ديناميكيات جديدة لليسار الأميركي اللاتيني بعد انتصار البرازيل

غابرييل بوريتش (د.ب.أ)  -  غوستافو بيترو (رويترز)  -  آندريس مانويل لوبيز أوبرادور (رويترز)
غابرييل بوريتش (د.ب.أ) - غوستافو بيترو (رويترز) - آندريس مانويل لوبيز أوبرادور (رويترز)
TT

ديناميكيات جديدة لليسار الأميركي اللاتيني بعد انتصار البرازيل

غابرييل بوريتش (د.ب.أ)  -  غوستافو بيترو (رويترز)  -  آندريس مانويل لوبيز أوبرادور (رويترز)
غابرييل بوريتش (د.ب.أ) - غوستافو بيترو (رويترز) - آندريس مانويل لوبيز أوبرادور (رويترز)

بعد الفوز الذي حققه غابرييل بوريتش بانتخابات الرئاسة في تشيلي، وانتصار غوستافو بيترو في كولومبيا، وقبلهما بيدرو كاستييو في البيرو، تشكّل عودة «لولا» لتسلم ولاية ثالثة في رئاسة البرازيل تمدداً تاريخياً غير مسبوق لليسار في أميركا اللاتينية، إذ غدت الدول الست الكبرى (من حيث عدد السكان) وهي بالترتيب: البرازيل والمكسيك وكولومبيا والأرجنتين والبيرو وتشيلي، في قبضة القوى والأحزاب التقدمية... ناهيك بفنزويلا.
وبالفعل، كان زعماء القوى الاقتصادية اللاتينية الأخرى في طليعة مهنئي «لولا» على فوزه يوم الأحد الماضي، بدءاً بالرئيس الكولومبي الذي هتف «عاش لولا»، إلى المكسيكي آندريس مانويل لوبيز أوبرادور الذي قال إن عودة «لولا» تحمل رسالة واضحة في بعدها الجيوسياسي إلى المنطقة، والأرجنتيني ألبرتو فرنانديز الذي دعا الرئيس البرازيلي الجديد إلى زيارة بلاده حتى قبل تنصيبه رسمياً مطلع العام المقبل.
وبالإضافة إلى قراءة الرسالة التي يحملها فوز «لولا» ضمن الصراع الأوسع بين اليمين المتطرف الذي يجسّده بولسونارو، واليسار الذي يحمل «لولا» رايته، يتوقع المراقبون أن يكون لنتائج الانتخابات البرازيلية تأثير حاسم على التوازنات الإقليمية في مرحلة تحاول الحكومات «التقدمية» خلالها تثبيت حضورها في ظروف اقتصادية وسياسية دولية معقدة. ولا شك في أن عودة «لولا» ستعزز موقع ما تسمّى «الكتلة التقدمية» في أميركا اللاتينية، لكنها أيضاً ستعيد تشكيل الزعامات داخل هذه الكتلة.
منذ العام 2018، وبحكم الوزن الديمغرافي والثقل الاقتصادي والعلاقات مع الولايات المتحدة، كانت زعامة المعسكر «التقدمي» في أميركا اللاتينية معقودة للرئيس المكسيكي لوبيز أوبرادور الذي دخل الشوط الأخير من ولايته. وكان أوبرادور قد شدّد خلال استقباله «لولا» في مكسيكو سيتي الربيع الفائت على أوجه التقارب مع الزعيم البرازيلي عندما قال: «يجمعنا الكفاح من أجل المساواة والسعي إلى تحقيق العدل». وعند إعلان فوز «لولا» سارع إلى التغريد قائلاً: «فاز لولا، بورك شعب البرازيل»، بينما كانت الصحافة المكسيكية تتحدث عن أن انتصار «لولا» ليس هزيمة لبولسونارو وما يمثله فحسب، بل هو أيضاً اتجاه واضح للإمساك بدفّة تحالف إقليمي لا سابقة له.
لا يختلف اثنان على أن زعامة هذا المعسكر «التقدمي» الجديد في أميركا اللاتينية تعود، لأسباب بدهية كثيرة، إلى البرازيل وإلى «عميد» القادة اليساريين «لولا»، الذي سبق له أن تصدّر القوائم الدولية للزعماء الأوسع نفوذاً. كيف لا وهو الذي لعب دوراً أساسياً في قيام تحالف «بريكس» الذي يضمّ البرازيل وروسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا، وعلى عهده فازت البرازيل بتنظيم كأس العام لكرة القدم والألعاب الأولمبية الصيفية. ويضاف إلى ذلك أنها دولة بحجم قارة، يزيد تعداد سكانها على 200 مليون نسمة، ومن المتوقع أن ينمو اقتصادها بنسبة 2.8% هذه السنة رغم الظروف الدولية المعاكسة... بل إن اقتصاد ولاية ساو باولو البرازيلية وحدها -التي يقارب عدد سكانها خمسين مليوناً- يأتي في المرتبة الثالثة إقليمياً قبل الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي.
غير أن التوافق على زعامة البرازيل لهذه الكتلة اليسارية الإقليمية لا يلغي التباينات الكثيرة في مصالح الدول التي تشكلها، من طبيعة العلاقات مع الولايات المتحدة ومقتضياتها... إلى السياسات البيئية والتعاطي مع الأزمات المحلية، وبخاصة الأزمة الفنزويلية، ووصولاً إلى العلاقات التجارية البينية التي غالباً ما أدت في السابق إلى عرقلة مساعي التكامل الاقتصادي في المنطقة.


