قال قصر الإليزيه إن الرئيس إيمانويل ماكرون ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اتفقا، بمناسبة اتصال هاتفي بمبادرة من الأول، على التحضير لمؤتمر دولي لدعم صمود المدنيين الأوكرانيين طيلة فترة الشتاء. ووفق ما أوردته مصادر القصر الرئاسي، فإن المؤتمر المذكور سيلتئم في باريس، يوم 13 ديسمبر (كانون الأول) المقبل وسيسبقه بيوم واحد مؤتمر ثنائي فرنسي - أوكراني غرضه تعبئة الشركات الفرنسية لدعم أوكرانيا والاستجابة لحاجاتها الملحة وللاستثمار فيها لاحقاً.
ويأتي هذا المؤتمر، زمنياً، بعد المؤتمر الدولي الذي دعت إليه واستضافته ألمانيا من أجل إعادة إعمار أوكرانيا، مما يدفع إلى الاعتقاد بأن هناك منافسة بين الدول الأوروبية في موضوع الوقوف إلى جانب أوكرانيا ومساعدتها في هذه الحرب التي لا يبدو، حتى اليوم، في غياب أي وساطة ذات صدقية، أنها يمكن أن تتوقف أو أن يُتفق على هدنة. وما يجعل المؤتمر المذكور ضرورة ملحة، استهداف القوات الروسية البنى التحتية؛ أكانت الكهربائية أم توزيع مياه الشفة، التي تركز عليها موسكو في الآونة الأخيرة. وقال ماكرون بمناسبة الاتصال الهاتفي إن باريس «ستساعد أوكرانيا على مواجهة» هذا الوضع وستشارك في التعبئة الدولية. وستعمد باريس إلى القيام باتصالات مع شركاء أوكرانيا الآخرين، تحضيراً للمؤتمر الموعود.
أما على الصعيد العسكري، فقد أشار الإليزيه إلى أن ماكرون وزيلينسكي تناولا «آخر التطورات الميدانية» الخاصة بالهجوم المضاد الذي تقوم به القوات الأوكرانية. واغتنم الرئيس الفرنسي الفرصة لإبلاغ نظيره الأوكراني أن باريس «ستعزز في أقرب الآجال دعمها العسكري لأوكرانيا، خصوصاً في مجال الدفاع الجوي»؛ وهو ما كان طلبه زيلينسكي وشدد عليه أكثر من مرة لمواجهة المسيّرات والصواريخ الروسية. ويأتي إعلان الإليزيه عن مزيد من الدعم العسري لأوكرانيا في اليوم الذي صدر فيه نداء من مجموعة من المثقفين والمسؤولين عن مراكز الأبحاث، يدعون من خلاله الرئيس الفرنسي إلى «إحداث تغيير جذري في سياسته الخارجية ولكي تكون فرنسا من بين الداعمين العسكريين الأوائل» لكييف. ويرى موقعو النداء أن سياسة فرنسا التقليدية التي تريد أن تكون «قوة توازن» ومواصلة التحاور مع موسكو، «جعلت فرنسا تفقد المصداقية لدى (الحلف الأطلسي)». ويشير النداء إلى أن الدول الأكثر انخراطاً في دعم أوكرانيا «لم تعد تتقبل الريادة الفرنسية - الألمانية داخل الاتحاد الأوروبي»، وأن باريس «فوتت فرصة تاريخية لتبيان موقعها وأن تكون قوة قادرة على تقديم المقترحات». يعدّ موقعو النداء أن ثمة «تنافساً» قائماً بين الدول الداعمة لأوكرانيا على المستوى الأوروبي؛ التي تبرز من بينها دولتان هما بريطانيا وبولندا، ويرون أن على فرنسا أن تكسب معركتين رئيسيتين: الأولى معركة القيادة في أوروبا والمرتبطة بالدعم العسكري لأوكرانيا، والثانية إعادة النظر في سياستها إزاء روسيا.
وفي ما خص النقطة الأولى، يشدد الموقعون على أن باريس تحل بعد إستونيا في مجال الدعم العسكري لأوكرانيا؛ وهي أقل بـ17 مرة مما قدمته بريطانيا، وبالتالي يتعين على فرنسا التي هي القوة العسكرية الأولى في أوروبا القارية، أن تكون في المقدمة مثلاً عبر الإعلان عن أن المساعدة الفرنسية لن تقف عند الـ100 مليون يورو؛ بل أن تصل إلى 4 مليارات يورو. وحث النداء السلطات الفرنسية على إرسال منظومات دفاع جوي وطوافات ودبابات وطائرات مقاتلة؛ مما من شأنه أن يغير مصير المعارك ميدانياً. وبذلك تكون فرنسا سباقة في تقديم الدبابات والطائرات لأوكرانيا، وهو ما لم تقم به الولايات المتحدة الأميركية التي هي المصدر الرئيسي للأسلحة لكييف. ويرى الموقعون أن خطوة كهذه من شأنها تعديل صورة فرنسا ونفوذها لدى بلدان أوروبا الوسطى والشرقية والشمالية.
أما المعركة الأخرى؛ «تعديل سياسة باريس الخارجية»، فيجب أن يكون عنوانها التخلي عن وهم التحاور مع الرئيس بوتين أو القيام بوساطة في الحرب التي يشنها على أوكرانيا، والوقوف بقوة وحزم إلى جانب أوكرانيا. يعكس هذا النداء جانباً من الجدل القائم ليس فقط في فرنسا؛ بل على المستوى الأوروبي، بخصوص الموقف الواجب الالتزام به إزاء الحرب التي انطلقت في نهاية فبراير (شباط) الماضي وتبعاتها الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية. وواضح أن الموقعين على النداء هم «أطلسيون» من الدرجة الأولى، ويرون في سياسة ماكرون إزاء روسيا إما نوعاً من الميوعة؛ وإما رغبة في الاحتفاظ بموقع المحاور الأول للرئيس بوتين، وفي الحالتين هي سياسة خاطئة.
باريس تستضيف في ديسمبر مؤتمراً لدعم أوكرانيا
ماكرون: سنزود كييف بأنظمة دفاع جوي في أقرب الآجال
باريس تستضيف في ديسمبر مؤتمراً لدعم أوكرانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة