هل يستطيع الدبيبة تأمين إجراء الانتخابات في جميع المدن الليبية؟

في ظل انحصار سيطرة حكومته على المنطقة الغربية

الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة (الحكومة)
الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة (الحكومة)
TT

هل يستطيع الدبيبة تأمين إجراء الانتخابات في جميع المدن الليبية؟

الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة (الحكومة)
الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة (الحكومة)

اعتبر سياسيون ليبيون التعهد الأخير لعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، بتأمين إجراء الانتخابات في جميع المدن والمناطق الليبية «مجرد مناورة سياسية، وإجراء صعب تطبيقه» لاعتبارات عديدة، وتساءلوا عن مدى إمكانية تحقيق ذلك في ظل انحصار سيطرة حكومته على المنطقة الغربية فقط، دون شرقها أو جنوبها.
ورأى عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، أن حديث الدبيبة ليس إلا «مناورة سياسية» تستهدف جهود وقف إزاحة حكومته، ومغازلة المجتمع الدولي بهدف استرجاع دعمهم لها. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه بعد «تواتر الأنباء حول تفاهم مجلسي النواب والأعلى للدولة على تشكيل حكومة موحدة، تشرف على إجراء انتخابات شاملة، يحاول الدبيبة عبر هذا التعهد إيصال رسالة للمبعوث الأممي الجديد عبد الله باتيلي، والمجتمع الدولي مفادها أنه قادر على تأمين الانتخابات بدلاً من أي حكومة جديدة»، مشيراً إلى أن حكومة الدبيبة «غير قادرة على تنفيذ أي قرار صادر عنها في شرق البلاد وجنوبها، علما بأنهما يمثلان ثلثي البلاد تقريباً، كونهما يعتبران مواقع تمركز وسيطرة الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر».
وتساءل الزرقاء: كيف يكون الدبيبة مشاركاً في الانتخابات، وحكومته هي «من ستشرف على تنظيمها وتسيطر على الأموال العامة؟»، وذهب إلى أنه «من المتوقع أن تدعم نجاحه بكل الطرق»، مبرزاً أن أغلبية الليبيين «يدركون أن المعضلة ليست في تأمين الالتزامات اللوجيستية للاستحقاق الانتخابي، بل في تزويره».
في السياق ذاته، رأى جلال حرشاوي، الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف»، أنه على الرغم «من وجود تواصل مستمر بين صدام، نجل المشير خلفية حفتر، وبعض أفراد عائلة الدبيبة فإنه «قلل من فرضية تفاهم الأخير وحفتر حول إجراء الانتخابات بشكل متزامن في جميع المدن الليبية». وقال حرشاوي لـ«الشرق الأوسط» إن الدبيبة «لا يستعد للانتخابات بطريقة حقيقية»، معتقداً أن «كل ما يحدث ليس إلا كذبة كبيرة، ولا أحد يسعي فعلياً لتنظيم الانتخابات... لا السياسيين الليبيين ولا الدول الأجنبية».
وأضاف حرشاوي موضحاً: «لكي تجري الانتخابات في العام المقبل يجب أولاً اعتماد قاعدة دستورية، لكن للأسف فإن المبعوث الأممي قرر أن يطلب من مجلسي النواب والأعلى للدولة الاتفاق على القاعدة الدستورية، والإطار القانوني المنظم للانتخابات، وهذا يعني إضاعة مزيد من الوقت، وربما عدة أشهر». ورأى أن الدبيبة «سيتظاهر خلال هذه الفترة بالتحضير لإجراء الانتخابات قصد تحسين صورته العامة، لكن لن يتم إحراز أي تقدم».
ولم يبتعد الأكاديمي والباحث السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، كثيراً عن الآراء السابقة، حيث اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الانقسام لا يزال سيد البيت الداخلي الليبي، وبالتالي هناك صعوبة في أن يؤمن الدبيبة انتخابات شاملة ومتزامنة، إلا إذا كان هناك ضغط إقليمي ودولي على حفتر، لكي ينسق بشكل مباشر أو غير مباشر مع حكومة الدبيبة»، مضيفاً أنه «بالنظر لتباين المواقف حول هذا الأمر، تبقى دعوة الدبيبة مجرد تسجيل موقف، ورسالة لشعبه بأنه ساع للانتخابات، لكن هناك أطرافاً أخرى تعرقلها».
واستبعد الأكاديمي التركي ما يردده البعض حول تعويل الدبيبة على دعم أنقرة له عسكرياً ليتمكن من إجراء انتخابات بعموم البلاد، خاصة بعد الاتفاقيات الأمنية الأخيرة الموقعة بين الجانبين، وقال بهذا الخصوص إن «الانتخابات شأن داخلي بحت، وتركيا لن تتدخل، رغم أنها تسعى فعلياً لإيجاد انتخابات نزيهة والدفع بالعملية السياسية قدماً، وإنهاء الانقسام وتحقيق الاستقرار»، مضيفاً أن الدبيبة «يدرك تماماً أن وجوده في منصبه بات مؤقتاً، وأن حكومته أقرب لأن تكون حكومة تصريف أعمال لحين إجراء الانتخابات، تعالج الانقسام الحكومي الراهن».
أما عضو «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، أحمد الشركسي، فسخر بدوره مما يطرحه البعض بمن أن يؤدي تكليف عماد الطرابلسي بتسيير مهام وزارة الداخلية التابعة لحكومة «الوحدة»، إلى زيادة الثقل الأمني للوزارة بما يمكنها من فرض الانتخابات في شرق البلاد وجنوبها. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الطرابلسي «قد يواجه المتاعب بمناطق تمدد بعض التشكيلات داخل العاصمة طرابلس، وفي مقدمتها ما يعرف بجهاز قوة الردع، بقيادة عبد الرؤوف كاره، وبالتالي يكون الحديث عن قدرتها على تنفيذ أي إجراء خارج عن العاصمة مستبعداً».
ورجح الشركسي أن يكون تكليف الطرابلسي جاء «في إطار محاولة احتواء مدينة الزنتان التي ينتمي لها أسامة جويلي، آمر المنطقة الغربية سابقاً، والمعروف بتحالفه مع رئيس حكومة (الاستقرار) فتحي باشاغا، وليس لامتلاكه أي نفوذ وثقل بأماكن مختلفة في البلاد».


