السوداني يلغي التصاريح الأمنية في محافظات العراق المحررة من «داعش»

جنود عراقيون يحرسون حافلة تقل عوائل نازحة في مخيم للنازحين بالحبانية في محافظة الأنبار (أ.ف.ب)
جنود عراقيون يحرسون حافلة تقل عوائل نازحة في مخيم للنازحين بالحبانية في محافظة الأنبار (أ.ف.ب)
TT

السوداني يلغي التصاريح الأمنية في محافظات العراق المحررة من «داعش»

جنود عراقيون يحرسون حافلة تقل عوائل نازحة في مخيم للنازحين بالحبانية في محافظة الأنبار (أ.ف.ب)
جنود عراقيون يحرسون حافلة تقل عوائل نازحة في مخيم للنازحين بالحبانية في محافظة الأنبار (أ.ف.ب)

في حين أوضح مصدر مقرَّب من الحكومة العراقية أن القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بشأن إلغاء التصاريح الأمنية في المناطق المحرَّرة بالمحافظات الغربية إنما يهدف إلى تيسير شؤون المواطنين, فإن نواباً ومسؤولين من تلك المحافظات اعتبروا هذه الخطوة أساسية على صعيد المضيّ في تطبيق بقية بنود ورقة المطالب السنية.
وكان السوداني قد ألغى التصاريح الأمنية التي كانت مفروضة على أبناء المحافظات الغربية من البلاد التي وقعت تحت سيطرة تنظيم «داعش» منذ عام 2014 إلى 2017، وكانت إحدى نقاط الخلاف الأساسية بين أبناء تلك المناطق والحكومات العراقية السابقة، إذ ذكر مصدر مقرَّب من الحكومة العراقية، لـ«الشرق الأوسط»، أن «التدقيق الأمني للمعاملات الخاصة بالمواطنين وليس بالإرهابيين الذين تتواجد بشأنهم قاعدة بيانات موسَّعة منتشرة بين الأجهزة الأمنية ولا يمكن نفاذ أحد منها». وأضاف أن «هذا القرار جرى اتخاذه سابقاً لثلاث مرات، وهناك جهات لا تنفذ من أجل الابتزاز»، مبيناً أن «حكومة السوداني لا تتعامل بمنطق الثأر وروح الانتقام، ومهمتها الأساسية تسيير أمور المواطنين في كل مناحي الحياة، وفي كل منطقة من مناطق العراق».
وذكر المصدر أنه «على الجميع أن يدرك أن الحكومة لا تتهاون أبداً في كل ما من شأنه تعريض أمن العراق للخطر، لكنها في الوقت نفسه لن تترك ثغرة للمساس بكرامة العراقيين».
وأكد النائب السابق عن محافظة الأنبار عبد الله الخربيط، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا القرار مُنصف ويساوي بين أبناء هذه المحافظات وأبناء الشعب». وأضاف الخربيط: «صحيح أن هذا القرار تأخّر كثيراً، لكنه الآن وفي ظل الحكومة الجديدة جرى اتخاذه؛ وهو ما يعني للحكومة ولرئيسها بادرة قوة وحسم»، معبراً عن الارتياح «من اتخاذ مثل هذا القرار بعد سنوات من معاناة أبناء المناطق الغربية حيال مثل هذه الأمور، وهو ما يجعلنا نأمل الكثير في المستقبل، حيث إن الإنصاف مطلوب، حتى لو جاء متأخراً».
في السياق نفسه يرى النائب في البرلمان العراقي عن تحالف السيادة يحيى المحمدي، في حديثه، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الخطوة جيدة وتُعدّ جزءاً مما يطالب به أبناء تلك المحافظات، لا سيما أن مسألة التصاريح الأمنية وضعتها بعض الأطراف الأمنية إما لأغراض روتينية لا داعي لها، وإما لأغراض الابتزاز، فضلاً عن كون موضوع التصاريح الأمنية يعني أن هناك عدم ثقة في أبناء المناطق الغربية بعد احتلال محافظاتهم ومدنهم من قِبل تنظيم داعش»، مضيفاً أن «التصاريح الأمنية التي كان معمولاً بها قبل قرار السوداني، جعلت أبناء تلك المناطق يشعرون بأن الحكومات العراقية تتعامل معهم كما لو كانوا مواطنين من درجة ثانية».
وبشأن ما إذا كان هذا القرار يمكن أن يولّد مخاوف من إمكانية تسلل دواعش تحت ستار هذا القرار، يقول المحمدي إن «الأمن مهمة الأجهزة الأمنية المختصة، لا أن ينظر إلى المواطن بوصفه متهماً حتى تثبت براءته، حيث إن هذا الإصرار الزائد عن حده في موضوع التصاريح الأمنية يخلق ردّات فعل لدى المواطنين حيال كيفية تعامل الحكومة معهم ومع سواهم بأكثر من مكيال، ومن ثم فإن هذا القرار تكمن أهميته في أنه سوف يستعيد ثقة المواطن بالحكومة».
من جهته فإن عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى أحمد الجبوري يقول، لـ«الشرق الأوسط»، إن «القرار الذي اتخذه السوداني فيما يتعلق بإلغاء التصاريح الأمنية خطوة في الاتجاه الصحيح؛ كون القرار أصلاً كان إجراء خاطئاً، كون أن المطلوبين للقضاء؛ من الدواعش وغيرهم، ينبغي أن يجري إنجاز ما يلزم قضائياً وتحقيقياً وحجز أموالهم المنقولة وغير المنقولة في التسجيل العقاري والمرور والمصارف وغيرها، حيث يفترض بالأجهزة المعنية التحقيقية في دوائر الاستخبارات ومكافحة الإرهاب والجهات القضائية، أن تتولى هذا الأمر».
وأضاف أنه «ينبغي ألا يبقى المواطنون في خانة الاتهام؛ لأن الأصل هو البراءة لا الاتهام، ومن ثم فإن أي مواطن يراجع دائرة ويخضع للتدقيق الأمني، فإن هذا بحد ذاته عقوبة لايمكن قبولها، وهو ما يعني أن هناك تقصيراً من تلك الأجهزة في هذا المجال».
وأوضح الجبوري أنه «بعد هذا الإجراء لن يعود هناك داعٍ لأي تدقيق أمني، فليس من المعقول بعد مرور 5 سنوات على تحرير مناطقنا أن يكون هناك تدقيق أمني لأي مواطن، بمن في ذلك النواب، وهو ما يعني أن هذا الإجراء الذي كان معمولاً به إنما ينطوي على جانب ابتزاز واضح».
كما أكد الجبوري «دعم هذا القرار الذي أصدره رئيس الوزراء، فإننا نطالبه بتفعيله باتجاه حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة للدواعش، بينما المواطن العادي يجب أن يعيش حياته بصورة طبيعية».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
TT

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

حدد رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، موقف الكرد من الصراع الجاري في المنطقة بطريقة تبدو مختلفة عن خيارات القوى السياسية في بغداد، لا سيما من الحرب الدائرة في المنطقة.

وفي لقاء له مع قناة «سكاي نيوز عربية»، الثلاثاء، أكد بارزاني أن العراق «هو المتضرر في حال جره للحرب في المنطقة». وأضاف أن «العلاقة بين أربيل وبغداد جيدة، مع أن بعض الملفات العالقة لا تزال طور النقاش لحلها، من بينها حصة الإقليم من النفط».

وقال بارزاني: «ليس من مصلحتنا أي توتر مع إيران وتركيا والعلاقات طبيعية مع الطرفين»، مؤكداً أنه «لم يكن في برنامجنا أبداً توتر العلاقات مع تركيا وإيران، لكن لن نسمح لأي أحد بأن يتدخل في شؤوننا».

ولفت بارازني إلى أن «المعارضة الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان لم تتدخل وتستمع للتعليمات، بينما (حزب العمال الكردستاني) يتدخل ولا يستمع للتعليمات».

العراق وطبول الحرب

وبشأن طبول الحرب التي تقرع في المنطقة وطريقة تعاطي العراق الرسمي والعراق الموازي المتمثل بالفصائل المسلحة الموالية لإيران، قال بارزاني إن «العراق هو المتضرر من جره للحرب الحالية في المنطقة».

ومع أن بارزاني لم يخض في تفاصيل موقف العراق من الحرب، لكنه عبَّر عن رأي كردي منسجم مع موقف الحكومة العراقية سواء على لسان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أو وزير الخارجية فؤاد حسين، لكنه انتقد صراحة «الفصائل المسلحة التي لا تزال تهدد بالرد على إسرائيل في حال تنفيذها هجوما على العراق».

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أعلن، الأحد الماضي، خلال كلمة له بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الدبلوماسية العراقية أن إسرائيل باتت تبحث عما سماها «ذرائع واهية لضرب العراق»، مبيناً أنه وجَّه وزارة الخارجية للتعامل مع الأمر، وفق الأطر الدبلوماسية.

مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي والسفيرة الأميركية لدى العراق إلينا رومانسكي خلال لقاء الأحد (واع)

وكانت السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي التي انتهت مدة عملها في العراق، قد حذرت من إمكانية أن تقوم إسرائيل باستهداف العراق قائلة: «أود أن أكون واضحة جداً من البداية. الإسرائيليون أدلوا بتحذيرات ردع على الميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، والتي تعتدي على إسرائيل».

وأضافت أن «هذه الميليشيات هي من بدأت في الاعتداء على إسرائيل، وأكون واضحة جداً لهذه النقطة وأن الإسرائيليين حذروا حكومة العراق بأن يوقفوا هذه الميليشيات من اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل».

وتابعت السفيرة بالقول: «رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة التي لا تنصاع لأوامر الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، وأن إسرائيل أمة لها سيادتها، وستقوم بالرد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

خطر الانسحاب الأميركي

وعن موقفه من الوجود الأميركي في العراق، قال بارزاني إن «(داعش) لا يزال يشكل تهديداً جدياً، وانسحاب قوات التحالف مشكلة من دون تجهيز الجيش العراقي والبيشمركة».

ويعد موقف بارزاني أول موقف كردي بهذا الوضوح بعد سلسلة مباحثات أجرتها الحكومة العراقية طوال هذا العام مع الأميركيين بشأن إعادة تنظيم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية والتي تتضمن انسحاب ما تبقى من القوات الأميركية من العراق والعودة إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقَّعة بين بغداد وواشنطن عام 2008.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عصام فيلي لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف بارزاني من الانسحاب الأميركي يمثل مخاوف كثير من القوى السياسية وحتى الشارع العراقي في أن يكون العراق جزءاً من ساحة حرب».

وأضاف فيلي أن «هذه الحرب لا بد أن يكون لمن يشترك فيها اصطفاف لصالح طرف ضد آخر، وهو ما يتناقض مع الدستور العراقي وتصريحات كبار مسؤوليه في أن العراق لا يمكن أن يكون ساحة للحرب في المنطقة بين قوتين وهما أميركا وإيران».

وأوضح فيلي أن «العراق لا يزال يواجه تحديات داخلية في المقدمة منها التنظيمات الإرهابية، وأن قوات التحالف الدولي تمثل ضمانة أمنية»، وأشار إلى أن «الكرد يخشون من غياب قوات التحالف؛ لأنهم يرون أن وجود بعض الأطراف المسلحة في بعض المناطق المتنازع عليها سيشكل تهديداً لهم بعد الانسحاب الأميركي».