مقالات ذات صلة

رونالدينيو يُطلق دورياً عالمياً لكرة قدم الشارع

الرياضة رونالدينيو يُطلق دورياً عالمياً لكرة قدم الشارع

رونالدينيو يُطلق دورياً عالمياً لكرة قدم الشارع

يُطلق نجم كرة القدم البرازيلي رونالدينيو دوريا مخصصا لكرة قدم الشارع في جميع أنحاء العالم، وذلك لمنح اللاعبين الشباب الموهوبين فرصة لإظهار مهاراتهم واتباع نفس المسار نحو النجومية مثل لاعب برشلونة السابق، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس». قال المنظمون اليوم (السبت) إن دوري رونالدينيو العالمي لكرة قدم الشارع سيبدأ في «أواخر عام 2023»، وسيتضمن في البداية عملية اختبار على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمكن للاعبي كرة القدم في الشوارع من جميع الأعمار تحميل أفضل مهاراتهم وحيلهم في محاولة للانضمام إلى أحد فرق المسابقة. ستقام المباريات وجهاً لوجه في المدن الكبرى في جميع أنحاء العالم، وستتنافس الفرق في الدور

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي: تحديد الطرف المحقّ في النزاع بين روسيا وأوكرانيا لا يفيد

الرئيس البرازيلي: تحديد الطرف المحقّ في النزاع بين روسيا وأوكرانيا لا يفيد

أكد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، اليوم الأربعاء في مدريد أن «تحديد الطرف الم»" في النزاع بين روسيا وأوكرانيا «لا يفيد في شي»، مؤكدا أن مفاوضات السلام لها الاولوية. وقال الرئيس البرازيلي الذي يزور اسبانيا في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز «لا يفيد أبدا تحديد الطرف المحق والطرف الخاطئ (...). ما يجب القيام به هو إنهاء هذه الحرب»، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أميركا اللاتينية لولا في أوروبا سعياً لاستثمارات وللتهدئة مع الغرب

لولا في أوروبا سعياً لاستثمارات وللتهدئة مع الغرب

يعود لويس إينياسيو لولا إلى أوروبا، لكن رئيساً للبرازيل هذه المرة، بعد أن أثارت مواقفه وتصريحاته بشأن الحرب في أوكرانيا موجة من الاستغراب والاستياء في العديد من البلدان الغربية لاعتبارها منحازة إلى موسكو وبعيدة حتى عن موقف الأمم المتحدة. وكان لولا قد وصل مساء الجمعة إلى العاصمة البرتغالية، لشبونة، التي هي عادة البوابة التي يدخل منها البرازيليون إلى القارة الأوروبية، ومن المتوقع أن ينتقل غداً إلى مدريد التي تستعد منذ فترة لتحضير القمة المنتظرة بين الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية، في مستهل رئاسة إسبانيا الدورية للاتحاد خلال النصف الثاني من هذه السنة. وسيحاول الرئيس البرازيلي في محادثاته مع رئ

شوقي الريّس (مدريد)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي يسعى لإيجاد «حل تفاوضي» بين أوكرانيا وروسيا

الرئيس البرازيلي يسعى لإيجاد «حل تفاوضي» بين أوكرانيا وروسيا

أعلن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، اليوم (السبت)، رفضه «المشاركة» في النزاع بشأن أوكرانيا، ورغبته في المساهمة بإيجاد «حل تفاوضي» بين كييف وموسكو، بعدما انتقد الغربيون تصريحاته الأخيرة بشأن الحرب في أوكرانيا. وصرح لولا للصحافة عقب لقاء في لشبونة مع نظيره البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا، أنه «في الوقت الذي تدين فيه حكومتي انتهاك وحدة أراضي أوكرانيا، ندافع أيضاً عن الحل التفاوضي للنزاع».

«الشرق الأوسط» (لشبونة)
أميركا اللاتينية بولسونارو يواجه «إقصاءً طويلاً» من الحياة السياسية

بولسونارو يواجه «إقصاءً طويلاً» من الحياة السياسية

بدأ الطوق القضائي يضيق حول الرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو، تمهيداً لإقصائه فترة طويلة عن العمل السياسي، بعد أن وجهت النيابة العامة الانتخابية طلباً إلى المحكمة العليا، الأسبوع الماضي، لمنعه من ممارسة أي نشاط سياسي لمدة لا تقل عن ثماني سنوات بتهمة إساءة استخدام السلطة. وكان بولسونارو قد انتقد النظام الانتخابي الإلكتروني، وشكّك في نزاهته خلال اجتماع مع السفراء الأجانب العام الماضي عندما كان لا يزال رئيساً. وتعود تلك التصريحات لبولسونارو إلى مطلع الصيف الماضي، عندما كانت البرازيل في بداية حملة الانتخابات الرئاسية.

شوقي الريّس (مدريد)

ريو دي جانيرو تحت تدابير أمنية مشددة بمناسبة «قمة العشرين»

جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)
جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)
TT

ريو دي جانيرو تحت تدابير أمنية مشددة بمناسبة «قمة العشرين»

جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)
جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)

بمناسبة انعقاد قمّة «مجموعة العشرين»، تحوّلت ريو دي جانيرو القلب النابض بالسياحة وعذوبة الحياة في البرازيل إلى حصن خاضع لحماية مشدّدة في ظلّ انتشار الشرطيين والعسكريين بكثرة وكاميرات المراقبة بالآلاف.

وتستقبل «المدينة الرائعة» قادة العالم الذين يجتمعون الاثنين والثلاثاء في مقرّ متحف الفنون الحديثة في قلب واحة خضراء تطلّ على جبل باو دي أسوكار الشهير. لكن ريو المعروفة بشواطئها ومناظرها الطبيعية الخلّابة بين المحيط والجبل، لم تسلم من شرّ أعمال العنف. وخلال النصف الأوّل من العام، شهدت ثاني المدن البرازيلية الأكثر تعداداً للسكان 1790 جريمة قتل على الأقلّ، أي ما يعادل جريمة واحدة كلّ ساعتين ونصف الساعة، بحسب معطيات مجموعة «مونيتور دا فيولنسيا».

ويعدّ تنظيم حدث من هذا القبيل في قلب ريو «تحدّيا بالفعل»، حسبما أقرّ رئيس اللجنة البلدية المنظمة لقمّة العشرين لوكاس باديليا.

واستند الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى مرسوم حول ضمان إنفاذ القانون والنظام الذي يسمح بحشد الجيش في ظروف أمنية استثنائية. ونشر نحو 25 ألف جندي وشرطي في أنحاء المدينة كافة، بما في ذلك في الموانئ والمطارات. وتمركزت مركبات عسكرية مدرّعة في محيط متحف الفنون الحديثة على مقربة من وسط المدينة. ويقع المتحف بالقرب من مطار سانتوس دومونت المستخدم عادة للرحلات الداخلية الذي أغلق خلال القمّة الممتدّة على يومين.

ونُشر أكثر من 5 آلاف كاميرا لمراقبة الشوارع، فضلاً عن مسيرّات ومروحيات. وتبرز هذه الآلية الأمنية بشدّة بالقرب من الفنادق، حيث تقيم الوفود المقدّر عددها بنحو خمسين، التي تنطلق منها المواكب الرسمية. ويتألّف موكب الوفد الصيني الذي نزل في فندق عند سفح تلّة مطلّة على المحيط من 25 مركبة على الأقلّ. وتتولّى سفن تابعة للقوّات البحرية مراقبة الشاطئين الأكثر شهرة في ريو؛ كوباكابانا وإيبانيما، اللذين قُيّد النفاذ إليهما.

وبغية تيسير حركة السير في المدينة التي تضمّ 6 ملايين نسمة، أعلنت البلدية يومي انعقاد القمّة، الاثنين والثلاثاء، عطلة رسمية.

وبات للسكان ستة أيام عطلة على التوالي، إذ إن الجمعة 15 والأربعاء 20 نوفمبر (تشرين الثاني) هما أصلاً من العطل الرسمية. وأغلقت المؤسسات الإدارية والمصارف والمدارس أبوابها، في حين تبقى الحانات والمطاعم مفتوحة بمناسبة الحدث. وحذّر رئيس البلدية إدواردو باييس من أن «ريو لن تشهد فترة طبيعية»، داعياً السكان إلى «التعاون».