عمر ميقاتي لـ «الشرق الأوسط»: لبنان هو الدراما الكبرى

الممثل القدير يحتفظ بأوسمة في صندوق وليس في صدر المنزل

عمر ميقاتي
عمر ميقاتي
TT

عمر ميقاتي لـ «الشرق الأوسط»: لبنان هو الدراما الكبرى

عمر ميقاتي
عمر ميقاتي

ثلاث مرات خلال خمس سنوات، دخل الفنان عمر ميقاتي المستشفى، ليبدأ حديثه مع «الشرق الأوسط» بخلاصة: «على الممثل أن يحيط نفسه بظروف مريحة ليحافظ على نشاط دماغه». خمسون عاماً أمضاها بين المسرح والإذاعة ومواقع التصوير، أشعلت آلاماً في الركبة ورفعت عالياً تقدير النِعم: «لا أزال واقفاً على قدمَي. أراعي صحتي وأحيطها بالحذر. عمري 77 عاماً؛ علامتا النصر بالأرقام العربية. أصوّر مسلسلاً بعد أيام، وأمضي الوقت في القراءة والاستماع للموسيقى الكلاسيكية. (بحيرة البجع) لتشايكوفسكي تذهلني، وأمرّن ذهني بألعاب مفيدة».
كانت أمامه ساعة قبل وصول سيارة تقله إلى مدينته طرابلس حيث «المسرح الوطني»؛ مكانه الحميم. الطلاب هناك في انتظاره، فيقدّم لهم تدريبات تُحسّن الإلقاء بالفصحى. خلال الحوار، قدّم صورة المتصالح مع نفسه، الواثق بخياراته: «أعتذر عن (عدم قبول) أدوار لا تليق، ومن أصل 10 خلال السنوات الأخيرة، وافقتُ على 5. الكتّاب والمنتجون يعرفونني جيداً. حين يطلبونني لشخصية، لا يفعلون ذلك إلا لثقتهم بقدرتي. الأهم؛ أن تُتاح ظروف مريحة».
عمر ميقاتي رفيق «الإذاعة اللبنانية» الرسمية، كتب وأخرج عشرات البرامج، ومنح صوته لشخصيات ضخّ فيها اللحم والدم. لا ينتظر دوراً بقدر ما يريد من الدور نفسه أن يشغله: «الأدوار المفضلة تعتمد على دماغ الممثل وتُظهر حضوره وثقافته. في (شتي يا بيروت) كنتُ ذلك الأب الضئيل الذاكرة، لكنه الطيب تجاه ابنتيه. ثمة أدوار يمكن تأديتها بالتمثيل فقط. الدور الحقيقي هو ما نؤديه بشغف المهنة».
بسلامه الداخلي يقرأ المشهد الدرامي الميّال إلى التركيبة المشتركة والنقل من التركي: «لا بأس؛ ما دام التنفيذ محترفاً. يستوقفني نوع يدّعي (الواقعية) وهي مزعجة برأيي، لكون بعض المَشاهد في بعض المسلسلات غريباً عن بيئتنا. الجرأة غيرها الوقاحة، وحين تغلب الأخيرة، أطرح علامات استفهام حول النوايا. للعمل الدرامي أصول، فإن سيطر الهمّ التجاري، قلَّ الحياء وما هو مُوجّه للعائلة».
يعنيه أنّ صغاراً يعرفونه في تجولاته، فيطمئن إلى أنّ فنه آمن. هذا «مبدأ وتربية»؛ برأيه. هاجسه حراسة ما تعلّمه في منزله، فلا يخدش عيناً أو يُخجل جَمعة. يعود إلى أنه ابن الفنان الكبير نزار ميقاتي، مؤسّس «المسرح الوطني» اللبناني. يُحمّله الأب الراحل مكانته وهيبته، فيخشى التفريط في الإرث. يسمّي والده «أستاذي العظيم في الفن والأدب والفكر، ترك لي مكتبة تضم نحو 5000 كتاب؛ بينها النادر»، ويعود بالتاريخ إلى جذور أمه وشجرة العائلة. الرجل على عتبة الثمانين، أمامهما هو طفل لا يكبر.
