«الجوع الخفي» وباء يهدد أفريقيا

100 مليون طفل يعانون من نقص عناصر الغذاء الأساسية

«الجوع الخفي» وباء يهدد أفريقيا
TT

«الجوع الخفي» وباء يهدد أفريقيا

«الجوع الخفي» وباء يهدد أفريقيا

تتفاقم الأزمات الناجمة عن غياب الأمن الغذائي العالمي في ظل تصاعد الأزمات والصراعات الدولية، ما قد يهدد ملايين البشر ليس فقط بالجوع، بل بظاهرة أخرى خطيرة وهي «الجوع الخفي».
ويشير مصطلح الجوع الخفي إلى افتقار النظم الغذائية إلى عناصر أساسية مثل عناصر الحديد والزنك وفيتامين A وB. ووجدت دراسة نُشرت في دورية «لانسيت غلوبال هيلث»، أن 98 مليون طفل على الأقل في سن ما قبل المدرسة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يعانون من نقص المغذيات الدقيقة الضرورية في ما يعرف بظاهرة «الجوع الخفي».
وبحسب الدراسة، التي نشرها موقع الدورية العلمية المرموقة، في عدد نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، «يصل نقص المغذيات الدقيقة إلى أعلى مستوياته في البلدان منخفضة الدخل، لأن النظم الغذائية غالباً ما تفتقر إلى مجموعة متنوعة من الأطعمة الغنية بالمغذيات وتميل إلى الاعتماد على حصة كبيرة من السعرات الحرارية من الأرز أو القمح أو الذرة أو الأطعمة الأساسية المماثلة».
وقالت الدراسة، التي قادها التحالف العالمي لتحسين التغذية (GAIN): «من المثير للقلق، أنه في كثير من البلدان في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، هناك 9 نساء من كل 10 يعانين من الجوع الخفي، وهذا يرجع إلى حد كبير إلى سوء النظم الغذائية التي تحتوي على نسبة عالية من الأطعمة النشوية».
وبين النساء غير الحوامل في سن الإنجاب، كان معدل انتشار النقص التقديري في واحد على الأقل من المغذيات الدقيقة الأساسية الثلاثة هو الأعلى في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 80 في المائة، و62 في المائة بين الأطفال في سن ما قبل المدرسة، وفقاً للدراسة.
* حلول وتحديات
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قالت ساسكيا أوسندارب، المديرة التنفيذية لمنتدى المغذيات الدقيقة: «القضية قائمة منذ فترة طويلة، لكنها تحتاج بشكل عاجل إلى المعالجة، حيث تتفاقم المشكلات الآن بسبب التأثير طويل المدى لتغير المناخ، والضرر الدائم لسلاسل التوريد الناجم عن الوباء والحرب في أوكرانيا، والانكماش الاقتصادي الوشيك، وكلها تتضافر لخلق تحديات كبيرة».
وأضافت: «تفرض الأزمة على صناع القرار في أفريقيا العمل على زيادة الإجراءات والاستثمارات بهدف التأكد من حصول الجميع على مجموعة متنوعة من الأطعمة الغنية بالمغذيات الدقيقة، بما في ذلك الأطعمة ذات المصدر الحيواني والخضار ذات الأوراق الخضراء الداكنة والفاصوليا والعدس أو البازلاء».
ودعت إلى «زيادة جهود إغناء الطعام والتعزيز البيولوجي التي يمكن أن تساعد في إحداث فرق عندما تكون النظم الغذائية الصحية باهظة التكلفة أو في المتناول»، ولفتت إلى أنه من الضروري «زيادة التنسيق مع أصحاب المصلحة المتنوعين لتعزيز الوصول إلى النظم الغذائية الصحية والقدرة على تحمل تكاليفها، وإعطاء الأولوية للتغذية عبر أنظمة الغذاء والصحة والزراعة والحماية الاجتماعية».
* أزمة عالمية
الدراسة كذلك خلصت إلى أن واحداً من كل شخصين في جميع أنحاء العالم من المحتمل أنه يعاني من الجوع الخفي، وأن اثنتين من كل ثلاث نساء تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عاماً في جميع أنحاء العالم يعانين من نقص في عنصر واحد على الأقل من المغذيات الدقيقة.
وفقاً لنتائج الدراسة، فإنه حتى في البلدان ذات الدخل المرتفع مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يعاني ما بين شخص من كل ثلاثة وامرأة واحدة من كل امرأتين من نقص في العناصر الغذائية الأساسية.
وقال لورانس حداد المدير التنفيذي للتحالف العالمي لتحسين التغذية: «هذه الورقة البحثية الجديدة تغير قواعد اللعبة. من المرجح أن يؤثر الجوع الخفي على ما يقرب من نصف الناس على هذا الكوكب، وليس ربعهم كما افترضنا سابقاً. على وجه الخصوص، فشلنا في تغذية الأصغر سناً سيقوض الصحة العامة ويطاردنا اجتماعياً واقتصادياً وبيئياً وسياسياً عبر الأجيال. تحتاج جميع أركان المجتمع، بقيادة الحكومات، إلى معالجة عبء الجوع الخفي، عبر جميع القنوات المتاحة».
ومن خلال موقعه الرسمي، قال التحالف العالمي من أجل تحسين التغذية (GAIN)، إن الدراسة لانسيت جلوبال هيلث تمثل أول تقدير عالمي قائم على الأدلة لنقص المغذيات الدقيقة (الفيتامينات والمعادن) والتي حللت بشكل منهجي البيانات حول المسوح التمثيلية للسكان من الأطفال في سن ما قبل المدرسة والنساء في سن الإنجاب حول العالم.
ونوهت المؤسسة، ومقرها سويسرا، إلى أن الدراسة الجديدة تؤكد أن التقدير السابق، الذي يُستشهد به على نطاق واسع وهو مليارا شخص على مستوى العالم يعانون من نقص في المغذيات الدقيقة، هو تقدير أقل من الواقع.


