معلمو مدرسة أهلية في صنعاء يهددهم الحوثيون بالإخفاء القسري

جانب من الاشتباكات التي دارت بين الحوثيين والطلبة (الشرق الأوسط)
جانب من الاشتباكات التي دارت بين الحوثيين والطلبة (الشرق الأوسط)
TT

معلمو مدرسة أهلية في صنعاء يهددهم الحوثيون بالإخفاء القسري

جانب من الاشتباكات التي دارت بين الحوثيين والطلبة (الشرق الأوسط)
جانب من الاشتباكات التي دارت بين الحوثيين والطلبة (الشرق الأوسط)

تحول إضراب معلمي إحدى كبريات المدارس الخاصة في العاصمة اليمنية صنعاء إلى اشتباكات بين المعلمين والطلبة من جهة، وإدارة المدرسة وأمن حراستها من جهة أخرى. وهددت إدارة المدرسة الموالية لجماعة الحوثي المعلمين بالإخفاء القسري، بعد أن وجهت بمنعهم من دخول المدرسة.
وبدأ المعلمون في مدارس النهضة الحديثة، الثلاثاء الماضي، إضراباً كلياً، بعد رفض ما يعرف بـ«الحارس القضائي» وإدارة المدرسة الاستجابة لمطالب المعلمين بزيادة أجورهم بحسب ما تم إقراره والاتفاق عليه في بداية العام الدراسي الحالي، وجاء إضراب المعلمين عقب سلسلة احتجاجات للمطالبة بحقوقهم من الجهات المسيطرة على المدرسة ممثلة بإدارتها والحارس القضائي.
وبسبب الإضراب خرج طلاب المدرسة إلى الشوارع المحيطة بها، وعبروا عن غضبهم لتوقف الدراسة بالاشتباك مع أمن المدرسة، وقذفوا إدارة المدرسة بالحجارة والزجاجات الفارغة، وهتفوا مطالبين بإعادة الأموال التي دفعها أولياء أمورهم إلى المدرسة كرسوم أو متطلبات دراسية. وكان القيادي الحوثي صالح الشاعر المعروف بصفته «الحارس القضائي»، أقال قياديا حوثيا آخر هو يوسف شرف الدين من إدارة المدرسة، قبل انطلاق العام الدراسي، بعد خلافات بينهما حول إيرادات المدرسة من رسوم الطلاب.
ووفقا لمصادر تربوية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»؛ فإن خلافات كبيرة بين قيادات حوثية حول إدارة المدرسة وتقاسم إيراداتها تسببت في تدهور الوضع الإداري في المدرسة، وتراجع جودة التعليم فيها. وقالت المصادر إن إدارة المدرسة التي عينتها الميليشيات الحوثية بعد وضع يدها عليها بدأت باتخاذ إجراءات وقرارات أضرت بالعملية التعليمية، مثل إلغاء الأنشطة وإغلاق المعامل بدءاً بمعامل العلوم، ثم معامل الكومبيوتر، ثم مصادرة الأجهزة والمعدات ونقلها إلى مؤسسات تابعة للميليشيات أو بيعها، وكل هذا يترافق مع زيادة سنوية في رسوم الدراسة.
وأقدمت إدارة المدرسة على إضافة مبنى جديد على حساب مساحة فناء المدرسة، وذلك ليكون مقراً لإدارة الموارد التابعة للقيادي صالح الشاعر، والتي تنفذ تعليماته وتراقب سير العمل وإدارة الإيرادات المالية لصالح الميليشيات.
وأفاد عدد من أولياء أمور الطلاب بأن الإدارة الجديدة التابعة للقيادي الشاعر خالفت الأعراف المتبعة في المدرسة منذ تأسيسها بهدف الحصول على المزيد من الأموال منهم، حيث أجبرتهم على دفع الرسوم على أقساط تُدفع خلال مدد زمنية متقاربة وقصيرة، وقبل انتصاف العام الدراسي، خلافا لما جرت عليه العادة، ولقرارات وزارة التربية والتعليم قبل سيطرة الميليشيات عليها.
أحد أولياء الأمور قال إن إدارة المدرسة رفعت رسوم نقل الطلاب أكثر من مرة، متحججة بارتفاع أسعار الوقود، وبرغم أن أسعار الوقود تراجعت، خصوصا خلال الهدنة الأممية الأخيرة، والتي شهدت دخول كميات كبيرة من المشتقات النفطية، فإن إدارة المدرسة رفعت الرسوم مجددا. واستغرب ولي الأمر الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على اسمه حفاظا على سلامته وسلامة أولاده، من إصرار إدارة المدرسة على جباية رسوم الأنشطة كل عام برغم إلغاء كافة الأنشطة بالتدريج خلال السنوات الماضية، ووفقا لتقديراته فإن هذه الرسوم تصل إلى 850 مليون ريال يمني (الدولار حوالي 560 ريالا) عن قسم الذكور.
ورجح أن إيرادات قسم البنات تقل عن هذا المبلغ بحوالي الربع تقريبا، منتقدا هذه الإجراءات التي تهدف إلى الحصول على الأموال والثراء على حسابهم وحساب أولادهم، في حين تتراجع جودة التعليم في المدرسة، ويتلقى أبناؤهم دروساً مليئة بالمضامين الطائفية والمناطقية.
وبحسب مصادر تربوية، أعلن الطلاب عن تضامنهم مع المعلمين، خصوصا أن إدارة المدرسة المعينة مما يعرف بالحارس القضائي للميليشيات الحوثية رفعت رسوم الدراسة بشكل مبالغ فيه، وفرضت رسوماً أخرى على الدراسة، مبررة ذلك أنها ستزيد أجور المعلمين والموظفين في المدرسة، والتزمت بذلك عند انطلاق العام الدراسي.
تهديد المعلمين
أكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن القيادي الحوثي عصام حسين العابد الذي يشغل منصبا في وزارة التربية والتعليم، اتهم المعلمين في المدرسة بالعمالة والارتزاق والتآمر على العملية التعليمية في اليمن، وتحريض الطلاب على التمرد والعصيان، خدمة للخارج حسب وصفه، مهددا إياهم بالعقاب بسبب إضرابهم، ملوحاً بسجنهم وإخفائهم قسريا.
وأبلغ معلمو المدرسة في بيان بعثوه عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى أولياء أمور الطلاب بأسباب الإضراب، موضحين أنهم أرادوا وضعهم في صورة الأحداث في المدرسة، منذ بداية العام الدراسي، موضحين أنهم لا يرغبون في إرهاق أولياء الأمور بزيادة في الرسوم الدراسية، وأن إدارة المدرسة رفعت رسوم الدراسة، وتنصلت من التزامها بزيادة الأجور.
وذكر المعلمون أنهم انتظروا زيادة أجورهم دون جدوى، ولم يحصلوا إلا على الوعود والتسويف والخداع لكسب الوقت والتنصل عن الالتزامات، حتى اضطروا إلى استخدام حقوقهم القانونية متمثلة في العمل المتدرج في الإضراب، بدءاً برفع الشارات الحمراء ثم الإضراب الجزئي، والذي قابلته الإدارة بتهديدهم بالطرد.
ودعا البيان أولياء الأمور إلى التدخل لثني الإدارة عن هذا العمل غير المشروع وحثها على الوفاء بالتزاماتها تجاه معلمي المدرسة، وذكرهم أن الزيادة في رسوم الدراسة التي فرضتها الميليشيات عليهم، كانت مقابل زيادة أجور المعلمين.


مقالات ذات صلة

باذيب: كل اتصالات الحكومة الحساسة بعيدة عن الحوثيين

خاص واحد من عدة ملاعب رياضية جديدة في عدن نفذها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن (البرنامج السعودي)

باذيب: كل اتصالات الحكومة الحساسة بعيدة عن الحوثيين

يؤكد وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني أن بلاده نجحت في استعادة ثقة المجتمع الدولي لاستئناف تمويل المشاريع التنموية، وتحرير قطاع الاتصالات الحيوي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي قادة حوثيون يحصلون جبايات من سيارات الأجرة إلكترونياً (إعلام حوثي)

توجهات حوثية لاستثمار النقل البري والتجسس على المسافرين

أقرت الجماعة الحوثية لائحة بمسمى تنظيم نشاط محطات نقل المسافرين، للسيطرة على موارد هذا القطاع وحرمان العاملين فيه من مصادر دخلهم وتشديد القبضة الأمنية عليه

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عنصر حوثي يحرس السجن المركزي في صنعاء الذي استولت عليه الجماعة منذ 11 عاماً (غيتي)

سجون حوثية للابتزاز... وأجهزة أمنية لإرهاب المجتمع اليمني

كشف ناشطون عن سجن خاص يتبع قيادياً حوثياً لاختطاف وابتزاز سكان محافظة صنعاء، في ظل توسع الجماعة لإنشاء منظومة استخباراتية للرقابة المشددة على المجتمع وترهيبه.