أيعقل أنه لم يعتد الغياب ولم يتكيّف مع الرحيل؟ يقيمان فيه؛ «فأستيقظ ليلاً لأرى طيف الوالدة إلى جانبي. الوالد بدوره لا يغادر أفكاري». إطلاق اسم الأب على قاعة «المسرح الوطني» في طرابلس، بهمّة المسرحي الشاب قاسم إسطنبولي، يريح الابن لإحساسه بحضوره الدائم. يترقّب الربيع المقبل موعداً لإصدار كتابه «مشوار نزار» عنه: «لم أرده سرداً. أكتبه منذ سنوات على شكل حوار يُظهر جماله الإنساني».
لا تتخذ مشاعر السخط في داخله مساحة، إلا حيال الوضع اللبناني: «هنا الدراما الكبرى. دراما الشعب. ما بعدها يهون». عاش حروباً وتحولات؛ «إنما ما يحدث اليوم لم نشهده من قبل». صرخته الوحيدة من وجعه على الإنسان الفقير الجائع، وكم تملأ فضاءات ولا تبلغ الآذان!
يحتفظ بأوسمة تقديرية في صندوق، فليس عمر ميقاتي ممن يفلشونها في صدور المنازل. تمنحه إحساساً بأنّ الجهد لا يُحجب. ككل نفس يحرّرها الشبع من الصغائر، يردّ المحبة بأبهى حلّتها إلى ما يكنّه الناس له... «الشباب والكبار»، يؤكد ويشدد، «يعني أنني على السكة الصحيحة، وفني يحاكي العائلة بكامل أفرادها».
السمعة الطيبة ليست وليدة يوم وليلة... هي مسار من المحاولات والدروس والتجارب. سنوات وعمر ميقاتي يقدّم فناً محترماً على المسارح اللبنانية، ويبني مع الخشبة علاقة وفاء. وهو إن تنقّل في أدوار تلفزيونية أو أخذته شخصية سينمائية إلى عالمها، يبقى المسرح الأعزّ على القلب.
يقول عنه: «هو علاقتي المباشرة مع الجمهور وحضوري المُدرَك. لا مجال لنسيان سطر، فذلك يسبّب إرباكاً. ينال المسرح من أعصابي ويقضم وقتي. لسبع أو ثماني سنوات، وأنا أقدّم عروضاً متواصلة مع جورج خباز. بلغتُ مرحلة عدم القدرة على الاستمرار. باستثناء مرة أو اثنتين أسبوعياً، بات الذهاب إلى الشاتو تريانون (مسرح في منطقة الزلقا) صعباً ليلاً. تتعذّر القيادة ويغدو إرهاق الآخرين مسألة غير لطيفة. أرى من الأفضل التفرّغ للكتابة والإخراج. (تمثلياً)، لم يعد الظرف يساعد».
على لسانه ترِد استعادة ذكرياته أيام مجد المسرح مع الرحابنة وزياد الرحباني والمسيرة الطويلة. يشعر بأنه أدّى قسطه. يحمل سؤاله «أين المسرح اليوم؟» حزناً على البلد وأحواله، كحزنه على مدينته طرابلس وهي تُصدّر الجثث إلى البحار وتقتل طلابها لسقوط سقف الصف على الرأس. المضيء في مشهدها هو «المسرح الوطني» الذي يحضّر عرضاً على خشبته. يسدّد الغضب تجاه مُستحقيه: «مسؤولون بمعظمهم لا خير فيهم لأحد. ضمائرهم ميتة».


