الانقلابيون يشددون الخناق على اليمنيات بمنع السفر داخلياً وخارجياً

الميليشيات استحدثت تشكيلاً أمنياً خاصاً لمراقبة حفلات الزفاف

«زينبيات» يرفعن أسلحة تظهر عليها شعارات الحوثيين في صنعاء (غيتي)
«زينبيات» يرفعن أسلحة تظهر عليها شعارات الحوثيين في صنعاء (غيتي)
TT
20

الانقلابيون يشددون الخناق على اليمنيات بمنع السفر داخلياً وخارجياً

«زينبيات» يرفعن أسلحة تظهر عليها شعارات الحوثيين في صنعاء (غيتي)
«زينبيات» يرفعن أسلحة تظهر عليها شعارات الحوثيين في صنعاء (غيتي)

على الرغم من أنها في العقد السابع من العمر؛ فإن نقطة تفتيش الميليشيات الحوثية في المنفذ الجنوبي للعاصمة صنعاء أعادت كريمة ومنعتها من السفر؛ لأنه لا يوجد معها مرافق من المحارم، واضطرت المرأة للانتظار عدة أيام حتى وجدت أسرة وافقت على اصطحابها معها إلى مدينة عدن؛ حيث العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية الشرعية.
ويذكر نجل المرأة -واسمه فهمي- لـ«الشرق الأوسط»، أن حاجز التفتيش الذي أقامته الميليشيات الحوثية في منطقة قاع القيضي في المدخل الجنوبي لصنعاء أعاد والدته المسنة الأسبوع الماضي؛ حيث أنزلوها من الحافلة التي كانت تقل الركاب المتجهين إلى عدن، ومعها 4 نساء أخريات؛ حيث طُلب منهن العودة من حيث أتين، بسبب عدم وجود أحد المحارم لمرافقتهن، ويوضح أن والدته اضطرت للانتظار عدة أيام حتى وجدت أسرة معروفة مسافرة إلى عدن، ووافقت على اصطحابها معهم.
بينما يشرح أحمد يحيى -وهو موظف تجاري- كيف أنه وزملاءه أمضوا ساعة كاملة في حاجز التفتيش نفسه، خلال عودتهم من محافظة ذمار إلى العاصمة. وقال إنهم عندما استفسروا عن السبب أُبلغوا أن أفراد الحاجز مشغولون بتفتيش حافلات النقل الجماعي وسيارات الأجرة، للبحث عن النساء المسافرات إلى محافظات أخرى، والتأكد من وجود مرافق لكل امرأة من المحارم، أو يقومون بإنزالها وإعادتها.
- إهانة أستاذة جامعية
نشرت القيادية النسائية لمياء الإرياني قصة أرملة في عقدها الخامس، تعمل أستاذة جامعية في مجال الكيمياء الحيوية، وقالت إنها تلقت دعوة لحضور مؤتمر في الخارج، إلا أنها أُعيدت إلى صنعاء من إحدى النقاط، وهي في طريقها إلى عدن، بواسطة مراهق حوثي لا يتجاوز عمره الثامنة عشرة من عمره، ولا يعرف ما هي الكيمياء الحيوية؛ بحجة أن لا محرم معها.
وذكرت لمياء الإرياني أن الأستاذة الجامعية توفي زوجها، وهاجر ابنها مثل الكثيرين، جراء بؤس الأوضاع، كما أن أخاها الوحيد ليس مستعداً لترك عمله كي يرافقها للخارج، كما أنهما ليست لديهما القدرة المالية لتغطية سفرهما معاً؛ لأنها كانت مسافرة على نفقة المؤتمر. وقالت إن الأستاذة الجامعية معتكفة في بيتها، تعاني الاكتئاب النفسي من الحصار والإقامة الإجبارية.
وبحسب ناشطات يمنيات، فإن سلطة الانقلابيين الحوثيين وجهت عناصرها في مطار صنعاء بمنع سفر أي امرأة إلا بصحبة مرافق من أحد المحارم، وألغت التعميم السابق الذي تم العمل به لأكثر من عام، الذي كان ينص على السماح للنساء بالسفر في حال أحضرت موافقة معمدة من ولي أمرها؛ حيث كانت شركات النقل الجماعي وتأجير السيارات تطلب حضور ولي الأمر إلى المكتب والتوقيع على نموذج معد لهذا الغرض، ويتم إرساله إلى سلطة الانقلابيين قبل موعد الرحلة بـ24 ساعة، بينما تشترط سلطة الجوازات في مطار صنعاء إحضار موافقة ولي الأمر معمدة من المحكمة.
وأصدر كتاب ومثقفون يمنيون بياناً تضامنياً مع النساء، طالبوا من خلاله سلطة الانقلاب بالتوقف عن وضع العراقيل أمام حق المرأة في السفر، واعتبروا أن هذه الإجراءات «تزيد من القيود المفروضة على تنقل النساء»، وأكدوا «حق المرأة في السفر»، وطالبوا بإزالة كل القيود أسوة بالرجل.
- تشكيل أمني جديد
بالتزامن مع القيود التي ستؤثر على العمل الإغاثي، وتجعل من الصعوبة وصول العاملات إلى تجمعات النازحين والمحتاجين للمساعدات، كشف أحد الوجاهات الاجتماعية في محافظة عمران عن استحداث الميليشيات تشكيلاً أمنياً خاصاً بالزواج، مهمته وضع ضوابط إقامة حفلات الأعراس، والرقابة على الالتزام بتلك التعليمات.
ويقول عبد الملك المأخذي إنه بدأ الاحتفال بزفاف ابنته في محافظة عمران، إلا أنه فوجئ بعربة مسلحة من عناصر الشرطة النسائية تداهم القاعة، وتوقف التصوير، وتصادر الكاميرا، قبل أن يتم استدعاؤه إلى إدارة الأمن التي اكتفت في البداية بتفتيش محتوى الكاميرا، ولما لم يجدوا غير صور العروس، أبلغوه أنه قد ارتكب مخالفة بالتصوير.
ووفق ما أورده المأخذي، فإن إدارة الأمن قامت بعد ذلك باعتقال مالك الصالة التي تم استئجارها لإقامة حفل الزفاف؛ لأنه لم يحصل على تصريح مسبق من التشكيل الأمني الجديد المسمى لجنة الزواج، وأنه عندما عاد للمطالبة بالإفراج عن مالك الصالة تم إبلاغه أن هناك توجيهات عليا بإيداعه الحبس؛ حيث أمضى في السجن عدة ساعات، قبل أن يتدخل وسطاء ويضمنون إطلاق سراحه.
وكانت الميليشيات الحوثية قد نفذت حملات مداهمة لمحال بيع الملابس النسائية، ومصادرة كميات منها بحجة أنها تخالف تعليمات زعيمهم، كما داهموا مراكز تعلم اللغة الإنجليزية والمقاهي بحجة محاربة الاختلاط، كما أقاموا حواجز من الطوب في القاعات الدراسية في جامعة صنعاء، لفصل الذكور عن الإناث خلال المحاضرات.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.