طهران تتجاهل استمرار الاحتجاجات وتتوقع «انحسارها»

تصاعد الانتقادات لاعتقال الطلاب والحكومة تواصل إنكار القمع... و«الحرس» يعتقل محامياً

صورة تداولتها وسائل التواصل لطالبات من دون حجاب في جامعة «العلوم والثقافة» بطهران
صورة تداولتها وسائل التواصل لطالبات من دون حجاب في جامعة «العلوم والثقافة» بطهران
TT

طهران تتجاهل استمرار الاحتجاجات وتتوقع «انحسارها»

صورة تداولتها وسائل التواصل لطالبات من دون حجاب في جامعة «العلوم والثقافة» بطهران
صورة تداولتها وسائل التواصل لطالبات من دون حجاب في جامعة «العلوم والثقافة» بطهران

في اليوم الـ52 من اندلاع الاحتجاجات الإيرانية، توقع مسؤول أمني رفيع «انحسار الاحتجاجات» فيما واصل القضاء الإيراني التلويح بإقامة محاكم لـ«التعامل الحازم» مع من يتسبب في «اضطرابات» أو «يرتكب جرائم» خلال موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي تجتاح البلاد، ما يشير إلى أن السلطات تعتزم إصدار أحكام قاسية على المتظاهرين الذين ستتم إدانتهم.
وتشكل هذه الاحتجاجات أحد أكبر التحديات التي تواجه حكام البلاد منذ الثورة الإسلامية في 1979. وتتواصل الاحتجاجات منذ 8 أسابيع رغم الإجراءات الأمنية الصارمة والتحذيرات الشديدة التي تطلقها قوات الأمن.
وصعّدت السلطات من الإجراءات الأمنية المشددة في العاصمة طهران، ونشرت مجموعة من عناصر الشرطة على متن أحصنة لإخماد الاحتجاجات، وفق تسجيل نشر على مواقع التواصل الاجتماعي. وشوهدت وحدة خاصة ضمن دورية تقف أمام صف من الأعلام الوطنية الإيرانية على طريق رئيسي في حي صادقية، الواقع في شمال غرب طهران.
وعلى منوال الأسابيع الأخيرة، تعالت شعارات الإيرانيين من مبانٍ سكنية في طهران. ويُظهر فيديو على شبكات التواصل هتافات، يقولون فيها: «لم نسجل خسائر لكي نساوم، ونشيد بالزعيم القاتل». واستمرت المسيرات الليلية حتى وقت متأخر الإثنين في بعض المدن الكردية، شمال غرب إيران.
واستعانت السلطات الإيرانية بخيّالة الشرطة للسيطرة على الاحتجاجات التي اندلعت قبل أكثر من 7 أسابيع، إثر وفاة مهسا أميني، بينما كانت محتجزة لدى شرطة الأخلاق، بحسب تسجيلات مصوّرة انتشرت على الإنترنت. وقادت النساء الحراك الاحتجاجي، إذ خلعن وحرقن حجابهن بينما رددن شعارات مناهضة للنظام وواجهن القوى الأمنية في الشوارع رغم حملة القمع التي أودت بالعشرات.

اعتصام مشترك لأساتذة وطلاب جامعة شريف الصناعية في طهران (اللجنة التنسيقية للطلاب)