مقالات ذات صلة

«سلمى»... نهاية صادمة مقابل أداء تمثيلي متقن

يوميات الشرق الطفلان شادي وجولي مع والدتهما سلمى في المسلسل (فيسبوك)

«سلمى»... نهاية صادمة مقابل أداء تمثيلي متقن

استغرب متابعو المسلسل المعرّب «سلمى» نهايته الفاترة وغير المتوقعة، فخاب أمل المشاهد العربي بعمل درامي أغرته قصّته الإنسانية.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الفنانة صابرين تميزت بأدوارها المتنوعة (صفحتها على فيسبوك)

صابرين لـ«الشرق الأوسط»: قرار ابتعادي عن الغناء الأصعب بحياتي

أعربت الفنانة المصرية صابرين عن سعادتها بعرض أحدث أفلامها «بنات الباشا» في الدورة الأحدث لمهرجان «القاهرة السينمائي» الدولي بقسم «آفاق السينما العربية».

مصطفى ياسين (القاهرة )
يوميات الشرق الممثلان معتصم النهار وأندريا طايع، بطلا مسلسل «مش مهم الإسم» (شركة الصبّاح)

«مش مهم الاسم»... مُخرجة المسلسل تتحدّث عن الكواليس والممثلين

مخرجة «مش مهم الاسم» ليال م. راجحة تشاركنا تفاصيل التحضير للمسلسل والتعاون مع الثنائي معتصم النهار وأندريا طايع.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق الفنانة المصرية عبلة كامل (قناة النهار)

احتفاء واسع في مصر بكسر عبلة كامل عزلتها الطويلة

احتفى مصريون برسالة الفنانة عبلة كامل التي كسرت من خلاها عزلتها الطويلة التي أثارت الكثير من التكهنات والتساؤلات حول حياتها الخاصة واعتزالها الفن.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق هنيدي خلال رقصه مع ابنته (الشرق الأوسط)

حفل زفاف ابنة محمد هنيدي يخطف الأنظار في مصر

تحول حفل زفاف فريدة، ابنة النجم محمد هنيدي، إلى حديث الجمهور في مصر، بعدما امتلأت ليلته بلحظات إنسانية صادقة جمعت بين الفرح والتأثر.

أحمد عدلي (القاهرة )

قراءة فرنسية في نتائج اجتماع باريس لدعم الجيش اللبناني

دخان
دخان
TT

قراءة فرنسية في نتائج اجتماع باريس لدعم الجيش اللبناني

دخان
دخان

تعدّ باريس أن الاجتماعات الثلاثة التي حصلت في العاصمة الفرنسية، ما بين مساء الأربعاء وصباح الخميس، في وزارة الدفاع (بين قائد الجيش العماد رودولف هيكل، ورئيس أركان القوات الفرنسية الجنرال فابيان ماندون)، ثم بين المندوبين الخاصين للدول الثلاث (فرنسا، والولايات المتحدة، والمملكة السعودية)، وبين الثلاثة والعماد هيكل في الإليزيه، كانت ناجحة، وأن أهم ما جاءت به هو الدعم الجماعي والكامل للدول الثلاث لما تقوم به السلطات اللبنانية والجيش اللبناني. وبما أن العواصم المعنية الثلاث (باريس، وواشنطن، والرياض) تعتبر أن أداء الجيش والتزامه بالانتهاء من المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح بيد الدولة مع نهاية العام الحالي، وبالنظر للنتائج التي حققها، والتي تراها مرضية، فإنه قد تم الاتفاق على عقد المؤتمر الدولي الموعود لدعم الجيش اللبناني في شهر فبراير (شباط) المقبل، وتؤكد باريس أن تشكيل لجنة ثلاثية للتحضير للمؤتمر يعكس الجدية بما تقوم به القوات المسلحة اللبنانية والثقة بالسلطات اللبنانية.

وتريد الأطراف الثلاثة، بحسب باريس، توفير الظروف ليلاقي المؤتمر الموعود النجاح المرتقب بحيث يساعد الدولة اللبنانية على استعادة سيادتها، ويوفر لها الدعم السياسي والمادي ويكون مؤشراً على الثقة بالجيش وبها، وللأهداف التي تسعى لتحقيقها في ما خص تنفيذ القرار 1701.

بيد أن العواصم الثلاث، بمبادرة فرنسية، توافقت على ما تدعو إليه باريس لجهة تسليط الأضواء على ما تقوم به وحدات الجيش اللبناني وتوثيقها وإبرازها بالوسائل المتاحة كافة، بما فيها الاستعانة بقوة اليونيفيل، لتحقيق هذا الهدف ولتبيان أن الجيش يقوم بالمهمات التي كلف بها لجهة حصر السلاح، بدءاً من المرحلة الأولى جنوب الليطاني، التي يجب أن تليها المراحل الأخرى في إطار الخطة الموضوعة.

