أزمة النقل في سوريا تزيد حوادث الدهس وتفشي السرقة والتحرش

ساحة المرجة في دمشق (أ.ف.ب)
ساحة المرجة في دمشق (أ.ف.ب)
TT

أزمة النقل في سوريا تزيد حوادث الدهس وتفشي السرقة والتحرش

ساحة المرجة في دمشق (أ.ف.ب)
ساحة المرجة في دمشق (أ.ف.ب)

مع تفاقم أزمة المواصلات في سوريا وعجز الحكومة عن إيجاد مخارج لها زادت حوادث الدهس والسرقة والتحرش في وسائط النقل العامة.
وما تزال الحكومة في دمشق عاجزة عن إيجاد حلول تخفف حدة الأزمة في المواصلات العامة التي زاد الضغط عليها، وأزمة المحروقات الخانقة وارتفاع أسعار البنزين وأجور النقل. وهو ارتباك تسببت به قرارات حكومية تهدف إلى تقنين مخصصات النقل العام من مادة المازوت مع تشديد الإجراءات الرقابية، مثل إلزام أصحاب الحافلات بتركيب أجهزة تتبع (حي بي إس) لمنع بيع المازوت المخصص للنقل العام في السوق السوداء، وإجبار أصحاب حافلات النقل الداخلي الخاص على تنفيذ رحلاتهم اليومية.
إلا أن النتائج المرجوة من تلك الإجراءات لم تفلح في تخفيف الأزمة التي ساهمت في تفشي ظواهر اجتماعية سيئة على نحو غير مسبوق في المجتمع السوري، حتى في أسوأ سنوات الحرب، مثل حوادث النشل والتحرش.
عامل في مؤسسة حكومية في دمشق أكد أنه يستقل يوميا أربع حافلات للوصول إلى عمله وسط دمشق، وطوال الوقت يرى أو يسمع بخمس أو ست حالات نشل على الخط الذي يسلكه، وغالباً حالات النشل تتم أثناء التدافع للصعود إلى الحافلة، فعند مواقف النقل، ينشط النشالون فيندسون بين المتدافعين ويستغلون الازدحام لنشل ما يتيسر عند باب الحافلة. وعندما يكتشف الشخص أنه تعرض للنشل «يكون النشال على باب حافلة أخرى يسرق أشخاصاً آخرين». ويتابع «السائقون والركاب نحذر بعضنا البعض من النشل، ولكن عندما تضطر لاستخدام كلتا يديك وقدميك للإمساك بالسرفيس والتشبث به كشخص عزيز بعد انتظار ساعات، يكون تفقد الأغراض الشخصية آخر ما تفكر به لحظتها».
طالبة جامعية تروي معاناتها اليومية مع التحرش الذي بات سلوكا اعتياديا، كما بات معتادا ابتكار طرق جديدة لتجنبه أو مواجهته، مثل استخدام أدوات حادة أو دبابيس لوخز المتحرش أو الدوس على قدمه أو التحصن بأكياس وحقائب أمامية وخلفية. مضيفة أن ذلك لا يمنع وقوع حالات تجعل المرأة تكره نفسها لإنها امرأة، فقد تعرضت الشهر الماضي أكثر من مرة لملامسة جسدها وكانت تتجنبها بصمت خشية فضيحة لا طائل منها في مجتمع يفضل الصمت والتجاهل أو «لوم الضحية»، حسب تعبير الطالبة.
تتابع أنها تعرضت مؤخراً لملامسة متحرش وسط الحافلة، «بدا وكأنه يغتصبني مستغلا شدة الازدحام». ومن شدة توتري ضربته بحدة وهدوء على أماكن موجعة بكل ما أمكنني من قوة، حتى نفر الدمع من عينه. قلت له هامسة «إذا قبضاي ارفع صوتك»، فتوعدني بشتائم نابية قبل مغادرته الحافلة. رغم إحساس القوة الذي انتابني بمواجهة المتحرش، إلا أن إحساس الرعب والقهر والخجل كانا أقوى وسط دهشة نظرات الركاب الآخرين.
مظاهر مستوى الحوادث، للمرة الثانية تفجع دمشق قبل يومين، بمقتل فتى (16 عاماً) جراء دهسه من حافلة نقل داخلي أثناء التفافه على زاوية المتحف الوطني تحت جسر الرئيس (المركز الرئيسي لتجمع حافلات النقل الداخلي).
الحادثة هي الرابعة في مناطق سيطرة النظام خلال الشهرين الماضيين، ففي سبتمبر (أيلول) الماضي قتل شاب في دمشق جراء سقوطه من الحافلة أثناء محاولته الصعود إلى الحافلة نتيجة انزلاق قدمه. وفي حادثة مماثلة الشهر الماضي تعرضت سيدة في ساحة الشيخ ضاهر في اللاذقية للدهس أثناء محاولتها الصعود للحافلة حيث سقطت أرضاً ودهست الحافلة قدمها. وفي الشهر الماضي أيضاً، قتل شاب جراء سقوطه من حافلة تعلق بها في مدينة حلب عند دوار الصخرة في حي الفرقان.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.