الأعمال الفنية أكثر ديمقراطية في «معرض الفن العربي»

150 عملاً لـ50 فناناً بأسعار تناسب الجميع

معرض الفن العربي في دورته الأولى
معرض الفن العربي في دورته الأولى
TT

الأعمال الفنية أكثر ديمقراطية في «معرض الفن العربي»

معرض الفن العربي في دورته الأولى
معرض الفن العربي في دورته الأولى

للمرة الأولى منذ إغلاقات جائحة «كورونا»، ستشهد بيروت معرضاً يجمع هذا العدد من الفنانين العرب في مكان واحد. «معرض الفن العربي» في نسخته الثانية، الذي يفتتح في الثالث من الشهر الحالي، ويستمر حتى السادس منه، يجمع تحت مظلته نحو 150 عملاً فنياً عربياً، بين رسم ونحت وتصوير وخط (كاليغرافيا). فليس ثمة حواجز بين الفنون التشكيلية، وهي جميعها حاضرة في هذه المناسبة، لتكون في متناول محبي الفن الراغبين في الاقتناء بأسعار مقبولة، ونادراً ما تتاح لهم الفرصة بسبب المبالغة في الأسعار.
قليلاً، ما يحدد المنظمون للمعارض أهدافاً بهذا الوضوح. «هذا الجمع من الأعمال اختير من قبل لجنة خاصة، ليتوفر لها المستوى اللائق، ولتصبح هي وأصحابها في علاقة مباشرة مع جمهور الزوار. فنحن لا نتقاضى أي عمولة وإنما مجرد وسيط أو منصة، تصل الفنان بمن يريد الحصول على أعماله. مع حرصنا الشديد على أن تكون هذه الأعمال لكل الناس، وليس فقط لفئة معينة قادرة على دفع أثمان باهظة»، يخبرنا فرحات فرحات مدير المعرض.
من حق كل فرد محب للإبداع أن يشتري عملاً فنياً، أياً كانت إمكاناته المادية، بدل أن يلجأ للنسخ المصورة أو المزورة، وهذا ممكن. وبما أن الأزمة الاقتصادية وصلت للفنانين كما أصحاب المهن الأخرى فقد «لجأ الرسامون إلى تصغير لوحاتهم، بدل الإكثار على الجداريات المكلفة، وهذا يتيح لعدد أكبر من الناس اقتناء أعمال ولو صغيرة، والاحتفاظ بها، ويمكنهم إعادة بيعها، بل قد تباع بأكثر من سعر الشراء. يمكن للراغب أن يشتري لوحة في المعرض بـ200 أو 300 دولار، ويستغني عن المزور، وليس من الضروري أن يكون حجم اللوحة مترين وثلاثة أمتار»، يشرح فرحات.
عام 2019 انعقدت الدورة الأولى لـ«معرض الفن العربي» في بيروت، توالت الأزمات، ولم يتح للمنظمين عقد الدورة الثانية قبل اليوم. الآن حان موعد العودة. «نريد أن نقول للجميع إن الفن هنا، وإن بيروت قادرة على احتضان الجميع، وإن العرض في العاصمة اللبنانية مفيد، وفرصة للجميع».
مسألة التسعير واحدة من المشكلات الكبيرة والمزمنة. ثمة فوضى في السوق العالمية، وفي السوق الفنية العربية بشكل خاص. الأسعار اعتباطية أحياناً، ولا تخضع لمقاييس منطقية، أو معايير واضحة للشراة أو حتى الفنانين. والمعرض المنعقد حالياً يريد أن يكون مفيداً على أكثر من صعيد. إلى جانب مساعدة الفنانين العرب للقاء جمهورهم والتواصل مع بعضهم بعضاً ومع أصحاب الغاليريات والمهتمين بالشأن ثمة ندوات ومحاضرات، ستهتم بمناقشة القضايا الفنية الأكثر حرارة، وتوضيح العديد من المسائل التي لا تزال ضبابية.

