تعتزم تشيكيا سحب قواتها المشاركة بمهمة التدريب وحفظ الأمن في مالي (غرب أفريقيا)، نهاية العام الحالي، كما ستغلق سفارتها في باماكو، بسبب «تدهور الأوضاع الأمنية»، الأمر الذي يكرس قطيعة المجلس الانتقالي الحاكم مع الغرب، ويعزز النفوذ الروسي هناك.
وينتشر في مالي، ما يصل إلى 120 جندياً تشيكياً في إطار المهمة الأوروبية «تاكوبا»، المسؤولة عن دعم الجيش المالي ضد الجماعات الإرهابية. ويتولى الجيش التشيكي قيادتها حالياً.
وحسب وزارة الخارجية التشيكية، «بعد تدهور الوضع في مالي وبُعد البلاد عن أوروبا، فإن هذا الوجود الدبلوماسي لم يعد منطقياً من الناحية الاستراتيجية أو الأمنية أو الاقتصادية»، فيما قالت وزيرة دفاع التشيكية غانا سيرنوشوفا، إن «الشراكة مع الجيش المالي لم تعد ممكنة بسبب رفض الحكومة الاستمرار في إشراك الجنود الماليين في البرنامج، ويمكن للجمهورية التشيكية أن تلجأ إلى شركاء آخرين».
يذكر أنه تم افتتاح السفارة في مالي في يناير (كانون الثاني) 2019، وكان لها الأولوية في خدمة مصالح وزارة الدفاع.
وفي فبراير (شباط) الماضي، أعلنت فرنسا وشركاؤها الأوروبيون، انسحابهم من مالي، عقب توتر العلاقات بين فرنسا والسلطة الانتقالية في باماكو. وطلب رئيس المجلس العسكري الحاكم آسيمي غويتا، خروج «تاكوبا» لعدم رضاه عن أدائها مع تصاعد عمليات الإرهاب؛ لذلك قررت الدنمارك والسويد وفرنسا سحب قواتها، وهو ما فعلته التشيك أيضاً.
وتدهورت العلاقات بين المجلس العسكري الحاكم في باماكو وباريس بشكل حاد خلال الأشهر الأخيرة، لا سيما منذ وصول القوات شبه العسكرية من مجموعة «فاغنر» الروسية إلى مالي، ما دفع البلدين إلى قطيعة، بعد 9 سنوات من الوجود الفرنسي المتواصل لمحاربة الجماعات المسلحة الناشطة في المنطقة.
وتعترض فرنسا على رغبة المجلس العسكري الاحتفاظ بالسلطة، بعد قرار رئيس المجلس الكولونيل أسيمي غويتا، تمديد الفترة الانتقالية التي تشهدها البلاد إلى 24 شهراً انطلاقاً من 26 مارس (آذار) 2022 إلى مارس 2024.
وعزت دراسة سابقة أعدها خبير الشؤون الأفريقية الدكتور حمدي عبد الرحمن ونشرها «مركز المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة»، الانسحاب الفرنسي من المنطقة لعدة أسباب، بينها تصاعد الغضب الشعبي ضد الوجود الفرنسي، كما تجسده احتجاجات الجماهير في شوارع باماكو.
وأدى تقليص الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل الأفريقي بشكل عام، ومالي على وجه الخصوص، إلى تغيير هيكل التحالفات، ودفع حكام مالي العسكريين إلى اللجوء إلى روسيا لملء هذا الفراغ الأمني، كما يشير عبد الرحمن، الذي يعتقد أن الدعم الروسي المناسب شجع حكام مالي على محاولة تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في فبراير 2022، مشيراً إلى أن «المجلس العسكري بقيادة العقيد غويتا منذ توليه السلطة يغازل موسكو كبديل للمقاربات العسكرية الغربية والدولية الفاشلة».
وبدأت «فاغنر» الروسية أنشطتها في مالي عام 2021؛ ويقدر عدد عناصرها هناك بأكثر من ألف.
ونهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اتهم وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب، فرنسا، بـ«الانتهاكات المتكررة للمجال الجوي المالي» و«الازدواجية والتجسس وزعزعة الاستقرار». لكن باريس رفضت هذه الاتهامات ووصفتها بأنها «كاذبة».
ودعا وزير الخارجية المالي في مجلس الأمن إلى عقد جلسة خاصة بشأن فرنسا، متهماً باريس بـ«الانتهاكات المتكررة للمجال الجوي المالي» و«الازدواجية والتجسس وزعزعة الاستقرار».
مالي: انسحاب قوات التشيك يكرس المقاطعة مع الغرب
معززاً النفوذ الروسي
مالي: انسحاب قوات التشيك يكرس المقاطعة مع الغرب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة