رئاسة عون... عهد الأرقام القياسية في لبنان

تضخم وانهيار عملة وتصريف أعمال وخصومات سياسية

إنزال العلم اللبناني في باحة قصر الرئاسة مع بدء الشغور الرئاسي (رويترز)
إنزال العلم اللبناني في باحة قصر الرئاسة مع بدء الشغور الرئاسي (رويترز)
TT

رئاسة عون... عهد الأرقام القياسية في لبنان

إنزال العلم اللبناني في باحة قصر الرئاسة مع بدء الشغور الرئاسي (رويترز)
إنزال العلم اللبناني في باحة قصر الرئاسة مع بدء الشغور الرئاسي (رويترز)

لم يشهد عهد رئاسي في لبنان منذ نهاية الحرب اللبنانية، هذا الحجم من الجدل والانقسام السياسي والشعبي الداخلي، كما حصل في عهد الرئيس اللبناني السابق ميشال عون، الذي تصدرته الخلافات السياسية، وتبدل التحالفات والانهيار الاقتصادي، وتدهور العلاقات الدولية، فكسر هذا العهد أرقاماً قياسية في مختلف الشؤون، إذا ما قورنت بالأرقام التي سجلتها سائر العهود الأخرى. ويتصدر الأرقام المُسجّلة لعهد عون انخفاض قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي بأكثر من 25 ضعفاً، وتسجيل أدنى مستوى من ساعات التغذية الكهربائية منذ 30 سنة، وأعلى حصيلة قتلى دفعة واحدة منذ نهاية الحرب الأهلية، وأطول فترة تصريف أعمال، وأكثر العهود خصومة مع القوى السياسية في الداخل، وأعلى نسبة هجرة.
شهد عهد الرئيس اللبناني السابق ميشال عون أمراً غير مسبوق لم تشهده جميع العهود الرئاسية الـ12، التي عرفها لبنان منذ الاستقلال في عام 1943 وحتى اليوم، وهي أن نحو نصف أيامه كانت أيام تعطيل في ظل وجود حكومات تصريف الأعمال، حسب دراسة نشرتها «الدولية للمعلومات». إذ انقضى من ذلك العهد 949 يوماً في ظل 5 حكومات تصريف الأعمال، أي ما يمثل نسبة 43.3 في المائة من أيام العهد، التي بلغت 2191 يوماً.
- 7 رؤساء مكلفين... و4 حكومات
شهد العهد العوني منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2016 وحتى 31 أكتوبر 2022، تشكيل 4 حكومات، وحالتي اعتذار عن عدم التشكيل.
الحكومات الأربع التي شُكلت، كان منها اثنتان برئاسة الرئيس سعد الحريري، والثالثة برئاسة الدكتور حسان دياب، والرابعة برئاسة نجيب ميقاتي. ثم أنه كان بينها تكليفان لسفير لبنان لدى ألمانيا مصطفى أديب، والحريري، قبل اعتذار كل منهما بسبب تعذّر التأليف وسط خلافات سياسية مستحكمة، وتكليف سابع للرئيس ميقاتي بعد الانتخابات النيابية الأخيرة في 15 مايو (أيار) الماضي، لم يستطع بعده تأليف الحكومة بسبب احتدام الخلافات السياسية.
- خلافات مع القوى السياسية
يكاد يكون عهد الرئيس ميشال عون، الأشد حدة على مستوى الخلافات السياسية مع المكوّنات اللبنانية، الإسلامية والمسيحية، ويتصدّر بسهولة أرقام الخلافات مقارنةً مع سائر رؤساء الجمهورية السابقين من عام 1989.
ونذكر هنا أن عون وصل إلى الرئاسة بعد تفاهم مع «حزب الله»، إضافة إلى تسوية رئاسية مع تيار «المستقبل»، وأخرى مع حزب «القوات اللبنانية».
غير أن العلاقة مع «المستقبل» انتهت إلى خصومة في عام 2019، وقطيعة مع رئيسه، رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في عام 2020، ومن ثم، انسحبت الخصومة مع رؤساء الحكومات السابقين إثر خلافات على الصلاحيات. أما العلاقة مع «القوات اللبنانية» فتعرّضت لاختبار قاسٍ إثر الانتخابات النيابية في عام 2018، ووصلت إلى الخصومة في خريف عام 2019، وسرعان ما تحوّلت إلى سجالات سياسية ومقاطعة من «القوات» لدعوات الحوار التي كان عون يدعو إليها.
وعلى الجانب المسيحي أيضاً، اتسمت علاقته بالخصومة مع «الكتائب اللبنانية» ومستقلين آخرين ممثلين في البرلمان والقوى السياسية المسيحية التقليدية.
وفي حين بقي «حزب الله» الطرف السياسي الأكثر تأييداً له بين الأطراف السياسية الوازنة حتى مغادرته قصر بعبدا، إلى جانب «التيار الوطني الحر»، الذي أسسه عون ويرأسه صهره النائب جبران باسيل، اتسمت علاقته بالخصومة أيضاً مع «الحزب التقدمي الاشتراكي»، الذي يرأسه وليد جنبلاط، و«حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري.
- خصومة مع أبرز الموظفين الموارنة
أيضاً كان لافتاً تدهور العلاقة بين الرئيس عون مع أبرز موظفَين من الفئة الأولى في الإدارات اللبنانية يشغلهما، بالعُرف، مارونيان، هما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود. وخلال الأشهر الماضية، لم يتوانَ الرئيس عن انتقادهما بالاسم، فيما يُحكى أن العلاقة بين الرئاسة اللبنانية وقائد الجيش العماد جوزيف عون (موقع يشغله ماروني أيضاً) اتسمت بالبرودة في الفترة الأخيرة، على الرغم من أن قيادة الجيش لم تتوانَ عن تنفيذ ما يوكل لها من مهمات من قبل السلطة السياسية.
ويرى خصوم عون أن هذا الأمر نادر الحدوث في العهود الرئاسية، بالنظر إلى أن المواقع الثلاثة الحساسة التي يشغلها في العُرف موارنة، عادة ما تكون قريبة من الرئاسة التي يشغلها ماروني أيضاً.
- مقاطعة عربية
من جهة ثانية، لم تشهد العلاقات بين لبنان وعمقه العربي تدهوراً، مثلما شهدته في عهد عون.
ففي أبريل (نيسان) 2021، قرّرت المملكة العربية السعودية حظر دخول الخضراوات والفواكه اللبنانية إلى المملكة أو المرور عبر أراضيها لدولة ثالثة، بدعوى استغلالها في تهريب المخدّرات.
أما أبرز تطوّر حصل في علاقات البلدين، فهو الأزمة الدبلوماسية التي وقعت في عام 2021 بسبب تصريحات لأحد الوزراء اللبنانيين «العونيي التوجه» ضد سياسة الرياض في اليمن.
- الانتفاضة الشعبية... وانفجار مرفأ بيروت
عودة إلى الشأن الداخلي، وخلافاً للعهود الماضية التي شهدت تحركات شعبية على خلفيات سياسية، وخصوصاً في 2005، اشتعلت في عهد عون انتفاضة شعبية في 17 أكتوبر 2019. إذ امتلأت المناطق وشوارع المدن وساحاتها بالمحتجين من شمال البلاد إلى جنوبها، حتى البقاع شرقاً.
واستمرّت الاحتجاجات الشعبيّة لأشهر متواصلة، طالب المحتجون خلالها بانتخابات نيابية مبكّرة، واستعادة الأموال المنهوبة، ومحاسبة الفاسدين، ورحيل ومحاسبة بقية مكونات الطبقة الحاكمة، التي يتهمونها بالفساد والافتقار للكفاءة.
بعدها، في 4 أغسطس (آب) 2020، دوّى واحد من أكبر الانفجارات غير النووية في العالم، في العاصمة اللبنانية بيروت، ما أدى إلى مقتل أكثر من 220 شخصاً، وإصابة 6 آلاف آخرين بجروح، وتدمير نحو نصف العاصمة اللبنانية.
ويُعد هذا الانفجار الأكبر من حيث عدد الضحايا في لبنان منذ نهاية الحرب اللبنانية.
وبحسب تقديرات رسمية، فإن الانفجار وقع في العنبر رقم 12، الذي كان يحوي نحو 2750 طناً من مادة «نيترات الأمونيوم» الشديدة الانفجار، كانت مصادَرة من إحدى السفن، ومخزنة منذ 2014.
- تدهور اقتصادي
وفي سياق متصل، لم يختبر لبنان أزمات اقتصادية ومعيشية ومالية متزامنة، كتلك التي شهدها منذ عام 2019، إذ سجلت الليرة اللبنانية أكبر انهيار في تاريخها، فتراجعت قيمتها أكثر من 25 ضعفاً، بعدما عاشت استقراراً بسعر الصرف لمدة 25 سنة عند مستوى 1507 ليرات.
واليوم يوجد أكثر من 3 أسعار للصرف في لبنان مقابل الدولار الأميركي، هي: سعر مصرف لبنان الرسمي المقدّر بـ1507 ليرة للدولار، وسعر البنوك اللبنانية المحدّد بـ8000 ليرة للدولار، ونحو 36000 ليرة للدولار في السوق السوداء (يتغير بشكل يومي، حيث سجل أعلى سعر قياسي له قبل أيام بتخطيه حاجز الـ40 ألف ليرة للدولار).
ولقد زاد انهيار العملة من تفاقم معدلات التضخم ومعاناة المواطن في لبنان، بفعل تراجع القدرة الشرائية بشكل كبير، وأُقفل عديد من المؤسسات والمحال التجارية نظراً لعجزها عن الصمود خلال الأزمة الاقتصادية.
وحقاً، يشهد لبنان منذ ثلاث سنوات انهياراً اقتصادياً صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عقود، خسرت معه العملة المحلية قرابة 95 في المائة من قيمتها وبات معه أكثر من 80 في المائة من السكان تحت خط الفقر.
وتحوْل الانقسامات السياسية دون تشكيل حكومة منذ الانتخابات البرلمانية في مايو، بينما يضغط المجتمع الدولي لانتخاب رئيس لتجنّب تعميق الأزمة.
وللعلم، في أبريل 2017، أقرّ لبنان الموازنة العامة، بعد فشله في ذلك منذ عام 2005؛ بسبب الخلافات بين القوى السياسية التي تتقاسم السلطة.
- أرقام مفزعة للفقر والبطالة والهجرة
خلال سنوات رئاسة عون ارتفع معدل الفقر في لبنان، وأعلنت الأمم المتحدة، أن 74 في المائة من سكان لبنان يعانون الفقر في 2021، بعدما سجل 55 في المائة من السكان في عام 2020، و28 في المائة في 2019.
وأفادت «الإسكوا» في تقرير بأن نسبة الفقراء في لبنان ارتفعت من 55 في المائة في عام 2020 إلى 74 في المائة من إجمالي عدد السكان هذا العام.
واعتبرت المنظمة (التابعة للأمم المتحدة)، في دراستها الحديثة، أن نسبة السكان الذين يعانون الفقر المتعدد الأبعاد قد تضاعفت بشكل دراماتيكي ومقلق.
ومن ناحية ثانية، أشارت «إدارة الإحصاء المركزي» و«منظمة العمل الدولية» إلى «ارتفاع في معدل البطالة في لبنان من 11.4 في المائة في الفترة الممتدة بين عامي 2018 و2019 إلى 29.6 في المائة في يناير (كانون الثاني) 2022»، ما يعني أن ثلث القوى العاملة الناشطة بات عاطلاً عن العمل.
أيضاً، أظهرت دراسة بحثية أجرتها شركة «الدولية للمعلومات» اللبنانية (خاصة)، بشأن أعداد المهاجرين والمسافرين من البلاد في لبنان، ارتفاعاً كبيراً في عدد المهاجرين والمسافرين خلال عام 2021 بنسبة 346 في المائة، على وقع الأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها البلاد.
وذكرت الدراسة أن «عدد المهاجرين والمسافرين اللبنانيين في عام 2021 بلغ 79 ألفاً و134 شخصاً، مقارنة بـ17 ألفاً و721 شخصاً في عام 2020، أي بنسبة ارتفاع تبلغ 346 في المائة».
وأوضحت أن «عام 2021 سجل العدد الأكبر من المهاجرين والمسافرين خارج البلاد مقارنة بالأعوام الأربعة الماضية».
- معركة عسكرية حدودية... وقانون انتخاب جديد
أمنياً وعسكرياً، استهل عون ولايته الرئاسية بإطلاق معركة عسكرية واسعة في أغسطس 2017 ضد «المجموعات المتطرفة» التي كانت تسيطر على الحدود الشرقية مع سوريا، في خضم الحرب في سوريا.
وأعلن لبنان «تحرير مناطق لبنانية حدودية» من سيطرة منظمات منها «داعش» و«جبهة النصرة»، عبر معركة أطلق عليها اسم «فجر الجرود». واستكمل الأمر بسلسلة تدابير أمنية منعت التنظيمات المتطرفة من تنفيذ أعمال في الداخل اللبناني.
وسياسياً وتشريعياً، كان البرلمان اللبناني قد أقر في يونيو (حزيران) 2017، قانون انتخاب جديداً يعتمد على نظام التمثيل النسبي للمرة الأولى في تاريخ لبنان.
وبموجبه، قسّمت البلاد إلى 15 دائرة كبرى، وربط فوز المرشح بفوز لائحته الانتخابية، حيث لم يعد ممكناً الترشح بشكل فردي.
وأُجريت الانتخابات في عهد عون مرتين، في عامي 2018 و2022، وحاز القانون رضا القوى المسيحية الأساسية التي اعتبرت أنه أسهم في إعادة التوازن وأثبت صحة التمثيل.
- ترسيم الحدود البحرية... واستخراج الطاقة
بعد ذلك، في ديسمبر (كانون الأول) 2017، وافق لبنان على عرض لاستكشاف وإنتاج النفط والغاز في بحره، مقدّم من اتحاد شركات يضم «توتال» الفرنسية و«إيني» الإيطالية و«نوفاتيك» الروسية (انسحبت لاحقاً)، وذلك في أول جولة من تراخيص التنقيب في مياه البلاد.
إلا أن التنقيب عن الطاقة اصطدم بعقبة، كون الحدود البحرية مع إسرائيل غير مرسّمة. ولذا، خاض لبنان جولات من التفاوض، انتهت في أكتوبر 2022، عندما أعلن عون موافقته على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، بعد مباحثات مع الوسيط الأميركي.
وجرى الإعلان عن أن لبنان استعاد من خلال تلك المباحثات مساحة 860 كيلومتراً مربعاً من حدوده البحرية «ولم يتنازل لبنان عن أي كيلومتر واحد لإسرائيل، كما استحصل على كامل حقل قانا».
وفي المقابل، بينما اقترب لبنان من إنجاز ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، لا يزال الترسيم المشابه مع سوريا عالقاً بانتظار التواصل مع السلطات السورية قريباً، بعد اتصال بين رئيسي البلدين اتفقا خلاله على انطلاق المفاوضات.
- 3 اتفاقات غير منجزة
ويبقى أنه خلال سنواته الثلاث الأخيرة، عمل العهد العوني على عقد ثلاثة اتفاقات لم تُنجز بالكامل: أولها مفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي تعثرت في الأشهر الأخيرة، وثانيها الاتفاق مع شركة تدقيق مالي للتدقيق في حسابات مصرف لبنان المركزي وإدارات حكومية أخرى. أما الاتفاق الثالث، فهو اتفاق إقليمي بين وزراء الطاقة والنفط في لبنان والأردن ومصر وسوريا، على «خريطة طريق» لإمداد لبنان بالكهرباء والغاز لحلّ أزمة الطاقة، إلا أن البلاد لا تزال لليوم تعاني انقطاعاً كبيراً بالكهرباء، هو الأسوأ منذ 30 عاماً، حيث تصل التغذية الكهربائية إلى ساعة بالحد الأقصى يومياً في بعض المناطق.

انفجار مرفأ بيروت (أ.ف.ب)

- انتكاسة السنوات الست
> تمثل تجربة السنوات الست الأخيرة، انتكاسة للرئيس ميشال عون، الذي وصل إلى قصر بعبدا بآمال مرتفعة بتحقيق تغيير اقتصادي واجتماعي وسياسي منشود.
وواظب على تأكيد مساعيه لمحاربة الفساد، وتحويل لبنان إلى مساحة للحوار العالمي، عبر أكاديمية الحوار والتلاقي التي أعلنها قبل سنوات.
مع ذلك، يعتزم «الجنرال»، الذي يناهز عمره الثامنة والثمانين، مواصلة معاركه السياسية، بعد مغادرته القصر الرئاسي بمواكبة متوقعة من أنصاره في نهاية الأسبوع.
منذ بدء عون ولايته في 2016 إثر تسوية سياسية، قدّم نفسه على أنه «أب الكل»، وعرّاب «استعادة حقوق» الطائفة المسيحية «المسلوبة»، وأطلق مناصروه على ولايته تسمية «العهد القوي».
كذلك، تعهّد عون، الذي قدّم نفسه على أنه «الرئيس المنقذ»، بتحقيق نهضة اقتصادية واستقرار اجتماعي واستئصال الفساد. لكنها كلها كانت وعوداً لم تتحقّق، واتسّم النصف الثاني من عهده بشلل سياسي وانهيار اقتصادي متسارع وتظاهرات غير مسبوقة في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 استمرت أشهراً، وعكست نقمة على أداء الطبقة السياسية.
وكان صهره، النائب جبران باسيل، أبرز المستهدفين فيها.
ثم شكّل انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 الضربة القاصمة، بعدما حمّل اللبنانيون الطبقة السياسية - ضمنها عون - مسؤولية الانفجار. إذ تبيّن أن المسؤولين كانوا على دراية بوجود كميات ضخمة من «نيترات الأمونيوم» مخزنة منذ سنوات في المرفأ من دون تدابير وقائية، ولم يفعلوا شيئاً.
وقال النائب آلان عون، قريب الرئيس السابق، «لوكالة الصحافة الفرنسية»: «شكّلت الرئاسة خيبة أمل، حتى بالنسبة إليه».
ويضيف: «تعرّض لقنبلة نووية، مالية واقتصادية، ثم انفجار مرفأ بيروت. حتى لو لم يكن مسؤولاً مباشرة، لكنّه وجد نفسه في الخطوط الأمامية».
وتابع، وهو الذي رافقه في منفاه في فرنسا: «إنه زعيم عنيد، لا يستسلم ولا يشعر باليأس أبداً».
وبالفعل، إذا كان عون فقد جزءاً كبيراً من شعبيته، فهو ما زال في عيون محازبيه وأنصاره «قائداً شجاعاً نظيف الكف»، وزعيماً من خارج سرب العائلات السياسية التقليدية والإقطاعية في بلد ذي تركيبة طائفية بامتياز.
ومع أن عون وصل إلى سدة الرئاسة عام 2016، إثر «تسوية» قبل بها خصومه من باب «الواقعية السياسية» - كما قالوا -، فإنه أصرّ طيلة فترة ولايته على أنه «مُنع» من تحقيق الإصلاحات التي كان يطمح لها.
إلا أن معارضيه يعتبرون أنه سلك طريق العائلات التقليدية، عبر إعطاء أدوار سياسية لأفراد من عائلته، وعلى رأسهم صهره باسيل الذي يعتبره بمثابة وريثه السياسي.
كما يحمل خصومه عليه «طموحه الجامح»، معتبرين أنه كان على استعداد «لأن يفعل أي شيء للوصول إلى الرئاسة»، وفق ما يقول أحد المقربين السابقين منه.
وتنقل «أ.ف.ب» عن مصدر قوله إن «أكبر أخطائه أنه لم يرد الرئاسة لتتويج مساره، لكنه أرادها أداة لتأسيس سلالة سياسية».
- عون سلّم القصر للفراغ... كما تسلمه
> سلم الرئيس السابق ميشال عون القصر الرئاسي لـ«الفراغ» كما تسلمه قبل ست سنوات. وهذا «سيناريو» عاشه اللبنانيون في السابق، لكنهم اعتادوه منذ نهاية عهد الرئيس إميل لحود عام 2007، حين لم يسلم الرئيس الراحل رئيساً قادماً منذ ذلك التاريخ، في نهاية وبداية غير طبيعيتين في الأنظمة الديمقراطية.
ومنذ استقلال لبنان عام 1943 وقع في الفراغ 5 مرات، وكانت الحكومات تتسلم صلاحيات الرئيس خلال فترات غيابه.
منذ نهاية عهد الرئيس إميل لحود لم يسلم رئيس للرئيس الذي يخلفه. وامتد الفراغ الرابع من 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2007 إلى 25 مايو 2008، وذلك بعد انتهاء ولاية لحود وتعذّر انتخاب خلف له، فتولّت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة صلاحيات رئيس الجمهورية حتى انتخاب الرئيس ميشال سليمان. ومع نهاية عهد الرئيس سليمان، أتى الفراغ الخامس الذي كان الأطول عمراً، إذ امتد 889 يوماً (سنتين وخمسة أشهر وتسعة أيام)، بين 24 مايو 2014 و31 أكتوبر2016، عقد البرلمان خلالها 45 جلسة لم يكتمل نصاب معظمها حتى تم التوافق على عون رئيساً.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

إسرائيل تناور في القرى الحدودية اللبنانية... و«حزب الله»: المعركة في بدايتها

جنود في الجيش اللبناني في بلدة كفركلا عند الحدود الجنوبية (أ.ب)
جنود في الجيش اللبناني في بلدة كفركلا عند الحدود الجنوبية (أ.ب)
TT

إسرائيل تناور في القرى الحدودية اللبنانية... و«حزب الله»: المعركة في بدايتها

جنود في الجيش اللبناني في بلدة كفركلا عند الحدود الجنوبية (أ.ب)
جنود في الجيش اللبناني في بلدة كفركلا عند الحدود الجنوبية (أ.ب)

قُتل عسكريان اثنان في الجيش اللبناني في قصف إسرائيلي على مركز للجيش في جنوب لبنان، في وقت أعلن فيه الجيش الإسرائيلي «الاستمرار بالعمل ضد العدو حتى ضمان عودة سكان الشمال»، فيما قال «حزب الله» إن «المعركة مع العدو في بداياتها».

وأعلن الجيش اللبناني، الجمعة، مقتل اثنين من جنوده في استهداف إسرائيلي لأحد مراكزه في جنوب لبنان، بعد أسبوع من مقتل جنديين آخرين بنيران إسرائيلية. وقال الجيش في بيان: «استهدف العدو الإسرائيلي مركزاً للجيش في بلدة كفرا» في جنوب لبنان، «ما أدى إلى سقوط شهيدين و3 جرحى».

وقال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن رئيس الأركان ورئيس جهاز الأمن الداخلي أجريا تقييماً أمنياً داخل جنوب لبنان، أمس الخميس.

وأكد رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي في مقطع فيديو خلال التجمع، نشره الجيش: «نواصل العمل ضد العدو، ولن نتوقف حتى نضمن إمكانية إعادة السكان (الذين تم إجلاؤهم من الشمال) بأمان، ليس الآن فحسب، بل بنظرة مستقبلية». وأضاف: «إذا فكر أي شخص في إعادة بناء هذه القرى مرة أخرى، فسوف يعرف أنه لا جدوى من بناء بنية تحتية للإرهاب؛ لأن الجيش الإسرائيلي سوف يعمل على شل قدراتها مرة أخرى».

وفي حين سجّل هدوء حذر في ضاحية بيروت الجنوبية، استمر القتال في المناطق الحدودية اللبنانية التي توغلت في أكثر من محور حدودي، وهو ما تجلى في بيانات لـ«حزب الله» الذي أعلن عن استهدافات لتجمعات لجنود إسرائيليين، وقال في بيانات متتالية إنه استهدف «تجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي في تل شعر مقابل بلدة رميش وتجمعاً آخر في رأس الناقورة بصلية صاروخية، وتجمعات في مستعمرات شوميرا ويعرا وكفرسولد وفي منطقة زوفولون شمال مدينة حيفا في ثكنة يفتاح ومحيطها بصليات صاروخية».

كما نفذ «حزب الله» هجوماً جوياً بسرب من المسيرات الانقضاضية على قاعدة قيادة الدفاع الجوي في كريات إيلعيزر في حيفا، واستهدف تجهيزات فنية موضوعة على رافعة في موقع العباد بصاروخ موجه، كما أعلن أنه استهدف «تجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي عند أطراف بلدة بليدا الشرقية الجنوبية»، وتجمعاً لقوات العدو الإسرائيلي في مستعمرة كفريوفال بصلية صاروخية. كذلك أعلن أنه استهدف «تجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي غرب كريات شمونة بصلية صاروخية».

