مناورات عسكرية بين جنوب أفريقيا وروسيا والصين تثير جدلاً

المعارضة عدتها «مخاطرة» بعلاقات بريتوريا مع الغرب

عسكريون من روسيا وجنوب أفريقيا (أرشيفية)
عسكريون من روسيا وجنوب أفريقيا (أرشيفية)
TT

مناورات عسكرية بين جنوب أفريقيا وروسيا والصين تثير جدلاً

عسكريون من روسيا وجنوب أفريقيا (أرشيفية)
عسكريون من روسيا وجنوب أفريقيا (أرشيفية)

تثير مناورات عسكرية مزمع إقامتها في فبراير (شباط) القادم، وتشترك فيها قوات من جنوب أفريقيا مع روسيا والصين، جدلاً على الساحة السياسية في بريتوريا. ويرى معارضون أن المناورات مع الغريمين التقليديين للغرب، في ظل الحرب الأوكرانية - وإن كانت غير مستحدثة - «دليل جديد على تضحية الحكومة بعلاقاتها مع الغرب، وتشكل خطورة على البلاد في السياق الاقتصادي العالمي»، في حين يرى مؤيدون أن المناورات إجراء طبيعي تم استغلاله سياسياً من جانب المعارضة.
ووفق موقع «ديفينس»، المهتم بالشؤون العسكرية، فإن جنوب أفريقيا اختتمت التحضيرات لإجراء مناورات عسكرية بحرية بالاشتراك مع كل من روسيا والصين. وقال الموقع في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، إنه حصل على معلومات تفيد بأن المناورات ستجري في فبراير 2023.
وفي رد فعل غاضب نقلته صحيفة «Eyewitness News» الجنوب أفريقية، قال كوباس ماري، وزير الظل لوزير الدفاع الجنوب أفريقي، والممثل لحزب «التحالف الديمقراطي»، وهو حزب المعارضة الرئيسي في البلاد: «وصلت قواتنا المسلحة إلى مستوى متدنٍّ جديد على الساحة الدولية... في حين يتم قصف أهداف مدنية أوكرانية كل يوم، تشارك قواتنا الدفاعية بسعادة في مناورات حربية مع البحرية الروسية».
ووصف ماري إجراء المناورات بأنه يمثل «خطأ فادحاً في التقدير» من جانب حكومة جنوب أفريقيا، في ضوء معارضة العالم للانتهاكات العسكرية الروسية في أوكرانيا، معتبراً المشاركة في هذه التدريبات «دعماً لروسيا في حربها ضد أوكرانيا». وتابع: «أدانت الأمم المتحدة والدول في جميع أنحاء العالم علانية هذا الغزو، لكن حكومة جنوب أفريقيا، التي تعتبر نفسها نصيرة لحقوق الإنسان، لم تفعل ذلك».
ويتفق بول نانتوليا، الباحث في مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية، على أن قرار جنوب أفريقيا بالمضي قدماً في هذه المناورات «غريب بعض الشيء»، لافتاً إلى العقوبات الدولية التي تم فرضها على روسيا - وخاصة صناعاتها العسكرية - والتي أدت إلى تعقيد أنشطة روسيا العسكرية.
يقول نانتوليا لـ«الشرق الأوسط»: «معارضون وبعض المراقبين في البلاد، يرون أنه كان من الحكمة تأجيل أو تجميد تلك المناورات حفاظاً على سمعة جنوب أفريقيا التي اكتسبتها بشق الأنفس، باعتبارها حكماً كفؤاً ومحترماً للغاية ونزيهاً في النزاعات الدولية».
ويضيف: «تعتقد بعض دوائر في حزب (المؤتمر الوطني الأفريقي) الحاكم أن جنوب أفريقيا في وضع فريد لتسهيل التواصل بين أوكرانيا وروسيا، بالنظر إلى أن معظم كوادرها وقادتها في حقبة الحرب تدربوا في أوكرانيا عندما كانت تلك الدولة جزءاً من الاتحاد السوفياتي». ويشير الباحث الجنوب أفريقي إلى أن المناورات تمثل الدفعة الثانية من التدريبات البحرية بين جنوب أفريقيا وروسيا والصين، بعد القيام بالدفعة الأولى قبالة ساحل كيب تاون في ديسمبر (كانون الأول) 2021.
والمناورات تم التخطيط لها مسبقاً - ربما يعود تاريخ ذلك إلى عام 2021 - مع الأخذ في الاعتبار مقدار الوقت المستغرق للتفاوض على مرور السفن البحرية المسلحة والمتطورة في حالة الصين، العديد من البلدان والبحار والمضايق البحرية من شمال وغرب المحيط الهادئ، وصولاً إلى سواحل الهند والمحيط الأطلسي في أفريقيا، بحسب نانتوليا.
في المقابل، يرى كورنيليوس موناما، ضابط الاتصال الإعلامي والمتحدث باسم وزيرة الدفاع ثاندي موديس، أن «الدعوات من جانب المعارضين للخضوع لـ(الناتو) وأميركا وأوروبا، تمثل استعراضاً حزبياً رخيصاً، وغضباً مفتعلاً لأهداف سياسية وحزبية».
وكتب موناما، في مقال نشرته «ديلي مافريك» في 7 نوفمبر الجاري: «لم تكن العلاقات الدبلوماسية والعسكرية بين جنوب أفريقيا وروسيا سرية على الإطلاق... جنوب أفريقيا ليست عضواً في (الناتو) ولا الاتحاد الأوروبي، كما أنها ليست مستعمرة تابعة لأي دولة غربية، إنها دولة مستقلة ذات سيادة، لذلك نرفض أي محاولات لتقويض حق جنوب أفريقيا في إدارة علاقاتها الخارجية بشكل مستقل».
من جانبه، قال ستيفن جروزد، من معهد جنوب أفريقيا لبرنامج إدارة الشؤون الدولية، في تصريحات صحافية، إن تحركات جنوب أفريقيا أصبحت ملحوظة في الخارج، مضيفاً أن «هذه المناورات، وحقيقة أن وزير الدفاع ذهب إلى مؤتمر في موسكو، واليخوت الروسية التي كان من المفترض أن ترسو في كيب تاون، مع حقيقة أن الرئيس رامافوزا تحدث إلى الرئيس بوتين قبل التحدث إلى الرئيس زيلينسكي بأسابيع؛ كل ذلك مؤشرات تقول إننا نتقارب مع الجانب الروسي رغم ادعاء الحياد». وحذر جروزد من أن ما تفعله حكومة جنوب أفريقيا يمكن أن تكون له هناك عواقب دولية.
ويرى كيث جود شوك، الباحث في قسم الدراسات السياسية في جامعة «ويسترن كيب»، أن العلاقات بين واشنطن وبريتوريا تسير على ما يرام، وأن ما حدث هو أن مؤيدي أوكرانيا في جنوب أفريقيا دعوا من خلال وسائل الإعلام، الولايات المتحدة، إلى اتخاذ إجراءات ضد جنوب أفريقيا، بسبب سياسة عدم الانحياز بشأن الحرب الروسية الأوكرانية.
ويعتقد شوك أنه ما دام الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض، فمن غير المرجح أن نرى إجراءات أميركية تفرض عقوبات على جنوب أفريقيا. وقال: «حجم علاقات بريتوريا الاقتصادية مع روسيا لا يقارن بحجم التبادل الاقتصادي والتجاري بين بريتوريا والاتحاد الأوروبي».
وقال: «اعترضت جنوب أفريقيا على إصدار أميركا تحذيراً إرهابياً، قبل أسابيع، كما اعترضت شركات في جنوب أفريقيا على زيادة الرسوم الأميركية المفروضة على واردات البلاد من الألومنيوم والصلب»، لكن هذه الحوادث لا ترقى إلى أن تعتبر تدهوراً في العلاقات.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

