يستمر مجمع اللغة العربيّة بالشارقة بتنفيذ مشروعه الحضاريّ الضخم لإصدار
أوّل معجم تاريخيّ للغة العربيّة، فأصدر لتوّه نسخاً مطبوعة من أجزاء جديدة تضاف إلى أجزاء سابقة رأت النور العام الماضي.
وتولى حاكم الشارقة، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، والرئيس الأعلى لمجمع اللغة العربية بالشارقة رعاية إطلاق 19 جزءاً من «المعجم التاريخيّ للغة العربيّة» وذلك على هامش معرض الشارقة للكتاب في دورته الحادية والأربعين التي تستمر حتى 13 من نوفمبر (تشرين الثاني) لتضاف إلى 17 جزءاً.
وينهي مشروع هذا المعجم تقصيراً تاريخياً بحق لغة الضاد التي من دون اللغات الحيّة الأخرى في العالم لم تتوفر على معجم مرجعي يتتبع تطور مفرداتها ويُؤرّخُ لجذور ألفاظِها عبر الـ18 قرناً الماضية، ذلك بعد محاولات متعثرة سابقة لم يكتب لها النجاح رغم ريادة العرب في صناعة القواميس والمعاجم منذ القاموس الرائد لابن منظور «لسان العرب» في القرن الثالث عشر.
وتغطي الأجزاء الجديدة حروف الأبجديّة حتى الذّال، وتوثّق لما ينوف على خمسة وعشرين ألف كلمة بين فعل واسم وأداة. وعلى الرّغم من ذلك، فإن المهمّة الواعدة لا تزال في بدايتها أقلّه مقارنة بعدد المُدخلات التي يحتويها قاموس أكسفورد للغة الإنجليزيّة (600 ألف مادة). وتختلف المعاجم التاريخيّة عن القواميس التقليديّة برصدها التاريخ العضويّ لتاريخ المفردات في مختلف السياقات التاريخيّة مما يتطلب تتبعاً واسع النطاق لاستعمال الكلمات منذ ما قبل التدوين وما روي عن العرب القدماء، وتراث الشعراء الجاهليين، وأيضاً تتبع اللفظ في النص القرآني الكريم والحديث النبوي الشريف، وأعمال الشعراء
والأدباء والعلماء إلى أحدث الأعمال اليوم. وقد أظهر المعجم ألفاظاً في العربية تعود في تاريخها إلى لغات موغلة القدم، مثل الحضارة الفينيقية القديمة، وأمدّتها لغة العرب بفرصة الاستمراريّة والبقاء حتى وقتنا الرّاهن.
وبحسب موقع المعجم، فقد تم تقصي الكلمات التي أضيفت لما أنجز بأكثر من 25 ألف كتاب ووثيقة تاريخية باللغة العربية، منها نقوش وآثار يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الإسلام بعضها ليس متوفراً على نطاق واسع.
ويعتزم مشروع المعجم توفير كل تلك المواد إلكترونياً لفائدة الباحثين والقراء في كل مكان.
وتتوفر المواد المنشورة جميعها من خلال موقع المعجم على الإنترنت الذي
يوفر قطوفه لمستخدمي العربيّة عبر العالم مجاناً (انظر: www.almojam.org)، إضافة إلى تطبيق إلكتروني للمعجم التاريخي، بحيث يكون في مُتناول أصحاب الهواتف الذكية والألواح الرقمية المحمولة.
ويعتمد مشروع المعجم على منهجية جمع نصوص استخدمت الكلمات جمعاً جغرافياً يشمل مختلف مناطق استعمال اللغة العربية عبر العالم، عن طريق مدونة إلكترونية، ثمّ رصد المواد اللغوية المتعلّقة بالجذر في آلاف الوثائق، والبحث في دلالات النصوص، ثمّ ردّ كلّ دلالة إلى عصرها. ويعود بعض تلك المدخلات إلى عصور العرب البائدة، وجاهليّة ما قبل الإسلام، ثم مروراً بمختلف العصور التاريخيّة الإسلاميّة، وانتهاء بعصرنا الحاضر.
وقد عنيت إمارة الشارقة دائماً بتوسيع دائرة المساهمة في إنجاز هذا المعجم التاريخيّ وأبقته مشروعاً عربياً جامعاً رغم توليها إدارته التنفيذيّة والإنفاق عليه من خلال مؤسسة مجمّع اللغة العربيّة بالشارقة. ولذلك فإن هذا المنجز البالغ الأهميّة نتاج تراكم جهود مؤسساتٍ ومجامع ومراكز لغوية من جميع أقطار الوطن العربي، تقاطعت جميعها للعمل تحت مظلة اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية بالقاهرة الذي يضم عشرة من مجامع العربيّة المحليّة، وبالاستفادة من خبرات عابرة للحدود من أهم علماء اللغة والأكاديميين المتخصصين والمحررين من مختلف الخلفيّات والجنسيّات.
القاسمي يطلق أجزاء جديدة من «المعجم التاريخي للغة العربية»
على هامش معرض الشارقة للكتاب 2022
القاسمي يطلق أجزاء جديدة من «المعجم التاريخي للغة العربية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة