فرنسا متخوفة من الشغور الرئاسي في لبنان... وتحث على انتخاب رئيس «دون تأخير»

باريس لا تتدخل في لعبة الأسماء

القصر الجمهوري في بعبدا ينتظر رئيسه الجديد (رويترز)
القصر الجمهوري في بعبدا ينتظر رئيسه الجديد (رويترز)
TT

فرنسا متخوفة من الشغور الرئاسي في لبنان... وتحث على انتخاب رئيس «دون تأخير»

القصر الجمهوري في بعبدا ينتظر رئيسه الجديد (رويترز)
القصر الجمهوري في بعبدا ينتظر رئيسه الجديد (رويترز)

بينما دخل لبنان مرحلة الشغور الرئاسي مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون ليل الاثنين - الثلاثاء، وفي ما يبدو أن هذه الحالة مرشحة لأن تدوم أسابيع وربما شهوراً، دخلت باريس، مرة أخرى، على خط الأزمة بدعوة النواب اللبنانيين للقيام بواجباتهم الدستورية، والمبادرة إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وبعد أن كانت الدبلوماسية الفرنسية تحث اللبنانيين، دون طائل، لاستباق الفراغ وانتخاب الرئيس العتيد في مرحلة الشهرين قبل انتهاء ولاية الرئيس، وفق ما ينص عليه الدستور، فإنها ترى اليوم أن نداءاتها لم تلق استجابة.
ولم تفلح الزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية كاترين كولونا، إلى بيروت منتصف الشهر الماضي، في زحزحة المواقف المتباعدة.
وبينت جلسات الانتخاب الأربع الفاشلة، التي عقدها البرلمان، أنها كانت محض شكلية، وكان يعرف سلفاً أنها لن تفضي إلى شيء على الرغم من توافر النصاب في بداياتها ثم انفراطه؛ بسبب انسحاب نواب حزب الله ونواب التيار الوطني الحر.
ويبدو واضحاً حتى تاريخه، أن عدداً من الأحزاب والكتل لم يبلور بعد مواقف نهائية، والدليل على ذلك عدم الإعلان عن أسماء جدية يخوض بها المنافسة الانتخابية.
ولأن الفراغ المؤسساتي، مع شغور منصب رئاسة الجمهورية، والجدل المحيط بأهلية حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المستقيلة لتسلم صلاحيات الرئاسة، تثير المخاوف في العاصمة الفرنسية من أن لبنان قادم على مزيد من الاهتزازات، فقد سارعت وزارة الخارجية إلى إصدار بيان ليل الاثنين ــ الثلاثاء، قالت فيه إنها تدعو «جميع الأطراف الفاعلة اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها، والارتقاء إلى مستوى المرحلة، من أجل لبنان والشعب اللبناني، وتدعو النواب اللبنانيين إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية دون تأخير».
وجاء في البيان أن لبنان «يمر بأزمة اقتصادية ومالية واجتماعية خطيرة وغير مسبوقة، وهذا يتطلب حسن سير عمل مؤسساته كافة (الرئاسة والحكومة والبرلمان) لاتخاذ الإجراءات اللازمة للنهوض بالبلاد وتحسين أوضاع اللبنانيين بشكل عاجل».
ويستعيد البيان الكلمات التي استخدمتها كولونا عند وجودها في بيروت لجهة حث المسؤولين اللبنانيين لأن يكونوا «بمستوى المسؤوليات السياسية والدستورية»، معتبرة أن لبنان «لم يعد يحتمل مزيداً من فراغ السلطة».
وحتى اليوم، تريد باريس أن تبقى بعيدة عن لعبة الأسماء والتدخل المباشر في موضوع الانتخابات الرئاسية، على الرغم من تعلقها بلبنان وسعيها الدائم لمد يد المساعدة له، خصوصاً منذ كارثة انفجار المرفأ والدور الذي قام به الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي زار لبنان مرتين خلال ثلاثين يوماً.
كذلك لعبت الدبلوماسية الفرنسية دوراً فاعلاً من وراء الستارة للدفع باتجاه توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، علماً أن شركة «توتال إنيرجي» الفرنسية هي التي سهلت التوصل إلى الاتفاق باعتبارها ستتولى التنقيب واستخراج الغاز (في حال وجوده) في حقل قانا (بالتشارك مع إيني الإيطالية وربما قطر النفطية)، وإيصال الحصة العائدة لإسرائيل والبالغة 17 في المائة؛ لأن جزءاً من الحقل المذكور يقع جنوب الخط 23 الفاصل، أي في المياه الإسرائيلية.
وحتى اليوم، تقول باريس إنه «ليس لديها مرشح» لشغل المنصب الرئاسي.
وبالمقابل، فإن لديها «مواصفات» للرئيس العتيد، وهي تتشارك بها مع الولايات المتحدة الأميركية والمملكة السعودية، وقد جاءت واضحة من خلال البيان الثلاثي المشترك الذي نشر في نيويورك في 22 سبتمبر (أيلول)، بمناسبة أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وجاء في البيان المذكور الدعوة إلى انتخاب رئيس «بإمكانه توحيد الشعب اللبناني، والعمل مع الجهات الاقليميّة والدوليّة لتجاوز الأزمة الحاليّة»، التي يعاني منها لبنان، مع تأكيد ضرورة العمل من أجل المحافظة على سيادة لبنان وأمنه واستقراره.
وإذ أكدت الأطراف الثلاثة الحاجة لحكومة «قادرة على تطبيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وخصوصاً المتعلقة بصندوق النقد الدولي» فإنها جددت التزامها بالقيام بعمل جماعي لدعم الإصلاحات المنشودة التي «تعد حاسمة لمستقبل الاستقرار والازدهار والأمن في لبنان».
وعلى الرغم من أن باريس تعي أهمية التأثيرات الإقليمية والدولية على الحياة السياسية، وبالطبع على العملية الانتخابية، فإن أوساطها تشدد على الدور الأول والأساسي العائد للمجلس النيابي الذي يعكس ميزان القوى السياسية في البلاد.
من هنا، كانت دعواتها المتكررة لتكون الطبقة السياسية اللبنانية على مستوى التحديات التي يواجهها لبنان. إلا أن مسؤوليها خبروا في السنوات الثلاث الأخيرة أنها في وادٍ وأن مطالب الشعب اللبناني في وادٍ آخر.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

تركيا تعلن استقرار الأمن على حدودها مع العراق بعد «تطهير زاب»

وزير الدفاع التركي يسار غولر خلال استقبال نظيره العراقي سعيد ثابت العباسي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)
وزير الدفاع التركي يسار غولر خلال استقبال نظيره العراقي سعيد ثابت العباسي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)
TT

تركيا تعلن استقرار الأمن على حدودها مع العراق بعد «تطهير زاب»

وزير الدفاع التركي يسار غولر خلال استقبال نظيره العراقي سعيد ثابت العباسي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)
وزير الدفاع التركي يسار غولر خلال استقبال نظيره العراقي سعيد ثابت العباسي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)

قال وزير الدفاع التركي يشار غولر إن بلاده أرست الأمن بطول حدودها مع العراق، وذلك بعدما أجرى مباحثات مع نظيره العراقي ثابت العباسي في أنقرة، حول التطورات الأخيرة في سوريا، والتعاون بين البلدين في مكافحة «حزب العمال الكردستاني» وتأمين الحدود.

وأضاف غولر، في لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية في أنقرة، الأحد، تناول فيه أنشطة القوات المسلحة على مدار العام، أنه تم تطهير منطقة زاب في شمال العراق بالكامل من عناصر «منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية» في إطار عملية «المخلب - القفل»، المستمرة منذ 17 أبريل (نيسان) 2022.

وتابع: «قمنا بتحييد 1136 إرهابياً في هذه المنطقة التي يعدها (العمال الكردستاني) مركزاً مهماً له، والتي تحتل موقعاً رئيسياً بين سوريا وجبل قنديل، معقل (العمال الكردستاني) في شمال العراق».