وكان لافتاً أن العماد هيكل أكّد في باريس أن 95 في المائة من أهداف المرحلة الأولى قد تحقق، وأنه لم يدع إلى تمديد المهلة الموضوعة. لكن العواصم الثلاث لا ترى سبباً يحول دون تمديدها لأسابيع قليلة إذا كان ذلك ضرورياً. وتجدر الإشارة إلى أن العماد هيكل شرح بالتفصيل وبالأرقام ما حققته قواته، كذلك أشار إلى حاجتها للدعم التسليحي والمادي ربطاً بالمهمات الإضافية التي سيكون عليه تحملها، خصوصاً مع بدء انسحاب قوات اليونيفيل من جنوب لبنان. كذلك ترى باريس أن الدعم الذي سيقدم للبنان في إطار المؤتمر الدولي لن يكون محصوراً بالجيش، بل سيتناول القوى الأمنية الأخرى، بما يسمح للجيش الاضطلاع بمهامه الرئيسية وترك المحافظة على الأمن الداخلي للأجهزة الأمنية الداخلية.

تركز الأوساط الفرنسية على الأهمية القصوى لإبعاد شبح عودة الحرب إلى لبنان. من هنا، التركيز على ضرورة أن تكون السلطات اللبنانية قادرة مع انتهاء المرحلة الأولى من خطة «درع الوطن» على تأكيد إعادة سيطرتها الكاملة على المنطقة جنوب الليطاني بحيث يفتح الباب أمام انطلاق المرحلة الثانية منها. وينظر إلى أن توفر أمر كهذا سيعدّ تجاوباً مع ما تريده الأسرة الدولية من جهة، وسبباً رئيسياً في دفعها لمساندة لبنان في المؤتمر الموعود. وهذه الميكانيكية تندرج في إطار أن الأسرة الدولية تفضل التعاطي مع النتائج، وليس التعبير عن النوايا فقط.

وما يخص الدعم للجيش اللبناني ينطبق أيضاً على الدعم الاقتصادي ومؤتمر إعادة الإعمار المربوط بالإصلاحات المطلوبة من لبنان.

كثيرة الأسئلة المطروحة داخل وخارج لبنان حول آلية التحقق (الإضافية) مما يقوم به الجيش. ولكن بينها سؤالين مهمين: الأول، هل ستشمل عملية التحقق تفتيش المنازل الفردية؟ والثاني، هل ستقوم وحدات من اليونيفيل بمواكبة وحدات الجيش اللبناني بشكل منهجي وشامل؟ تسارع باريس إلى التأكيد على أن تفتيش المنازل والممتلكات الخاصة كافة جنوب الليطاني ليس مطروحاً إطلاقاً، وأنه سيعمل بها عندما تكون آلية «الميكانيزم» متأكدة من وجود تهديد قائم، وانتهاك لاتفاق نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، الخاص بوقف إطلاق النار. وعندها سيطلب من الجيش القيام بعملية التفتيش. وهذا القول من شأنه تهدئة روع الجنوبيين.

من جانب آخر، تحرص باريس على نفي الرغبة بإيجاد «آلية جديدة» إلى جانب الآلية القائمة، بل عكس ذلك، ترى أنه من الضروري الاستفادة من الآلية المعمول بها حتى اليوم، بحيث تعدّ رافداً يدعم عمل الوحدات العسكرية اللبنانية بالوسائل المتاحة. أما بالنسبة لمشاركة اليونيفيل بعمليات الجيش اللبناني، فإن باريس تذكر بأن هذا قائم بالفعل، وأن وحدات اليونيفيل يمكن أن تكون رافداً أو شاهداً على أداء الجيش المذكور، ما شأنه أن يخدم الهدف الأول، وهو إبراز أن الجيش يقوم بما أنيط به، ومن أجل هدم السردية، وغالباً الإسرائيلية، التي تؤكد عكس ذلك. وتجدر الإشارة إلى أن المصادر الفرنسية حرصت على تأكيد أن العواصم الثلاث متوافقة حول هذا الأمر، ما سهل من تعيين شهر فبراير (شباط) موعداً لمؤتمر دعم الجيش. أما لماذا لم يحدد الموعد بدقة، فإن باريس ترجع ذلك لتعدد المواعيد والأحداث التي ستجرى في الشهر المذكور، وبالتالي ثمة حرص على اختيار الموعد المناسب الذي يوفر أكبر وأعلى مشاركة في المؤتمر المذكور. والحرص الفرنسي مردّه إلى الشكوك بخصوص التقويم الأميركي لمدى التزام السلطات اللبنانية بتنفيذ القرار 1701 والخطة التي وضعها الجيش لذلك بشكل جدي.