- إنكار حكومي
خلال نحو شهرين من اندلاع الاحتجاجات، أظهر عدد كبير من تسجيلات الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي استخدام قوات الأمن النار مباشرة على المحتجين، مستخدمة الذخيرة الحية والخرطوش والغاز المسيل للدموع حتى كرات الطلاء. وفرضت الحكومة قيوداً على الإنترنت شملت منع الوصول إلى «إنستغرام» و«واتساب»، بينما نفّذت حملة اعتقالات واسعة.
وقال المتحدث باسم الحكومة، علي بهادري جهرمي، أمس: «كان بإمكان الحكومة أن ترخص استخدام الذخائر الحية ضد المحتجين، وأن تضرب أي شخص ينزل إلى الشارع، حتى يخاف الناس ولا يخرجوا من منازلهم، لكن هذه الحكومة لن تقوم بهذه الأعمال لأنها تعتبر المحتجين أطفالها وأسرتها»، حسبما أوردت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري».
وأفادت وكالة «مهر» الحكومية، نقلاً عن رئيس منظمة الدفاع السلبي الإيرانية، الجنرال غلام رضا جلالي، قوله إن «غبار» الاحتجاجات «ينام تدريجياً». ووصفها بـ«الفتنة وأعمال الشغب». وذهب أبعد من ذلك عندما وصف المحتجين الذين اشتبكوا مع قوات الأمن بـ«الدواعش الوطنيين». وقال إن «العنف تجاوز الإرهابيين».
على خلاف ذلك، تجددت تجمعات في عدد من جامعات طهران الثلاثاء. ونشرت وكالة نشطاء حقوق الإنسان في إيران، هتاف الطلاب بشعار «الموت لكل النظام، ستسقط قتلى في صفوف (الحرس الثوري) هذا العام». وفي جامعة شريف الصناعية، رددت مجموعة كبيرة من الطلاب شعارات ضد حرمان زملائهم من الدراسة، وذكرت منظمة حقوق الإنسان، ومقرها في النرويج، أن عدداً من الأساتذة كانوا في صفوف الطلاب.
ووقف أبرز معلقي كرة القدم في التلفزيون الإيراني خلال السنوات الأخيرة، وأستاذ جامعة شريف، عادل فردوسي بور، بين طلابه وانتقد اعتقالات وحرمان الطلبة من الدراسة وقمعهم على يد القوات الأمنية. وطالب بإطلاق سراحهم. ويُمنع فردوسي بور منذ أكثر من عامين من تقديم برامج رياضية في التلفزيون الإيراني.
وفي وقت سابق الثلاثاء، أفادت قناة «شريف تودي» على «تليغرام» أن استخدام كاميرات المراقبة «يشهد قفزة لافتة» في الجامعة التي اقتحمتها قوات أمنية ترتدي ملابس مدنية الشهر الماضي، الأمر الذي أثار مخاوف من تكرار سيناريو اقتحام السكن الطلابي في جامعة طهران.
في الأثناء، طالبت الأستاذة السابقة في جامعة طهران، زهرا رهنورد، زوجة الزعيم الإصلاحي مير حسين موسوي، بإنهاء قمع المحتجين بما في ذلك الطلاب. وقالت رهنورد، التي تواجه الإقامة الجبرية برفقة موسوي منذ فبراير 2011، في بيان: «أطلقوا سراح الطلاب المعتقلين، وأوقفوا تهديد وحرمان وطرد الطلاب... اسمعوا صوت الشعب ولا تقتلوا أبناءه».
وصبّ طلاب من جامعة العلوم والثقافة في طهران جام غضبهم الثلاثاء على قوات «الحرس الثوري» والحكام من رجال الدين. ونشر حساب على «تويتر» يركز على الاضطرابات، ويضم 330 ألف متابع تغريدة تقول: «سيسقط ضحايا من (الحرس الثوري) هذا العام، فليسقط النظام بأكمله».
وقاطعت صيحات استهجان وشعارات غاضبة، خطاب محمد حسيني نائب الرئيس الإيراني للشؤون البرلمانية، الذي توجه إلى جامعة «تربيت مدرس» وسط طهران، في سياق محاولات المسؤولين لإعادة التهدئة إلى الجامعات. وقالت وكالة «إيسنا» الحكومية إن الطلاب رددوا شعارات «المرأة، الحياة، الحرية»، و«أطلقوا سراح الطلاب المعتقلين».
وقال حسيني للطلاب: «سمعت شعاراتكم وأنا هنا اليوم لأسمع كلامكم، لا تعارضوا حرية التعبير بشعار الحرية». وأضاف: «الجامعة مكان علمي وللحوار وتباين الآراء، وإذا كان هناك منطق، فلا حاجة لترديد شعارات وضجيج». وأضاف حسيني: «النظام الإسلامي تسامح مع الإضطرابات لمدة 50 يوماً».
وعلق حسيني من هناك على طلبات إقامة استفتاء حول سياسات النظام، وتحديداً شكل نظام الحكم، على غرار الاستفتاء الذي جرى بعد ثورة 1979، وبناء على نتائجه أعلن عن تأسيس نظام «ولاية الفقيه». وقال؛ «نحن النظام الوحيد الذي انتخب على أساس الاستفتاء» ومع ذلك، قال إنه «لا يمكن طرح أصل النظام للاستفتاء». ورد الطلاب على تصريحات حسيني هذه بشعار «عدونا هنا، يكذب من يقول إنه في أميركا».