العالم زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

أدلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمزيد من التصريحات بشأن مكالمة هاتفية جرت أخيراً مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، في أول محادثة مباشرة بين الزعيمين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال زيلينسكي في كييف، الجمعة، بعد يومين من الاتصال الهاتفي، إنه خلال المكالمة، تحدث هو وشي عن سلامة الأراضي الأوكرانية ووحدتها «بما في ذلك شبه جزيرة القرم (التي ضمتها روسيا على البحر الأسود)» وميثاق الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

تبرأت الصين، اليوم (الجمعة)، من اتهامات وجهها خبراء من الأمم المتحدة بإجبارها مئات الآلاف من التيبتيين على الالتحاق ببرامج «للتدريب المهني» تهدد هويتهم، ويمكن أن تؤدي إلى العمل القسري. وقال خبراء في بيان (الخميس)، إن «مئات الآلاف من التيبتيين تم تحويلهم من حياتهم الريفية التقليدية إلى وظائف تتطلب مهارات منخفضة وذات أجر منخفض منذ عام 2015، في إطار برنامج وُصف بأنه طوعي، لكن مشاركتهم قسرية». واكدت بكين أن «التيبت تتمتع بالاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والوحدة العرقية وموحّدة دينياً ويعيش الناس (هناك) ويعملون في سلام». وأضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، أن «المخاوف المز

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

أثار كتاب التاريخ لتلاميذ المدارس الصينيين الذي يذكر استجابة البلاد لوباء «كورونا» لأول مرة نقاشاً على الإنترنت، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). يتساءل البعض عما إذا كان الوصف ضمن الكتاب الذي يتناول محاربة البلاد للفيروس صحيحاً وموضوعياً. أعلن قادة الحزب الشيوعي الصيني «انتصاراً حاسماً» على الفيروس في وقت سابق من هذا العام. كما اتُهمت الدولة بعدم الشفافية في مشاركة بيانات فيروس «كورونا». بدأ مقطع فيديو قصير يُظهر فقرة من كتاب التاريخ المدرسي لطلاب الصف الثامن على «دويين»، النسخة المحلية الصينية من «تيك توك»، ينتشر منذ يوم الأربعاء. تم تحميله بواسطة مستخدم يبدو أنه مدرس تاريخ، ويوضح

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
TT

باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أمس (السبت)، من أنه «إذا تعرضت مصالحنا للضرر فسوف نرد»، في وقت ينذر فيه وصول دونالد ترمب إلى السلطة في الولايات المتحدة بعلاقات تجارية ودبلوماسية عاصفة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.

وقال بارو في مقابلة مع صحيفة «ويست فرنس»: «من لديه مصلحة في حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا؟ الأميركيون لديهم عجز تجاري معنا، ولكن العكس تماماً من حيث الاستثمار. فكثير من المصالح والشركات الأميركية موجود في أوروبا».

وأضاف: «إذا رفعنا رسومنا الجمركية، فستكون المصالح الأميركية في أوروبا الخاسر الأكبر. والأمر نفسه ينطبق على الطبقات الوسطى الأميركية التي ستشهد تراجع قدرتها الشرائية».

ووفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد حذر بارو قائلاً: «إذا تأثرت مصالحنا، فسوف نرد بإرادة من حديد».

وتابع: «يجب أن يدرك الجميع جيداً أن أوروبا قررت ضمان احترام العدالة في التبادلات التجارية. وإذا وجدنا ممارسات تعسفية أو غير عادلة، فسنرد عليها».

وقد هدد ترمب الذي يعود إلى البيت الأبيض، الاثنين، الأوروبيين بفرض رسوم جمركية شديدة جداً. وهو يتوقع خصوصاً أن يشتري الاتحاد الأوروبي مزيداً من النفط والغاز الأميركي ويقلل من فائضه التجاري مع الولايات المتحدة.