طريقة مبتكرة لإنتاج «وقود البلاستيك»

طريقة مبتكرة لإنتاج «وقود البلاستيك»
TT

طريقة مبتكرة لإنتاج «وقود البلاستيك»

طريقة مبتكرة لإنتاج «وقود البلاستيك»

قدم فريق بحثي من جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية، طريقة جديدة لتطوير الانحلال الحراري، المستخدم في إعادة تدوير البلاستيك المختلط، والذي لا تجدي معه إلا هذه الطريقة، وتم الإعلان عنها في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي في دورية «كيمياء التفاعل والهندسة».
ويعد تحويل النفايات البلاستيكية إلى منتجات مفيدة من خلال إعادة التدوير الكيميائي، إحدى الاستراتيجيات لمعالجة مشكلة التلوث البلاستيكي المتزايدة على الأرض، لكن توجد للبلاستيك المختلط الذي يصعب تدويره، طريقة واحدة لتدويره وإنتاج الوقود منه، كمنتج ثانوي، وهي الانحلال الحراري.
ويتضمن الانحلال الحراري تسخين البلاستيك في بيئة خالية من الأكسجين، مما يتسبب في تحلل المواد وإنشاء وقود سائل أو غازي جديد في هذه العملية. والتطبيقات التجارية الحالية لهذه الطريقة، إما تعمل دون المستوى المطلوب أو يمكنها فقط التعامل مع نوع معين من البلاستيك.
تقول هيليل إزجي تورامان، الأستاذ المساعد في هندسة الطاقة والهندسة الكيميائية في جامعة ولاية بنسلفانيا في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، بالتزامن مع الدراسة: «لدينا فهم محدود للغاية للانحلال الحراري للبلاستيك المختلط. ويعد فهم تأثيرات التفاعل بين البوليمرات المختلفة أثناء إعادة التدوير المتقدمة أمرا مهما للغاية بينما نحاول تطوير تقنيات يمكنها إعادة تدوير نفايات البلاستيك الحقيقية».
وأجرى العلماء تحليلا حراريا مشتركا لاثنين من أكثر أنواع البلاستيك شيوعا، وهما البولي إيثيلين منخفض الكثافة (LDPE) والبولي إيثيلين تيريفثاليت (PET)، جنبا إلى جنب مع محفزات مختلفة لدراسة تأثيرات التفاعل بين البلاستيك. ووجدوا محفزا واحدا قد يكون مرشحا جيدا لتحويل النفايات المختلطة من «البولي إيثيلين منخفض الكثافة» و«البولي إيثيلين تيريفثاليت»، إلى وقود سائل ذي قيمة.
والمحفزات هي مواد تضاف إلى الانحلال الحراري والتي يمكن أن تساعد في العملية، مثل حث البلاستيك على التحلل بشكل انتقائي وفي درجات حرارة منخفضة، واختبر الباحثون ثلاثة محفزت من الزيوليت (HZSM - 5، H - beta، HY)، وكان الأول أفضلها.
تقول تورامان «يمكن أن يسمح لنا هذا النوع من العمل بتقديم إرشادات أو اقتراحات للصناعة، فمن المهم اكتشاف نوع التآزر الموجود بين هذه المواد أثناء إعادة التدوير المتقدمة وأنواع التطبيقات التي قد تكون مناسبة لها قبل التوسع».
ويستخدم بلاستيك «البولي إيثيلين منخفض الكثافة» و«البولي إيثيلين تيريفثاليت» بشكل شائع في تغليف المواد الغذائية، ويتكون غالبا من طبقات من مواد بلاستيكية مختلفة مصممة للحفاظ على المنتجات طازجة وآمنة، ولكن يصعب أيضاً إعادة تدويرها باستخدام العمليات التقليدية لأنه يجب فصل الطبقات، وهي عملية مكلفة.
تقول تورامان «إذا كنت ترغب في إعادة تدويرها، فأنت بحاجة إلى فصل تلك الطبقات بشكل أساسي، لكن الانحلال الحراري رغم أنه الوسيلة الوحيدة للتعامل، توجد به بعض السلبيات، والخطوة الأولى لتطوير عمليات انحلال حراري تجارية جديدة تعتمد على فهم ميكانيكي أفضل لكيفية تحلل مخاليط النفايات البلاستيكية الديناميكية وتفاعلها».
وأجرى العلماء الانحلال الحراري على «البولي إيثيلين منخفض الكثافة» و«البولي إيثيلين تيرفثالات» بشكل منفصل ومع بعضهما، ولاحظوا تأثيرات التفاعل بين البوليمرين أثناء الاختبارات مع كل من المحفزات الثلاثة التي استخدموها، تقول تورامان «رأينا منتجات يمكن أن تكون مرشحة جيدة جدا للاستخدام في إنتاج البنزين». وتأمل تورامان، وفريقها البحثي، أن يؤدي هذا العمل إلى مسؤولية بيئية أفضل في استعادة موارد الأرض ومعالجتها واستخدامها.
ووجد تحليل عالمي لجميع المواد البلاستيكية المنتجة بكميات كبيرة أنه من المقدر إنتاج 8.3 مليار طن متري من البلاستيك الجديد في جميع أنحاء العالم حتى الآن، واعتباراً من عام 2015، تركت نسبة 79 في المائة من النفايات البلاستيكية، التي تحتوي على العديد من المواد الكيميائية الخطرة، لتتراكم في مدافن القمامة أو البيئات الطبيعية حيث تم حرق ما يقرب من 12 في المائة وإعادة تدوير 9 في المائة فقط.
تقول تورامان «نحتاج إلى تضمين هذه المواد البلاستيكية في الاقتصاد مرة أخرى، للحصول على اقتصاد دائري، وإلا فسوف ينتهي بها الأمر في مدافن النفايات، أو ترشيح المواد السامة في التربة والمياه أو تلوث المحيطات، لذا فإن القيام بشيء ما، وإيجاد قيمة، هو أفضل من لا شيء، حيث تعتبر المواد البلاستيكية حاليا نفايات».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
TT

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

سلطت دراسة حديثة الضوء على التقدم الكبير في فهم الأسس الجينية للانزلاق الغضروفي القطني، ووجدت 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي، بالإضافة إلى 23 منطقة كانت حُددت سابقاً.

كما توفر الدراسة رؤى جديدة بشأن كيفية تأثير هذه المناطق على بنية القرص الموجود بين الفقرات (القرص الفقري)، والالتهاب، ووظيفة الأعصاب. وتتعلق النتائج الرئيسية بالجينات المرتبطة بالأعصاب، والتي تعزز فهمنا كيفية تسبب الانزلاق الغضروفي في ألم طويل الأمد وتجارب ألم متفاوتة.

الجينات و«الانزلاق الغضروفي»

يعدّ الانزلاق الغضروفي القطني أحد أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، والسبب الأكثر شيوعاً لألم العصب الوركي في الساق، وقد حُقق في عوامل الخطر الوراثية للانزلاق الغضروفي في دراسة دولية قادتها مجموعة بحثية من فلندا.

وحللت الدراسة، التي نُشرت في مجلة «Nature Communications» يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، برئاسة يوهانس كيتونين، من وحدة أبحاث الصحة السكانية بكلية الطب والمركز الحيوي في جامعة أولو، البيانات الجينية والصحية لنحو 830 ألف مشارك من بنوك حيوية قوية، مثل «البنك الحيوي الفلندي والإستوني» و«البنك الحيوي البريطاني»، وقيّمت دور مجموعات البيانات الكبيرة في الكشف عن العلاقات الجينية المعقدة. وكان لاكتشاف 5 مناطق جينومية جديدة مرتبطة بحالات أكثر شدة تتطلب الجراحة أهمية كبيرة للتأكيد على إمكانية تصميم التدخلات الطبية.

وحددت الدراسة، بالإضافة إلى ذلك، ارتباطات جديدة بالقرب من الجينات المرتبطة بالجهاز العصبي ووظيفة الأعصاب. وقد أدت النتائج المتعلقة بوظائف الجهاز العصبي إلى زيادة فهمنا العلاقة بين الانزلاق الغضروفي العرضي والألم المنتشر.

جينات الاستعداد الوراثي

وقال فيلي سالو، الباحث في جامعة أولو والمحلل الرئيسي في الدراسة، إنهم وجدوا جينات الاستعداد الوراثي التي يمكنها تفسير إطالة الألم جزئياً وكذلك الاختلافات التي لوحظت سريرياً في الألم الذي يعانيه المرضى.

وهذا ما يساعد في تطوير أساليب إدارة الألم لمرضى الانزلاق الغضروفي الذين يعانون آلاماً شديدة، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم، كما يقول المختص في الطب الطبيعي الذي شارك في البحث، جوهاني ماتا، من وحدة أبحاث العلوم الصحية والتكنولوجيا بكلية الطب في جامعة أولو بفنلندا.

و«الانزلاق الغضروفي القطني» هو إصابة للغضروف بين فقرتين من العمود الفقري، وعادة ما يحدث بسبب الإجهاد المفرط أو صدمة للعمود الفقري، ويعدّ من أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، كما أنه السبب الأكثر شيوعاً لـ«الألم المنتشر» الذي يسمى «عرق النسا»؛ إذ يحدث «الألم المنتشر» بسبب تهيج الأعصاب الذي يحدث بسبب ضيق العصب الناجم عن الانزلاق، وخصوصاً بسبب زيادة العوامل الالتهابية في منطقة الانزلاق الغضروفي.

والانزلاق الغضروفي شائع جداً حتى لدى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض. ويزداد تكراره مع تقدم العمر، ويسبب أعراضاً لبعض الأشخاص فقط عندما يهيج العصب؛ فالعوامل المرتبطة بتطور الانزلاق الغضروفي معروفة نسبياً، لكن التحقيق في خلفيتها الوراثية لم يحظ باهتمام كبير.

التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة

ووفقاً لدراسة نُشرت في 7 فبراير (شباط) 2024 بمجلة «JAMA»، وقادها بيورنار بيرج، من «مركز صحة الجهاز العضلي الهيكلي الذكي» بكلية العلوم الصحية في جامعة أوسلو النرويجية، فقد طور بيرج وزملاؤه نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد 12 شهراً من جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، وأكدوا صحة هذه النماذج.

كما أكدت الدراسة على إمكانات التعلم الآلي في تعزيز عملية اتخاذ القرار السريري وإرشاد المرضى فيما يتعلق بنتائج جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، فقد استخدم البحث مجموعة بيانات شاملة من السجل النرويجي لجراحة العمود الفقري، وحلل أكثر من 22 ألفاً و700 حالة لتطوير نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة.

واكتشف الباحثون أن معدلات عدم نجاح العلاج كانت على النحو التالي: 33 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مؤشر أوزويستري للإعاقة (ODI)»، و27 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مقياس التصنيف العددي (NRS)» لألم الظهر، و31 في المائة للحالات التي قيست باستخدام المقياس نفسه؛ أي «مقياس التصنيف العددي لألم الساق».

وهذا يشير إلى أن نسبة كبيرة من المرضى لم يحققوا نتائج ناجحة في تقليل الإعاقة أو تخفيف الألم بعد جراحة الانزلاق الغضروفي القطني.

دعم التشخيصات

و«مؤشر أوزويستري للإعاقة Oswestry Disability Index (ODI)» مشتق من استبيان لآلام أسفل الظهر يستخدمه الأطباء والباحثون لقياس الإعاقة الناجمة عن آلام أسفل الظهر ونوعية الحياة. و«أوزويستري» مدينة تاريخية في شروبشاير بإنجلترا.

أما «مقياس التقييم الرقمي (NRS) Numeric Rating Scale» فيقيس مستوى الألم من 0 إلى 10 (حيث يشير 0 إلى عدم وجود ألم، و10 إلى ألم شديد).

ويشير استخدام البيانات قبل الجراحة بوصفها متنبئات إلى أنه يمكن دمج هذه النماذج في سير العمل السريري عبر أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية، مما يدعم «التشخيصات الشخصية» ويساعد في اتخاذ القرارات المشتركة للجراحة.

ويؤكد المؤلفون على الحاجة إلى مزيد من التحقق الخارجي بسجلات جراحة العمود الفقري الأخرى؛ لتوسيع نطاق التطبيق. كما يمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو الطب الدقيق في جراحة العمود الفقري، مما قد يحسن نتائج المرضى ويحسن التخطيط الجراحي.