسطى، وأنغولا، وموزمبيق، وليبيريا، ورواندا، وجزر القمر، ومالي وغيرها.

جانب من كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في مهام حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية (الخارجية المصرية)

الحاج أشار إلى أنه رغم أن الاضطرابات السياسية التي تشهدها كثير من دول أفريقيا «تزيد من تعقيد» عمل بعثات الأمم المتحدة الخاصة بحفظ السلام في أفريقيا، وعدم قدرة هذه البعثات على إحراز أي تقدم في ظل نقص المؤسسات الديمقراطية الفعالة في عدد من البلدان الأفريقية؛ فإن مصر تدرك جيداً مدى أهمية تكثيف حضورها الأمني في القارة السمراء، باعتبار أن «العدول عن المشاركة المصرية ضمن بعثات حفظ السلام، سوف يترك فراغاً عريضاً» ربما تستغله دول أخرى تنافس مصر في خارطة التمركز الفاعل في أفريقيا.

الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أوضح أن هناك قوات لحفظ السلام تتبع الأمم المتحدة، وأخرى تتبع الاتحاد الأفريقي، وكل له ميزانية منفصلة؛ لكن يتعاونان في هذا المسار الأمني لحفظ الاستقرار بالدول التي تشهد اضطرابات ومصر لها حضور واسع بالاثنين، مؤكداً أن مشاركة القاهرة بتلك القوات يتنامى ويتعزز في القارة الأفريقية بهدف استعادة الحضور الذي عرف في الستينات بقوته، وكان دافعاً ومساهماً لتأسيس الاتحاد الأفريقي والحفاظ على استقرار واستقلال دوله.

وهو ما أكده وزير الخارجية المصري خلال زيارته للكتيبة المصرية بالكونغو الديمقراطية بالقول إن «المشاركة في بعثات حفظ السلام تعكس الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في أفريقيا، والمساهمة الفاعلة في صون السلم والأمن الدوليين».

هذا التأكيد المصري يأتي قبل نحو شهر من المشاركة المصرية في قوات حفظ السلام الأفريقية، بالصومال، حيث أكد سفير مقديشو لدى مصر، علي عبدي أواري، في إفادة، أغسطس الماضي، أن «القاهرة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي من يناير 2025 وتستمر حتى عام 2029. بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية»، قبل أن تعلن مقديشو، أخيراً «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة؛ بسبب انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (حساب الرئيس الصومالي على «إكس»)

ولم تعلق أديس أبابا رسمياً على هذا الاستبعاد، لكن تحدّث وزير الخارجية الإثيوبي السابق، تاي أصقي سيلاسي، في أغسطس الماضي، عن الموقف الإثيوبي بشأن البعثة الجديدة لقوات حفظ السلام في الصومال، حيث طالب بـ«ألا تشكّل تهديداً لأمننا القومي، هذا ليس خوفاً، لكنه تجنّب لإشعال صراعات أخرى بالمنطقة»، مؤكداً أن بلاده «أصبحت قوة كبرى قادرة على حماية مصالحها».

وعدَّ الخبير الاستراتيجي المصري أن استمرار الوجود المصري في قوات حفظ السلام على مدار السنوات الماضية والمقبلة، لاسيما بالصومال له دلالة على قوة مصر وقدرتها على الدعم الأمني والعسكري وتقديم كل الإمكانات، لاسيما التدريب وتحقيق الاستقرار، مستبعداً حدوث أي تحرك إثيوبي ضد الوجود المصري في الصومال العام المقبل.

فيما يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن الاستعداد القوي الذي أظهرته مصر للمشاركة ضمن بعثة حفظ السلام في الصومال، يأتي من واقع الحرص المصري على استتباب الأمن في هذه البقعة الاستراتيجية في القرن الأفريقي؛ لأن استتباب الأمن في الصومال يعني تلقائياً تأمين حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ومن ثم ضمان انسياب الحركة التجارية الدولية عبر قناة السويس. فضلاً عن أن مصر لن تنزوي بعيداً وتترك الصومال ملعباً مميزاً للقوات الإثيوبية، خصوصاً بعدما أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مطلع العام مع إقليم «أرض الصومال» لاستغلال منفذ «بربرة» البحري المطل على ساحل البحر الأحمر.

وفي تقدير عبد الناصر الحاج فإن نجاح مصر في أي مشاركة فاعلة ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا، يتوقف في المقام الأول، على مدى قدرة مصر في انتزاع تفويضات واسعة من مجلس السلم والأمن الأفريقي لطبيعة عمل هذه البعثات، بحسبان أن إحدى المشكلات التي ظلت تسهم في إعاقة عمل بعثات حفظ السلام، هي نوعية التفويض الممنوح لها؛ وهو الذي ما يكون دائماً تفويضاً محدوداً وقاصراً يضع هذه البعثات وكأنها مُقيدة بـ«سلاسل».

وأوضح أنه ينبغي على مصر الاجتهاد في تقديم نماذج استثنائية في أساليب عمل قواتها ضمن بعثات حفظ السلام، بحيث يصبح الرهان على مشاركة القوات المصرية، هو خط الدفاع الأول لمدى جدواها في تحقيق غاية حفظ السلام.