- «الإطاحة والتجزئة»
من جانبه، قال محمد دهقان نائب الشؤون القانونية للرئيس الإيراني إن «الحراك والخطوات التي تؤدي إلى الفوضى وقتل الناس ليست احتجاجاً». واتهم الأعداء بالسعي وراء «تجزئة» إيران عبر الإطاحة بنظام الحكم.
وكان إمام جامعة زاهدان، ومفتى أهل السنة، عبد الحميد إسماعيل زهي، قد وجه انتقادات لأجهزة الدولة الإيرانية، بسبب طرحها اتهامات «الانفصالية» ضد المحتجين. وقال؛ «كلنا إيرانيون ونشعر بالأخوة، توجيه اتهامات الانفصالية للناس وربطهم بأطراف أخرى كذبة وتهمة».
وألقى إسماعيل زهي باللوم على أداء المسؤولين لابتعاد الإيرانيين عن المظاهر الدينية. وقال: «على الرغم من مضي 43 عاماً على الثورة، النساء والقوميات والطوائف والأقليات تواجه التمييز وعدم المساواة». ونقل موقعه الرسمي قوله لمجموعة من الطالبات: «لماذا النساء اللواتي يشكلن الأغلبية في المجتمع وجزءاً من أي أسرة، يتعرضن للتمييز»، وقال: «الانتقائية والتمييز تعرضان البلاد لتحديات».
واتهم زعماء إيران الولايات المتحدة بإشعال التوتر. وحثّ أعضاء البرلمان الإيراني المتشددون السلطة القضائية على «التعامل بحسم» مع الجناة.
وبحسب وكالة نشطاء حقوق الإنسان في إيران (هرانا)، ألقت السلطات الإيرانية القبض حتى الآن على قرابة 15 ألف شخص شاركوا في الاحتجاجات، لافتة إلى اعتقال 429 طالباً جامعياً. وقالت المنظمة، في وقت متأخر الإثنين، إن عدد القتلى وصل إلى 321 شخصاً، من بينهم 50 طفلاً، في 136 مدينة و135 جامعات شهدت احتجاجات. وأشارت المنظمة إلى مقتل 38 من عناصر قوات الشرطة والباسيج والأجهزة الأمنية التي تشارك في حملة قمع الاحتجاجات.
وفي الشهر الماضي، قالت وسائل الإعلام الرسمية إن أكثر من 46 من أفراد الأمن لقوا حتفهم، منهم أفراد في الشرطة. ولم يُصدر مسؤولو الحكومة أي تقدير لحصيلة الوفيات.

