ماذا يعني إطلاق مبادرة جديدة لأسواق الكربون في أفريقيا؟

أُعلنت على هامش «قمة المناخ»

مبادلة الانبعاثات الكربونية بالمال في أسواق الكربون (أ.ب)
مبادلة الانبعاثات الكربونية بالمال في أسواق الكربون (أ.ب)
TT

ماذا يعني إطلاق مبادرة جديدة لأسواق الكربون في أفريقيا؟

مبادلة الانبعاثات الكربونية بالمال في أسواق الكربون (أ.ب)
مبادلة الانبعاثات الكربونية بالمال في أسواق الكربون (أ.ب)

ما بين المقترحات العملية التي تتعامل مع الأمر الواقع، وتلك التي تضع حلولا مثالية، تتباين الآراء في قمة المناخ، فناشطو البيئة يبحثون عن آليات تحقق انخفاضاً حقيقياً في انبعاثات الوقود الأحفوري، والسياسيون من جانبهم يرون أن «ما لا يدرك كله... لا يترك كله»، لذلك كانوا سعداء بإطلاق «مبادرة أسواق الكربون في أفريقيا»، على هامش قمة المناخ اليوم (الثلاثاء).
و«أسواق الكربون»، نظام تجاري يسمح للدول التي تتجاوز الحدود المسموح بها من انبعاثات الكربون بشراء أرصدة الكربون من تلك التي تكون انبعاثاتها في الحدود المقبولة عالميا، وهو ما يجعل أفريقيا سوقاً واعدة لهذه التجارة، والتي يمكن أن تكون مفيدة في تنمية هذه الدول.
وتمثل مساهمة أفريقيا في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم من 2 إلى 3 في المائة فقط، إلا أنها تتحمل تبعات ما تسببه هذه الانبعاثات من احترار عالمي يسبب الظواهر المناخية القاسية، لذلك فإن مبادرة أسواق الكربون الأفريقية (ACMI) من وجهه نظر السياسيين، هي حل عملي للتنمية في أفريقيا.
وأطلقت المبادرة، اليوم، بقيادة لجنة توجيهية مكونة من ثلاثة عشر عضوا من القادة الأفارقة والمديرين التنفيذيين وخبراء ائتمان الكربون، بهدف توسيع مشاركة أفريقيا بشكل كبير في أسواق الكربون الطوعية.
وأطلقت المبادرة في «كوب 27»، بالتعاون مع التحالف العالمي للطاقة من أجل الناس والكوكب (GEAPP)، والطاقة المستدامة للجميع (SEforALL)، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، وبدعم من أبطال الأمم المتحدة رفيعي المستوى لتغير المناخ.
وخلال مؤتمر إطلاق المبادرة، تم الإعلان عن طموح جريء للقارة بغية الوصول إلى 300 مليون «ائتمان كربوني» يتم إنتاجه سنويا بحلول عام 2030، وهذا المستوى من الإنتاج سيحرر 6 مليارات من الدخل ويدعم 30 مليون وظيفة.
وبحلول عام 2050، تستهدف المبادرة أكثر من 1.5 مليار ائتمان يتم إنتاجه سنويا في أفريقيا، مما يدر عوائد بقيمة 120 مليار دولار، ويدعم أكثر من 110 ملايين وظيفة.
وتعليقًا على هذا الطموح، قال داملولا أوغونبي، الرئيس التنفيذي لمنظمة «الطاقة المستدامة للجميع»، وعضو اللجنة التوجيهية للمبادرة خلال تدشينها إن «النطاق الحالي للتمويل المتاح لانتقال الطاقة في أفريقيا ليس قريبا من المطلوب، وتحقيق أهداف مبادرة أسواق الكربون في أفريقيا سوف يوفر التمويل الذي تشتد الحاجة إليه».
وعبر نائب رئيس نيجيريا وعضو اللجنة التوجيهية للمبادرة، ييمي أوسينباجو، عن تطلعه للفوائد التي يمكن أن تجنيها بلاده، وقال: «يمكن لأسواق الكربون أن تحقق فوائد هائلة لنيجيريا وأفريقيا وخلق فرص عمل، ودفع الاستثمار الأخضر، والحد من الانبعاثات، ونيجيريا تضع الأساس في مكانه اليوم بحيث تصبح أرصدة الكربون في السنوات اللاحقة صناعة رئيسية تفيد شعبنا».
وقال محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 27)، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، إن أسواق الكربون تشهد نمواً ملحوظاً على مستوى العالم حيث نمت بنسبة 31 في المائة منذ العام 2016، كما زاد الطلب على أرصدة الكربون بنحو 50 في المائة، مشيراً إلى تزايد الطلب على أرصدة الكربون في أفريقيا.
وأوضح محيي الدين، خلال مشاركته في افتتاح المبادرة، أن «أسواق الكربون الأفريقية تدعم قدرة القارة على تمويل العمل المناخي، وتعكس تقديرا أفريقيا لقيمة هذه النوعية من الأسواق».
ولا ينظر ناشطو البيئة لهذا التوجه بالحماس نفسه، حيث يرون في أسواق الكربون التفافا على الأهداف البيئية، ويقول مجدي علام، الأمين العام لاتحاد خبراء البيئة العرب لـ«الشرق الأوسط»: «هي التفاف على هدف تحقيق صفر من الانبعاثات، فبدلا من الوصول لصفر حقيقي من الانبعاثات، يتم تحقيقه بشكل وهمي، عن طريق شراء أرصده الكربون، وهذا لن يفيد كوكب الأرض، ويساعد المتسبب في التلوث على التنصل من المسؤولية نظير الأموال التي يدفعها».
كما يتحفظ عليها أيضا بعض خبراء الطاقة، حيث يقول أحمد قنديل، رئيس وحدة أبحاث دراسات الطاقة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجيةـ لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا «يعني حرمان الدول النامية من التنمية عبر استغلال ثروتها النفطية، ليتم تصدير تلك الثروات إلى الدول الصناعية الكبرى لتنفيذ المزيد من الانبعاثات».


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.