من إحدى الندوات في الدورة الأولى للمعرض

هناك ندوة تناقش معايير التسعير يشارك فيها مقتنون لأعمال فنية وخبراء في الفن، وأصحاب صالات عرض، ليقدموا تجاربهم للفنانين والمهتمين في المجال. محاضرة أخرى ستعنى بمناقشة ظاهرة جديدة، هي افتتاح المتاحف الخاصة من قبل رجال أعمال ومتمولين، يستطيعون شراء أعمال فنية يريدونها في متاحفهم أن تخلد ذكراهم. تناقش الجلسة إن كانت هذه الظاهرة صحية ومفيدة. ما منافعها وسلبياتها؟ كذلك ثمة جلسة سيكون محورها الـ«إن إف تي»، وكيف يمكن بيع العمل الفني بالعملة الرقمية، بمشاركة خبراء في المجال.
يأسف فرحات للصورة المشوهة التي يقدمها الإعلام اللبناني عن بلاده. «وصل الأمر إلى أن هناك من يعتقد أننا نقيم معارض في بلد ليس فيه كهرباء وإنترنت، أو أننا نعيش في مجاهل الغابات، وليس لديهم فكرة واضحة عن البلد. نحن نحاول تغيير صورةٍ يتم العمل عليها منذ سنين لتشويه بلدنا، ثمة من يريد أن يقول لنا أنتم لا تساوون شيئاً، ونحن نرد على هذا بالفن والإبداع والعمل». يشارك هذه السنة في المعرض فنانون آتون من دول عربية مختلفة مثل، مصر وسوريا والعراق وفلسطين وقطر والعراق، والمغرب ودول أخرى.
يطلق المنظمون في كل دورة دعوة عامة للفنانين العرب. ويرسل من يريد المشاركة ثلاثة نماذج من أعماله مع سيرة ذاتية، وتعمل لجنة التحكيم، وتتكون من التشكيلي السوري سعد يكن، ونقيب الفنانين التشكيليين اللبنانيين نزار ضاهر، والمصري محمد طلعت وهو مستشار فنّي لعدد من المتاحف، وله غاليري في القاهرة، على اختيار الأعمال تبعاً لجودتها، بصرف النظر عن اسم الفنان. وبذلك يجمع المعرض فنانين شباباً إلى جانب كبار في السن. فالمعيار هو العمل وليس الشخص، اللوحة أو المنحوتة المقدمة، وليس تاريخ صاحبها، أو بريق اسمه.
يشارك في المعرض، في هذه الدورة، التي تقام في «نادي اليخوت» في زيتونة باي، وسط بيروت، نحو 50 فناناً عربياً، بأكثر من 150 عملاً. والميزة حسب فرحات فرحات، عن معارض أخرى، «أننا نستقبل فنانين مستقلين إلى جانب الغاليريات، ولا نعتمد فقط على الفنانين الذين تقدمهم صالات العرض وتدير أعمالهم وتسوقها. وهو ما يتيح للزائر أن يشتري بسهولة أكبر، وللفنان أن يكون على تواصل مع محبي فنه بشكل مباشر. كما يتيح هذا المعرض للفنان المستقل أن يعرض في إطار ذي مستوى عال، بفضل اللجنة التي تغربل لتقدم للزائر الأفضل».
ما يفتح أبواب الأمل، أن المعرض بصيغته التي تحاول دمقرطة الأعمال الفنية، ووضعها في متناول الجميع، تمكن في دورته السابقة من بيع 75 في المائة من الأعمال المعروضة. ومحاولة مشابهة كانت قد قامت بها الفرنسية لور دوتفيل، على مستوى لبناني، وليس على المستوى العربي، في نهاية القرن الماضي، وباعت الكثير من الأعمال لفنانين غير معروفين، على مدى سنوات، من خلال معارض جوالة في لبنان، قبل أن تنتقل لتنظيم «بيروت آرت فير»، بمشاركة الغاليريات اللبنانية والدولية، ويعلق أعماله بعد الجائحة.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

تامر حسني ورامي صبري يخطفان الاهتمام في «فعلاً ما بيتنسيش»

المُلصق الترويجي للأغنية (حساب تامر حسني بفيسبوك)
المُلصق الترويجي للأغنية (حساب تامر حسني بفيسبوك)
TT

تامر حسني ورامي صبري يخطفان الاهتمام في «فعلاً ما بيتنسيش»

المُلصق الترويجي للأغنية (حساب تامر حسني بفيسبوك)
المُلصق الترويجي للأغنية (حساب تامر حسني بفيسبوك)

تصدّرت أغنية «فعلاً ما بيتنسيش» التي جمعت تامر حسني ورامي صبري في «ديو غنائي» للمرة الأولى في مشوارهما، «تريند» موقع «يوتيوب»؛ وخطفت الأغنية الاهتمام مُحقّقة مشاهدات تجاوزت 600 ألف مشاهدة بعد طرحها بساعات. وهي من كلمات عمرو تيام، وألحان شادي حسن. ويدور الكليب الغنائي الذي أخرجه تامر حسني حول علاقات الحب والهجر والندم.

وتعليقاً على فكرة «الديوهات الغنائية» ومدى نجاحها مقارنة بالأغنيات المنفردة، قال الشاعر المصري صلاح عطية إن «فكرة الديو الغنائي بشكلٍ عام جيدة وتلقى تجاوباً من الجمهور حين يكون الموضوع جيداً ومُقدماً بشكل مختلف».

تامر حسني ورامي صبري في لقطة من كليب «فعلاً ما بيتنسيش» (يوتيوب)

ويؤكد عطية أن «الديو» ينتشر أولاً بنجومية مطربيه وجماهريته، ومن ثَمّ جودة العمل. وفي ديو «فعلاً ما بيتنسيش» للنجمين تامر ورامي، قُدّم العمل بشكل يُناسب إمكاناتهما الصّوتية ونجوميتهما، كما أنه خطوة جيدة وستكون حافزاً لغيرهما من النجوم لتقديم أعمالٍ مشابهة.

وشارك تامر حسني فيديوهات كثيرة لتفاعل الجمهور مع ديو «فعلاً ما بيتنسيش»، عبر حسابه الرسمي في موقع «فيسبوك»، وكتب تعليقاً عبر خاصية «ستوري» لأحد متابعيه بعد إشادته بالديو جاء فيه: «منذ 10 أشهرٍ وأنا أعمل وأفكر مع رامي لتقديم عملٍ يليق بالجماهير الغالية السَّمّيعة».

رامي صبري في لقطة من الكليب (يوتيوب)

وبعيداً عن الإصدارات الغنائية، ينتظر تامر حسني عرض أحدث أعماله السينمائية «ري ستارت». وبدأ حسني مشواره الفني مطلع الألفية الجديدة، وقدّم بطولة أفلام سينمائية عدّة، من بينها «سيد العاطفي» و«عمر وسلمى» و«كابتن هيما» و«نور عيني» و«البدلة» و«الفلوس» و«مش أنا» و«بحبك» و«تاج».

«ولأن الديو وغيره من الألوان مثل (الموشّحات والدور والقصيدة)، لم يعد لها في السنوات الأخيرة وجود لافت على الساحة، فإنه عندما يقدّم أحد النجوم عملاً حقيقياً وصادقاً فإنه يلمس الوتر عند الجمهور ويحقّق النجاح، وهذا ما فعله تامر ورامي»، وفق أحمد السماحي، الناقد الفني المصري.

وتابع السماحي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «ديو (فعلاً ما بيتنسيش) عملٌ مناسبٌ للأجواء الشتوية، ويتضمّن كلمات هادفة وموضوعاً مهماً مثل (عدم تقدير الحبيب) والندم على ذلك». كما أشاد السماحي بأداء رامي وتامر في الكليب، خصوصاً أن قصته يعاني منها شباب كثر، وظهورهما معاً أظهر فكرة المعاناة في بعض العلاقات العاطفية.

تامر حسني (حسابه في فيسبوك)

لم يكن ديو رامي وتامر الأول في مسيرة الأخير، فقد شارك خلال مشواره في أعمالٍ غنائية مع عدد من الفنانين، من بينهم شيرين عبد الوهاب وعلاء عبد الخالق وكريم محسن والشاب خالد وأحمد شيبة ومصطفى حجاج وبهاء سلطان وغيرهم.

في حين بدأ رامي صبري مشواره بالتلحين، وقدّم بعد ذلك أغنيات خاصة به، من بينها «حياتي مش تمام»، و«لما بيوحشني»، و«أنتي جنان»، و«بحكي عليكي»، و«غريب الحب». وقبل يومين، شارك صبري في حفلٍ غنائيٍّ على مسرح «أبو بكر سالم»، جمعه بالفنانة اللبنانية نانسي عجرم ضمن فعاليات «موسم الرياض».

من جانبها، نوّهت الدكتورة ياسمين فراج، أستاذة النقد الموسيقيّ في أكاديمية الفنون، بأنه لا يمكننا إطلاق مصطلح «ديو غنائي» على أغنية «فعلاً ما بيتنسيش» التي جمعت رامي وتامر، فهي أغنية تصلح لمطرب واحد، مشيرة إلى أن «الديو له معايير أخرى تبدأ من النّص الشعري الذي يتضمّن السؤال والجواب والحوار».

ولفتت ياسمين فراج، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «مشاركة نجمين من الجيل نفسه في أغنية، تُوحي بالترابط بينهما، ووجودهما على الساحة له مردودٌ إيجابي جاذبٌ للناس نظراً لجماهيريتهما التي رفعت من أسهم الأغنية سريعاً».

تامر حسني ورامي صبري في لقطة من كليب الأغنية (يوتيوب)

ووفق عطية، فإن «فكرة الديوهات قُدّمت منذ زمن طويل وجمعت نجوماً، من بينهم محمد فوزي وليلى مراد في أغنية «شحّات الغرام»، وفريد الأطرش وشادية في أغنية «يا سلام على حبي وحبك»، وحتى في تسعينات القرن الماضي، قدّم الفنان حميد الشاعري كثيراً من الديوهات أشهرها «عيني» مع هشام عباس، و«بتكلم جد» مع سيمون.

وأفاد عطية بأن هناك ديوهات حققت نجاحاً لافتاً من بينها أغنية «مين حبيبي أنا» التي جمعت وائل كفوري ونوال الزغبي، و«غمّض عينيك» لمجد القاسم ومي كساب، حتى في نوعية المهرجانات شارك عمر كمال وحسن شاكوش في أغنية «بنت الجيران».