الولايات المتحدة تقود حرباً سرية بالوكالة في الصومال

تقرير تحدث عن تدخلاتها في أكثر من 12 دولة

قوات أميركية خاصة تدرّب قوات نيجرية على التعامل مع المتهمين الذين يقاومون الاعتقال (أرشيفية- رويترز)
قوات أميركية خاصة تدرّب قوات نيجرية على التعامل مع المتهمين الذين يقاومون الاعتقال (أرشيفية- رويترز)
TT

الولايات المتحدة تقود حرباً سرية بالوكالة في الصومال

قوات أميركية خاصة تدرّب قوات نيجرية على التعامل مع المتهمين الذين يقاومون الاعتقال (أرشيفية- رويترز)
قوات أميركية خاصة تدرّب قوات نيجرية على التعامل مع المتهمين الذين يقاومون الاعتقال (أرشيفية- رويترز)

قال تقرير أميركي، إن الولايات المتحدة تخوض منذ سنوات حرباً سرية بالوكالة في الصومال، عبر فرق عسكرية مستقلة بشكل كبير، عن الحكومة الصومالية.
وانتقد التقرير، الصادر الخميس، عن مركز برينان للعدالة في كلية القانون بجامعة نيويورك، ما أسماه بـ«حروب سرية» أميركية، تشمل انخراطاً عسكرياً في الصومال وعدد من الدول الأخرى دون التنسيق الملائم مع حكومات تلك الدول، و«غالباً ما تكون تلك الحروب «غير معروفة تماماً للشعب الأميركي وبالحد الأدنى من إشراف الكونغرس».
ورصد التقرير فرقتين عسكريتين تم إنشاؤهما في الصومال عام 2002 هما لواء داناب وقوة أمن بونتلاند، بهدف مجابهة النشاط الإرهابي في الصومال وبونتلاند، انتقلت السيطرة العسكرية عليهم بالكامل إلى المخابرات المركزية الأميركية عام 2012 واستمروا في القتال إلى جانب قوات العمليات الخاصة الأميركية لمدة عشر سنوات بشكل سري.
وقال التقرير إن تلك الفرق العسكرية «مستقلة إلى حد كبير عن الحكومة الصومالية، رغم كونها لواء النخبة المسلحة وواحدة من وحدات العمليات الخاصة الأكثر قدرة في الصومال».
وأضاف أن علاقتهم مع القوات الأميركية «ظلت طي الكتمان لفترة طويلة، حيث تنصل المسؤولون الأميركيون من وجود مستشارين عسكريين في الصومال حتى عام 2014». وقال التقرير من خلال مزيج من القتال البري، والضربات الجوية، والعمليات التي تقوم بها بالوكالة «انخرطت أميركا في العديد من الحروب والصراعات في أكثر من 12 دولة من بينها الصومال والكاميرون وكينيا ومالي والنيجر وتشاد واليمن، علاوة على دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لم يتم تحديدها علناً بعد».
وكثف الشباب نشاطهم خلال الأشهر الأخيرة في الصومال، البلد الفقير والمضطرب في القرن الأفريقي. والأحد الماضي قتل ما لا يقل عن مائة شخص في انفجار سيارتين مفخختين في العاصمة مقديشو استهدفتا وزارة التربية. وتبنت حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة الهجوم المزدوج.
في الوقت نفسه، تعيش الصومال خطر مجاعة وشيكة تسبب بها أخطر جفاف تشهده البلاد منذ أكثر من أربعين عاماً. ويُعاني تداعيات الجفاف 7.8 مليون شخص يشكلون نحو نصف سكان البلاد، بينهم 213 ألفاً مهددون بمجاعة خطرة، وفق الأمم المتحدة.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، اتفق محمد حاج إنجيريس، أستاذ زائر في مركز القيادة الأفريقية، بجامعة كينجز كوليدج لندن، مع ما ذهب إليه نتائج التقرير الأميركي، لا سيما ذكره للصومال في سياق مناطق تستخدمها الولايات المتحدة في حروبها السرية حول أفريقيا والشرق الأوسط».
وأضاف: «للولايات المتحدة قواعد سرية في الصومال، أحدها مطار بلي دوغلي، الذي بناه السوفيات من أجل الصومال في السبعينات، واليوم تستخدمه الولايات المتحدة فقط في حروبها السرية».
وفي عام 2015 أوردت صحافية أميركية معلومات تفيد بوجود قاعدة أميركية سرية قرب مدينة كسمايو جنوب الصومال، والتي تنطلق منها طائرات بدون طيار لاستهداف مواقع لحركة الشباب في الصومال. وأشارت التقارير إلى وجود قاعدة عسكرية أخرى تقع في مطار بلي دوغلي.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قالت صحيفة نيويورك تايمز، إن واشنطن تخوض «حرب ظل» وصفتها بـ«المتعثرة» في الصومال، والمستمرة منذ 10 سنوات. وقال التقرير في الصومال، كما هو الحال في بلاد أخرى، «لجأت الولايات المتحدة إلى قواعد لعب مختلفة، إذ تجنبت نشر قوات كبيرة، واتجهت لاستخدام الجواسيس وغارات العمليات الخاصة، وضربات الطائرات من دون طيار، وجندت متعاقدين من القطاع الخاص ومقاتلين محليين، للمهام المحفوفة بالمخاطر».
ورأت الصحيفة، أن الاستراتيجية الأميركية في الصومال فشلت ونتيجة لذلك، أصبحت حركة الشباب في أقوى حالاتها منذ سنوات».
في السياق، رأى الباحثون في مركز برينان أن الانخراط العسكري الأميركي غير المعلن في بلدان لم يتم الإبلاغ عنها يتعارض مع الدستور الأميركي وقد يتسبب في تصعيدات عسكرية غير متوقعة للجمهور والكونغرس وحتى للدبلوماسيين المكلفين بإدارة العلاقات الخارجية للولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