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا ترحيب مغربي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية

ترحيب مغربي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية

أعلن بيان للديوان الملكي المغربي، مساء أول من أمس، أن الملك محمد السادس تفضل بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح (أول) محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية. وجاء في البيان أن العاهل المغربي أصدر توجيهاته إلى رئيس الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار الملكي. ويأتي هذا القرار تجسيداً للعناية الكريمة التي يوليها العاهل المغربي للأمازيغية «باعتبارها مكوناً رئيسياً للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيداً مشتركاً لجميع المغاربة دون استثناء».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا أعضاء «الكونغرس» الأميركي يشيدون بالتزام العاهل المغربي بـ«تعزيز السلام»

أعضاء «الكونغرس» الأميركي يشيدون بالتزام العاهل المغربي بـ«تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، مايك روجرز، مساء أمس، في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز، خلال مؤتمر صحافي، عقب محادثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم»، مبرزاً أن هذه المحادثات شكلت مناسبة للتأكيد على الدور الجوهري للمملكة، باعتبارها شريكاً للول

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا حزبان معارضان يبحثان تدهور القدرة الشرائية للمغاربة

حزبان معارضان يبحثان تدهور القدرة الشرائية للمغاربة

عقد حزبا التقدم والاشتراكية اليساري، والحركة الشعبية اليميني (معارضة برلمانية) المغربيين، مساء أول من أمس، لقاء بالمقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية في الرباط، قصد مناقشة أزمة تدهور القدرة الشرائية للمواطنين بسبب موجة الغلاء. وقال الحزبان في بيان مشترك إنهما عازمان على تقوية أشكال التنسيق والتعاون بينهما على مختلف الواجهات السياسية والمؤسساتية، من أجل بلورة مزيد من المبادرات المشتركة في جميع القضايا، التي تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني، وذلك «من منطلق الدفاع عن المصالح الوطنية العليا للبلاد، وعن القضايا الأساسية لجميع المواطنات والمواطنين».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا عائلات مغربية تحتج لمعرفة مصير أبنائها المفقودين والمحتجزين

عائلات مغربية تحتج لمعرفة مصير أبنائها المفقودين والمحتجزين

دعت «تنسيقية أسر وعائلات الشبان المغاربة المرشحين للهجرة المفقودين» إلى تنظيم وقفة مطلبية اليوم (الخميس) أمام وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي بالرباط، تحت شعار «نضال مستمر من أجل الحقيقة كاملة وتحقيق العدالة والإنصاف»، وذلك «لتسليط الضوء» على ملف أبنائها المفقودين والمحتجزين ببعض الدول. وتحدث بيان من «التنسيقية» عن سنوات من المعاناة وانتظار إحقاق الحقيقة والعدالة، ومعرفة مصير أبناء الأسر المفقودين في ليبيا والجزائر وتونس وفي الشواطئ المغربية، ومطالباتها بالكشف عن مصير أبنائها، مع طرح ملفات عدة على القضاء. وجدد بيان الأسر دعوة ومطالبة الدولة المغربية ممثلة في وزارة الشؤون الخارجية والتع

«الشرق الأوسط» (الرباط)

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.