- القضاء يتوعد
قال متحدث باسم القضاء الإيراني إن محكمة «الثورة» التي تنظر في الاتهامات الأمنية والسياسية، على وشك إصدار حكمها بحق الصحافيتين نيلوفر حامدي وإلهة محمدي، وذلك بعد أيام من بيان لوزارة الاستخبارات والجهاز الموازي لها في استخبارات «الحرس الثوري»، يتهم الصحافيتين بالتجسس لأجهزة استخبارات غربية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدث باسم السلطة القضائية مسعود ستايشي قوله خلال مؤتمره الأسبوعي إن حامدي ومحمدي «هما قيد التوقيف الاحتياطي للدعاية ضد النظام (السياسي للجمهورية الإسلامية) والتآمر للعمل ضد الأمن القومي»، وهما من بين 51 صحافياً اعتقلوا في إطار الحملة الأمنية الواسعة التي رافقت الاحتجاجات، بحسب لجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك. وتأكّد إطلاق سراح 14 منهم فقط بكفالة.
واتّهمت الاستخبارات الإيرانية الأسبوع الماضي الصحافيتين بأنهما «عميلتان أجنبيتان» واعتبرت أن وضعهما كصحافيتين ليس إلا «غطاء». وزعم بيان أنهما خضعتا لبرامج تدريبية خارجية وسعتا عبر تغطيتهما للأحداث لتحريض عائلة أميني والمتظاهرين الذين خرجوا بعد جنازتها. وذكر البيان أنهما «كانتا أول مصدرين لفبركة هذه الأخبار للإعلام الأجنبي» حسب «رويترز».
وأوقفت المصوّرة حامدي (30 عاماً) التي تعمل لصالح صحيفة «شرق»، في 20 سبتمبر (أيلول) بعد زيارتها المستشفى حيث كانت ترقد أميني في غيبوبة. وفي المقابل، تم توقيف محمدي (35 عاماً)، الصحافية في صحيفة «هم ميهن»، في 29 من الشهر ذاته بعدما قامت بتغطية مراسم تشييع أميني في مسقطها مدينة سقز في محافظة كردستان بغرب إيران، التي شهدت تحركات احتجاجية كبيرة.
وطالب بيان وقّعه أكثر من 350 ناشطة في مجال حقوق المرأة بإطلاق سراح حامدي وأميني، ويلفت البيان إلى سجل القضاء الإيراني في إقامة محاكمات «جائرة». وانتقد البيان «فبركة» الاتهامات ضد المحتجين.
وكان صحافيون إيرانيون انتقدوا الشهر الماضي توقيف السلطات عدداً من زملائهم على خلفية الاحتجاجات. ووقّع أكثر من 300 صحافي ومصور صحافي بياناً ينتقدون فيه السلطات على خلفية «توقيف زملائنا وحرمانهم من حقوقهم بعد توقيفهم».
وكرر ستايشي عزم السلطات القضائية التعامل بحزم مع «الضالعين» في «أعمال الشغب»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأشار إلى إصدار اتهامات لأكثر من 1000 متظاهر الأسبوع الماضي، مضيفاً أن السلطات تلاحق 42 شخصاً فيما يتعلق بالحريق الذي اندلع في خضم الاحتجاجات الشهر الماضي في سجن إيفين، وأسفر عن مقتل 8 معتقلين. ونقلت «رويترز» عن ستايشي قوله في هذا الصدد: «الآن يطالب أبناء الشعب، حتى المحتجون الذين لا يدعمون الشغب، السلطة القضائية والأجهزة الأمنية بالتعامل بأسلوب حازم ورادع وقانوني مع القلة التي تثير الاضطرابات».
وأوقف «الحرس الثوري» الإيراني المحامي البارز مصطفى نيلي، وهو واحد من أكثر من 10 محامين قبض عليهم خلال حملة القمع على الاحتجاجات.
وكتبت فاطمة نيلي على «تويتر» أن عناصر من استخبارات «الحرس الثوري» أوقفوا نيلي في مطار مهرآباد الدولي في طهران مساء الإثنين قبل دهم منزل والدته ومصادرة مقتنيات شخصية.
وأكد سعيد دهقان، وهو محامٍ بارز آخر يُعتقد أنه في الخارج، توقيف نيلي في منشور على «تويتر». وقال إن نيلي كان أحد «الآمال القليلة للمواطنين ضد نظام سياسي هو عدو للمحامين» وكذلك ضد «الحرس الثوري» الذي «يعتبر نفسه القانون».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

شبح اعتقال الضباط والجنود في الخارج يحاصر إسرائيل

فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

شبح اعتقال الضباط والجنود في الخارج يحاصر إسرائيل

فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)

طلب الجيش الإسرائيلي من الضباط والجنود الذين أنهوا مهمتهم في قطاع غزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، الامتناع عن القيام بذلك، في حين أصدرت الأوامر لـ8 على الأقل بالعودة من الخارج؛ خشية من الاعتقالات، بعد إصدار الجنائية الدولية مذكرتَي اعتقال لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وكانت المحكمة الدولية أصدرت في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مذكرتَي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بتهمتَي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إنه في ظل تقديرات في الجيش بأن قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، سيعطي زخماً للاعتقالات والإجراءات الجنائية الأخرى في جميع أنحاء العالم أيضاً ضد كبار الضباط في الجيش، وحتى ضد الجنود النظاميين والاحتياط الذين قاتلوا في قطاع غزة، بدأ الجيش في صياغة «تقييم المخاطر» لكل جندي يقدم استمارة طلب مغادرة البلاد، مع التركيز على المقاتلين والقادة الذين عملوا في غزة. وطلب الجيش من الجنود إزالة أي وثائق متعلقة بنشاطهم في غزة، وعدم تحميل صورهم ومقاطع الفيديو الخاصة بهم أثناء تواجدهم في غزة، أو التي تشير إلى تواجدهم في الخارج. وقد تم تعيين عشرات المحامين في الخارج لمواجهة «قوائم سوداء» للضباط والجنود.

وتشنّ إسرائيل حرباً على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي وقد قتلت نحو 50 ألف فلسطيني وجرحت أكثر من 100 ألف وخلَّفت دماراً واسعاً حوَّل الحياة إلى غير ممكنة في القطاع الساحلي الصغير.

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)

وبحسب «يديعوت أحرنوت»، فقد حدد الجيش الإسرائيلي، في الآونة الأخيرة، نحو 30 حالة تم فيها تقديم شكاوى وتم اتخاذ إجراءات جنائية ضد ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي الذين شاركوا في القتال في قطاع غزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، وتم تحذيرهم لتجنب القيام بذلك بسبب الخوف من الاعتقال أو الاستجواب في البلد الذي يريدون زيارته، فيما قيل لثمانية منهم على الأقل، بما في ذلك المقاتلون الذين انطلقوا بالفعل في رحلة إلى الخارج، إلى قبرص وسلوفينيا وهولندا، أن يغادروا ذلك البلد على الفور بسبب المخاطر. وكان ضباط وجنود وثَّقوا عمليات تفجير واعتقال وتحقيق في قطاع غزة، ونشروها بصورة أثارت انتقادات وجدلاً واسعاً، وأدت إلى إعداد منظمات كثيرة «قوائم سوداء» لهم. وأكدت «يديعوت» أنه تم الطلب من الضباط والجنود الدائمين والاحتياطيين الذي عملوا في غزة منذ بداية القتال، وحتى مؤخراً، الامتناع عن نشر صور وفيديوهات لهم وهم يقاتلون في قطاع غزة؛ حتى لا يتم استخدامها ضدهم دليلاً في تحقيق جنائي متعلق بارتكاب جرائم حرب.

وتم مؤخراً شحذ هذه السياسة في ضوء ردة الفعل العالمية العنيفة ضد إسرائيل. وقالت «يديعوت أحرنوت» إن المنظمات المؤيدة للفلسطينيين تعمل بشكل رئيس من أوروبا، لكن منتشرة في شبكة من الممثلين في جميع أنحاء العالم. وهي تراقب، بالإضافة إلى نشر أسماء وصور الجنود منشوراتهم كذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، على أمل أن ينشروا قصصاً عن إجازتهم في بلجيكا، أو زيارتهم إلى فرنسا، أو رحلة إلى الولايات المتحدة أو الهند، على سبيل المثال. وفي تلك اللحظة سيتم تقديم شكوى ضدهم إلى النيابة المحلية، أو التماس شخصي ضدهم إلى المحكمة في ذلك البلد؛ وذلك للتحقيق معهم وتأخير مغادرتهم ذلك البلد. ولهذا السبب؛ نصح الجيش الجنود الذين يبلغون عن سفرهم إلى الخارج بتجنب نشر مواقعهم في العالم؛ حتى لا يصبحوا فريسة سهلة من شأنها أن تعرّضهم للخطر من جانبين: القانون الجنائي وبالطبع الأمن الشخصي أيضاً وتحذيرات ومناشدات.

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

ومنذ إصدار أوامر باعتقال نتنياهو وغالانت، ثمة مخاوف في أوساط المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن يطال ذلك قادة الجيش وجنوده. وتخشى إسرائيل حتى من صدور أوامر اعتقال سرية من قِبَل المحكمة الجنائية الدولية، ضد قادة الجيش الإسرائيلي، وكبار الضباط فيه. وتدور المخاوف بشكل أساسي حول إمكانية صدور مذكرة اعتقال بحق رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي. وثمة قلق في إسرائيل من أن مثل هذه المذكرات قد صدرت بالفعل داخل المحكمة وتم إبقاؤها سراً لحين تفعيلها في الوقت الذي تقرره المحكمة.

ويقدّر مكتب المدعي العام العسكري في إسرائيل أن المدعي العام في لاهاي، كريم خان، يمكن أن يتعامل مع مذكرات اعتقال لهاليفي وقادة كبار ولن يتعامل مع الجنود أو القادة الصغار؛ لأنهم نفّذوا تعليمات تلقوها في ساحة المعركة. وتخشى إسرائيل من أن الوضع الحالي قد يصبح متفجراً بالفعل إذا توقف القتال في غزة وفتحت الطريق أمام الصحافيين ومنظمات حقوق الإنسان. واستعداداً لمرحلة كهذه؛ تم تشكيل فريق موسع مشترك بين الوزارات، بقيادة وزارتي العدل والخارجية وإدارة القانون الدولي بمكتب المدعي العام العسكري، وتمت الاستعانة بخدمات قانونية من محامين في عشرات دول العالم.

وشارك في الفريق الإسرائيلي ممثلون عن الموساد (المخابرات الخارجية) والشاباك (الأمن العام).