العالم العربي الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

أعلن الجيش الصومالي نجاح قواته في «تصفية 60 من عناصر حركة (الشباب) المتطرفة»، في عملية عسكرية مخططة، جرت صباح الثلاثاء، بمنطقة علي قبوبي، على مسافة 30 كيلومتراً جنوب منطقة حررطيري في محافظة مذغ وسط البلاد. وأكد محمد كلمي رئيس المنطقة، وفقاً لوكالة الأنباء الصومالية، أن «الجيش نفذ هذه العملية بعد تلقيه معلومات عن سيارة تحمل عناصر من (ميليشيات الخوارج) (التسمية المتعارف عليها حكومياً لحركة الشباب المرتبطة بالقاعدة) وأسلحة»، مشيراً إلى أنها أسفرت عن «مقتل 60 من العناصر الإرهابية والاستيلاء على الأسلحة التي كانت بحوزتهم وسيارتين عسكريتين». ويشن الجيش الصومالي عمليات عسكرية ضد «الشباب» بدعم من مقات

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي رئيس وزراء الصومال: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش لاستعادة الاستقرار

رئيس وزراء الصومال: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

(حوار سياسي) بين مواجهة «إرهاب» غاشم، وجفاف قاحل، وإسقاط ديون متراكمة، تتمحور مشاغل رئيس وزراء الصومال حمزة بري، الذي قال إن حكومته تسعى إلى إنهاء أزمتي الديون و«الإرهاب» بحلول نهاية العام الحالي، معولاً في ذلك على الدعم العربي والدولي لإنقاذ أبناء وطنه من مخاطر المجاعة والجفاف. «الشرق الأوسط» التقت المسؤول الصومالي الكبير بالقاهرة في طريق عودته من الأراضي المقدسة، بعد أداء مناسك العمرة، للحديث عن تحديات يواجهها الصومال حاضراً، وآمال كبيرة يتطلع إليها مستقبلاً...

خالد محمود (القاهرة)
العالم رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش لاستعادة الاستقرار حمزة بري أكد ضرورة القضاء على أزمة الديون لإنقاذ وطنه من المجاعة والجفاف بين مواجهة «إرهاب» غاشم، وجفاف قاحل، وإسقاط ديون متراكمة، تتمحور مشاغل رئيس وزراء الصومال حمزة بري، الذي قال إن حكومته تسعى إلى إنهاء أزمتي الديون و«الإرهاب» بحلول نهاية العام الحالي، معولاً في ذلك على الدعم العربي والدولي لإنقاذ أبناء وطنه من مخاطر المجاعة والجفاف. «الشرق الأوسط» التقت المسؤول الصومالي الكبير بالقاهرة في طريق عودته من الأراضي المقدسة، بعد أداء مناسك العمرة، للحديث عن تحديات يواجهها الصومال حاضراً، وآمال كبيرة يتطلع إ

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي واشنطن: مجلس النواب يرفض مشروعاً لسحب القوات الأميركية من الصومال

واشنطن: مجلس النواب يرفض مشروعاً لسحب القوات الأميركية من الصومال

رفض مجلس النواب الأميركي مشروع قانون، قدمه أحد النواب اليمينيين المتشددين، يدعو الرئيس جو بايدن إلى سحب جميع القوات الأميركية من الصومال في غضون عام واحد. ورغم هيمنة الجمهوريين على المجلس، فإن المشروع الذي تقدم به النائب مات غايتس، الذي لعب دوراً كبيراً في فرض شروط الكتلة اليمينية المتشددة، قبل الموافقة على انتخاب كيفن مكارثي رئيساً للمجلس، رفضه غالبية 321 نائباً، مقابل موافقة 102 عليه. وعلى الرغم من أن عدد القوات الأميركية التي تنتشر في الصومال، قد تراجع كثيراً، عما كان عليه في فترات سابقة، خصوصاً منذ عام 2014، فإن البنتاغون لا يزال يحتفظ بوجود مهم، في الصومال وفي قواعد قريبة.

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم العربي الصومال يستعد لرحيل «قوات أتميس» الأفريقية

الصومال يستعد لرحيل «قوات أتميس» الأفريقية

عقدت الدول المشاركة في بعثة قوات الاتحاد الأفريقي العاملة في الصومال (أتميس)، اجتماعاً (الثلاثاء)، بالعاصمة الأوغندية كمبالا، لبحث «سبل تعزيز العمليات العسكرية الرامية إلى القضاء على (حركة الشباب) المتطرفة». ويأتي الاجتماع تمهيداً للقمة التي ستعقد في أوغندا خلال الأيام المقبلة بمشاركة رؤساء الدول المنضوية تحت بعثة «أتميس»، وهي (جيبوتي، وأوغندا، وبوروندي، وكينيا، وإثيوبيا)، وفقاً لوكالة الأنباء الصومالية الرسمية. وناقش الاجتماع «سبل مشاركة قوات الاتحاد الأفريقي في العمليات العسكرية الجارية للقضاء على فلول (حركة الشباب)، كما تم الاستماع إلى تقرير من الدول الأعضاء حول ذلك»، مشيدين بـ«سير العمليات

خالد محمود (القاهرة)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.