وتعي باريس أن الانتقال المطلوب من المرحلة الأولى من خطة «درع الوطن»، إلى المرحلة الثانية، سيواجه صعوبات جمة، أولاها رفض «حزب الله» تسليم سلاحه واعتباره أن وقف إطلاق النار، الذي تم التوافق عليه، لا يشمل سوى جنوب الليطاني. من هنا، فإن انعقاد مؤتمر دعم الجيش بعد شهرين سيوفر دفعة قوية للسلطات اللبنانية للانطلاق إلى المرحلة الثانية.

في المحصلة، يمكن النظر إلى اجتماعات باريس أنها حققت المبتغى منها لجهة الإجماع حول ما يقوم به الجيش والاستعداد لتوفير مزيد من الدعم له، مع انعقاد المؤتمر الدولي الموعود، كما وفّر دعماً للسلطات اللبنانية التي تجد نفسها محشورة بين المطرقة الإسرائيلية وسندان «حزب الله».


«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)
الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)
TT

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)
الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

أكدت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على لسان سفارتها في هولندا، أنها تتابع ملف قضية خالد الهيشري، الذي مثل أمام «المحكمة الجنائية الدولية»، بعد أن تسلمته من السلطات الألمانية مطلع الشهر الحالي.

ويعد الهيشري، الذي تسلمته المحكمة من السلطات الألمانية، أبرز قيادي في «جهاز الردع» المناوئ للدبيبة راهناً. وأوضحت المحكمة أنه «كان أحد أرفع المسؤولين في سجن معيتيقة بطرابلس، حيث احتجز الآلاف لفترات طويلة، بينهم نساء وأطفال».

الدبيبة مستقبلاً في لقاء سابق كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر 2024 (مكتب الدبيبة)

وأضافت المحكمة أن الهيشري يُشتبه في ارتكابه «جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب؛ منها القتل والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي»، خلال الفترة الممتدة من فبراير (شباط) 2015 إلى أوائل عام 2020.

وقالت بعثة ليبيا في هولندا إنها أجرت، الخميس، زيارة «لمواطن ليبي محتجز لدى المحكمة الجنائية الدولية»، مشيرة إلى أن الزيارة «تمَّت في إطار متابعة ملفه، ومباشرة الإجراءات القانونية المرتبطة بمختلف المسارات المعمول بها، وفق نظام المحكمة ومبدأ التكامل القضائي».

وأوضحت البعثة أن الزيارة «جاءت للتواصل المباشر، والاطلاع على تطورات وضعه القانوني، والتأكد من توفر الضمانات والحقوق القانونية المكفولة له»، مضيفة أنها «تحقَّقت من تمكين المحتجز من حقوقه القانونية كاملة، ومن توافر ظروف إقامة ومعاملة ذات جودة عالية، وفق المعايير المعتمدة داخل مرافق الاحتجاز، إضافة للرعاية الصحية والتواصل مع محاميه وذويه، وحقه في الزيارات وتلقي المستلزمات الضرورية».

وأكدت البعثة أن القسم القنصلي «سينظم زيارات دورية للمحتجز، ضمن اختصاصاته ومسؤولياته القنصلية تجاه المواطنين الليبيين».

وزيرة العدل بحكومة الدبيبة حليمة إبراهيم (المكتب الإعلامي للوزارة)

وبدا أن وقوع الهيشري في قبضة المحكمة الدولية قد قلب الطاولة على الدبيبة، بالنظر إلى موافقته سابقاً على «قبول ليبيا لاختصاص المحكمة الجنائية»، بموجب المادة الـ12 فقرة 3 من نظام روما الأساسي.

وأعلنت حكومة «الوحدة» في 20 يونيو (حزيران) 2024، عبر مراسلة رسمية من وزارة العدل إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، قبولها لاختصاص المحكمة الجنائية، بموجب المادة الـ12 فقرة 3 من نظام روما الأساسي، وهي الفقرة التي تتيح للدول غير الأعضاء إحالة، أو قبول، نظر المحكمة في جرائم تقع على أراضيها.

ورغم الاتهامات التي يواجهها الهيشري، فقد عدّت بعض الأطراف السياسية المناوئة للدبيبة مثول الأول أمام «الجنائية الدولية» أمراً مرفوضاً، متهمةً حكومة «الوحدة» بـ«التفريط في سيادة البلاد القضائية».

وعدّ المجلس الاجتماعي «لسوق الجمعة - النواحي الأربع»، القبض على الهيشري «اعتداءً سافراً على سيادة الدولة الليبية، وتصفية للقضاء الوطني»، ووجَّه اتهامات لاذعة لـ«الوحدة».

وكانت البعثة الأممية قد عدّت أول ظهور للهيشري أمام «المحكمة الجنائية» بأنه «خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة، والمساءلة لكثير من الضحايا الأبرياء، جراء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا».

و«معيتيقة»، سجن كبير سيئ السمعة، كانت تديره بشكل كامل ميليشيا «جهاز الردع»، بقيادة عبد الرؤوف كارة، وكان أسامة نجيم - الذي تطلب المحكمة تسليمه إليها - أحد المسؤولين عن السجن لكونه آمر جهاز الشرطة القضائية في ليبيا، قبل أن يقيله الدبيبة من منصبه بعد المطاردة الدولية له.

سيف الإسلام القذافي (متداولة)

وسبق أن أعلن كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، قائمةً تضم كثيراً من المطلوبين للمحكمة، بتهم «التعذيب والقتل»، بينما لا تزال 8 أوامر قبض سارية المفعول بانتظار تنفيذها ضد كلّ من: نجيم، وسيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، وعبد الرحيم الشقاقي، ومخلوف أرحومة دومة، وناصر مفتاح ضو، ومحمد الصالحين سالمي، وعبد الباري عياد الشقاقي، وفتحي الزنكال.


أوكرانيا تقصف بالمُسيرات ناقلة نفط روسية للمرة الأولى في البحر المتوسط

يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)
يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)
TT

أوكرانيا تقصف بالمُسيرات ناقلة نفط روسية للمرة الأولى في البحر المتوسط

يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)
يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)

أعلن مسؤول في جهاز الأمن الأوكراني، اليوم الجمعة، أن أوكرانيا قصفت بالطائرات المُسيرة ناقلة نفط ضِمن ما يسمى ​أسطول الظل الروسي في البحر المتوسط، وذلك في أول هجوم من نوعه، مما يعكس ازدياد حدة هجمات كييف على شحنات النفط الروسية.

وقال المسؤول، في بيان، إن الناقلة (قنديل) لم تكن محملة بالنفط عندما أصابتها طائرات مُسيرة في المياه المحايدة على بُعد أكثر من 2000 ‌كيلومتر من أوكرانيا، ‌وأن الهجوم ألحق بها ‌أضراراً جسيمة.

وأظهرت ⁠بيانات ​موقع ‌«مارين ترافيك» رصد ناقلة النفط قبالة الساحل الليبي، الساعة 13:30 بتوقيت غرينتش. ولم يفصح المسؤول الأوكراني، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، عن الموقع الدقيق للناقلة عند الهجوم أو توقيته.

وأظهرت لقطات من أعلى قدَّمها المصدر انفجاراً صغيراً على سطح الناقلة. وتحققت «رويترز» ⁠من أن السفينة التي ظهرت في المقطع المصوَّر هي الناقلة ‌قنديل، لكن لم يتسنّ بعدُ التحقق من توقيت أو موقع الهجوم.

ودأبت أوكرانيا على مهاجمة مصافي النفط الروسية على مدى عاميْ 2024 و2025، لكنها وسّعت حملتها، بشكل واضح، في الأسابيع القليلة الماضية، إذ قصفت منصات نفط في بحر قزوين، وأعلنت مسؤوليتها عن هجمات بطائرات ​مُسيرة على ثلاث ناقلات نفط في البحر الأسود.

وتلك الناقلات، بالإضافة إلى الناقلة قنديل ⁠التي ترفع عَلم سلطنة عمان، من بين ما يسمى أسطول الظل الروسي، وهي سفن غير خاضعة للرقابة تقول كييف إنها تساعد موسكو على تصدير كميات كبيرة من النفط وتمويل حربها في أوكرانيا رغم العقوبات الغربية.

وشهدت موانٍ روسية سلسلة من الانفجارات الغامضة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2024.

ولم تؤكد أوكرانيا أو تنفِ تورطها في هذه الانفجارات، لكن مصادر أمنية بحرية تشتبه في وقوف كييف وراءها. وجرى تنفيذ بعض ‌الهجمات باستخدام ألغام لاصقة على متن سفن في البحر المتوسط.