القوات التركية تواصل «عملية المخلب - القفل» في شمال العراق منذ أبريل 2022 (وزارة الدفاع التركية)

ولفت إلى أنه تم خلال العملية تدمير 3 آلاف و158 لغماً و1327 كهفاً وملجأ، وضبط ألفين و421 قطعة سلاح متنوعة، و957 من الأسلحة الثقيلة، وأكثر من 910 آلاف قطعة ذخيرة تستخدم في هذه الأسلحة، تم الاستيلاء عليها في منطقة زاب.

وعدَّ غولر زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى بغداد وأربيل في 22 أبريل (نيسان) الماضي بمثابة نقطة تحول في العلاقات التركية العراقية، مضيفاً أننا «نواصل المفاوضات لجعل التعاون بين بلدينا دائماً في مكافحة الإرهاب، وفي هذا السياق، عقدنا الاجتماع الرابع للآلية الأمنية رفيعة المستوى بين بلادنا والعراق، في أنقرة في 15 أغسطس (آب) الماضي، ووقعنا مذكرة تفاهم حول التعاون العسكري والأمني ​​ومكافحة الإرهاب».

وقال: «إننا نرحب بالقرار الذي اتخذه العراق، الذي بدأ يعتبر (حزب العمال الكردستاني) مشكلة له أيضاً، وإعلانه (منظمة محظورة)، ونتوقع من الحكومة العراقية أن تعلنه (منظمة إرهابية) في أقرب وقت ممكن».

تركيا والعراق وقعا مذكرة تفاهم للتعاون الأمني والعسكري في أغسطس الماضي (الخارجية التركية)

وذكر غولر أن تركيا تراقب تحركات «حزب العمال الكردستاني» في شمالي العراق وسوريا، لافتاً إلى أن قسماً من الأسلحة التي قدمتها أميركا إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تعدّها حليفاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، أرسلتها الوحدات الكردية إلى شمال العراق، بعد التطورات الأخيرة في سوريا وتضييق الفصائل السورية الخناق عليها.

ولفت إلى أن «العمال الكردستاني» بات يواجه صعوبات في تجنيد عناصر له في شمال العراق، لذا شرع في نقل قسم من عناصره وأسلحته من سوريا إلى العراق.

وأضاف: «إلا أن العناصر المرسلة إلى شمال العراق إما يستسلمون للجيش التركي المنتشر بالمنطقة، أو يفرون من التنظيم في وقت قصير جداً لجهلهم بالمنطقة».

وكان غولر التقى نظيره العراقي، ثابت سعيد العباسي، في مقر وزارة الدفاع التركية في أنقرة مساء السبت.

جانب من مباحثات غولر والعباشي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)

وحسب مصادر تركية، تطرقت المباحثات إلى التطورات الأخيرة في سوريا والتعاون التركي العراقي في مكافحة «حزب العمال الكردستاني» وتأمين الحدود، كما تم استعراض التعاون في إطار مذكرة التعاون الأمني والعسكري ومكافحة الإرهاب الموقعة في أغسطس (آب) الماضي.

ونصت المذكرة على إنشاء مركز مشترك للتنسيق الأمني في بغداد إلى جانب مركز تدريب وتعاون مشترك في معسكر بعشيقة، بمحافظة نينوى، شمال العراق، الذي كانت توجد به قوات تركية.

وشهدت السنوات القليلة الماضية خلافات بين الجارتين، تركيا والعراق، حول عمليات عسكرية عبر الحدود تنفذها تركيا ضد مسلحي «حزب العمال الكردستاني»، التي تعدّها العراق انتهاكاً لسيادته، فيما تتمسك تركيا بأنها ضرورية لحماية أمن حدودها وشعبها.

وشهدت العلاقات بين البلدين في العامين الأخيرين تطورات إيجابية، سواء فيما يتعلق بالتعاون في المجالات الأمنية، أو على صعيد التعاون الاقتصادي والتجاري وفي مشروع «طريق التنمية».