وضاح الجليل (عدن)
الخليج المستشار منصور المنصور المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن يستعرض عدداً من الادعاءات خلال مؤتمر صحافي بالرياض (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» يفنّد 4 ادعاءات ضد «التحالف» في اليمن

استعرض «الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن» الأربعاء في العاصمة السعودية الرياض عدداً من الادعاءات ضد التحالف بحضور عدد من وسائل الإعلام وممثّلي الدول

غازي الحارثي (الرياض)
المشرق العربي وزير التخطيط اليمني واعد باذيب خلال توقيع مذكرات التفاهم مع القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن (سبأ)

اليمن والصين يؤسسان لشراكة استراتيجية عبر تعاون تنموي

التعاون التنموي اليمني- الصيني يفتح آفاقاً جديدة للشراكة الاستراتيجية في كافة المجالات.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تصعيد الحوثيين في الجبهات يتصدّر مخاوف المبعوث الأممي

جانب من جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بتطورات الأزمة في اليمن (أ.ف.ب)
جانب من جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بتطورات الأزمة في اليمن (أ.ف.ب)
TT

تصعيد الحوثيين في الجبهات يتصدّر مخاوف المبعوث الأممي

جانب من جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بتطورات الأزمة في اليمن (أ.ف.ب)
جانب من جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بتطورات الأزمة في اليمن (أ.ف.ب)

تصدّرت المخاوف من عودة القتال باليمن في ظل تصعيد الحوثيين بالجبهات واستمرارهم في التعبئة العسكرية والاعتقالات وتهريب الأسلحة، الإحاطة الأحدث لمبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، إذ أكد أن اليمن بات عند «نقطة تحول حاسمة».

وكانت الجماعة المدعومة من إيران التي باتت مصنّفة «منظمة إرهابية أجنبية» من قِبل واشنطن، كثّفت في الأسابيع الماضية من تصعيدها العسكري ضد القوات الحكومية لا سيما في جبهات محافظة مأرب وتعز والضالع، بالتوازي مع التعزيز بحشود جديدة من المجنّدين إلى خطوط التماس.

وعبّر غروندبرغ عن أسفه لجهة هذا التصعيد، وقال: «للأسف، لا تزال العمليات العسكرية مستمرة في اليمن، مع ورود تقارير تفيد بتحريك تعزيزات ومعدات نحو خطوط المواجهة، بالإضافة إلى القصف والهجمات بالطائرات المسيّرة ومحاولات التسلل التي يقوم بها الحوثيون في عدة جبهات، بما في ذلك أبين، والضالع، ولحج، ومأرب، وصعدة، وشبوة، وتعز».

ودعا المبعوث الأممي جميع الأطراف اليمنية إلى تجنّب أي تحركات عسكرية وتصعيدية من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من التوتر وتزج بالبلاد مجدداً في دائرة النزاع. وأشار إلى أن مكتبه يواصل اتصالاته المنتظمة مع الأطراف؛ لحثهم على خفض التصعيد واتخاذ تدابير لبناء الثقة من خلال لجنة التنسيق العسكري.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

وفي تلميح إلى مساعي الجماعة الحوثية لتحقيق مكاسب ميدانية، قال غروندبرغ إنه يدرك «أن البعض يعتقد أن العودة إلى العمليات العسكرية واسعة النطاق قد تحقّق لهم مكاسب»، مؤكداً بوضوح أن «هذا سيكون خطأ كارثياً على اليمن، وسيهدّد استقرار المنطقة بأكملها»، وفق تعبيره.

وشدد المبعوث الأممي على المسؤولية المشتركة للجهات الفاعلة الإقليمية والدولية التي قال إنها تتحمّل مسؤولية مشتركة في دعم المساعي الدبلوماسية، والتهدئة، وتعزيز الحوار الشامل.

تذكير بالاعتقالات

بالإضافة إلى المخاوف من العودة إلى القتال في اليمن والإشارة إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، احتلت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين محوراً مهماً من إحاطة غروندبرغ، خصوصاً بعد وفاة أحدهم في معتقل حوثي.

وأوضح المبعوث الأممي إلى اليمن لمجلس الأمن أنه من بين التطورات المقلقة للغاية موجة الاعتقالات التعسفية الرابعة التي نفّذها الحوثيون الشهر الماضي واستهدفت موظفي الأمم المتحدة.

وقال إن هذه الاعتقالات ليست فقط انتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية، بل تمثّل أيضاً تهديداً مباشراً لقدرة الأمم المتحدة على تقديم المساعدات الإنسانية إلى ملايين المحتاجين. والأمر الأكثر استنكاراً وإدانة هو وفاة زميلنا في برنامج الأغذية العالمي في أثناء احتجازه لدى الحوثيين.

الحوثيون يواصلون التعبئة ويكثّفون خروقاتهم للتهدئة لا سيما في جبهات مأرب (إ.ب.أ)

ومع تأكيد إجراء تحقيق عاجل وشفاف وشامل في وفاة الموظف ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، طالب غروندبرغ بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة، والعاملون في المنظمات غير الحكومية، وأفراد المجتمع المدني، وأعضاء البعثات الدبلوماسية.

وبينما أبدى المبعوث قلقه من تبعات تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية أجنبية من قِبل واشنطن، على العمل الأممي في مناطق سيطرة الجماعة، قال إنه ينتظر مزيداً من الوضوح بشأن هذا الأمر.

واعترف المبعوث أن «اليمن عند نقطة تحول حاسمة»، وأن الخيارات التي سيتمّ اتخاذها اليوم ستحدد مستقبله، لكنه أبدى تفاؤله بأن الحل المستدام للنزاع لا يزال ممكناً، داعياً الأطراف إلى الالتزام بالعمل بجدية وحسن نية، واتخاذ الإجراءات الضرورية لترجمة التزاماتها إلى واقع ملموس.

شحنتان من إيران

إلى جانب التصعيد الحوثي على الجبهات وتهديد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بالعودة إلى مهاجمة السفن في البحر الأحمر والانخراط العسكري في الصراع المرتبط بغزة، زادت الجماعة من عمليات التحشيد وتهريب الأسلحة ومهاجمة القوات الحكومية في مأرب.

وفي جديد شحنات الأسلحة المهرّبة، أفاد الإعلام العسكري التابع لقوات «المقاومة الوطنية» التي يقودها طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، بتوقيف شحنتين قادمتين من إيران، وتوقيف البحارّة الذين يضمون 9 إيرانيين و3 باكستانيين بالإضافة إلى بحارة يمنيين.

وذكرت المصادر أن قوات خفر السواحل في قطاع البحر الأحمر ضبطت بالتنسيق مع شعبة الاستخبارات العامة في «المقاومة الوطنية»، شحنة أسلحة نوعية قادمة من إيران إلى الحوثيين عبر ميناء جيبوتي كانت متجهة إلى ميناء الصليف بمحافظة الحديدة.

وحسب المعلومات الرسمية، كان على متن القارب خمسة بحارّة يمنيين مرتبطين بالقيادي الحوثي حسن العطاس، وتضم الشحنة التي أوقفت في جنوب البحر الأحمر معدات عسكرية نوعية، منها أجسام صواريخ مجنحة ومحركات نفاثة تُستخدم في الصواريخ المجنحة والطائرات المسيّرة الانتحارية.

كما تحتوي الشحنة على طائرات مسيّرة استطلاعية، ورادارات بحرية حديثة، ومنظومة تشويش حديثة، ومنظومة اتصالات لاسلكية حديثة.

وجاء إعلان هذه الشحنة بعد يوم من إعلان ضبط قوات البحرية، التابعة لـ«المقاومة الوطنية»، 9 إيرانيين و4 باكستانيين قادمين من ميناء تشابهار في إيران إلى ميناء الصليف في الحديدة، حيث كانوا على متن قارب يحمل شحنة أسمدة مجانية للحوثيين.

وحسب ما أورده الإعلام العسكري التابع لقوات «المقاومة الوطنية»، يعتمد «الحرس الثوري» الإيراني على أساليب وطرق متنوعة لتمويل الجماعة الحوثية؛ إذ يقدّم إليها سِلعاً؛ مثل: السماد والمشتقات النفطية والمخدرات، لتبيعها وتستفيد من ثمنها.

وبثّت قوات «المقاومة الوطنية» التي ترابط على الساحل الجنوبي الغربي لليمن، اعترافات مصوّرة للبحارة، اشتملت على تفاصيل تهريب الشحنتين.