وفي إسرائيل، أفادت وسائل إعلام بإصابة مباشرة لمبنى في المنطقة الصناعية في كريات بياليك في خليج حيفا نتيجة صواريخ من لبنان، فيما سقطت صواريخ أطلقت من لبنان في منطقة الكريوت في خليج حيفا، كما أصيب شخصان بصاروخ مضاد للدروع في بلدة يارؤون في الجليل الأعلى، بالتزامن مع دوي صفارات الإنذار في زرعيت وإغلاق شوارع رئيسية في شمال إسرائيل خشية عملية تسلل إلى عدد من البلدات.

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية عصراً بسقوط صواريخ أطلقت من لبنان في كريات شمونة وفي بلدات حدودية شمال إسرائيل.

وبعد الظهر، انطلقت صفارات الإنذار في عشرات البلدات في شمال غربي إسرائيل بينما تستعد البلاد للاحتفال بعيد الغفران، وأبلغ الجيش الإسرائيلي عن رصد «نحو 80 مقذوفاً» أطلقت من لبنان. وقال الجيش الإسرائيلي إنه تم رصد «نحو 80 مقذوفاً فوق الأراضي الإسرائيلية بعد إطلاقها من لبنان».

«حزب الله»: المعركة مع العدو في بدايتها ومن المبكر الحديث عن الاستثمار السياسي

وأكد مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف في مؤتمر صحافي عقده في الضاحية الجنوبية لبيروت، أن المعركة مع إسرائيل في بدايتها، موجّهاً انتقاده إلى الخارج والداخل، حيث رأى أنه من المبكر الحديث عن الاستثمار السياسي.

وانتقد الحكومة اللبنانية ووزارة الإعلام والقضاء اللبناني لعدم ملاحقتها من «ينشر أسماء ‏قرى معينة ويقول إن فيها مسؤولين من المقاومة أو بيوتاً فيها سلاح وذخائر، ويحرض ‏العدو على قصفها»، ورفض عفيف «الذرائع الواهية بوجود مخازن ‏أسلحة في الضاحية الجنوبية»، قائلاً: «تقصف الضاحية بالصواريخ الموقوتة التي تنفجر بعد انتهاء ‏الغارات من أجل الإيهام بمخازن أسلحة وتضليل الرأي العام، ويمنع عمليات الإنقاذ ‏للمحتجزين تحت الركام، كما يفعل في منطقة المريجة، ويقصف المسعفين وسيارات ‏الإسعاف، ويمنع آليات وزارة الأشغال من سد الحفرة على طريق المصنع بتواطؤ وضغط ‏أميركي».

محمد عفيف مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله»

وفيما لم يتطرق إلى مصير مسؤول التنسيق والارتباط في «حزب الله» وفيق صفا، تحدث عن القصف على منطقة النويري في بيروت قائلاً: «العدوان على ‏بيروت هو استكمال لجرائمه المدانة ‏في سائر أنحاء الوطن، تحت ذرائع واهية ‏وكاذبة اختلقها ليبرر جريمته الجديدة».

وجدد قوله إن «ضرب تل أبيب ليس ‏سوى البداية، وما حصل في الأيام الماضية في حيفا وفي جوارها يؤكد أننا ما زلنا في ‏البداية، وللعدو أقول: لم تر بعد إلا القليل من ضرباتنا».‏

وعن الوضع الميداني لا سيما على الجبهة الجنوبية قال: «المقاومة بخير، وتدير حقل ‏رمايتها وتوقيت صلياتها بما يتناسب مع قراءتها للميدان وظروفه الموضوعية، مخزونها ‏الاستراتيجي بخير. الآلاف من المقاتلين الاستشهاديين الكربلائيين في ذروة الجهوزية ‏وأعلى درجات الاستعداد دفاعاً عن لبنان، وجاهزون للقتال الضروس ثأراً لدم شهيدنا ‏الأقدس».

ووجه رسائل إلى الداخل اللبناني قائلاً: «يدور الكثير من الكلام على شاشات التلفزة والصفحات الأولى وكواليس السياسة عن ‏استعجال النتائج السياسية في الداخل اللبناني»، وأكد «أن المعركة مع العدو لا تزال في بداياتها الأولى، ومن المبكر الحديث عن ‏الاستثمار السياسي، وتذكروا دائماً أن الإسرائيلي لا يعمل عندكم أبداً، بل يعمل لمصالحه وحدها».‏