مقالات ذات صلة

السودان: تحذيرات من «مجاعة وشيكة» في سنار بسبب الحصار ونقص الغذاء

شمال افريقيا وفق تقارير «الأمم المتحدة» فإن أكثر من نصف سكان البلاد باتوا بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة (رويترز)

السودان: تحذيرات من «مجاعة وشيكة» في سنار بسبب الحصار ونقص الغذاء

تعيش ولاية سنار السودانية اختفاء دقيق الخبز والأرز بشكل كامل ما يهدد بدخول الولاية التي تحاصرها قوات «الدعم السريع» منذ الشهر الماضي في أزمة غذائية حادة.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا مزارع سوداني (مواقع التواصل)

الحرب السودانية تهدد الموسم الزراعي... وفجوة كبيرة في الحبوب

«للمرة الأولى منذ 100 عام، لن تتم زراعة مشروع الجزيرة، وسيؤثر هذا على الإنتاج الزراعي في البلاد، لكن هذا الخلل لن يؤدي إلى مجاعة».

وجدان طلحة (بورتسودان)
المشرق العربي طبيب يفحص طفلة فلسطينية تعاني سوء التغذية في دير البلح (رويترز)

تنديد إسرائيلي بتقرير يحذر من مجاعة في غزة

رفضت إسرائيل اليوم الخميس تقريراً مدعوماً من «الأمم المتحدة» أورد أن نحو نصف مليون من سكان قطاع غزة يواجهون جوعاً «كارثياً».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي فلسطينيون يهرعون لتلقي الطعام من مطبخ خيري وسط نقص إمدادات المساعدات في خان يونس (رويترز)

غزة تواجه المجاعة... والمساعدات مكدسة على الرصيف العائم ولا أحد يتسلمها

بدأت عملية تسليم المساعدات إلى غزة عبر الرصيف العائم تسير بوتيرة أكثر ثباتاً، إلا أنها تظل لا تساعد في تخفيف تدهور الأوضاع الإنسانية بالقطاع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتلقي الطعام المطبوخ في مطبخ خيري في مخيم جباليا للاجئين (رويترز)

نصف مليون شخص في غزة يواجهون أسوأ مستويات الجوع

أظهر تقرير لمبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن خطر المجاعة لا يزال قائماً بشدة في أنحاء قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)
متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)
TT

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)
متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

قُتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو، على ما أعلنت وزارة الدفاع النيجرية اليوم (الثلاثاء).

وقالت في بيان بثه التلفزيون الرسمي: «يوم الاثنين 22 يوليو (تموز)، اشتبكت وحدة من قوات الدفاع والأمن خلال عملية مع مجموعات إرهابية مسلحة على محور بانكيلاري-تيرا على مشارف قرية فونيكو».

وأضافت الوزارة: «15 جنديا قتلوا وفق حصيلة مبدئية».

كما أشارت إلى «فقدان» ثلاثة جنود ومقتل 21 «إرهابياً» خلال المعارك.